منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصوردخولالتسجيل
معاملة الحكام -الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء G5g5-7f7110b59c معاملة الحكام -الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء G5g5-4d203bdcc7 معاملة الحكام -الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء G5g5-7f7110b59c معاملة الحكام -الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء G5g5-4d203bdcc7

 

 معاملة الحكام -الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الفارس
إداري
إداري
الفارس


ذكر عدد الرسائل : 1160
السٌّمعَة : 13
نقاط : 2574
تاريخ التسجيل : 08/02/2009

معاملة الحكام -الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء Empty
مُساهمةموضوع: معاملة الحكام -الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء   معاملة الحكام -الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 1:22 pm





معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة


الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء

الوقيعة في أعراض الأمراء، والاشتغال بسبهم، وذكر معا يبهم خطيئة كبيرة ،وجريمة شنيعة، نهى عنها الشرع المطهر، وذم فاعلها.
وهي نواة الخروج على ولاة الأمر، الذي هو أصل فساد الدين والدنيا معاً.
وقد علم أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فكل نص في تحريم الخروج وذم أهله دليل على تحريم السب ،وذم فاعله.
وقد ثبت في (0 الصحيحين )) (251) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، عن النبي ( قال :
(( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت ))
وفي (( الصحيحين )) (252) - أيضاً – نوعن أبي موسي الأشعري – رضي الله عنه -، قالو يا رسول الله ‍ أي الإسلام أفضل ؟ قال (( من سلم المسلمون من لسانه ويده )).
وقد ورد النهي عن سب الأمراء على الخصوص لما في سبهم من إذكاء نار الفتنة وفتح أبواب الشرور على الأمة وها هي النصوص في ذلك :
الدليل الأول :
أخرج الترمذي عن زياد بن كسيب العدوى قال : كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر – وهو يخطب وعليه ثياب رقاق – فقال أبو بلال : أنظروا إلي أميرنا يلبس ثياب الفساق.
فقال أبو بكرة : اسكت، سمعت رسول الله ( يقول :
(( من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله )) (253)
الدليل الثاني :
قال ابن بشران في (( أمالية )) (254) أخبرنا دعلج بن أحمد : ثنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي : ثنا سريج (255) بن يونس : ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن محمد ابن أبي قيس : ثنا أبو المصبح الجهني الحمصي، قال : جلست إلي نفر من أصحاب رسول الله ( وفيهم شداد أبن أوس، قال : فقالوا : إن رسول الله ( قال :
(( إن الرجل ليعمل بكذا وكذا من الخير ،وإنه لمنافق ))
قالوا : وكيف يكون منافقاً وهو مؤمن ؟ قال : (( يلعن أئمته ويطعن عليهم )).
رجاله ثقات، سوى محمد بن أبي قيس، وهو شامي، لم أعرفه، ولعله من المجاهيل، إذ مروان بن معاوية معروف بالرواية عنهم والله أعلم.
الدليل الثالث :
أخرج البزار في (( مسنده )) (256)، ومن طريقة الطبراني في (( المعجم الكبير )) (257) حدثنا محمد بن المثني : حدثنا إبراهيم بن سليمان الدباس : حدثنا مجاعة بن الزبير العتكي، عن عمرو البكالي، قال : سمعت رسول الله ( يقول :
(( إذا كان عليكم أمراء يأمرونكم بالصلاة والزكاة والجهاد، فقد حرم الله سبهم وحل لكم الصلاة خلفهم ))
قال الهيثمي في (( المجمع )) (258) : وفيه مجاعة بن الزبير العتكي، وثقه أحمد، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات. ا هـ
قلت ضعفه الدرارقطني وذكره العقيلي في (( الضعفاء )) (259)، أم ابن عدي فقال : (( هو ممن يحتمل ويكتب حديثه )) (260) ا هـ.
وكان جاراً لشعبة بن الحجاج، وفيه يقول شعبة : هو كثير الصوم والصلاة (261).
وقد تابعه على هذا الحديث : صدقة بن طيسلة، كما عند أبي نعيم في (( معرفة الصحابة )) (262)، وصدقة ذكره أبي حاتم في (( الجرح والتعديل )) (263)، ولم يذكر فيه شيئاً.
وأخرجه البخاري في (( التاريخ الصغير )) (264)، ومحمد بن نصر في (( قيام الليل ))، وابن مندة – كما أفاد الحافظ في (( الإصابة )) (265) وأبو نعيم في (( معرفة الصحابة )) (266) من طريق الجريري عن أبي تميمة الهجيمي، أنه سمع عمر اً البكالي يقول :
(( إذا كانت عليكم أمراء يأمرونكم بالصلاة والزكاة، حلت لكم الصلاة خلفهم، وحرم عليكم سبهم )) ، وهذا لفظ أبي نعيم.
قال الحافظ في (( الإصابة )) (267) : وسنده صحيح.
قال : وأخرجه ابن السكن من هذا الوجه فقال : عمر بن عبد الله البكالي يقال : له صحبة، سكن الشام، وحديثه موقوف، ثم ساقه كما تقدم لكن قال : فسمعته يقول :
(( إذا أمرك الإمام بالصلاة ،والزكاة ،والجهاد، فقد حلت لك الصلاة خلفه ،وحرم عليك سبه )).
وقال أبو سعد الأشبح : حدثنا حفص بن غياث عن خالد الحذاء، وعن قلابة، عن عمرو البكالي – وكان من أصحاب رسول الله (، وكان ذا فقه – فذكر حديثاً موقوفاً ،وهذا سنده صحيح. ا ه.
الدليل الرابع :
قال ابن أبي عاصم – رحمه الله (268) - : حدثنا هدية بن عبد الوهاب : ثنا الفضل بن موسي : حدثنا حسين بن واقد، عن قيس ابن وهب، عن أنس بن مالك، قال : نهانا كبراؤنا عن أصحاب رسول الله (، قال :
(( لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا ،فإن الأمر قريب )).
إسناده جيد، ورجاله كلهم ثقات والحسن بن واقد ثقة له أوهام ،وقد توبع، فقد رواه ابن حبان في (( الثقات )) (269) ،وابن عبد البر في (( التمهيد )) (270) من طريق يحي ابن يمان، قال : حدثنا سفيان عن قيس بن وهب، عن أنس بن مالك – رضي الله عنه -، قال :
(( كان الأكابر من أصحاب رسول الله ( ينهوننا عن سب الأمراء )) سفيان : هو الثوري.
وقد روي هذا الأثر الحافظ أبو القاسم الأصبهاني، الملقب ب ( قوام السنة ) في كتابه (( الترغيب والترهيب )) (271) وكتابه (( الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة )) (272) ، من طريق على بن الحسين بن شقيق : حدثنا الحسين بن واقد، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن أنس بن مالك – رضي الله عنه -، قال :
(( نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله ( أن لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تعصوهم ،واصبروا ،واتقوا الله – عز وجل -، فإن الأمر قريب (273) .
وبوب عليه في كتابه (( الحجة )) بقوله : (( فصل في النهي عن سب الأمراء والولاة وعصاينهم )) ا هـ.
كما أخرج هذا الأثر – أيضاً – البيهقي في كتابه (( الجامع لشعب الإيمان )) (274) من طريق قيس بن وهب، بلفظ :
(( أمرنا أكابرنا من أصحاب محمد ( أن لا نسب أمراءنا ... ))، الخ ،وإسناده جيد.
وأخرج أيضا- أبو عمرو الداني في (( السنن الواردة في الفتن (275).
ففي هذا الأثر : اتفاق أكابر أصحاب رسول الله ( على تحريم الوقيعة في الأمراء بالسب.
وهذا النهي منهم – رضي الله عنهم – ليس تعظيماً لذوات الأمراء وإنما لعظم المسئولية التي وكلت إليهم في الشرع، والتي لا يقام بها على الوجه المطلوب مع وجود سبهم والواقعية فيهم، لأن سبهم يفضي إلي عدم طاعتهم في المعروف وإلي إيغار صدور العامة عليهم مما يفتح مجالاً للفوضي التي لا تعود على الناس إلا بالشر المستطير ،كما أن مطاف سبهم ينتهي بالخروج عليهم وقتالهم وتلك الطامة الكبرى والمصيبة العظمي.
فهل يتصور بعد الوقوف على هذا النهي الصريح عن سب الأمراء – أن مسلماً وقر الإيمان في قلبه ،وعظم شعائر الله يقدم على هذا الجرم ؟ أو يسكت عن هذا المنكر ؟
لا نظن بمسلم هذا ولا نتصور وقوعه منه، لأن نصوص الشرع وما كان عليه صحابة رسول الله ( أعظم في قلبه من العواطف والانفعالات التي هي في الحقيقة إيحاءات شيطانية ونفثات بدعية لم يسلم لها إلا أهل الأهواء الذين لا قدر للنصوص في صدورهم بل لسان حالهم يقول : إن النصوص في هذا الباب قد قصرت ،( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبا ( (276)
الدليل الخامس :
قال ابن أبي شيبة (277) – رحمه الله تعالي – حدثنا ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس قال :
ذكرت الأمراء عند ابن عباس، فانبرك (278) فيهم رجل فتطاول حتى ما رأي في البيت أطول منه.
فسمعت ابن عباس يقول (( لا تجعل نفسك فتنة للقوم الظالمين ))، فتقاصر حتى ما أري في البيت أقصر منه. ا هـ
الدليل السادس :
أخرج البيهقي في (( شعب الإيمان )) (279) ،وابن عبد البر في (( التمهيد )) (280) عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – أنه قال :
(( إن أول نفاق المرء طعنه على إمامه )).
الدليل السابع :
أخرج ابن أبي عاصم في (( السنة )) (281)، عن أبي اليمان الهوزني، عن أبي الدرداء – رضي الله عنه -، قال :
(( إياكم ولعن الولاة، فإن لعنهم الحالقة، وبغضهم العاقرة ))
قيل : يا أبا الدرداء ! فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب ؟
قال : (( اصبروا ،فإن الله إذا رأي ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت ))
رجاله ثقات، غير أبي اليمان الهوزني ،وأسمه عامر بن عبد الله بن لحي الهوزني الحمصي.
روي عن أبي أمامة وأبي الدرداء وأبيه عبد الله بن لحي وكعب الأحبار.
وعنه صفوان بن عمرو، وأبو عبد الرحمن الحلبي : عبد الله بن يزيد ، والشاميون.
ذكره ابن حبان في (( الثقات )) (282)
وقال ابن القطان : لا يعرف له حال (283)
وقال الحافظ ابن حجر : مقبول.
والأثر أخرجه ابن زنجويه في كتاب (( الأموال )) في الطريق نفسه (284)
الدليل الثامن :
جاء في (( التاريخ الكبير )) (285) للبخاري، عن عون السهمي، قال :
أتيت أبا أمامة فقال :
(( لا تسبوا الحجاج فإنه عليك أمير ،وليس على بأمير ))
قوله : ليس على بأمير ))، لأن أبا أمامة في الشام ،والحجاج والِ في العراق.
الدليل التاسع :
جاء في (( التاريخ الكبير )) (286) للبخاري – أيضا -، عن أبي جمرة الضبعي قال:
لما بلغني تحريق البيت خرجت غلي مكة، واختلفت إلي ابن عباس، حتى عرفني واستأنس بي، فسببت الحجاج عند ابن العباس فقال :
(( لا تكن عوناً للشيطان ))
الدليل العاشر :
أخرج ابن سعيد في (( الطبقات )) (287) : أخبرنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن أبي أيوب عن هلال بن أبي حميد، قال : سمعت عبد الله بن عكيم يقول :
(( لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان )).
فيقال له : يا أبا معبد أو أعنت على دمه ؟ ! فيقول :
(( أني أعد ذكر مساوية عوناً على دمه ))
وأخرجه ابن أبي شيبة في (( المصنف )) (288) والفسوي في (( المعرفة والتاريخ )) (289)، عن ابن نمير ... به، وهذا إسناد صحيح.
الدليل الحادي عشر :
أخرج هناد في (0 الزاهيد )) (290) : حدثنا عبدة، عن الزبرقان، قال : كنت عند أبي وائل – شقيق بن سلمة -، فجعلت أسب الحجاج، وأذكر مساويه.
قال : (( لا تسبه، وما يدريك لعله يقول : اللهم اغفر لي فغفر له )).
الدليل الثاني عشر :
أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب (( الصمت وآداب اللسان )) (291) ، وابن الأعرابي في (( معجمه )) (292) ،وأبو نعيم في (( الحلية )) (293) عن زائدة بن قدامة، قال : قلت لمنصور بن المعتمر : إذا كنت صائماً أنال من السلطان ؟
قال : لا قلت : فأنال من أصحاب الأهواء ؟
قال : (( نعم ))
الدليل الثالث عشر :
أخرج ابن عبد البر في (( التمهيد )) (294)، وأبو عمرو الداني في (( الفتن )) (295) عن أبي إسحاق السبيعي، أنه قال :
(( ما سب قوم أميرهم، إلا حرموا خيره )).
الدليل الرابع عشر :
أخرج أبو عمر الداني في (( السنن الواردة في الفتن )) (296) ، عن معاذ بن جبل، قال :
(( الأمير من أمر الله – عز وجل -، فمن طعن في الأمير فإنما يطعن في أمر الله – عز وجل ))
الدليل الخامس عشر :
أخرج ابن زنجويه في (( كتاب الأموال )) (297) بسند حسن، عن أبي مجلز، قال :
سب الإمام الحالقة لا أقول : حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين )).
الدليل السادس عشر :
أخرج ابن زنجوية – أيضا – بسنده، عن أبي إدريس الخولاني أنه قال : (( إياكم والطعن على الأئمة فإن الطعن عليهم هي الحالقة، حالقة الدين ليس حالقة الشعر، ألا إن الطعانين هم الخائبون وشرار الأشرار )) (298)
الدليل السابع عشر :
ذكر ابن الجوزي في (( مناقب معروف الكرخي وأخباره )) (299) بسنده من طريق ابن حكمان، أن معروفاً قال :
(( من لعن إمامه حرم عدله )) (300)
وفي (( المنتظم في تاريخ الملوك والأمم )) (301) لابن الجوزي، أن خالد بن عبد الله القسري خطب يوم أن كان والياً على مكة، فقال : (( إني والله ما أوتي بأحد يطعن على إمامه إلا صلبته في الحرم )).
ففي هذه الآثار وما جاء في معناها – دليل جلي، وحجة قوية على المنع الشديد والنهي الأكيد عن سب الأمراء، وذكر معايبهم.
فليقف المسلم حيث وقف القوم فهم خير الناس بشهادة سيد الناس ( عن علم وقفوا وببصر نافد كفوا فما دونهم مقصر وما فوقهم محسر.
فمن خالف هذا المنهج السلفي، واتبع هواه، فلا ريب أن قلبه مليء بالغل إذ أن السباب والشتائم ينافي النصح للولاة، وقد ثبت عن النبي ( أنه قال :
(( ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين )) (302)
ومن ظن أن الوقوع في ولاة الأمر بسبهم وانتقاصهم من شرع الله – تعالي – أو من إنكار المنكر ونحو ذلك، فقد ضل وقال على الله وعلى شرعه غير الحق، بل هو مخالف لمقتضي الكتاب والسنة، وما نطقت به آثار سلف الأمة.
فالواجب على من وقف على هذه النصوص الجليلة أن يزجر كل من سمعه يقع في ولاة الأمر حسبه لله – تعالي -، ونصحاً للعامة.
وهذا هو فعل أهل العلم والدين، يكفون ألسنتهم عن الولاة ويأمرون الناس بالكف عن الوقوع فيهم، لأن العلم الذي حملوه دلهم على ذلك وأرشدهم إليه.
وقد ذكر العلامة ابن جماعة أن من حقوق ولاة الأمر :
(( رد القلوب النافرة عنه إليه، وجمع محبة الناس عليه، لما في ذلك من مصالح الأمة ،وانتظام أمور الملة.
والذب عنه بالقول والفعل وبالمال والنفس والأهل في الظاهر والباطن، والسر والعلانية )) (303) ا هـ.
هذا وإن أكثر الناس إنما يقعون في أمرائهم بالسب ويعصونهم بسبب الدنيا إن أعطوا منها رضوا ،وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون.
ومن هذه حاله فإن جرمه أشد، إذ قد جمع ألواناً من البلايا، وباء بأثم عظيم :
ففي (( الصحيحين )) (304) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله ( :
(( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ،ورجل بايع رجل بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه ،وهو على غير ذلك، ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفي وإن لم يعطه منها لم يف )).
قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالي - :
(( فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم.
فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله، فأجره على الله .
ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذ من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم، فما له في الآخرة من خلاق .... )) (305) انتهي.
وقد روي ابن عساكر في (( تاريخ دمشق )) (306) والتبريزي في (( النصيحة )) (307) أن ابن مبارك – رحمه الله تعالي -، قال :
(( من استخف بالعلماء ذهبت أخرته، ومن استخف بالأمراء، ذهبت دنياه ،ومن استخف بالأخوان ذهبت مروءته ))

من بدأ بالطعن على أئمة المسلمين ؟
الطعن في الأمراء - تحت شعار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – بدعة سبئية، ابتدأها عبد الله بن سبأ، لتفريق الأمة وإشعال الفتن بين أبنائها ،وكان نتاج بدعته هذه : قتل خليفة المسلمين عثمان بن عفان – رضي الله عنه -.
قال ابن عساكر في (( تاريخ دمشق )) (308) : عبد الله بن سبأ الذي ينسب إليه السبيئة – وهم الغلاة من الرافضة -، وأصله من أهل اليمن، كان يهودياً ،وأظهر الإسلام ،وطاف بلاد المسلمين، ليلفتهم عن طاعة الأئمة ويدخل بينهم الشر، وقد دخل دمشق لذلك في زمن عثمان بن عفان. ا هت.
قلت : طاف بن سبأ البلاد لذلك، فبدأ بالحجاز، ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام، فأخرجه أهلها منها، فأتي مصر، وزعم أن محمداً ( يرجع وهو أحق بالرجوع من عيسي – عليه السلام -، فقبل ذلك منه، ثم زعم أن على بن أبي طالب – رضي الله عنه وأرضاه – وصي رسول الله ( ثم قال بعد ذلك :
(( من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله ( ووثب على وصي رسول الله (، ثم تناول أمر الأمة ))، ثم بعد ذلك قال :
(( إن عثمان ابن عفان قد جمع أموالاً أخذها بغير حقها، وهذا وصي رسول الله ( - يشير إلي على بن أبي طالب – فانهضوا في هذا الأمر فحركوه، وابدؤوا بالطعن على أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر واستميلوا الناس، وادعوا إلي هذا الأمر )).
فبث دعاةً، وكاتب من كان استفسد في الأمصار، وكاتبوه ودعوا في السر إلي ما عليه رأيهم (309) وأظهروا الأمر بالمعروف وجعلوا يكتبون إلي الأمصار بكتب يضعونها في عيوب ولاتهم (310) ويكاتبون إخوانهم بمثل ذلك، فكتب أهل كل مصر فيهم غلي أهل مصر آخر ما يصنعون، فيقرؤه أولئك في أمصارهم، وهؤلاء في أمصارهم، حتى تناولوا بذلك المدينة وأوسعوا الأرض إذاعة.
وهم يريدون غير ما يظهرون ويسرون غير ما يبدون، فيقول أهل كل مصر : إنا لفي عافية مما ابتلي به هؤلاء، إلا أهل المدينة فإنهم جاءهم ذلك عن جميع أهل الأمصار، فقالوا : إنا لفي عافية مما الناس فيه (311)
فأتوا عثمان فقالوا : يا أمير المؤمنين، أيأتيك عن الناس الذي يأتينا ؟
قال : لا والله ما جاءني إلا السلامة.
قالوا : فإنا قد أتانا ن وأخبروه بالذي أسقطوا إليهم.
قال : فأنتم شركائي، وشهود المؤمنين، فأشيروا علي.
قالوا : نشير عليك أن تبعث رجالاً ممن تثق بهم من الناس إلي الأمصار، حتى يرجعوا إليك بأخبارهم .
فدعا محمد بن مسلمة، فأرسله إلي الكوفة ،وأرسل أسامة ابن زيد إلي البصرة، وأرسل عمار بن ياسر إلي مصر وأرسل عبد الله ابن عمر إلي الشام، وفرق رجالاً سواهم، فرجعوا جميعاً قبل عمار.
وقالوا : أيها الناس، والله ما أنكرنا شيئاً، ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامهم.
وقالوا جميعاً - : الأمر أمر المسلمين إلا أن أمرائهم يقسطون بينهم ويقومون عليهم.
واستبطأ الناس عماراً حتى ظنوا أنه قد اغتيل واشتهروه.
فلم يفاجئهم إلا كتاب من عبد الله بن سعد بن أبي سرح يخبرهم أن عماراً قد استماله قوم بمصر وقد انقطعوا إليه فيهم عبد الله بن السوداء، وخالد بن ملجم وسودان بن حمران، وكنانة بن بشر، يريدونه على أن يقول بقولهم يزعمون أن محمداً راجع ويدعونه إلي خلع عثمان ويخبرونه أن رأي أهل المدينة على مثل رأيهم، فإن رأي أمير المؤمنين أن يأذن لي في قتله وقتلهم قبل أن يتابعهم.
فكتب إليه عثمان لعمري إنك لجريء يا ابن أم عبد الله والله لا أقتله، ولا أنكاه، ولا إياهم، حتى يكون الله – عز وجل – ينتقم منهم ومنه بمن أحب، فدعهم، ما لم يخلعوا يداً من طاعة، ويخوضوا ويلعبوا.
وكتب عثمان ابن عمار : إني أنشدك الله أن تخلع يداً من طاعة أو تفارقها فتبوء بالنار.
ولعمري إني على يقين من الله تعالي لأستكملن أجلي ولأستوفين رزقي غير منقوص شيئا ً من ذلك فيغفر الله لك.
فثار أهل مصر فهموا بقتله وقتل أولئك، فنهاهم عنه عبد الله ابن سعد وأقر عماراً حتى أراد القفل، فحمله وجهزه بأمر عثمان فلما قدم على عثمان، قال :
يا أبا اليقظان قذفت ابن أبي لهب أن قذفك وغضبت على أن أوطأك فعنفك وغضبت على أني أخذت لك بحقك وله بحقه، اللهم إني قد وهبت ما بين أمتي وبيني من مظلمة، اللهم إني مقترب إليك بإقامة حدودك في كل أحد ولا أبالي، أخرج عني يا عمار، فخرج، فكان إذا لقي العوام نضح عن نفسه، وانتقل من ذلك (312) وإذا لقي من يأمنه أقر بذلك، وأظهر الندم، فلامه الناس، وهجروه، وكرهوه.



--------------------------------------------------------------------------------

251 ) البخاري : ( 1/445-531، الفتح )، مسلم ( 1/68 ).
252 ) البخاري : ( 1/54، الفتح )، مسلم : ( 1/65 ) .
253 ) تقدم تخريجه
254 ) (ص 78)
255 ) في المطبوع : ( شريح ) وهو خطأ .
256 ) (( زوائد البزار )) ( 1 ).
257 ) (17/43-44 ) .
258 ) (5/221 ).
259 ) (4/255 )وينظر (( ميزان الاعتدال ))(3/437).
260 ) (( الكامل )) (6/2420 ).
261 ) المصدر السابق.
262 ) (4/2027 )
263 ) (4/433 ) .
264 ) (1/203 ) .
265 ) ( 7/152 ).
266 ) (4/2027 )
267 ) (7/152 ).
268 ) ((السنة )) (2/488).
269 ) ( 5/314-315 ) .
270 ) ( 21/287 ) .
271 ) ( 3/68 )
272 ) (2/406 ).
273 ) ورد عن أبي أمامة عن النبي ( قال : (( لا تسبوا الأئمة وادعوا الله لهم بالصلاح، فإن صلاحهم لكم صلاح )) ينظر (( فيض القدير )) : ( 6/398 -399 )
وأخرج البيهقي في (( الجامع )) : ( ( 13/71 ) والعقيلي في (( الضعفاء )) ( 3/59-60 ) عن أبي عبيدة بن الجراح – رضي الله عنه – مرفوعاً - : (( لا تسبوا السلطان فيء الله في أرضه ))، وإسناده ضعيف جداً.
274 ) ( 13/186-202 ).
275 ) ( 1/398 ) .
276 ) سورة الكهف الآية 6
277 ) (( المصنف )) : ( 15/75 )، ( 11/137-138 ).
278 ) انبرك الرجل في عرض أخيه يقصبه إذا اجتهد في ذمه. ا هـ من (( تهذيب اللغة )) ( 10/229 ).
279 ) (7/48 ) ط زغلول.
280 ) ( 21/287 ).
281 ) ( 2/488 ).
282 ) (5/188 ).
283 ) ((التهذيب )) : ( 5/75 ).
284 ) (( الأموال )) : ( 1/79 ).
285 ) (7/18) .
286 ) ( 8//104 )
287 ) ( 6/115 ).
288 ) (12/47 ).
289 ) ( 1/231-232 ).
290 ) ( 1/464 ).
291 ) ( ص 145 ).
292 ) ( 2//815 ).
293 ) ( 5/41-42 ).
294 ) ( 21/287 ).
295 ) ( 1/405 ).
296 ) ( 1/404 ).
297 ) ( 1/78 ).
298 ) (( الأموال )) : ( 1/80 ).
299 ) ( 132 )
300 ) (ينظر (( طبقات الحنابلة )) لابن أبي يعلى ( 1/386 ).
301 ) (6/299 )، حوادث سنة إحدى وتسعين.
302 ) (( مسند الإمام أحمد )) : ( 4/80-82 ) من حديث جبير بن مطعم .
303 ) (( تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام )) : ( ص 64 ) ،وقد تقدم سرد جميع هذه الحقوق ( ص 74 ).
304 ) البخاري : ( 13/201 ) ومسلم : ( 1/103 ).
305 ) (( مجموع فتاوى ابن تيمية )) : ( 35/16-17 ).
306 ) ( 32/444 ).
307 ) ( ص 97 ).
308 ) ( 29/3 ).
309 ) (هكذا أهل المذاهب الرديئة يسرون بالذي هم عليه، حال وجود دولة الإسلام وعلماء المسلمين.
310 ) وهذا ما عرف في زماننا بالمنشورات ن حيث يكتب أهل الفتن أوراقاً في الطعن على الولاة ،ويبثونها بين الناس، بل في زماننا قد يكتبون ذلك على ألسنة غيرهم من الكفار العلمانيين، زعموا أن ذلك وسيلة للدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !!
311 ) إلي هنا رواية سيف بن عمر الضبي، عن شيخة عطية بن الحارث الهمداني وما بعده يرويه سيف عن عطية – وأيضاً – عن محمد بن عبد الله بن سواد ،وطلحة ابن الأعلم الحنفيب كما جاء ذلك في رواية ابن عساكر.
312 ) نضح عن نفسه : دافع عنها ،وانتقل من ذلك : تبرأ منه / والمقصود بذلك : عمار. بخلاف ما تفضل به الدكتور الفاضل سليمان بن حمد العودة في كتابه (( عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام )) ( ص 151 ) من أن المراد بذلك عثمان – رضي الله عنهم أجمعين.




















الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
معاملة الحكام -الفصل السابع: في النهي عن سب الأمراء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» معاملة الحكام-فصل الخامس: في الحث على إنكار المنكر وكيفية الإنكار على الأمراء
» معاملة الحكام-القاعدة السادسة: مراعاة الشارع الحكيم لتوقير الأمراء واحترامهم
» معاملة الحكام -الفصل السادس: في الصبر على جور الأئمة
» معاملة الحكام-الفصل التاسع: أداء العبادات مع الولاة
» معاملة الحكام-الفصل الرابع: في وجوب السمع والطاعة في غير معصية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف :: منتدى الحوار الاسلامي-
انتقل الى: