منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصوردخولالتسجيل
شبه يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية -  الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية5 G5g5-7f7110b59c شبه يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية -  الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية5 G5g5-4d203bdcc7 شبه يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية -  الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية5 G5g5-7f7110b59c شبه يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية -  الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية5 G5g5-4d203bdcc7

 

 شبه يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية - الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية5

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الفارس
إداري
إداري
الفارس


ذكر عدد الرسائل : 1160
السٌّمعَة : 13
نقاط : 2574
تاريخ التسجيل : 08/02/2009

شبه يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية -  الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية5 Empty
مُساهمةموضوع: شبه يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية - الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية5   شبه يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية -  الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية5 Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 6:58 pm





الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية


فصــــــــــــــــــــــل



وهنا شبه قد يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية

[ الشبهة الأولى ]

وقد ورد بعضها في كلام أبي القاسم القشيري – فيما يتعلق بمسألة (( السماع )) – فأجاد شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في الإطاحة بها ، ونقضها وذلك في كتابه (( الاستقامة )).

ونحن نذكر كلام القشيري ثم نخلص رد شيخ الإسلام عليه ، إذ كلامه تأصيل بديع في هذه المسألة به تنكشف الزيوف ، وتتهافت الشبه .

قال أبو القاسم القشيري :

( واعلم أن سماع الأشعار بالألحان الطيبة ، والنغم المستلذة – إذا لم يعتقد المستمع محظوراً ، ولم يسمع على مذموم في الشرع ، ولم ينجر في زمام هواه ، ولم ينخرط في سلك لهو - : مباح في الجملة .

ولا خلاف أن الأشعار أنشدت بين يدي النبي r وأنه سمعها ولم ينكر عليهم في إنشادها .

فإذا جاز سماعها بغير الألحان الطيبة فلا يتغير الحكم بأن يسمع بالألحان : هذا ظاهر من الأمر .

ثم ما يوجب للمستمع توفر الرغبة على الطاعات ، وتذكر ما أعده الله لعباده المتقين من الدرجات ، ويحمله على التحرز من الزلات ويؤدى إلى قلبه في الحال صفاء الواردات : مستحب في الدين ومختار في الشرع ). اهـ. كلام القشيري .

قال شيخ الإسلام :

( قلت تضمن هذا الكلام شيئين :

أحدهما : إباحة سماع الألحان والنغمات المستلذة ، بشرط ألا يعتقد المستمع محظوراً ، ولا يسمع مذموماً في الشرع ، وألا يتبع منه هواه .

والثاني : أن ما أوجد للمستمع الرغبة في الطاعات ، والاحتراز من الذنوب ، وتذكر وعد الحق ووصول الأحوال الحسنة إلى قلبه فهو مستحب .

وعلى هاتين المقدمتين بنى من قال باستحباب ذلك ...

وهاتان المقدمتان كلاهما غلط مشتمل على دليل مجمل ...

ولهذا نشأ من هاتين المقدمتين اللتين لبس فيهما الحق بالباطل :

قول لم يذهب غليه أحد من سلف الأمة ولا أئمتها ...

قال الحسن بن عبد العزيز : سمعت الشافعي يقول :

خلفت ببغداد شيئاً أحدثته الزنادقة ، يسمونه التغبير ، يصدون به الناس عن القرآن .

والتغبير هو الضرب بالقضيب . غبر أي : أثار غباراً وهو آلة من الآلات التي تقترن بتلحين الغناء ...

ونحن نتكلم عن المقدمتين – إن شاء الله – بكلام يناسب ما كتبته هنا .

أما قوله :

((فإذا جاز سماعها بغير الألحان الطيبة فلا يتغير الحكم بأن يسمع بالألحان الطيبة : هذا ظاهر من الأمر . ))

فإن هذه حجة فاسدة جداً ، والظاهر أنما هو عكس ذلك فإن نفس سماع الألحان مجرداً عن كلام يحتاج إلى أن تكون مباحة مع انفرادها ، وهذا من أكبر مواقع النزاع ، فإن أكثر المسلمين على خلاف ذلك ، ولو كان كل من الشعر والتلحين مباحاً على الانفراد لم يلزم الإباحة عند الاجتماع إلا بدليل خاص ، فإن التركيب له خاصة يتعين الحم بها ...

فلو قال قائل : النبي r قد قرأ القرآن ، وقد استقر أه من ابن مسعود ، وقد استمع لقراءة أبي موسي ، وقال لقد أوتيت مزماراً من مزامير داود )) ، فإذا قال قائل إذا جاز ذلك بغير هذه الألحان ، فلا يتغير الحكم بان يسمع بالألحان . كان هذا منكراً من القول وزوراً باتفاق الناس .

وأما المقدمة الثانية وهي قوله بعد أن أثبت الإباحة :

(( إن ما أوجب للمستمع أن يوفر الرغبة على الطاعات ، ويذكر ما أعد الله لعباده المتقين من الدرجات ويحمله على التحرز من الزلات ويؤدي إلى قلبه في الحال صفاء الواردات : مستحب في الدين ، ومختار في الشرع )).

فنقول : تحقيق هذه المقدمة : أن الله – سبحانه – يحب الرغبة فيما أمر به والحذر مما نهي عه ويحب الإيمان بوعده ووعيده ، وتذكر ذلك ، وما يوجبه من خشيته ورجائه ومحبته والإنابة إليه ، ويحب الذين يحبونه فهو يحب الإيمان – أصوله وفروعه – والمؤمنين ،والسماع يحصل المحبوب ، وما حصل المحبوب فهو محبوب : فالسماع محبوب .



· وهذه المقدمة مبناها علي أصلين

أحدهما : معرفة ما يحبه الله .

والثاني : أن السماع يحصل محبوب الله خالصاً أو راجحاً .

فإنه إذا حصل محبوبة ومكروهة ، والمكروه أغلب : كان مذموماً . وإن تكافأ فيه المحبوب والمكروه لم يكون محبوباً ولا مكروهاً

أما الأصل الأول : وهو معرفة ما يحبه الله ، فهي أسهل وإن كان غلط في كثير منها كثير من الناس .

وأما الأصل الثاني : وهو أن السماع المحدث يحصل هذه المحبوبات فالشأن فيها ، ففيها زل من زل وضل من ضل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

· ونحن نتكلم علي ذلك بوجوه نبين بها – إن شاء الله – المقصود :

- الوجه الأول

أن نقول : يجب أن يعرف أن المرجع في القرب والطاعات والديانات والمستحبات إلى الشريعة ، ليس لأحد أن يبتدع ديناً لم يأذن الله به ، ويقول : هذا يحبه الله . بل بهذه الطريق بدل دين الله وشرائعه ، وابتدع الشرك ، وما لم ينزل الله به سلطاناً .

وكل ما في الكتاب والسنة ، وكلام سلف الأمة ،وأئمة الدين ومشايخه ، من الحض علي إتباع ما انزل إلينا من ربنا واتباع صراطه المستقيم ، والنهي عن ضد ذلك : فكله نهي عن هذا – وهو ابتداع دين لم يأذن الله به – سواء كان الدين منه عبادة غير الله أو عبادة الله يما لم يأمر به .

بل دين الحق : أن نعبد الله وحده لا شريك له ، بما أمرنا به علي ألسنة رسله ...

... إلى أن قال :

وهذا أصل عظيم من أصول سبيل الله وطريقه يجب الاعتناء به وذلك أن كثير من الأفعال قد يكون مباحاً في الشريعة ، أو مكروهاً أو متنازعاً في إباحته وكراهته ورما كان محرماً أو متنازعاً في تحريمه فتستحبه طائفة من الناس ، يفعلونه على أنه حسن مستحب ، ودين وطريق يتقربون به ، حتى يعدون من يفعل ذلك أفض ممن لا يفعله ، وربما جعلوا ذلك من لوازم طريقتهم إلى الله ، أو جعلوه شعار الصالحين وأولياء الله .

ويكون ذلك خطأ وضلالا وابتداع دينٍ لم يأذن به الله .

مثال ذلك : حلق الرأس في غير الحج والعمرة لغير عذرٍ فإن الله قد ذكر في كتابه حلق الرأس وتقصيره في النسك ، وذكر حلقه لعذر .

وأما حلقه لغير ذلك فقد تنازع العلماء في إباحته وكراهته نزاعاً معروفاً على قولين هما روايتان عن أحمد .

ولا نزاع بين علماء المسلمين وأئمة الدين أن ذلك لا يشرع ولا يستحب ولا هو من سبيل لله وطريقه ، ولا من الزهد المشروع للمسلمين ، ولا مما أثني الله به علي أحد من الفقراء .

مع هذا فقد اتخذه جماعة من النساك الفقراء والصوفية ديناً حتى أن من لم يفعل ذلك يكون منقوصاً عندهم ، خارجاً عن الطريقة المفضلة المحمودة عندهم ومن فعل ذلك دخل في هديهم وطريقتهم

وهذا ضلال عن طريق الله وسبيله باتفاق المسلمين ، واتخاذ ذلك ديناً وشعاراً لأهل الدين من أسباب تبديل الدين ...

· الوجه الثاني :

أن قولهم : إن السماع يحصل محبوب الله ، وما حصل محبوبة فهو محبوب له .

قول باطل وكثير من هؤلاء – أو أكثرهم – حصل لهم الضلال والغواية من هذه الجهة .

فظنوا أن السماع يثير محبة الله ومحبة الله هي أصل الإيمان الذي هو عمل القلوب ، وبكمالها يكمل ...

فيقال : إن ما يهيجه هذا السماع المبتدع - ونحوه – من الحب وحركة القلب ليس هو الذي يحبه الله ورسوله ، بل اشتماله على ما لا يحبه الله وعلى ما يبغضه أكثر من اشتماله على ما يحبه ولا يبغضه وحده عما يحبه الله ونهيه عن ذلك أعظم من تحريكه .

وإن كان يثير حباً وحركة ويظن أن ذلك يحبه الله ، وأنه مما يحبه الله ، فإنما ذلك من باب الظن وما تهوى الأنفس ، ولقد جائهم من ربهم الهدى ([59])



· فتحصل من هذا :

إن الانتفاع بالوسائل المحدثة لا يبرر شرعيتها لأننا مقيدون بالكتاب والسنة لا بالهوى والوجد .

فكل وسيلة بدعية – تمثيلاً كانت أو نشيداً (( سماعاً )) أو غير ذلك – وإن حركت القلوب وشوقت النفوس ، وذكرت بعض الغافلين ، وأرشدت بعض التائهين .. فلا خير فيها ، إذ لو كانت خير لأهتدي لها السابقون الأولون ، ولشرعها المصطفيr .

والمتذكر بها والمسترشد بها سرعان ما يرجع ‘لى غفلته ، وإن واصل فعلى غير طريق قويم ، وصراط مستقيم .

وما أحسن ما قاله شيخ الإسلام عندما قال قائل عن السماع المحدث : ( هذه شبكة يصاد بها العوام )

صدق ، فإن أكثرهم إنما يتخذون ذلك شبكة لأجل الطعام والتوانس علي الطعام .

ومن فعل هذا فهو من أئمة الضلال ، الذين قيل في رؤوسهم :

) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا & وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا & رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً( (الأحزاب:66-68)


وأما الصادقون منهم – أي من العوام – فهم يتخذونه شبكة ، لكن هي شبكة مخرقة يخرج منها الصيد إذا دخل فيها كما هو الواقع كثيراً فإن الذين دخلوا في السماع المبتدع في الطريق ، ولم يكن معهم أصل شرعي شرعه الله ورسوله : وأورثتهم أحوالاً فاسدة ... ([60])

فهذه أثار الوسائل البدعية سوء في ظلامٍ ، وظلام في ظلامٍ ، وليعتبر المسلم بما قاله الله تعالي في حق النصاري :

) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ( (الحديد:27)

والمعنى أنهم ابتدعوا لأنفسهم عبادة ما كتبها الله عليهم ولا فرضها ، بل هم الذين التزموها من عند أنفسهم ، وقصدهم بذلك تحصيل رضا الله – سبحانه –

فانظر كيف مقتهم الله وذمهم مع حسن قصدهم فيما التزموه من العبادة المحدثة فإن الله تعالى لا يريد من عباده أن يعبدوه إلا بما شرع على السنة رسله وبذلك يظهر صدق المستجيبين لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم .

فكما أن الله تعالى لا يقبل من مشرك في توحيد الإلهية عملاً مهما كبر ، فكذلك لا يقبل ممن أشرك في توحيد المتابعة عملاً مهما كثر .

