الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة والنقصان لقوله تعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ الآية، ولحديث العرباض ابن سارية رضي الله عنه قال: «وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها الأعين ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله إن هذه موعظة مودع فما تعهد إلين، قال: تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ولا يزيغ عنها بعدي إلا هالك. من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكن بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي»(17).
[وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أتي بما يحتاج إليه من أمر الدين والدنيا وهذا لا مخالف فيه من أهل السنة رضي الله عنهم.
وإذا كان كذلك فهذا المبتدع يقول إن الشريعة لم تتم وأنه بقي منها أشياء يجب أو يستحب استدراكه، ضرورة أنه لو كا معتقداً لكمالها لم يبتدع ومعتقد هذا لا شك ضال عن الصراط المستقيم. قال ابن الماجشون: سمعت مالكاً يقول: «من ابتدع في الإسلام بدعة فيراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول: اليوم أكملت لكم دينكم، فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً».
وأيضاً إن المبتدع معاند للشرع لأن الشارع عين لمطالب العبد طرقاً خاصة على وجوه خاصة وقصر الخلق عليها قصراً حقيقياً وكان ذلك بواسطة الأمر والنهي والوعد والوعيد بل زاد قائلاً إن الخير فيها والشر في تعديها إلى غيره، فالمبتدع راد لهذا إذ يزعم أن هناك طريقاً آخر وليس ما حصره الشرع بمحصور ولا ما عينه بمتعين...](18) ورضي الله عن عمر بن عبد العزيز إذ يقول في جوابه الذي وجهه إلى عدي بن أرطأة حين استشاره في أمر القدرية – وقصدنا منه كلمة واحدة هي قوله: «إن السنّة إنما سنّها من قد عرف ما خلافها من الخطأ والزلل والحمق »(19).
فنحن إذا أردنا النجاة يجب أن نعمل بأقوال أئمتنا الأعلام، أو أردنا المناظرة فلتكن بطرق العلم لا بطرق الاعتقاد، وآخر القول: يجب علينا بصفة كوننا مسلمين أن ندافع عن الإسلام قبل أن ندافع عن الطريقة، والله الموفق للصواب.
محمد السعيد الصائغي
_____________________
1 - " تأسيس ونشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في عمالة وهران (1931-1935م)" لمحمد القورصو (ص: 51).
2 - المصدر السابق.
3 - مقدمة تصحيح كتاب"الإعتصام" للشيخ رشيد رضا.
4 - "آثار ابن باديس"(3/297-298).
5 - "آثار ابن باديس"(3/298).
6 - جريدة " المنتقد"، مقال (الدين والاجتماع)،العدد (6) (أوت 1925م).
7 - انظر: "الاعتصام" ( فصل:تقسيم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام) (1/313-321 _ تحقيق:الشيخ مشهور بن حسن).
8 - يُنظر من ذكر هذا الأثر، ومن خرّجه؟
9 - هكذا وردت هذه الجملة معترضة هن، وهي تشوش على القارئ،وإن كانت تعود على الذين (يخالفون) الأولين.
10 - رواه مسلم (كتاب الصيام،باب كراهة صيام يوم الجمعة منفرداً)(رقم:1144).
11- رواه: البخاري (رقم:1985-فتح الباري)، ومسلم (رقم:1144)، وأبو داود (رقم:2417-عون المعبود)، والترمذي (رقم:740-تحفة الأحوذي)، وابن ماجه(رقم:1723-حاشية السندي).
12 - نصُّ عبارة الشاطبي(1/316) كالآتي: ( الزيادةُ في المندوبات المحدودات،كما ورد في التسبيح عقيب الفريضة ثلاثاً وثلاثين،فتُفْعل مئةً،..).
13 - انظر: (رد الشاطبي) في:"الاعتصام"(1/321-فما بعدها _ تحقيق:الشيخ مشهور بن حسن).
14 - انظر: "الاعتصام" (الباب الخامس:في أحكام البدع الحقيقية والإضافية والفرق بينهما) (2/127-129 _تحقيق:الشيخ مشهور بن حسن).
15 - وردت في مطبوعة جريدة "الشهاب" :"عليهما"، وصوّبتها.
16 - رواه: ابن الجعد في "مسنده" (رقم 1885)، واللالكائي في "الاعتقاد" (1185)، وأبو نعيم في "الحلية" (7/26).أفدته من كتاب"علم أصول البدع" للشيخ علي الحلبي(ص:218).
17 - توسّع في تخريجه :الشيخ مشهور بن حسن في تحقيقه لكتاب"الاعتصام"(1/60-61)، وهو بهذا اللفظ في "سنن ابن ماجه"(المقدمة)، وصححه الشيخ الألباني برقم (41).
18 - ما بين المعقوفتين: نصُّ عبارة "الاعتصام" (1/61-63).
19 - رواه ابن وضّاح في (كتاب فيه ما جاء في البدع) (رقم:74)،و لفظه: (فإن السنّة إنما سنّها من علم ما في اخْتلافها من الخطأ والزلل والحُمْق والتعمّق...)،قال محققه (الشيخ بدر البدر) (ص:73): "إسناده صحيح...وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/338) من طريق آخر بإسناد صحيح..".
__________________
أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة منه ,فقال تعالى (وقل ربي زدني علما) سورة طه.
قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى-عن هذه لأية : انما واضحه الدلالة على فضل العلم ؛لأن الله تعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب لازدياد من شيء الا من العلم) فتح الباري أول كتاب العلم.