--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ؛ أمَّا بعد :
فقد طلب مني المشرفون على وقف السلام الخيري بمدينة الرياض أن أترجم لعَلَمٍٍ من أعلام الحديث ، وإمامٍ من أئمتهم ، فاخترت أن أترجم للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لما لهذا الإمام من المحبة ، والقبول ، والإجلال عند الناس جميعا ، وفي الأوساط العلمية خاصة ، ورأيت أن تكون الترجمة مشتملةًً على الأبحاث الآتية :
1- التعريف بنسبه 2- مولده 3- نشأته 4- بداية طلبه للعلم 5- شيوخه 6- رحلته في طلب العلم 7- حفظه للعلم 8- ورعه وثناء العلماء عليه 9- أوصافه الشخصية 10- ثباته في المحنة في عهد المعتصم 11- منعه من التحديث 12- المحنة في عهد الواثق 13- انتهاء المحنة بولاية المتوكل على الله 14- حال الإمام في دولة المتوكل 15- جهاده لأهل البدع 16- وفاته 17 – مؤلفاته رحمه الله 18- منهج الإمام أحمد في تأليف المسند .
وهذا أوان البدء في البحث فأقول :
1- التعريف بنسبه رحمه الله :
قال الإمام محمد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة 748 هـ رحمه الله في كتابه سير أعلام النبلاء في ج11 / 177 رقم الترجمة 78 : " هو الإمام حقاً ، وشيخ الإسلام صدقاً أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة ، وبعض النسابين يقدِّم ذهل بن شيبان ، وساق النسب إلى بكر بن وائل ، ثمَّ قال الذهلي الشيباني المروزي ، ثمَّ البغدادي أحد الأئمة الأعلام هكذا ساق نسبه ولده عبد الله ، واعتمده أبو بكر الخطيب في تأريخه وغيره ، ويلتقي نسبه بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معدِّ بن عدنان .
2- مولده رحمه الله :
قال الإمام الذهبي : " وكان محمد والد أبي عبد الله من أجناد مـرو مات شابَّاً ؛ له نحو ثلاثين سنة وربِّي أحمد يتيماً ، وقيل أنَّ أمَّه تحوَّلت من مرو ؛ وهي حاملٌ به رحمها الله ، ونقل أبو داود سمعت يعقوب الدورقي سمعت أحمد يقول : ولدت في شهر ربيع الأول سنة أربعٍ وستين ومائة .
3- نشأته رحمه الله :
نشأ يتيماً في حجر أمِّه ، ونقل صالحٌ عن أبيه أنَّه قال : ثقبت أمي أذني ، فكانت تصيِّر فيهما الؤلؤتين ، فلمَّا ترعرعت نزعتهما ، فكانت عندها ، ثمَّ دفعتها إليَّ ، فبعتهما بنحو ثلاثين درهماً .
4- بداية طلبه للعلم رحمه الله :
قال الإمام الذهبي : " كان وهو ابن خمس عشرة سنة في العام الذي مات فيه مالكٌ ، وحماد بن زيد " قلت كان ذلك في عام 179 هـ .
5- شيوخه :
قال الذهبي رحمه الله : " سمع من إبراهيم بن سعد قليلاً ، ومن هشيم بن بشير ، فأكثر ، وجوَّد ومن عبَّاد ابن عباد المهُلَّبي ، ومعتمر بن سليمان التيمي ، وسفيان بن عيينة الهلالي ، وأيوب بن النجَّـار ويحيى بن أبي زائدة ، وعلي بن هاشم بن البَرِيد ، وقُرَّان بن تمام ، وعمَّار بن محمد الثوري ، والقاضي أبو يوسف ، وذكر عدداً من المشائخ الذين أخذ عنهم " .
ثمَّ قال الإمام الذهبي : " فعدة شيوخه الذين روى عنهم في المسند مئتان وثمانون ونيف ؛ حدَّث عنه البخاري حديثاً ، وعن أحمد بن الحسن عنه حديثاً آخر في المغازي ، وحدَّث عنه مسلم ، وأبو داود بجملة وافرة ، وروى أبو داود ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجة عن رجلٍ عنه ، وحدَّث عنه أيضاً ولداه صالح ، وعبد الله ، وابن عمِّه حنبل بن إسحاق ، ومن شيوخه عبد الرزَّاق والحسن بن موسى الأشيب ، وأبو عبد الله الشافعي ؛ لكن الشافعي لم يسمِّه ؛ بل قال حدثني الثقة ، وحدَّث عنه علي بن المديني ، ودحيم ، وأحمد بن صالح ، وأحمد بن أبي الحواري ، ومحمد ابن يحيى الذهلي وأحمد بن الفرات ، وذكر جملةً ممن حدَّثوا عنه بعضهم من شيوخه .
قال ابن أبي حاتم : أخبرنا أبو زرعة أنًَّ أحمد أصله بصري ، وخُطَّته بمرو ، وحدثنا صالح سمعت أبي يقول : مات هشيم فخرجت إلى الكوفة سنة ثلاثٍ وثمانين ، وأول رحلاتي إلى البصرة سنة ستٍّ ، وخرجت إلى سفيان سنة سبعٍ ، فقدمنا وقد مات الفضيل بن عياض ، وحججت خمس حجج منها ثلاثٌ راجلاً أنفقت في إحداها ثلاثين درهما ، وقدم ابن المبارك في سنة تسعٍ وسبعين وفيها أول سماعي من هشيم ، فذهبت إلى مجلس ابن المبارك ، فقالوا قد خرج إلى طرطوس وكتبت عن هشيم أكثر من ثلاثة آلاف ، ولو كان عندي خمسون درهماً لخرجت إلى جـرير إلى الـري " قـال الإمام الذهبي : لقد سمع منه أحاديث وسمعت أبي يقول : كتبت عن إبراهيم بن سعد في ألـواحٍ ، وصليت خلفـه غير مرةٍ ، فكان يسلم واحدة قال : وقد روى عنه مــن
شيوخه ابن مهدي " اهـ .