قال تعالي :

) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ( (القصص:50)

فليس لأحد أن يتبع ما يحبه فيأمر به ويتخذه ديناً ، وينهى عما يبغضه ، ويذمه ، ويتخذ ذلك ديناً : إلا بهدى من الله وهدى الله هو شريعته التي بعث بها رسولهr .

ومن اتبع ما يهواه حباً وبغضاً بغير الشريعة قد اتبع هواه بغير هدى من الله .

وأي إتباع للهوى أعظم من الإعراض عما شرع الله تعالى من الوسائل الشرعية في الدعوة إلي الوسائل البدعية ، التي يظنها الفاعل لها قربة وطاعة لله تعالى ، وهي – والله – عين الضلال ومنبع الفساد .

وصدق الله تعالى إذ يقول :

) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ & وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ( (الزخرف:36-37)


[ الشبهة الثانية ]

ومن الشبه التي قد يتعلق بها :

ما جاء في غزوة بدر من نزول النبي r عند أني ماءٍ من مياه بدر . فقال له الحباب بن المنذر بن عمر بن الجموح : يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزل أنزله الله ليس لنا أن نتقدم عنه أو نتأخر ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال النبي r : (( بل هو الرأي والحرب والمكيدة ))

فقال : يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل ، فانهض بنا حتى نأتي أدني ماءٍ من القوم فننزله ... فاستحسن النبي rهذا الرأي ونهض إلى آخر القصة .

ووجه الاستشهاد بها :

أن النبي r وكل أمر النزول إلى أصحابه ، وأخير أن النزول في مكان دون أخر ليس شرعاً وإنما هو الحرب والمكيدة فدل على أن وسائل الدعوة ليست توقيفية . هكذا قال من أورد هذه الشبهة .

والجواب أن يقال :

أولاً – أن القصة هذه لم تثبت بإسناد صحيح :

فقد رواها ابن إسحاق – كما في (( سيرة ابن هشام )) (2/272 ) – قال فحدثت عن رجال من بني سلمة أنهم ذكروا أن الحباب .. فذكره وهذا الإسناد ضعيف كما ترى

وقد وصله الحاكم في المستدرك : (3/426 ،427 ) من حديث الحباب

قال الذهبي في (( تلخيصه )) : ( قلت حديث منكر ، وسنده ) هكذا في المطبوع .

قال المحدث الألباني : ( لعله سقط منه : واه ) قال : وفي سنده من لم أعرفه ([61])

وخرجه البيهقي في (( الدلائل )) : ( 3/31-35 ) ، وسنده ضعيف .

وقد رواه الأموي من حديث ابن عباس – كما في (( البداية )) : ( 3/267 ) وفيه الكلبي ، وهو كذاب .

ثانياً – ليس في القصة ما يتمسك به :

فإن العاقل يعلم بالضرورة أن نزول القائد في مكان دون آخر – من زمن النبي rإلى قيام الساعة ليس أمراً توقيفياً بل لا يتصور توقيفه ذلك .

وقد كان النبي r يبعث القادة ويعلمهم أحكام الجهاد ، ويوصيهم ولا يعين لهم مكاناً للنزول وهكذا كان خلفاؤه الراشدون ، يبعثون الجيوش ، فلا يجددون لهم مكان نزولٍ

وهذا كما لو سار النبي r مع طريق في الجهاد فإن مسيره مع هذا الطريق وصف طردي لا يتعلق الحكم به .

ونحن نقول :

أن وسائل الجهاد في سبيل الله تعالى توقيفية لا يجوز لأحد أن يدخل فيها ما لم يكن عليه رسول اللهr وصحابته الكرام .

وهديهr في الحرب أكمل هدي فما من صغيرة ولا كبيرة في الجهاد إلا وقد نترك لنا النبي r منها علماً ، عمله من علمه ، وجهله من جهله .

ولذا اشتد نكير السلف على من أحدث شيئاً في أمور القتال والجهاد لم يكن على عهد رسول الله r .

قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى - :

( وأما القتال فالسنة – أيضاً – فيه خفض الصوت ...

وهذه الدقادق ([62]) والأبواق التي تشبه قرن اليهود وناقوس النصارى : لم تكن على عهد الخلفاء الراشدين ، ولا من بعدهم من أمراء المسلمين .

وإنما حدث – في ظني – من جهة بعض ملوك المشرق من أهل فارس ، فإنهم أحدثوا في أحوال الإمارة والقتال أموراً كثيرة ، وانبثت في الأرض لكون ملكهم انتشر حتى ربا في ذلك الصغير ،وهرم فيها الكبير لا يعرفون غير ذلك بل ينكرون أن يتكلم أحد بخلافه ، حتى ظن بعض الناس أن ذلك من إحداث عثمان - t- .

ولكن ظهر في الأمة ما أخبر به النبي r ، حيث قال :

(( لتأخذن مأخذ الأمم قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع )).

قالوا : فارس والروم ؟

قال : (( ومن الناس إلا هؤلاء ))

كما قال في الحديث الآخر :

(( لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه )) .

قالوا : يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟

قال : (( فمن؟ )) .

وكلا الحديثين في (( الصحيح )9 : أخبر بأنه يكون في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى . ويكون فيها من يتشبه بفارس والروم .

ولهذا ظهر في شعائر الجند المقاتلين شعائر الأعاجم من الفرس وغيرهم ، حتى في اللباس وأعمال القتال، والأسماء التي تكون لأسباب الإمرة ...

... إلى أن قال :

لكن المقصود هنا أن هذه الأصوات المحدثة في أمر الجهاد ، وإن ظن أن فيها مصلحة راجحة ، فإن التزام المعروف هو الذي فيه المصلحة الراجحة ، كما في أصوات الذكر .

إذ السابقون الأولون والتابعون لهم بإحسان: أفضل من المتأخرين في كل شيء : من الصلاة وجنسها من الذكر والدعاء وقراءة القرآن واستماعه ، وغير ذلك من الجهاد والإمارة ، وما يتعلق بذلك من أصناف السياسات والعقوبات والمعاملات في إصلاح الأموال وصرفها .

فإن طريق السلف أكمل في كل شيء ، ولكن يفعل المسلم من ذلك ما يقدر عليه ) . اهـ ([63])





* * *

[ الشبهة الثالثة ] :

ومن الشبهة التي قد يتعلق بها – أيضاً - :

أن الأمور المباحة يمكن تحويلها بالنية إلى قربةٍ يثاب عليها ، كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص – الذي في الصحيحين )) - :

(( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ماتجعل في في امرأتك ))

وكما في قولهr :

(( وفي بضع أحدكم صدقة )) . قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال : (( أرأيتم لو وضعها في حرامٍ أليس كان يكون عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال له أجر )).

أخرجه مسلم عبن أبي ذر – t - .

فعلى هذا : ننوى بهذه الوسائل المحدثة – إذا كانت مباحة – نية حسنة ، فنثاب عليها .

والجواب أن نقول :

ينبغي أن نوضح أولاً مسألة الأمور المباحة ومخالطة النية لها )) ثم بعد ذلك يتبن – إن شاء الله – سقوط هذه الشبهة التي هي في الحقيقة لا تمت إلى موضوعنا بصلة بل أقحمت فيه تعسفاً .

فنقول :

أختلف أهل العلم في إمكان تحويل المباحات بالنية الصالحة إلى قربة يثاب عليها .

فذهب فريق منهم إلى أن ( المباح لا يتقرب به إلى الله تعالى ، فلا معنى للنية فيه ) ([64])

يقول الحطاب في شرح (( مختصر خليل )) :

( الشريعة كلها إما مطلوب أو مباح ، والمباح لا يتقرب به إلى الله تعالى فلا معنى للنية فيه ) ([65]) اهـ.

واحتج علماء المالكية بقوله تعالى :

) وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا ( (البقرة: من الآية189)

على أن الفعل بنية العبادة لا يكون إلا في المندوبات خاصة دون المباح ودون المنهي ... عنه ) ([66])

ومما يؤيد هذا :

( أن المباحات والمكروهات والمرحمات لا تلزم بالنذر ، فلو نذر الرجل فعل مباح أو مكروه أو محرم لم يجب عليه فعله كما يجب عليه إذا نذر طاعة الله أن يطيعه بل عليه كفارة يمين إذا لم بفعل عند أحمد وغيره . وعند آخرين لا شيء عليه فلا يصير بالنذر ما ليس بطاعة ولا عبادةٍ طاعةً وعبادةً ) ([67])

وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن النية الصالحة تحول المباح إلى قربة يؤجر صاحبها .

يقول ابن الحاج في (( المدخل )) ([68])



( المباح ينتقل بالنية إلي الندب ، وإن استطعنا أن ننوي بالفعل نية أداء الواجب كان أفضل من نية الندب ) . اهـ .

وذكر ابن القيم – رحمه الله تعالي – أن أخواص المقربين هم الذين ( انقلبت المباحات في حقهم إلى طاعات وقربات بالنية فليس في حقهم مباح متساوي الطرفين بل كل أعمالهم راجحة ) ([69])

قال الشيخ عمر الأشقر بعد أن ذكر هذين القولين :

قد يبدوا أن هناك تناقضاً بين ما ذهب إليه هذان الفريقان . إلا أن الناظر المتعمق في البحث يرى أن الذي نفاه الفريق الأول ليس هو الذي أثبته الفريق الثاني .

فالفريق الأول : ينكر أن تكون المباحات عباداتٍ وقرباتٍ في صورتها .

وهذا حق لا يجوز أن يخالف فيه أحد .

ومن ظن أنه يعبد الله بالمشي والوقوف واللباس الأسود أو الأخضر ... فهو مخطئ لأن هذه ليست عبادات في ذاتها ...

فمرادهم - إذن –أن المباحات لا يقصد التقرب بذواتها ، كما يتقرب بالصلاة وقراءة القرآن والزكاة .

أما القائلون بأن المباح يتقرب به فمرادهم مخالف لمراد الأولين وهم يفهمون ذلك بصورةٍ أو أكثر من الصور التالية :

المباح وسيلة للعبادات :

يقول شيخ الإسلام :

( ينبغي ألا يفعل من المباحات إلا ما يستعين به على الطاعة ، ويقصد الاستعانة بها على الطاعة ) ([70]) اهـ.

ويقول ابن الشاط :

( إذا قصد بالمباحات القوى على لطاعات ، أو التوصل إليها كانت عبادة ، كالأكل والنوم واكتساب المال ) ([71]) اهـ.

فالمسلم إذا قصد بنومه وأكله وشربه أن يتقوى بها على طاعة الله كي يتمكن من قيام الليل والجهاد في سبيل الله فهذا مثاب على هذه الأعمال بهذه النية .



الأخذ بالمباح على انه تشريع إلهي :

إذا نظر المسلم إلى المباح معتقداً أن الله أباحه ، كالذي يأتي زوجته – مثلاً – يقصد أن يعدل عما حرمه الله تعالى إلى ما أباحه : فهذا له أجر كما ورد في الحديث – الآنف الذكر – الذي أخرجه مسلم عن أبي ذر .

المباح بالجزء مطلوب بالكل

على جهة الندب أو الوجوب ([72]) قد يكون الأمر مباحاً بالجزء لكنه مطلوب بالكل فالعبد إذا جاز له أن يترك الطعام والشراب ، ويجهد نفسه في بعض الإحسان ، إلا أنه لا يجوز له أن يتمادى في ذلك حتى يهلك نفسه بسبب ذلك .

ولذلك أوجب جماهير العلماء على المضطر أن يأكل من الميتة ، وعدوه مستوجباً للوعيد إذا هو امتنع عن الأكل حتى هلك ([73]) . اهـ.

وبهذا التحقيق يتبين لك أن القول بخروج المباحات إلى المندوبات بالنية الصالحة حق ، لكن الاستدلال بذلك على صحة إحداث وسيلةٍ دعوية يتقرب إلى الله بها : باطل .

وقد تقدم تقرير أن البدعة تدخل في الأمور العادية كدخولها في أمور العبادات فليرجع إليه ( ص 22 ) ففيه ما يعين على كشق هذه الشبهة ويبطلها .

كما أن في رد شيخ الإسلام ابن تيمية – المتقدم قريباً – على أبي القاسم القشيري نقضاً لهذه الشبهة فأغني ذلك عن إعادة الكلام هنا .





[ الشبهة الرابعة ]

ومما يتعلق به – أيضاً – قاعدة (( الوسائل لها أحكام المقاصد )) فيقول المتعلق بها : أن هذه الأمور التي نتخذها في الدعوة إلى الله تعالي ووسائل توصل إلى الغاية المنشودة بالدعوة ، وهي : هداية الناس وإصلاحهم . وما دام الغاية هذه ، فإنها محمودة شرعاً ، فوسائلها تأخذ حكمها ، فتكون محمودة في الشرع – أيضاً –



والجواب

أن لفظة (( الوسائل )) هنا ، لا تعني أي وسيلة – ولو محرمة – إذا استخدمت في مقصد حسن : أخذت حكمه و إلا فليلزم علي ذلك إهدار النصوص الشرعية والعمل بالهوى ، فتتخذ المحرمات – مثلاً – في معالجة المرضي ، وترتكب المحرمات – كالمعاملة بالربا وإسبال الثياب – من أجل الدعوة ومصالحها ... وهكذا .

والمعني الصحيح للقاعدة :

أن الوسائل بالنسبة للمقاصد الحسنة ، لا بد أن تكون مشروعة – واجبة أو مندوبة أو مباحة – وقد تكون الوسيلة مكروهة . أما أنها تكون محرمة فلا .

ثم أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها فقد تكون الوسيلة محرمة أو مكروهة ، وما جعلت وسيلة غليه ليس كذلك .

يقول العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – عندما قرر أن حركة اللسان بالكلام لا تكون متساوية الطرفين ، بل إما راجحة وإما مرجوحة :

فإن قيل : فإذا كان الفعل – أي الغاية – متساوي الطرفين كانت حركة اللسان التي هي الوسيلة إليه كذلك إذ الوسائل تابعة للمقصود في الحكم .

قبل : لا يلزم ذلك .

فقد يكون الشيء مباحاً ، بل واجباً ووسيلته مكروهة ، كالوفاء بالطاعة المنذورة وهو واجب مع أن وسيلته – وهو النذر – مكروه منهي عنه .

وكذلك الحلف المكروه ([74]) مرجوح مع وجوب الوفاء به أو الكفارة .

وكذلك سؤال الخلق عند الحاجة مكروه ويباح له الانتفاع بما أخرجته له المسألة .

وهذا كثير جداً .

فقد تكون الوسيلة متضمنة مفسدة تكره أو تحرم لأجلها ، وما جعلت وسيلة إيه ليس بحرامٍ ولا مكروه ) ([75]). اهـ.



--------------------------------------------------------------------------------

[59] ) (( الاستقامة )) ( 1/234- 261) .

[60] ) (( مجموع الفتاوى )) ( 11/601) .

[61] ) التعليق علي (( فقه السيرة )) ( ص 224 ) ، ط : دار القلم .

[62] ) الدقدقة : حكاية أصوات حوافر الدواب في سرعة ترددها ، مثل الطقطقة . قاله في (( اللسان )) ( 2/1402 ) ، ط : دار المعارف بمصر .

[63] ) (( الاستقامة )) ( 1/324-331 ) .

[64] ) (( الذخيرة )) ، للقرافي ( 1/239 ). بواسطة نقل الدكتور عمر الأشقر في كتابه (( مقاصد المكلفين )) ( ص 491 ) ، ، وهكذا ما بعده من النقول في هذه المسألة .

[65] ) ( 1/232).

[66] ) (( أحكام القرآن )) لابن العربي ( 1/10) .

[67] ) (( مجموع الفتاوى )) ( 11/450-451) . ( وهذا ليس من مراجع الدكتور الأشقر ).

[68] ) (1/21-22 ).

[69] ) (( مدارج السالكين )) ( 1/107) .

[70] ) (( مجموع الفتاوى )) ( 10/460-461 ) .

[71] ) (( غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر )) ( 1/34 ).

[72] ) ينظر (( الموافقات )) ( 1/78 ) ، و (( مجموع الفتاوى )) ( 10/461 ).

[73] ) من كتاب (( مقاصد المكلفين )) ( ص 493 -497 ) بتصرف .

[74] ) كمن حلف على فعل مكروه ، أو ترك مندوب .

[75] ) (( مدارج السالكين )) ( 1/116 ) . وينظر (( الفروق )) للقرافي ( 2/32 -33 ) ، و (( القواعد )) ، للمقري ( 2/394 ) .




















الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شبه يتمسك بها من يرى أن وسائل الدعوة ليست توقيفية - الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية5
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وسائل الدعوة توقيفية- الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية 4
» خلاصة رسالة الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية
» الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية-فصول من الكتاب عن العبادة-2
» الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية فضيلة الشيخ الدكتورعبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم
» التحذير من الابتداع وبيان دخوله في العبادات والعادات- الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية3

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف :: منتدى الحوار الاسلامي-
انتقل الى: