وقال في ( أدب الفتاة) :
( يلزم وليها أن يعلمها الكتاب العزيز بحسن أداء ، ثم ما يصحح عقيدتها وعبادتها من أصول العقائد و الفقه ، ثم ما وجب عليها لوالديها وأولادها وبعلها ، وما أبيح لها وما حظر عليها ، وما تضطر إليه من إدارة نفسها وبيتها وبنيها ، كالخياطة ، وترتيب المنزل ، وإدارة صحة بنيها وآدابهم ، وصلاح المأكل والملبس ، وأصول الاقتصاد ، ومكارم الأخلاق ، وما أشبه ذلك مما يجعلها قرة عين الكمال.
ولقد صدق القائل : إن الفتاة المتعلمة المهذبة فخر لأهلها ، وعون لبعلها ، وكمال لبنيها ، أهلها بها يفتخرون ، وأولادها بها يسعدون ، ومن ذا الذي لا يُسر فؤاده بابنته الأديبة التي تدبر الأمور المعاشية بالمعرفة ، وتدبر الحركة المنزلية بالحكمة ، ويجد في مجالستها أنيسا عاقلا ، وسميرا كاملا؟!
وعلى وليها أن يزوجها من الأكفاء الأخيار ذوي الدين والمروءة ، الذين يتوسم فيهم إسعاد زوجاتهم .
وما ألطف قول الخوارزمي :
حق كافل الكريمة أن لا يزوجها حتى يستكْرِم صهرا ، أو يحكم مهرا)اهـ.
وقال في (أدب الأطفال) :
( ... الاهتمام بتربية الطفل المنزلية
إذا لحظ المرء ما ينجم من التربية المنزلية يجد أنه كما يكون الأهل يكون الطفل في الغالب ، فإن كانوا ذوي نظام وطباع كريمة شب الطفل كذلك ، لما عُلم من أنه ميّال للتقليد والمحاكاة ، وإن كانوا جهلاء أغبياء ، وذوي خمول أو ضعف في العزيمة ، شب الطفل على ذلك.
فمن هذا يعلم أن تربية البيت إما تكون عضدا وساعدا للمعلم في المدارس ، وإما أن تكون عقبة كؤودا في سير التربية المدرسية .
تدارك من يُراد تربيته قبل تأثير الوراثة فيه.
تقرر في سنّة البشر أن الفروع كما ترث من أصولها جانبا من الصفات الجسمانية ، كذلك ترث منها كثيرا من الطبائع الخلقية ، فلقد تجد أولاد الرجل الأبله كأبيهم ، وأبناء العاقل الداهية كذلك ، ولا حاجة إلى إيراد البراهين على ذلك ، لأنه يكفي في إثباته أدنى التفات إلى دراسة أصول العالم الذي نحن بين ظهرانيه .
نعم قد لا يطرد ذلك كليا ، لأن لكل قاعدة شذوذا ، إلا أن القصد التنبيه على أنه وإن كان في الحدث طباع موروثة ، إلا أن المربي الحكيم يمكنه أن يهذب منها ما فسد ، ويقوم ما اعوج ، وإن احتاج إلى عناء زائد ، وجهد كبير ، شريطة أن يتدارك ذلك قبل أن تتمكن تلك الوراثة الفاسدة ، وتصير ملكة ، ولذا قلما تفيد التربية في الكبير .
العناية بتأديب الصغير.
قالت الحكماء : ينبغي أن يؤخذ الولد بالأدب من صغره ، فإن الصغير أسلس قيادا وأسرع مؤاتاة ، ولم تغلب عليه عادة تمنعه من اتباع ما يراد منه ، ولا له عزيمة تصرفه عما يُؤمر به ، فهو إذا اعتاد الشيء ، ونشأ عليه ، خيرا كان أو شرا ، لك يكد ينتقل عنه ، فإن عُوّد من صباه المذاهب الجميلة والأفعال المحمودة بقي عليها ، ويزيد فيها إذا فهمها ؛ وإن أُهمل حتى يعتاد ما تميل إليه طبيعته مما عُوّد عليها ، عُوّد أشياء رديئة مما ليس في طبيعته ، ثم أُخذ بالأدب بعد غلبة تلك الأمور عليه عسر انتقاله مع الذي يؤدبه ، ولم يكد يفارق ما جرى عليه ، فإن أكثر الناس إنما يؤتون في سوء مذاهبهم من عادات الصبا .
آداب عامة للصغير.
قال الحكيم المستعصمي:
1- يجتنب النوم الكثير ، فإنه يقبّحه ، ويغلّظ ذهنه ، ويميت خاطره!.
2- يمنع من الفراش الوطيء وجميع أنواع الترفه ، حتى يصلب بدنه بتعود الخشونة.
3- يمنع من اعتياد الأمكنة الباردة صيفا ، ومن النيران شتاء.
4- لا يسرع المشي.
5- لا يتثاءب بحضرة غيره.
6- لا يضع رجلا على رجل.
7- لا يضرب تحت ذقنه بساعده ، ولا يعمد رأسه بيده ، فإنه دليل الكسل ، وإنه قد بلغ به التقبيح إلى أن يحمل رأسه حتى يستعين بيده.
8- يعود ألا يكذب ، ولا يحلف لا صادقا ، ولا كاذبا.
9- يعود الصمت وقلة الكلام ، وأن لا يتكلم إلا جوابا ، وإذا حضر من هو أكبر منه اشتغل بالاستماع إليه ، والصمت.
10- يمنع من خبيث الكلام وهجينه ، ومن السب واللعن ، ولغو الكلام .
11- يعود حسن الكلام وظريفه ، وجميل اللقاء وكريمه.
12- يعود خدمة نفسه ومعلمه ، ومن هو أكبر منه.
13- يعود طاعة والديه ومعلميه ومؤدبيه ، وأن ينظر إليهم بعين الجلالة والتعظيم ، ويهابهم.
14- يعود ضبط النفس عما تدعو إليه من اللذات القبيحة والفكر فيها)اهـ.