منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصوردخولالتسجيل
نسف الدعاوي التي قررها المغراوي            الشيخ العلامة أحمد بن يحيى محمد النَّجمي G5g5-7f7110b59c نسف الدعاوي التي قررها المغراوي            الشيخ العلامة أحمد بن يحيى محمد النَّجمي G5g5-4d203bdcc7 نسف الدعاوي التي قررها المغراوي            الشيخ العلامة أحمد بن يحيى محمد النَّجمي G5g5-7f7110b59c نسف الدعاوي التي قررها المغراوي            الشيخ العلامة أحمد بن يحيى محمد النَّجمي G5g5-4d203bdcc7

 

 نسف الدعاوي التي قررها المغراوي الشيخ العلامة أحمد بن يحيى محمد النَّجمي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الفارس
إداري
إداري
الفارس


ذكر عدد الرسائل : 1160
السٌّمعَة : 13
نقاط : 2574
تاريخ التسجيل : 08/02/2009

نسف الدعاوي التي قررها المغراوي            الشيخ العلامة أحمد بن يحيى محمد النَّجمي Empty
مُساهمةموضوع: نسف الدعاوي التي قررها المغراوي الشيخ العلامة أحمد بن يحيى محمد النَّجمي   نسف الدعاوي التي قررها المغراوي            الشيخ العلامة أحمد بن يحيى محمد النَّجمي Emptyالسبت فبراير 20, 2010 3:08 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

نسف الدعاوي التي قررها المغراوي

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، وبعد :

الأصل في الإمام أن يكون حاكماً بشرع الله المنـزل على عبده ورسوله ؛ من كتابٍ ، وسنة يقود الناس بالشرع ، ويقيم فيهم العدل ، فينصف المظلوم من الظالم ، ويقتص للمجني عليه من الجاني ، ويقيم الحدود ؛ التي أمر الله بأن تقام على من تعاطى شيئاً من أسبابها ؛ كالسرقة ، والزنا وشرب الخمر ، وغير ذلك ، ويؤمِّن الطرق ، ويدفع عنهم العدو ، ويطارد المفسدين ؛ حتى يقطع دابرهم ؛ هذه هي الحقوق الواجبة عليه .

أمَّا الحقوق الواجبة له ؛ فهي أن يصلى وراءه ، وتدفع الزكاة إليه ، ويجاهد تحت لـواءه ويطاع في غير معصية الله ؛ هذا هو الأصل في الإمام .

ولايجوز الخروج عليه ، ولامنازعته في سلطانه ، ولامقاتلته إلاَّ أن يرى الخارجون عليه منه كفراً بواحاً .

أمَّا إن قصَّر في شيءٍ من الواجبات ؛ أو تعاطى شيئاً من المحرمات ؛ فإنَّه لايجوز الخروج عليه ولامنازعته ، ولاقتاله ؛ سواءً كان برَّاً أو فاجراً ، وسواءً كان مؤمناً أو فاسقاً ، وسواءً كان مطيعاً أو عاصيا ، وسواءً أخذ الإمارة العامة باختيارٍ ومشورة ثمَّ فسق ؛ أو أخذها بقوة ؛ في كلا الحالتين لايجوز الخروج عليه .

هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة اتباعاً للآثار ، واقتفاءً لها ، فقد بيَّن الله لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أنَّ طاعة الإمام واجبة ، وأنَّ الصلاة وراءه واجبة ، ودفع الزكاة إليه كل ذلك من الواجبات ، وإليكم الأدلة على ذلك :


( 1 )



روى البخاري في كتاب الفتن باب رقم 2 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( سترون بعدي أموراً تنكرونها )) الحديث رقم 7052 حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا الأعمش حدثنا زيد بن وهب قال سمعت عبد الله قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّكم سترون بعدي أثرةً وأموراً تنكرونها قالوا : فمـا تأمرنا يا رسول الله قال أدُّوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم )) وفي رواية الثوري : (( وتسألون الله الذي لكم )) قال الحافظ في الفتح ج13 / 6 : " أي بأن يلهمهم إنصافكم ؛ أو يبدلكم خيراً منهم ؛ وهذا ظاهره العموم في المخاطبين ونقل ابن



ـــــــــــــــ

1 ) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب المناقب باب علامات النبوة في الإسلام ، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الإمارة باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول . الدغريري

التين عن الداودي أنَّه خاصٌّ بالأنصار وكأنَّه أخذه من حديث عبد الله بن زيد الذي قبله قلت :

وهو الذي أخرجه البخاري في غزوة الطائف من كتاب المغـازي أنَّه صلى الله عليه وسلم قال للأنصار : (( إنَّكم ستلقـون بعـدي أثرة فاصبـروا حتى تلقـوني على الحـوض )) قال الحافظ : " ولايلزم من مخاطبة الأنصار بذلك أن يختص بهم فإنَّه يختص بهم بالنسبة للمهاجرين ويختص ببعض المهاجرين دون بعض ، فالمستأثر من يلي الأمر ، ومن عداه هو الذي يستأثر عليه ولمَّا كان الأمر يختص بقريش ، ولاحظ للأنصار فيه ، خوطب الأنصار بأنَّكم ستلقون أثرةً وخوطب الجميع بالنسبة لمن يلي الأمر ؛ فقد ورد ما يدل على التعميم " ففي حديث يزيد بن سلمة الجعفي عند الطبراني أنَّه قال يا رسول الله : (( إن كان علينا أمراء يأخذونا بالحق الذي علينا ، ويمنعونا الحق الذي لنا أنقاتلهم قال : لا ؛ عليهم ما حمِّلوا ، وعليكم ما حملتم )) وأخرج مسلمٌ من حديث أمِّ سلمة مرفوعاً : (( سيكون أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن كره برئ ، ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع ؛ قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ما صلَّوا )) ومن حديث عوف بن مالك في حديث رفعه في هذا المعنى : (( قلنا يا رسول الله : أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال : لا ما أقاموا الصلاة )) وفي رواية له : (( أفلا ننابذهم بالسيف )) زاد في رواية : (( وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ، ولاتنـزعوا يداً من طاعة )) اهـ .


( 1 )



وأخرج من حديث ابن عباس رضي الله عنه بسنده أي البخاري إلى أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس مرفوعاً رقم 7053 بلفظ : (( من كره من أميره شيئاً فليصبر ؛ فإنَّه من خرج من السلطان شبراً مات ميتةً جاهلية )) وفي الحديث بعده برقم 7054 من طريق أبي رجاء العطاردي سمعت ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه ؛ فإنَّه من فارق الجماعة شبراً فمات إلاَّ مات ميتةً جاهلية )) قال الحافظ في الفتح في ج13 / 7 قال ابن بطال : " في الحديث حجةٌ في ترك الخروج على السلطان ولو جار وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب ، والجهاد معه ، وأنَّ طاعته خيرٌ من الخروج عليه ؛ لما في ذلك من حقن الدماء ، وتسكين الدهماء ، وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده ، ولم يستثوا من ذلك إلاَّ إذا وقع من السلطان الكفر الصريح ؛ فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث الذي بعده " اهـ .



وأقول الحديث الذي بعده وهو حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، وقد أخرجه البخاري في نفس الباب رقم 7055 من طريق بسر بن سعيد عن جنادة بن أبي أمية قال : دخلنا

ـــــــــــــــ

1 ) لحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( سترون بعدي أموراً تنكرونها )) .

على عبادة بن الصامت وهو مريض ، فقلنا أصلحك الله حدِّث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( دعانا رسول الله فبايعناه ، فقال : فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ، وعسرنا ويسرنا ، وأثرةٍ علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله إلاَّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان )) وهذه الأحاديث أدلةٌ واضحة على عدم جواز الخروج ، والمنازعة إلاَّ عند وجود الكفر البواح أمَّا بدون ذلك من فسقٍ ، وجور ؛ فإنَّه لايجوز ذلك ، ولا اغترار بما ذكره الحافظ في الفتح عن ابن التين نقلاً عن الداودي قال : " الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنَّه إن قدر على خلعه من غير فتنـة ، ولاظلـم ، وجب ، وإلاَّ فالواجب الصبـر " انتهى .

وأقول : ماذا بعد الحق إلاَّ الضلال ؛ إنَّ عقيدة أهل السنة والجماعة متفقة على متابعة الأدلة بأنَّه لايجوز الخروج ، ولا المنازعة إلاَّ أن يرى الخارجون كفراً بواحاً معهم من الله فيه برهان وإليك أقوال بعضهم ففي شرح العقيدة الطحاوية في ج2 / 540 من شرح أبي العز الحنفي الدمشقي قال : " ولانرى الخروج على أئمتنا ، وولاة أمورنا ، وإن جاروا ، ولاندعوا عليهم ولاننـزع يداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضةً ؛ ما لم يأمروا بمعصية وندعوا لهم بالصلاح ، والمعافاة " انتهى .

وفي أصول أهل السنة للإمام المبجل إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمة الله عليه رواية عبدوس بن مالك العطار رحمه الله ؛ تحقيق الوليد بن محمد نبيه بن سيف النصر ؛ الناشر مكتبة ابن تيمية القاهرة ص64 : " والسمع والطاعة للأئمة ، وأمير المؤمنين البار والفاجر ، ومن ولي الخلافة ، واجتمع عليه الناس ، ورضوا به ، ومن عَلِيَهم بالسيف ؛ حتى صار خليفةً ، وسمي أمير المؤمنين والغزو ماضٍ مع الأمراء إلى يوم القيامة البار والفاجر ، وقسمة الفيء ، وإقامة الحدود إلى الأئمة ماضٍ ليس لأحدٍ أن يطعن عليهم ؛ أو ينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم جائزةٌ نافذة ؛ من دفعها إليهم أجزأت عنه برَّاً كان أو فاجراً .. " إلى أن قال : " ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه ، وأقروا له بالخلافة بأي وجهٍ كان بالرضى أو الغلبة ؛ فقد شقَّ هذا الخارج عصى المسلمين ، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإن مات الخارج عليه مات ميتةً جاهلية ، ولايحل قتال السلطان ، ولا الخروج عليه لأحدٍ من الناس ؛ فمن فعل ذلك فهو مبتدعٌ على غير السنة والطريق " اهـ .

هذه عقيدة أهل السنة والجماعة ؛ فمن خالفها فهو مبتدع ؛ سواءً كان هو المغراوي أو غيره .

وبعض ما جعله المغراوي في ص1 من أقوالٍ ومقالاتٍ له شروطاً في الوالي فليست شروطاً ، وليس على الوالي أن يطعم فقير المسلمين ، وليس عليه أن يداوي مرضاهم ، ومتى فسق الوالي فإنَّه يجب طاعته ما لم يصل إلى حدِّ الكفر ، وما ذكره بعضهم من أنَّ الوالي إذا فسق وجب الخروج عليه ؛ فهو باطلٌ كما سبق ، ولانعلم أنَّ أحداً من أهل السنة جعل الفسق شرطاً للخروج على الوالي ؛ إنَّما ذلك رأي الخوارج ، والمعتزلة ، وهم أهل بدعٍ وضلالات في الدين ، وإنَّ أهل السنة ليبرأون منهم ، ومن قولهم ، وضلالاتهم .


( 1 )



وما ذكره المغراوي في ص2 عن المنافقين - في النشرة التي نقلت عنه من أشرطته بعنوان أقوال ومقالاتٍ للدكتور أبو سهل محمد بن عبد الرحمن المغراوي - كلامٌ فيه اجحافٌ وظلمٌ ومبالغة خرجت عن حدود الشرع والمعقول ، وفيه تكذيبٌ للنصوص الشرعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كقوله صلى الله عليه وسلم : (( لاتزال طائفةٌ من أمتي قائمةٌ بأمر الله لايضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس ))



وإنَّ قوله هذا يتضمن أموراً باطلة ومحرمة ، فقوله : " إنَّ المنافقين تمكنوا من جميع الوسائل والإمكانيات المادية ، والعلمية ، والحسية ، وأخذوا أزمة الأمور بأيديهم " إلى أن قال : " إنَّ المسلمين مساكين مستضعفين لايملكون فيها أي قرار " اهـ .

وهذا أولاً : فيه إشادة بالمنافقين بأنَّهم سيطروا على جميع أهل الأرض ، ورفعٌ لهم فوق منـزلتهم ، وأنَّهم أحكموا القبضة على جميع الناس ؛ فهم الذين يقولون ، وهم الذين يقررون .

ثانياً : فيه احتقارٌ للمسلمين ملوكهم ، وقادتهم ، وسوقتهم ، وأنَّهم جميعاً مملوكين للمنافقين يتصرفون فيهم كيف شاءوا .

ثالثاً : فيه مصادرة لحريات المسلمين ؛ قادتهم ، ورعيتهم ، وأنَّهم لايتصرفون إلاَّ على حسب ما يأمرهم به أسيادهم المنافقون .

رابعاً : يتضمن قوله هذا : أنَّه لا إيمان عند المؤمنين ، ولا أمر بالمعروف ، ولانهي عن المنكر ، وأنَّه قد ذهب الحق من الأرض جميعاً ، وسيطر الباطل في كل مكانٍ ، فلا إرادة للمؤمنين ، ولاتقوى عندهم ، ولاعلم يعملون به ، ولاشيء عندهم من الفضائل ، وغرائز الخير والإيمان يدفعهم أن

ـــــــــــــــ

1 ) الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإمارة باب قوله صلى الله عليه وسلم : " لاتزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق لايضرهم من خالفهم " وكذا في كتاب الإيمان باب نزول عيسى ابن مريم حاكماً بشريعة نبينا محمدٍ وأخرج بنحوه أيضاً البخاري بدون لفظ الطائفة في كتاب العلم باب من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ، وفي كتـاب فرض الخمس باب قـول الله تعـــالى : " فإنَّ لله حمسه وللرسول " يعني للرسول قسم ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّما أنا قاسم وخازن والله يعطي " وفي كتاب المناقب باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى آية فأراهم إنشقاق القمر ، وفي كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة باب قول النبي صــــلى صلى الله عليه وسلم : " لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون " وهم أهل العلم وفي كتاب التوحيد باب قول الله تعالى : " إنَّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون "

ينفضوا عنهم هذا الكابوس ؛ الذي هو مخيِّمٌ على صدورهم .

خامساً : من المشاهد لكل أحد أنَّ هنا وهنـاك دولاً تسيطر كلُّ دولةٍ على ما تحت يدها ، فهل تلك الدول تتصرف بإرادتها أي بإرادة الولاة المتصرفين فيها أو بإرادة المنافقين ؟ وإذا كانوا يتصرفون بإرادة المنافقين ، فأين أولئك المنافقون ؛ وهل هم خارج الدولة أو داخلها ؟ وإذا كانوا خارجها فكيف يسيطرون على الدولة ، ومن فيها حتى يكونوا تحت تصرفهم ؟ وإذا كانوا داخلها فهل هم ظاهرون أو مختفون ؟ وإذا كانوا ظاهرين فهل هم المتصرفون في الدولة ، وأنت سميتهم منافقين أو غيرهم ؟ وإذا كانوا غيرهم ، فهذا يعني أنَّهم قد غلبوا رجال الدولة ، فلم تبق لهم معهم سلطة ، وإذا كانوا داخلها وهم مختفون ؛ فهذا يعني أنَّهم ضعفاء ، فكيف يتصرفون في الدولة وهم ضعفاء ؟

كل هذه إحتمالات متناقضة ؛ لا أدري كيف ساغ للمغراوي أن يعبِّر بها مع هذا التناقض .

سادساً : نحن نعلم ، وكل الناس يعلمون ؛ أنَّه يوجد في كل مجتمع المؤمن والفاسق ، وربما الكافر والمنافق نفاقاً عملياً .

أمَّا أن يقال أنَّهم كلهم مسلمون ؛ فإنَّ ذلك جائز ؛ فإن قلت كلهم مؤمنون لم تخرج عن الكذب على اعتبار أنَّه لابد أن يوجد فيهم فسَّاقاً ، والفسَّاق لايصح أن يقال لهم مؤمنون ، وإنَّما يقال لهم مسلمون ؛ فإن قلت : أهل هذا البلد كلهم مسلمون سنيِّون تقصد أنَّه ليس فيهم شيعة كان ذلك جائزاً حتى وإن وجد فيهم شيعة قليلون ، فإنَّ ذلك يجوز على نية التغليب .

أمَّا أن تعمم الحكم بأنَّهم كلهم منافقون ؛ أو يسيطر عليهم المنافقون ، ولايملك المسلمون أن يقرروا قراراً قط في جميع الأرض ؛ فهذا القول ينادى على قائله بالكذب الصُّراح ، والمجازفة والهوس ، ولو حلف شخصٌ أنَّ زوجته لن تقرِّر قراراً دونه لكان احتمال الكذب في كلامه بنسبة 99 % واحتمال الصدق بنسبة 1 % .

فكيف إذا قال : " إنَّ المسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها لم يقرروا قراراً قط ، وإنَّما يقرر لهم أو عليهم المنافقون " فإنَّه يكون أبعد عن الصدق .

سابعاً : مثل هذه المجازفات ، والمبالغات الكاذبة تعرف عن محمد سرور زين العابدين ؛ المقيم في لندن ، والذي يقول : " إنَّ السلطة في السعودية تتكون من شكلٍ هرمي يتربع على رأسها الأعلى رئيس أمريكا " فما أرى هذا الكاتب إلاَّ مشبَّعاً بهذا الفكر المنحرف ، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون .

وهذا معنى ما قرره المغراوي هنا : أنَّ ولاة المسلمين في السعودية أو غيرها لايتصرفون بإراداتهم ولايقرِّرون قراراً من تلقاء أنفسهم ، وإنَّما يتصرف فيهم غيرهم ، ويقرر لهم غيرهم ، والمسئولون فيها مجرد كمبيوترات ؛ سبحان الله هل رأيتم مجازفةً مثل هذه المجازفة ، وكذباً مثل هذا الكـذب ؟!! دولةٌ قائمةٌ بنفسها مستقلة بأمرها ، وشؤونها يقال بأنَّها لاتملك قراراً تقرره بنفسها ولا أمراً تستقل به ، فهل أمريكا هي التي أمرت بتوسعة الحرمين ؟ وهل أمريكا هي التي أمرت بطباعة المصحف الشريف ، ونشره ؟ وهل أمريكا هي التي فتحت المدارس الدينية ، والجامعات الإسلامية ، وهل أمريكا هي التي تقوم على الحج كل عام ، وهل أمريكا هي التي تقتص من الجناة وتقيم الحدود ؟!! وهذا قولٌ يعلم كذبه كل من له ذرة من عقل ، ولكن قد يكون هناك أقوامٌ أعمى الله بصائرهم ، ومسخ قلوبهم فصاروا يصدِّقون مثل هذا الهراء الفارغ .


( 1 )



ولقد كان بعض الحزبيين في أيام الأزمـة يحلف : " أنَّ القوات الأمريكية قد سيطرت على الحرمين ، وأنَّها لاتخرج منها ، فكذَّبهم الله ، ولم يعتبر أتباعهم ، وكانوا يقولون : " إنَّ الإسلام والخلافة سينطلقان من أفغانستان " كذبهم الله ، ولم يعتبر بذلك أتباعهم .



وأخيراً : إنََّ الفكر الذي سجَّله المغراوي في هذه الوريقات ؛ ما هو إلاَّ فكرٌ سروري ؛ تكفيري خارجي ، وما سيأتي من كلامه في ص3 وص4 وص5 يبينه إن شاء الله . أل

وأمَّا قوله في ص2 : " المنافقون يخططون المؤامرة تلو الأخرى ؛ حتى يجهزوا على ما بقي من رائحة الإسلام حتى ما بقي شيء " اهـ .


( 2 )



وأقول : أمَّا المؤامرات ضد الإسلام ؛ فهي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد اجتمع الملأ من قريش في دار الندوة ، وخططوا لقتله ؛ أو سجنه ؛ أو إخراجه من بينهم ، وأخيرا أجمعوا رأيهم على قتله ، فأنزل الله : ) وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ( [ الأنفال : 3 ] ونتيجة هذا المكر ، فقد أرصدوا اثني عشر شاباً في يد كلِّ واحدٍ منهم سيفاً مصلتاً ليقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج ، فأعمى الله أبصارهم عنه ، وخرج من بينهم ، ثمَّ هاجر ؛ وما زالت الخطط تحاك ، والمؤامرات تدبر ؛ من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمننا هذا ؛ من كلِّ فئةٍ من فئات الكفر ؛ سواءً كانوا يهوداً أو نصارى ؛ أو مشركين وثنيين ؛ أو ملحدين ؛ أو منتسبين إلى الإسلام ، ولكنَّهم علمانيـون ينتمون إلى الإسلام مجرد انتماء ؛ أمَّا اتجاههم ، وهواهم ، وأعمالهم ؛ فهي تخالف الإسلام ؛ وهم الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بقوله : (( دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ؛ قالوا : صفهم لنا يا رسول الله ؟ قال : هم من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا )) .



ـــــــــــــــ

1 ) أي أزمة الخليج عام 1411 هـ .

2 ) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب الفتن باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة ، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الإمارة باب وجوب ملازمة المسلمين عند ظهور الفتن .


( 1 )



والمهم أنَّ المؤامرات ضد الإسلام والمسلمين حاصلةٌ في كل زمن وكل مكان ؛ وهي حاصلةٌ من جميع فئات الكفر ، وحتى ممن هم معدودون أنَّهم من المسلمين ، ولكنَّهم تربوا في أحضان غير المسلمين ، وغذوا بأفكار ضدَّ الإسلام والمسلمين ، فكانوا في الصف المعادي للإسلام والمسلمين ، وإن كان المتآمرون قد نالوا بعض ما يقصدون ، ولكنَّ القضاء الذي هو جلَّ قصدهم لم يحصل لهم ؛ بل أنَّهم باءوا بالفشل ، وحصدوا الخيبة إزاء ما بذلوا من جهدٍ ومال ، وكلَّ ما حصل للمسلمين إنَّما هو بسبب تقصيرهم في العناية بدينهم ، ولو أنَّ المسلمين اهتموا بدينهم ، وعملوا به ، ودعوا إليه لما ضرتهم مكائد الأعداء ؛ من منافقين ، وغيرهم ؛ لأنَّ الله تعالى يقول وقوله الحق : ) وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئا ( [ آل عمران : 120 ] وفي الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلَّط الله عليكم ذلاً لاينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم )) .




( 2 )



وأخيراً نحن لاننكر المؤامرات ولكنَّا نلوم أنفسنا لأنَّا أخلينا مواقع الحراسة لديننا فجاء العدو فوجد الثَّغر غير محروس ، فدخل وقد جاء في الحديث : (( كل رجلٍ من المسلمين على ثغرٍ من ثغور الإسلام ؛ فالله الله لايؤتى الإسلام من قبله )) .



وإنَّ حراسة الإسلام هي حمايته من كلِّ دخيل ، وبيان أحكامه الحقة تعلماً ، وعملاً ، وتعليماً ونشراً بالمحاضرات ، والندوات ، والدروس ، والمؤلفات ، وتصفيته من البدع ، وغيرها .

ولقد هيأ الله عزَّ وجل على أيدي السلفيين هنا وهناك خيراً كثيراً والحمد لله ؛ رغم ما يُغبِّش به المبتدعة ، والمتعاطفون معهم .

والمهم أنَّا لاننكر وجود المؤامرات ضد الإسلام والمسلمين ، ولكن نشكو من تقبُّل من يزعمون

لأنفسهم أنَّهم من السلفيين ، ومحسوبين عليهم ؛ نشكو منهم تقبلهم لأفكار المبتدعة ، ونشرهم ـــــــــــــــ

1 ) الحديث أخرجه الإمام أبو داود في كتاب الإجارة باب النهي عن العينة والإمام البيهقي في سننه الكبرى في جمَّاع لأبواب الربا باب ما ورد في كراهية التبايع بالعينة والإمام أحمد في مسند الشاميين في ج3 / 328 برقم الحديث 2417 وبنحوه في ج2 / 84 برقم الحديث 5562 وفي مسند أبي يعلى في ج10 / 29 برقم الحديث 5659 .

2 ) الحديث أخرجه الإمام المروزي في كتاب السنة ص8 بسندٍ صحيح عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد لكنَّ الألباني رحمه الله ضعفه في سلسلة الأحاديث الضعيفة في ج3 / 309 وقال : " فيه علتان : 1- الإرسال : فإنَّ ابن مرثد تابعي له مراسيل كما في التقريب والأخرى : الوضين بن عطاء ، فإنَّه مختلفٌ فيه وقد جزم الحافظ بأنَّه سيء الحفظ فيخشى أن يكون أخطأ في رفعه ، فقد عقبه المروزي بروايتين موقوفتين على الأوزاعي والحسن بن حي ، وفيهما ضعف ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم : " استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه ، ولايغرن من قبلك الليلة " وهو صحيحٌ كما بيَّنته في السلسلة الصحيحة " اهـ .

لها ودعوتهم إليها ؛ اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابـه ولاتجعله ملتبساً علينا فنضل .

وقوله : " لأنَّه الآن كيف ندعو الناس للإسلام كيف نطبق الإسلام ، فإذا تآمروا عليهم في ثقافتهم ، وتآمروا عليهم في حكمهم ، وتآمروا عليهم في حالتهم الاجتماعية ، وتآمروا عليهم في الإقتصاد بيد مَنْ الاقتصاد ؟ " اهـ .


( 1 )



وأقول وأكرر : أنَّ ما جاءنا من ذلٍّ ، وضعف معنويٍّ ؛ فهو من أنفسنا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم بأذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد سلَّط الله عليكم ذلاًّ فلا ينـزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم )) أو قال : (( تراجعوا دينكم ))



وعلى هذا فإنَّه يجب أن نلوم أنفسنا لأنَّا إنَّما خضعنا للأعداء حين طمعنا فيما في أيديهم ، وظننَّـا أنَّا إنَّما نستعلي عليهم بالمادة ، فأهملنا الدين ، واعتنينا بالدنيا كما في الحديث السابق ، وكمـا تقدم شرحه ، فتشبهنا بهم ، وقلَّدناهم في أمورٍ كثيرة غير أنَّا لم نخرج بذلك عن مسمَّى الإسلام .

ومن ذلك قوله في ص3 : " لكـن ايش اللـي ( الذي ) حـادث الآن لأنَّه ما كانيـش الآن ( لايوجد الآن ) توازن ؛ لأنَّه ما كانيش ( لايوجد ) الإسلام الجماعي ؛ لأنَّ الإسلام الآن فردي ما كانيش الإسلام الجماعي ؛ الإسلام الجماعي مفقود منذ زمان ؛ ما فيه توزان الآن ؛ التوازن يجيء بعد الإسلام الجماعي ، والإسلام الجماعي ما كانيش لا ما عندنا إسلام جماعي الآن موجود الآن قناعات فردية ؛ تلقى واحد في الأسرة و15 منحرفين " اهـ .

وأقول هذا تصريح بالفكر الخارجي ؛ وهو تكفير المسلمين بالمعاصي ، فقد كرَّر الكاتب عدة مرات ( ما كانيش إسلام جماعي ) أي بأنَّه لم يكن ، ولم يوجد إسلام جماعي يعني أنَّه ليس هناك إسلام جماعي إلاَّ قناعات فردية .

أليس هذا هو فكر الخوارج ؛ الذين يكفرون المسلمين بالذنوب ، والذين قال فيهم النبي صلي الله عليه وسلم حين قال زعيمهم الأول للنبي صلى الله عليه وسلم حين كان يوزع غنائم حنين ويعطي المؤلفة قلوبهم ، فقال ذلك الرجل : (( اتق الله يا محمد ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن يطع الله إن عصيته ؛ أيأمنني على أهل الأرض ولاتأمنوني ؛ قال : ثمَّ أدبر الرجل ، فاستأذن رجل من القوم في قتله يرون أنَّه خالد بن الوليد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: إنَّ من ضئـضئ هذا قـومٌ يقرأون القرآن لايجاوز حنـاجرهم ؛ يقتلـون أهل الإســلام

ـــــــــــــــ

1 ) هذه الرواية أخرجها الإمام أحمد في مسنده في ج2 / 28 برقم الحديث 4825 بلفظ " إذا ضمن الناس الدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة ، واتبعوا أذناب البقر ، وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم " .

ويدعون أهل الأوثان ؛ يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ؛ لئن أدركتهم لأقتلنَّهم


( 2 )




( 1 )



قتل عاد )) رواه مسلم ، وفي صحيح البخاري رقم 6933 من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال : (( بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة ؛ وهو رجلٌ من بني تميم ، فقال يا رسول الله : اعدل فقال : ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل ، فقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل ، فقال عمر يا رسول الله : أتأذن لي فيه فأضرب عنقه ، فقال : دعه فإنَّ له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لايجاوز تراقيهم ؛ يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية )) .




( 3 )



وقد خرج أولئك في عهد علي ، فكفَّروه ، وسائر الصحابة ، وقتلوا جماعةً من المسلمين منهم عبد الله بن خباب ، فأرسل علي بن أبي طالب إليهم ابن عمه عبد الله بن عباس ، فناظرهـم فرجع منهم جماعة ، وبقي الباقون ، فخرج إليهم ، وقاتلهم ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وبقيت الخوارج ، وفكرهم المأفون من عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى يومنا هذا ؛ فكرهم هو فكرهم ؛ تكفير للمسلمين بالمعاصي ، والحكم عليهم بالخلود في النار ، والعناية بنوافل العبادات والاجتهاد فيها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، وقراءتكم مع قراءتهم ؛ يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية )) يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل عاد )) وفي رواية : (( قتل ثمود )) وفي رواية : (( طوبى لمن قتلهم أو قتلوه )) .



ـــــــــــــــ

1 ) الحديث أخرجه الإمام مسلم في كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم .

2 ) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب المغازي باب علامات النبوة في الإسلام ، وفي كتاب فضائل القرآن باب إثم من راءى

بقراءة القرآن ، وبنحوه في كتاب الأدب باب ما جاء في قول الرجل ويلك .

3 ) الحديث أورده الإمام البخاري في صحيحه في كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى : ] وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً[ برقم الحديث (3344) وما أورده في كتاب المغازي باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع برقم الحديث (4351) وفي كتاب تفسير القرآن باب قول الله تعالى : ] وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم [ برقم الحديث ( 4667 ) وفي كتاب التوحيد باب قوله تعالى] تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه[ برقم الحـديث ( 7432 ) بترقيم فتح الباري . وما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم برقم الحديث (1064) بترقيم عبد الباقي . لفظة : " طوبى لمن قتلهم أو قتلوه " فقد أخرجها الإمام أبو داود في كتاب السنَّة باب في قتال الخوارج برقم الحديث 4765 من حديث أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك رضي الله عنهما وقد أورده الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود ؛ وأخرجها الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم الحديث 1305 . وفي مسند المكثرين من حديث أبي سعيد الخدري برقم 12925 ، وفي مسند الكوفيين برقم 18668 و18922 من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه . ولفظة : " كلاب النار" أخرجها ابن ماجة في سننه في المقدمة برقم 173وقال عنها الألباني حديثها حسنٌ صحيح في صحيح سنن ابن ماجة ص 76 طبعة مكتبة المعارف ، وأحال إلى المشكاة برقم ( 3554 ) والروض النضير ( 1 / 208 ) عن أبي أمامة رضي الله عنه وأخرجها الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب من سورة آل عمران =


( 1 )



وأقول : إنَّ قول : " المغراوي ماكانيش الإسلام الجماعي ؛ لأنَّ الإسلام الآن فردي ما كانيش الإسلام الجماعي ؛ الإسلام الجماعي مفقود مفقود منذ زمان " إلى قوله : " لا ما كانيش ما عندنا إسلام جماعي الآن موجود ؛ الآن قناعات فردية تلقى واحد في الأسرة و15 منحرفين " هذا هو الفكر الخارجي ؛ التكفيري ؛ السروري ، ولا أدري بأي شيءٍ يكفِّرون المسلمين ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما )) .



وعقيدة أهل السنة والجماعة أنَّهم لايكفِّرون أحداً بذنب ، ولايحكمون لأحدٍ بجنة ولانـار وكتب العقائد مملوءةٌ بذلك ، وفي فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج7 / 670 : " سئل عن معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا زنا العبد خرج منه الإيمان فكان فوق رأسه كالظلـة فإذا خرج من ذلك العمل عاد إليه الإيمان )) رواه الترمذي ، وأبو داود .

وهل يكون الزاني في حالة الزنا مؤمناً أو غير مؤمن ، وهل حمل الحديث على ظاهره أحدٌ من الأئمة ؛ أو أجمعوا على تأويله ؟ فأجاب : الحمد لله ؛ الناس في الفاسق من أهل الملة مثل الزاني والسارق ، والشارب ، ونحوهم ثلاثة أقسام :


( 2 )



طرفين ، ووسط : الطرف الأول : ليس بمؤمنٍ بوجهٍ من الوجوه ، ولايدخل في عموم الأحكام المتعلقة باسم الإيمان ، ثمَّ من هؤلاء من يقول : هو كافرٌ كاليهودي ، والنصراني ؛ وهو قول الخوارج ، ومنهم من يقول في منـزلةٍ بين المنـزلتين ؛ وهي منـزلة الفاسق ، وليس هو بمؤمن ولا كافر وهم المعتزلة ، وهؤلاء يقولون : إنَّ أهل الكبائر يخلدون في النار ، وإنَّ أحداً منهم لايخرج منها وهذا من مقالات أهل البدع ؛ التي دل الكتاب ، والسنة ، وإجماع الصحابة ، والتابعين لهم بإحسان على خلافها ؛ قال الله تعالى : ) وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ( إلى قوله : ) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ( فسمَّاهم مؤمنين ، وجعلهم إخوة مع الاقتتال ، وبغي بعضهم على بعض ، وقال الله تعالى : ) فتحرير رقبة مؤمنة ( فلو أعتق مذنبٌ أجزأ عتقه بإجماع ، ولهذا يقول علماء السلف في المقدمات الاعتقادية : " ولانكفِّر أحداً من أهل القبلة بذنب ، ولانخرجه من الإسلام بعمل " وقد ثبت الزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر على أناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يحكم فيهم حكم من كفر ، ولاقطع الموالاة بينهم وبين المسلمين ؛ بل جلد هذا ، وقطع هذا ، وهو في ذلك يستغفر لهم ويقول : (( لاتكونوا عون الشيطان على أخيكم )) وأحكام الإسلام كلها مرتبة على هذا الأصل .



ـــــــــــــــ

= برقم الحدث برقم 3000 بترقيم أحمد شاكر وأخرجه أحمد في مسند المكثرين برقم 18651 و 18923وفي باقي مسند الأنصار برقم 21679 و 21705 و 21811 بترقيم إحياء التراث . =

والطرف الثاني : قول من يقول إيمانهم باقٍ كما كان لم ينقص بناء على أنَّ الإيمان هو مجرد التصديق ، والاعتقاد الجازم ؛ وهو لم يتغير ، وإنَّما نقصت شرائع الإسلام ؛ وهذا قول المرجئة والجهمية ، ومن سلك سبيلهم ؛ وهو أيضاً قول مخالفٌ للكتاب ، والسنة ، وإجماع السابقين الأولين ، والتابعين لهم بإحسان ، ثمَّ شرع يفصل إلى أن قال : " كذلك الزاني ، والسارق ، والشارب والمنتهب لم يعدم ( أحد منهم ) الإيمان الذي يستحق ( به ) أن لايخلد في النار ، وبه ترجى له الشفاعة ، والمغفرة ، وبه يستحق المناكحة ، والموارثة " انتهـى من ج7 / 676 من فتاوى شيخ الإسلام بتصرف .

وأخيراً هذا ما سطره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حاكياً إجماع السلف جميعاً ، وأنَّهم جميعهم يسجلون في مقدماتهم الإعتقادية قائلين : " لانكفر أحداً من أهل القبلة بذنبٍ ، ولانخرجه من الإسلام بعمل " اهـ .

لذا فإنَّا نقول : فمن أعلم بالوفاق والخلاف في الأمور الإعتقادية من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وبهذا يتبيَّن أنَّ من أخرج المسلمين من الإسلام بذنوبٍ ارتكبوها هي تعتبر من المعاصي كبائر كانت أو صغائر فإنَّه مدانٌ 100 %وفي سنن أبي داود حديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاثٌ من أصل الإيمان الكف عمَّن قال : لا إله إلا الله ، ولا نكفِّره بذنب ، ولاتخرجه من الإسلام بعمل ، والجهاد ماضٍ منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لايبطله جور جائر ، ولا عدل عادل ، والإيمان بالأقدار )) إلا أنَّ في سنده يزيد بن أبي نشبه السُّلمي الراوي عن أنس ؛ قال في التقريب : مجهول من الخامسة رقم الترجمة 7838 طبعة دار العاصمة ، وسائر رواة سنده على شرط مسلم ، والخصال المذكورة فيه مجمع عليها كما تقدم عن شيخ الإسلام ابن تيمية .

وفي صفحة 4 قال المغراوي : " طبعاً الجاهلية الجديدة أريد إخواني أن ينتبهوا ؛ انتبهت إلى هذا الأمر ، فلهذا صورت القضية ، وطوقتها من جديد ، فلهذا الآن المسلم في أية بلدة لايستطيع الذهاب إلى بلد من البلاد يكون أحياناً من الأمور ما لايتحقق ؛ يعني لو ذهب مسـلم الآن مسلم لا أقول كافر ، ولكن أقول مسلم إلى بلاد المسلمين ، فهل تسمح له هذه البلدة ، وتسمح حكومتها بالإقامة لهذا المسلم بهذه البلدة ؟ لا . لايمكن لابد من شروط الإقامة ؛ لابدَّ من كفالة لابدَّ من تأشيرات للدخول ؛ لابد َّمن عرض الجواز على المخابرات؛ هل تسمح له بالإقامة أولا

ـــــــــــــــ

= 1 ) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب الأدب باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال ، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان باب بيان حال إيمان من قال لأخيه يا كافر من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .


حديث أبي هريرة رضي الله عنه .





2 ) الحديث أخرجه الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الحدود باب ما يكره من لعن شارب الخمر ، وأنَّه ليس بخارجٍ من الملة من



تسمح ؟ فيه شبهةٌ سياسية ، وشبهةٌ غير سياسية .

إذن مجموعة من الأمور هي التي تمنع هذا المسلم من أن يقيم في بلاد المسلمين ، وربََّما يكون ذلك في أقدس البلاد ؛ يعني في بلاد للمسلم الحق في أن يقيم فيها على رغم أنف كلِّ أحد ؛ يعني مثلاً الحرمين الشريفين ؛ يعني هي بلاد جميع المسلمين ؛ يعني لاحقَّ فيها ؛ يعني لاتخضع لهذا ؛ يعني يجب أن تكون هي في استقبال المسلمين بدون شرط وقيد ؛ كل مسلم يشهـد أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمداً رسول الله له الحق في الإقامة في تلك البلدة ؛ سواءً في مكة أو المدينة ؛ لأنَّ هذه بلاد المسلمين .

بل أقول : إنَّ المسلم إن ذهب له الحق في أي بلدة ذهب وجواز سفره أن يشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وأنَّ محمداً رسول الله ؛ هذا جواز السفر لبلاد المسلم ؛ طبعاً هذه التقسيمات الموجودة من صنع الإستعمار ؛ يعني التقسيمات الموجودة الآن باسم فلان ؛ باسم الدولة الفلانية ؛ نحن ليس عندنا هذا في الإسلام ؛ لا وجود له ؛ هذا كله من صنع الاستعمار ؛ يعني ما يسمَّى بالحدود الآن وما يسمَّى بالدول ، وكل هذه الأمور لاشك ، ويقسم الإنسان بالله أنَّ هذه من صنع الاستعمار المسلمون يغطيهم خليفة المسلمين ؛ الخليفة هو الحاكم الكبير ؛ الذي تتبع له الولايات جميعهـا يعني ولايات المسلمين أينما كانت في مشارق الأرض ومغاربها ، ولكن جاء الإستعمار الخبيث فاستعمر البلاد ، وقسَّمها ، وحرَّرها ؛ لأنَّها تحررت من هذه القيود ، وعلى هذه الشروط الخبيثة التي حجزت بين المسلمين ، والتي سببَّت العداوة والتناحر ، وأحدثت في المسلمين القومية والوطنية ؛ كلها فتنة ، وكلَّها من الأوصاف ، ومن الأقوال الوثنية ؛ التي لايجوز للمسلم أن ينطق بها فضلاً أن يعتقدها أو يعملها " من شريط رقم 7 الوجه واحد – من دروس العقيدة - موقف محمد صلى الله عليه وسلم .

وأقول : للمغراوي في هذا المقطع أخطاء تبين ارتباطه بالحزبيين المعاصـرين ، وارتباط الحزبيين

المعاصرين بالخوارج السابقين ؛ الذين يكفرون المسلمين بالمعاصي ، والبدع ، ويخرجونهم من الإسلام بذلك ، وبالتالي يحكمون عليهم بالخلود في النار :

1- منها إنكاره لتعدد الدول ، وانفراد كل دولة ببلادها ، ومواطنيها .

2- إنكاره لجعل الحدود بين الدول الإسلامية .

3- إنكاره لأنظمة الجنسية ، والجوازات ، والإقامة في كل بلد .

4- زعمه أنَّ ذلك كلَّه من الأوصاف ، والأقوال الوثنية ؛ التي لايجوز للمسلم أن ينطق بها فضلاً أن يعتقدها أو يعملها .

فأمَّا إنكار المغراوي لتعدد الدول ، وزعمه أنَّ ذلك أمرٌ صنعه الاستعمار ، وأنَّه وثنية " ومعنى

ذلك أنَّه كفْرٌ مخرج من الملة .

وأقول أنَّ هذا زعمٌ باطل ، وتصورٌ خاطئ ، وهذا أمرٌ مرفوضٌ شرعاً وعقلاً :

أمَّا شرعاً فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ ذلك سيكون في قوله صلوات الله وسلامه عليه


( 1 )




( 2)



: (( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ؛ كلَّما هلك نبي خلفه نبي ، وأنَّه لانبي بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر ؛ قالوا فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول ، أعطوهم حقهم ، فإنَّ الله سائلهم عمَّا استرعاهم )) فقولـه في هـذا الحديث : (( ستكون خلفاء فتكثر )) دليل على تعدد الدول .




( 3 )



وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعواهما واحدة )) فاقتتل علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين ، ومعاوية بن أبي سفيان في صفين ، ثمَّ استقل علي رضي الله عنه بالجزيرة العربية والعراق ، ومصر ، واستقل معاوية بالشام ، وما وراءه ؛ فلو كان ذلك منكراً ، ومحرَّماً ؛ لمَّا أقرَّه الصحابة الذين هم أحياء ، ومنهم عليٌّ نفسه ؛ وهو رابع الخلفاء الأربعة ، ومن العشرة المشهود لهم بالجنة سعد بن أبي وقَّاص ، وسعيد بن زيد ، ومن فضلاء الصحابة أبو أيوب الأنصاري ، وأبو طلحة ، وزيد بن ثابت ، وأبي بن كعب ، وعبدالله بن عمرو ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وغيرهم ؛ فلو كان الاستقلال محرَّماً ؛ لما أقرُّوه ، وبعد وفاة معاوية استقل ابن الزبير بالجزيرة العربية ، والعراق ، وبعد قيام الدولة العباسية استقلَّ عبد الرحمن الداخل بالأندلس ، وهكذا في سائر العصور ، فإذا كان هذا الأمر قد حصل في عصر الصحابة ، وأخبر عن وقوعه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله : (( ستكون أمراء فتكثر ؟ قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول )) ولم يقل : أنَّه لايجوز اجتماع خليفتين من المسلمين .



وأمَّا قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما )) فذلك إذا كان الخليفتان في مكانٍ واحد ، وزمنٍ واحد .

أمَّا إذا كان كلٌّ منهما في مكانٍ مستقل به ، فذلك جائزٌ على القول الأصح ؛ قال الإمام مسلم في كتاب الإمارة باب وجوب الوفاء ببيعة الأول فالأول : روى بسنده : " عن فرات القزاز عن أبي حازم قال : قاعدت أبا هريرة رضي الله عنه خمس سنين ، فسمعته يحدث عن النبي صلى الله

ـــــــــــــــ

1 ) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل ، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الإمارة باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

2 ) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب المناقب باب علامات النبوة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

3 ) الحديث أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإمارة باب إذا بويع لخليفتين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .

عليه وسلم قال : (( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ؛ كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنَّه لانبي بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر ؛ قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول ؛ أعطوهم حقَّهم ، فإنَّ الله سائلهم عمَّا استرعاهـم )) قال الإمـام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث : " قوله صلى الله عليه وسلم : (( كانت بنوا إسرائيل تسوسهم الأنبياء ؛ كلمَّا هلك نبي خلفه نبي )) أي يتولون أمورهم كما تفعل الأمراء والولاة بالرعية ، والسياسة القيام على الشيء بما يصلحه .

وفي هذا الحديث جواز : قول هلك فلان ؛ إذا مات ، وقد كثرت الأحاديث فيه ، وجاء في القرآن العـزيز قوله تعالى : ) حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعـده رسـولا ( قولـه : (( وستكون خلفاء فتكثر ؛ قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول )) قوله : (( فتكثر )) بالثاء المثلثة من الكثرة ؛ هذا هو الصواب المعروف ؛ قال القاضي : وضبطه بعضهم : (( فتكبر )) بالباء الموحدة كأنَّه من إكبار قبيح أفعالهم ، وهذا تصحيف .

وفي هذا الحديث معجزةٌ ظاهرةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعنى هذا الحديث إذا بويع لخليفة بعد خليفة ، فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها ، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها ويحرم عليه طلبها ، وسواءً عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول أو جاهلين ، وسواء كانا في بلدين أو بلد ؛ أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل ، والآخر في غيره هذا هو الصواب ؛ الذي عليه أصحابنا وقيل تكون لمن عقد له في بلد الإمام ، وقيل يقرع بينهما ، وهذان فاسدان .

واتفق العلماء على أنَّه لايجوز أن يعقد لخليفتين في عصرٍ واحد ؛ سواءً اتسعت دار الإسلام أم لا ؟ وقال إمام الحرمين في كتابه الإرشاد ؛ قال أصحابنا : لايجوز عقدها لشخصين ؛ قال : وعندي أنَّه لايجوز عقدها لاثنين في صقعٍ واحد ، وهذا مجمعٌ عليه ؛ قال : فإن بعُد ما بين الإمامين وتخللت بينهما شسوع ، فاللإحتمال فيه مجال ؛ وهو خارج من القواطع " قلت : يقصد النصوص ؛ فإنَّ النصوص دالةٌ على أنَّه لايجوز عقد الولاية لاثنين في بلدٍ واحد ، ووقتٍ واحـد قال : " وحكى المازري هذا القول عن بعض المتأخرين من أهل الأصول ، وأراد به إمام الحرمين وهو قول فاسد مخالف لما عليه السلف والخلف ، ولظواهر إطلاق الأحاديث " اهـ .

قلت : ما قاله النووي هنا ليس بجيد ؛ بل الصحيح جواز عقد الإمارة لرجلين إذا كانا في بلدين مختلفين ، وبينهما بُعدٌ ، وشسوعٌ ؛ أي مسافات طويلة ؛ كما حصل لعلي بن أبي طالب ومعاوية وكما حصل لابن الزبير ومروان ثمَّ ابنه عبد الملك ، وبعد قيام دولة بني العباس انفصلت الأندلس وإنَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( ستكون خلفاء فتكثر ؛ قالوا فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول )) وقال : (( من أتاكم وأمركم جميعٌ على رجلٍ واحد )) ليس معناه أنَّ جميع الأمة الإسلامية تكون كذلك على رجلٍ واحد ، والسنَّة أن يكون للمسلمين إمامٌ واحدٌ ، والباقون نوَّابه ، فإذا فرض أنَّ الأمَّة خرجت عن ذلك لمعصيةٍ من بعضها ، وعجزٍ من الباقين أو غير ذلك ، فكأنَّ لها عدة أئمة ؛ لكان يجب على كلِّ إمامٍ أن يقيم الحدود ، ويستوفي الحقوق ؛ ولشيخ الإسلام ابن تيمية كـلامٌ في هـذا الموضـوع في الفتـاوى في ج34 / 175 حيث قال : " والسنة أنَّ يكون للمسلمين إمامٌ واحد ، والباقون نوَّابه ؛ فإذا فرض أنَّ الأمة خرجت من ذلك لمعصيةٍ من بعضها ، وعجزٌ من الباقين أو غير ذلك ، فكان لها عدَّة أئمة ؛ لكان يجب على كلِّ إمام أن يقيم الحدود ، ويستوفي الحقوق ( يعني في محيط سلطته ) " اهـ قلت : علماً بأنَّه لو قدِّر أنَّ أهل الإسلام كانوا تحت راية واحدة ، وإمامٍ واحد كما حصل في آخر عهد بني أمية ، وأول عهد بني العباس حيث امتدت رقعة الدولة الإسلامية ؛ فشملت جميع أفريقيـا ومعظم آسيا من المحيط الأطلسي غرباً إلى حدود الصين شرقاً ؛ فإنَّه في ذلك الوقت قد تكون البلدان البعيدة الشاسعة بعداً كثيراً يصير أميرها كأنَّه منفردٌ بها ، وسيطرة الخليفة الأصل على ما بعُد عنه تكون ضعيفة ، فيعود الأمر في الحقيقة كأنَّها إماراتٌ أو خلافات متعددة ، وليست خلافةً واحدة .

علما بأنَّ أصحاب الدعوات الحزبية ؛ الذين جعلوا مقصودهم في دعوتهم هو إعادة الخلافة الضائعة ؛ كما يزعمون قد كلفوا أنفسهم بشيء لم يكلفهم الله به ، وتركوا ما أمر الله به جميع الرسل ؛ وهو الدعوة إلى التوحيد ، وإنكار الشرك ؛ كما قال تعالى : ) ولقد بعثنا في كلِّ أمَّةٍ رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ( [ النحل : 36 ] وقال في سورة الأنبياء آية 25 : ) وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاَّ نوحي إليه أنَّه لا إله إلاَّ أنا فاعبدون ( .

ولقد ترك حسن البنا الناس يتطوفون بالمشاهد القبورية ، وينذرون لها ، ويذبحون على اسمها ويهتفون بأسماء أصحابها في الصباح والمساء ؛ راجين منهم ما لايرجى إلاَّ من الله ؛ من جلب الخير ودفع الشر ، ثمَّ ذهب يبث في أصحابه أنَّ أمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم بحاجةٍ إلى أن تجتمع على خليفةٍ واحد ، وكأنَّ الشرك الذي هو موجودٌ ؛ والمشاهد التي أين ما ذهب الذاهب في بلاد مصر وغيرها ؛ فهي موجودةٌ كأنَّما نزل حلُّ ذلك من السماء ؛ مع أنَّ القرآن كلُّه من أولَّه إلى آخره مليءٌ بالتحذير من الشرك ، والرد على أهله ، والإحتجاج عليهم ، وبيان عجز الآلهة المدعوة ، وتوعُّدٍ للمشركين الكافرين بالعذاب الأبدي ، فمن التحذير من الشرك ، والوعيد لأهله قول الله تعالى : ) ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين $ بل الله فاعبد وكن من الشاكرين $ وما قدروا الله حقَّ قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطوياتٌ بيمينه ( [ الزمر : 65 – 67 ] وقال تعالى : ) ولاتدع من دون الله ما لاينفعك ولايضرك فإن فعلت فإنَّك إذاً من الظالمين ( [ يونس 106 ] وقال تعالى : ) ولاتدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين وأنذر عشريتك الأقربين ( [ الشعراء 113 -114 ] وقال في سورة الفرقان آية 3 : ) واتخذوا من دونه آلهةً لايخلقون شيئا وهم يخلقون ولايملكون لأنفسهم ضرَّاً ولانفعا ولايملكون موتاً ولاحياةً ولانشورا ( وقال في سورة سبأ آية 22: ) قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لايملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شركٍ وما له منهم من ظهير ( وفي آية 13 – 14من سورة فاطر لمَّا ذكر الله شيئاً من أنواع ملكه وقدرته قال : ) ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير $ إن تدعوهم لايسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكـم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولاينبئك مثل خبير ( .

لقد تعامى حسن البنَّا عن هذه الآيات كلَّها ؛ وغيرها من الآيات الدالة على أنَّ دعوة غير الله شركٌ ، فلم ينكر على أهل مصر ما يفعلونه عند المشاهد من دعوة غير الله ؛ بل أقرَّهم على ما هم عليه ، وذهب يدعو إلى إعادة الخلافة الضائعة حسب زعمه ، فنعوذ بالله من عمى البصيرة وشطط القول ، ثمَّ يأتي الألوف من أتباعه أصحاب الشهادات العليا ، فيتابعونه على هذا الباطل دعوة إلى إنشاء خلافة ؛ أو إعادة الخلافة الضائعة ، وينسون ما كلَّف الله به رسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فيبذلون أقصى جهدهم في الدعوة السرية ، ويحاولون أن يتوصلوا إلى ذلك بالإ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نسف الدعاوي التي قررها المغراوي الشيخ العلامة أحمد بن يحيى محمد النَّجمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الغلو أسبابه وعلاجه كتبها الشيخ الإمام أحمد بن يحيى النَّجمي ـرحمه الله ـ
» اَلتَّنْبِيهُ الْوَفِيُّ عَلَى مُخَالَفَاتِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَأْرِبِيِّ فضيلة الشيخ أحمد بن يحيى النَّجمي
» من هو الذي أحيا مذهب الخوارج في هذا العصر ؟ كتبها الشيخ الإمام أحمد بن يحيى النَّجمي ـرحمه الله ـ
» اَلْفَتْحُ اَلرَّبَّانِيُّ فِي الدِّفَاعِ عّنْ الشَّيْخِ محمد ناصر الدين الألباني الشيخ أحمد بن يحيى النَّجمي ـ
» رد دفاع أسامة القوصي عن علي جمعة الشيخ الإمام العلامة أحمد النَّجمي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف :: منتدي الرد علي اهل الاهواء و البدع-
انتقل الى: