منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصوردخولالتسجيل
باب الإذاعة - طوق الحمامة لإبن حزم - 23- G5g5-7f7110b59c باب الإذاعة - طوق الحمامة لإبن حزم - 23- G5g5-4d203bdcc7 باب الإذاعة - طوق الحمامة لإبن حزم - 23- G5g5-7f7110b59c باب الإذاعة - طوق الحمامة لإبن حزم - 23- G5g5-4d203bdcc7

 

 باب الإذاعة - طوق الحمامة لإبن حزم - 23-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الفارس
إداري
إداري
الفارس


ذكر عدد الرسائل : 1160
السٌّمعَة : 13
نقاط : 2574
تاريخ التسجيل : 08/02/2009

باب الإذاعة - طوق الحمامة لإبن حزم - 23- Empty
مُساهمةموضوع: باب الإذاعة - طوق الحمامة لإبن حزم - 23-   باب الإذاعة - طوق الحمامة لإبن حزم - 23- Emptyالجمعة مارس 19, 2010 10:27 pm

- 13 -
باب الإذاعة

وقد تعرض في الحب الإذاعة، وهو من منكر ما يحدث من أعراضه، ولها أسباب: منها أن يريد صاحب هذا الفعل ان يتزيا بزي المحبين ويدخل في عدادهم، وهذه خلابة لا ترضى، وتجليح بغيض (1) ، ودعوى في الحب زائفة.
وربما كان من أسباب الكشف غلبة الحب وتسور الجهر على الحياء، فلا يملك الإنسان حينئذ لنفسه صرفاً ولا عدلاً. وهذا من أبعد غايات العشق وأقوى تحكمه على العقل، حتى يمثل الحسن في تمثال القبيح، والقبيح في هيئة الحسن. وهنالك يرى الخير شراً، والشر خيراً. وكم مصون الستر مسبل القناع مسدول الغطاء قد كشف الحب ستره مثلاً، وأحب شيء إليه الفضيحة فيما لو مثل له قبل اليوم لاعتراه النافض (2) عند ذكره، ولطالت استعاذته منه، فسهل ما كان وعراً، وهان ما كان عزيزاً، ولان ما كان شديداً.
ولعهدي بفتى من سروات الرجال وعلية إخواني قد دهي بمحبة
__________
(1) الخلابة: المخادعة؛ والتجليح: المكالحة، والمجلح: هو الذي يركب رأسه في الأمر، ويجاهر به مكاشفاً دون تستر.
(2) النافض: الحمى.

(1/149)


--------------------------------------------------------------------------------

جارية مقصورة فلم (1) بها وقطعه حبها عن كثير من مصالحه، وظهرت آيات هواه لكل ذي بصر، إلى أن كانت هي تعذله على ما ظهر منه مما يقوده إليه هواه (2) .
خبر:
وحدثني موسى بن عاصم بن عمرو قال: كنت بين يدي أبي الفتح والدي رحمه الله وقد أمرني بكتاب أكتبه، إذ لمحت عيني جارية كنت أكلف بها، فلم أملك نفسي ورميت الكتاب عن يدي وبادرت نحوها. وبهت أبي وظن انه عرض لي عارض؛ ثم راجعني عقلي فمسحت وجهي ثم عدت واعتذرت بأنه غلبني الرعاف.
واعلم أن هذا داعية نفار المحبوب وفساد في التدبير، وضعف في السياسة؛ وما شيء من الأشياء إلا وللمأخذ فيه سنة وطريقة متى تعداها الطالب أو خرق في سلوكها انعكس عمله عليه، وكان كده عناء، وتعبه هباء، وبحثه وباء (3) . وكلما زاد عن وجه السيرة انحرافاً وفي تجنبها إغراقاً وفي غير الطريق إيغالاً ازداد عن بلوغ مراده بعداً؛ وفي ذلك أقول قطعة منها: [من الطويل].
ولا تسع في الأمر الجسيم تهازؤاً ... ولا تسع جهراً في اليسير تريده
وقابل أفانين الزمان متى يرد ... عليك فإن الدهر جم وروده
بأشكالها (4) من حسن سعيك يكفك ال ... (5) يسير يسير والشديد شديده
ألم تبصر المصباح أول وقده ... وإشعاله، بالنفخ يطفا وقوده
__________
(1) لم بها: أصابه مس أو لمم؛ وهي قراءة بتروف وبرشيه؛ وغيرت إلى " وهام بها " عند الصيرفي ومكي.
(2) برشيه: مما يقوده إلى مهوى.
(3) برشيه: وبحثه زيادة.
(4) بأشكالها: متعلقة بالفعل " وقابل " أي: وقابل أفانين الزمان بأشكالها.
(5) هذا الشطر شديد التصحيف في معظم الطبعات: والمعنى انك إذا قابلت أفانين الزمان بأشكالها، فغن اليسير من حسن سعيك يواجه اليسير من أفانين الزمان، والشديد يقف في وجه الشديد من أفانينه.

(1/150)


--------------------------------------------------------------------------------

وإن يتضرم لفحه ولهيبه ... فنفحك يذكيه وتبدو مدوده خبر:
وإني لأعرف من أهل قرطبة من أبناء الكتاب وجلة الخدمة من اسمه أحمد بن فتح، كنت أعهده كثير التصاون، من بغاة العلم وطلاب الأدب، يبذ أصحابه في الانقباض، ويفوقهم في الرعة (1) ، لا ينظر (2) إلا في حلقة فضل، ولا يرى إلا في محفل مرضي، محمود المذاهب، جميل الطريقة، بائناً بنفسه، ذاهباً بها، ثم أبعدت الأقدار داري من داره، فأول خبر طرأ علي بعد نزولي (3) شاطبة أنه خلع عذاره في حب فتى من أبناء الفتانين (4) يسمى ابراهيم بن أحمد، اعرفه، لا تستأهل صفاته محبة من (5) بيته خير وخدم (6) وأموال عريضة ووفر تالد. وصح عندي أنه كسف رأسه وأبدى وجهه ورمى رسنه وحسر محياه وشمر عن ذراعيه وصمد الشهوة. فصار حديثاً للسمار، متراجعاً (7) بين نقلة الأخبار، وتهودي ذكره في الأقطار، وجرت نقلته في الأرض راحلة بالتعجب، ولم يحصل من ذلك إلا على كشف الغطاء، وإذاعة السر، وشنعة الحديث، وقبح الأحدوثة، وشرود محبوبه عنه جملة، والتحظير عليه من رؤيته البتة، وكان غنياً عن ذلك وبمندوحة واسعة ومعزل رحب عنه، ولو طوى مكنون سره، وأخفى بنيات (8)
__________
(1) قرئت " الدعة " في كل الطبعات ولا معنى لها هنا؛ والرعة تقارن الانقباض.
(2) برشيه: يظهر.
(3) برشيه: إطاءتي.
(4) قرأها بروفنسال: " الغنائين " وأخذ بها غومس في ترجمته (ص: 151)؛ ولفظة الفتانين تعني الصاغة.
(5) برشيه: المحبة ممن.
(6) في القراءات (ما عدا برشيه): وتقدم.
(7) برشيه: مضاغة؛ وفي سائر القراءات: ومدافعاً.
(8) برشيه: بلبلة.

(1/151)


--------------------------------------------------------------------------------

ضميره، لاستدام لباس العافية، ولم ينهج برد الصيانة، ولكان له في لقاء من بلي به ومحادثته ومجالسته أمل من الآمال وتعلل كاف؛ وإن حبل العذر ليقطع به، والحجة عليه قائمة؛ إلا أن يكون مختلطاً في تمييزه، أو مصاباً في عقله بجليل ما فدحه، فربما آل ذلك لعذر صحيح، وأما إن كانت له بقية[من عقل] أو ثبتت مسكة فهو ظالم في تعرضه ما يعلم أن محبوبه يكرهه ويتأذى به.
هذا غير صفة أهل الحب، وسيأتي هذا مفسراً في باب الطاعة، إن شاء الله تعالى.
ومن أسباب الشف وجه ثالث، وهو عند أهل العقول وجه مرذول وفعل ساقط؛ وذلك أن يرى المحب من محبوبه غدراً أو مللاً أو كراهة؛ فلا يجد طريق الانتصاف منه إلا بما ضرره عليه أعود منه على المقصود من الكشف والاشتهار، وهذا أشد العار وأقبح الشنار وأقوى شواهد عدم العقل ووجود السخف.
وربما كان الكشف من حديث ينتشر وأقاويل تفشو، توافق قلة مبالاة من المحب بذلك، ورضى بظهور سره، إما لإعجاب أو لاستظهار على بعض ما يؤمله؛ وقد رأيت هذا الفعل لبعض إخواني من أبناء القواد.
وقرأت في بعض أخبار الأعراب أن نساءهم لا يقنعن ولا يصدقن عشق عاشق لهن حتى يشتهر ويكشف حبه ويجاهر ويعلن وينوه بذكرهن، ولا أدري ما معنى هذا، على انه يذكر عنهن العفاف، وأي عفاف مع امرأة أقصى مناها وسرورها الشهرة في هذا المعنى !

(1/152)


--------------------------------------------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
باب الإذاعة - طوق الحمامة لإبن حزم - 23-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من أحب في النوم - طوق الحمامة لإبن حزم - 13-
» من أحب بالوصف - طوق الحمامة لإبن حزم -14-
» من لا يحب إلا مع المطاولة - طوق الحمامة لإبن حزم -16-
» باب المراسلة - طوق الحمامة لإبن حزم -20-
» باب السفير- طوق الحمامة لإبن حزم - 21-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف :: منتدى الادباء،الشعر والخواطر-
انتقل الى: