الطالب: فمضى عصر الصحابة رضي الله عنهم على هذا إلى أن حدث في زمنهم القول بالقدر و أنّ الأمر (الطالب يتوقف و يقاطعه الشيخ و يقول: أنفة) أنفة
الشيخ: نعم يعني الأمر مستأنف، كل يخلق فعله و يوجد فعله، يعني ذكر بعد ذلك نشأة الفرق يعني حصل القدرية ثمّ حصل الخوارج ثمّ حصل كذا ثمّ حصل كذا و ذكر مذهب الأشاعرة و ذكر انتشار، معلوم أنه خارج عن هذا المنهج الذي حكاه عن ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد قال الإمام مالك رحمة الله عليه "لن يصلح آخر هذه الأمة إلّا بما صلُح به أولها" و قال "ما لم يكن دينا في زمن محمد صلى الله عليه و سلم و أصحابه فإنه لا يكون دينا إلى قيام الساعة"، لا يمكن أن يكن هناك حق أو هدى حُجب عن الصحابة و ادُّخر لمن كان بعدهم، أبدًا، و على هذا فإنّ المذاهب المحدثة التي هي مخالفة لمنهج الصحابة و طريق الصحابة هذه هي من محدثات الأمور و هي باطل و هي من البدع و ليست من الحق و ليست من الهدى الذي بعث الله به رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم، هذا كلام المقريزي رحمه الله و هو كلام جميل في غاية الوضوح و في غاية الجمال و الحسن في بيان ما كان عليه الرسول صلى الله عليه و سلم و أنهم فهموا معاني الصفات و أنهم أثبتوا و لم يشبّهوا و نزّهوا و لم يعطّلوا و أنه مضى عصر الصحابة على هذا ثمّ جاءت الفرق تترى و تتحقق ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم بقوله "فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"، و على هذا و كما ذكرت أنّ المعطلة لمّا صاروا إلى التعطيل لمّا تصوّروا التشبيه صاروا معطّلة و مشبّهة، مع تعطيلهم هم مشبّهة لأنّهم شبّهوا أوّلا لأنّهم تصوّروا التشبيه و فروا منه ووقعوا في تشبيه أسوأ منه و هو التشبيه بالمعدومات، التشبيه بالمعدومات هو أسوأ من التشبيه بالموجودات كل منهما سيّء و أهل السنّة و الجماعة يعني مبرّأ ون، منزّهون من هذا و هذا، و إنّما هم مثبتة منزّهة على حد قول الله تعالى (ليس كمثله شيء و هو السميع البصير) و على هذا فالمشبّهة معطّلة جمعوا بين التعطيل و التشبيه، و المشبّهة أيضا معطّلة مع كونهم مشبّهة و تعطيلهم و تشبيههم واضح، و تعطيلهم فواضح من أنّهم لم يثبتوا لله عزّ و جل ما أثبنه لنفسه على الوجه الذي يليق بكماله، و إذا هم عطّلوا ما يليق بالله فصاروا مع كونهم مشبّهة معطّلة لأنّ الشيء الذي أثبته لنفسه ما أثبتوه، أثبتوه على وجه مشابه للمخلوقات و الله منزّه عن ذلك و هو له الصفات مع تنزيهه عن مشابهة (إنقطاع في الشريط، و أظنه قال: المخلوقات)، و هم مع هذا عطّلوا الله عزّ و جل عن ما يليق بكماله و جلاله و هو كونه متصف بالصفات من غير مشابهة للمخلوقات فإذن هم معطّلة و مشبّهة و مع كونهم معطّلة هم مشبّهة و معطّلة، فتعطيلهم بكونهم لم يثبتوا لله عزّ و جل ما يلقوا بكماله و جلاله من الإثبات مع التنزيه لأنهم أثبتوا مع التشبيه و لم يثبتوا مع التنزيه و الحق هو الإثبات مع التنزيه و هم عطّلوه من هذا فصاروا مع كونهم مشبهة معطّلة، ثمّ إنّ الذين ابتلوا بعلم الكلام منهم الحيرة و الندم و حصل منهم بيان سوء ما هم عليه و من الذين توغّلوا في علم الكلام (أظنه قال: تنصّلوا) من علم الكلام الغزالي وهم متمكنون في علم الكلام و مع ذلك ذمّ علم الكلام لأنّه عرف نهايته و أنّ الحق لا يؤخذ من علم الكلام و له في كتابه الإحياء كلام جميل في ذمّ علم الكلام و نقله شيخ الطحاوية و نقرأ يعني كلامه و هو موجود في صفحة 236 ، فالذين اشتغلوا بعلم الكلام هم أنفسهم صاروا في حيرة و ندم و هذا كلام الغزالي و هو من المتمكنين في علم الكلام .
الطالب: و من كلام أبي حامد الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه الذي سماه "إحياء علوم الدين" و هو من أجلّ كتبه أو أجلّها.
الشيخ: و هذا الكلام موجود في كتاب "الإحياء" و في الحاشية الإحالة إلى الصفحة من كتاب الإحياء، الجزء و الصفحة من كتاب الإحياء.
يتبع إن شاء المولى تبارك و تعالى