منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصوردخولالتسجيل
فريضة الزكاة                 الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ G5g5-7f7110b59c فريضة الزكاة                 الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ G5g5-4d203bdcc7 فريضة الزكاة                 الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ G5g5-7f7110b59c فريضة الزكاة                 الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ G5g5-4d203bdcc7

 

 فريضة الزكاة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الفارس
إداري
إداري
الفارس


ذكر عدد الرسائل : 1160
السٌّمعَة : 13
نقاط : 2574
تاريخ التسجيل : 08/02/2009

فريضة الزكاة                 الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ Empty
مُساهمةموضوع: فريضة الزكاة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ   فريضة الزكاة                 الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ Emptyالخميس سبتمبر 17, 2009 7:49 pm


عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونتوب إليه ، ونعوذ به من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه ، وعلى آله ، وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين . أما بعد :فيا أيها الناس ، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى .

عباد الله : المجتمع المسلم متميز عن كل المجتمعات ، المجتمع المسلم مجتمع التراحم والتعاطف والمحبة والمودة والتكافل بين أفراده ، مجتمع يرحم كبيره صغيره ، ويوقر صغيره كبيره ، ويعقب غنيه على فقيره ، ويحب فقراء الأغنياء ؛ فالمحبة والمودة سائدة بين الجميع بتطبيق تعاليم هذه الشريعة ، ومبادئها الخالدة .

أيها المسلم : في الإسلام التعاون على الخير : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) ؛ في الإسلام رحمة والإحسان : ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) .

أيها المسلم : في الإسلام الرحمة بينهم ، ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) ، ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) ، ( من لا يرحم لا يرحم ) .

أيها المسلم : قد توجد في بعض المجتمعات غير إسلامية شيء من التكافل الاجتماعي كما يقولون ، ولكنك إذا نظرت إليها ، وقرنت بينها وبين مبادئ الإسلام ، وجدت تلك التكافل عند غير المسلمين ، مبني على الفرضية والإلزام ، أما الإسلام ؛ فمبادئه تنطلق من ضمير المسلم الحي ، الذي يشعر بالرحمة والمودة نحو إخوانه المسلمين ، دين الإسلام أباح التكسب والاتجار ، وأثنى على المكتسبين والراحمين في طلب الرزق : ( وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ؛ فأباح للمسلم الاتجار ، وأثنى على الباذلين المنفقين ، ولم يذم ، وإنما ذمه لأجل تصرفاته من مالكه ، الذي يتصرف فيه على غير وفق الشريعة ، وأما من أخذه بحقه ، وأنفقه في حقه ؛ فنعم المال الصالح للرجل الصالح .

أيها المسلم : وإن من حكمة الرب أن فاوت بين الخلق في الغناء والفقر ؛ فجعل هذا غنيًا ، وجعل هذا فقيرًا ، وجعل ما بين ذلك لحكمة أرادها ، ومصلحة للعباد في آجلهم وعاجلهم ، وإن تجاهلها البعض أو قل إدراكه لها ، لكنه حكمة عظيمة : ( لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ) .

أيها المسلم : فالغناء بلاء والفقر بلاء ومن وفقه الله تخلص من هذين البلائين ؛ فالغناء بلاء للغني وفتنة وامتحان فإن وفقه الله له ؛ فأدى الحق الواجب فيه وتخلص من التبعة والعهدة ؛ فيا نعم المال : ( والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ) ، والفقر بلاء لصاحبه ؛ فإن وفق للرضى عن الله ، والصبر على قضاء الله ، واعتقاد أن الله حكيم عليم ؛ فصرف عنه ما صرف لحكمة يعلمها فرضي بذلك واطمأن : ( فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ) ، وإن ضاق صدره لفقره وقلة ذات يده ، عاش مهمومًا مكبوتًا ، عاش مهمومًا مغمومًا ، لا ينفعه تسخطه ، ولا يعطيه تسخطه شيئًا .

أيها المسلم : إن الإسلام يحارب البطالة ، يحارب الكسل والخمول ، ويدعو إلى الجد والعمل والاكتساب ، ويرقى بالمسلم من ذل السؤال إلى عز العمل والإنتاج ؛ فرسول الله -صلى الله عليه وسلم - لما سأل أي الكسب أفضل !؟ قال : ( عمل الرجل بيده ، وكل بيع مبرور ) ، الإسلام لا يريد من المسلم أن يكون كلاً على الآخرين ، ولا متكًأ على الآخرين ، يريد منه العمل والجد والنشاط وبذل الأسباب في الحصول على الرزق ، ثم يدعو الأغنياء إلى العطف على الفقراء ومواساتهم ، وليس ذلك منة منهم ولا تفضلاً ، ولكن حق أوجبه الله في أموالهم ليؤدوه ، كما افترضهم الله عليهم .

أمة الإسلام : وإذا نظر المسلم إلى فرضية الزكاة ، وجد أن الزكاة أحد أركان الإسلام الأساسي ؛ فهي قليلة الصلاة في أكثر من ثمانين آية في كتاب الله يقول الله - جل وعلا- : ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) ، ويقول : ( وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ ) ، يعني زكاة بذلتموها ابتغاء وجه الله وطاعة لله فذاك العمل المضاعف لكم .

أيها المسلمون : افترض الله الزكاة على أمة الإسلام ، وجعلها قرينة التوحيد والصلاة في كتاب الله العزيز ، وجعلها من أخلاق المؤمنين ، الذين يؤدونها طيبة بها نفوسهم ، طيبة بها نفوسهم ، يؤدونها شكر لله على نعمته عليهم بالغنى ، ويرون أن ما يعطونه يسير بالنسبة إلى عظيم فضل الله وإنعامه وإكرامه لهم ، قال تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ) . فالمؤمنون الذين يؤدون الزكاة نالوا الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة .

أيها المسلم : إن الله - جل وعلا - حكيم عليم فيما شرعه من الأحكام ؛ فيما افترضه علينا من فرائض ، وفيما نهانا عنه من نواهي ، وكل أوامره ونواهيه قائمة على كمال الحكمة ، وكمال العدل ، وكمال العلم ، وكمال الحكمة ، وكمال العدل ، وكمال الرحمة .

أيها المسلم : إن الله - جل وعلا - بيّن في كتابه العزيز حكمته من فرض الزكاة على أهل الإسلام في الآية : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) ؛ فوصف الزكاة بأنها صدقة ؛ لأن المؤدي لها مصدق بوجوبها ، صادق في أدائها موقن بذلك ليس شاكًا ولا مرتابًا ، ولكنه يؤديها بنفس طيبة ، سخاء نفس ، واعتقاد الفرضية ، والتقرب إلى الله في ذلك : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) ؛ فهذان الأمران هما حكمة الزكاة : الأول : تطهرهم ، إنها طهرة للمزكي ، إنها تطهر ماله ؛ فتذهب أوساخه وأدناسه ؛ فكل مال لا تؤدى زكاته ؛ فهو مشتملاً على الأوساخ والأدناس ، والمال المزكى مال طاهر نقي نظيف يعين على الخير وبذل المعروف ، وإنها لتطهر أخلاق المسلم ؛ فترفع عنه أوساخ الشح والبخل ، وإنها لتزكي نفسه ؛ فتجعلها نفسًا زكية نفسًا طاهرة تسمو إلى الخير : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) ، وإنها لتزكي ماله ؛ فتكون سببًا لنموه وحصول البركة فيه ، وإنها لتزكي ذلك الآخذ ؛ فتستل منه خلق الحقد ، والبغضاء ، والحسد .

أيها المسلم : إن في أداء الزكاة تلاحمًا بين أفراد المجتمع ، إن في إخراج الزكاة تلاحمًا بين أفراد المجتمع ، وتعاطفًا بينهم ، وتكافلاً وتساعد ، وإن في البخل بها من أسباب الصراع الطبقي ، الذي تحدثه منع الزكاة ؛ فإذا منع الأغنياء زكاة أموالهم ، ظلموا الفقراء ، وأساءوا إليهم ، وحملوهم على البحث عن المال بكل الطرق الملتوية ، التي لا خير فيها ، من سرقة ، وعدوان ، وظلم ، ووقوع في الجرائم المختلفة ؛ ففي الزكاة إذا أخرجت بحق ، وأحصيت بحق ، وأوصلت إلى المستحقين بحق ، إنها التكافل الاجتماعي الحق ، وإنها يسد خلة الفقير ، وتحسن إليه ، وتقيه الشر والبلاء ، إنها ليست دعوة للبطالة ؛ فلا يعطى الأقوياء ، وذوي القدرة على الاكتساب وطلب المعيشة ، إنما تعطى للعاجزين ، الذين لا حول لهم ولا قوة .

أيها المسلم : إن الزكاة فريضة الإسلام ، يقول - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ لما بعثه لليمن : ( فإن هم أجابوك لذلك ؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة ، تؤخذ من أغنيائهم ؛ فترد على فقرائهم ) ، وقد أوجب الله الزكاة في أصناف من الأموال ؛ فأوجبها في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار : ( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ ) ، وجعل نصاب ذلك 5 أوسق 300 صاع ، بالصاع النبوي ، وجعل زكاة الخارج من الأرض ، من الحبوب والثمار المدخرة ، العشر إن سقي بلا كلفة ، بأن سقي بالأنهر ونحو ذلك ، ونص العشر إن سقي بالمؤونة .

وأوجبها في بهيمة الأنعام من العجل والبقر والغنم ، إذا كانت سلئمة ، بمعنى أنها ترعى الكلأ بنفسها ، وترد الماء بنفسها ؛ فلا تحتاج إلى من يجذب لها الماء والعلف ، وإذا كانت تعلف وتسقى ؛ فإنها لا زكاة فيها ، إلا إذا أعدها صاحبها للتجارة ؛ فيزكيها بربع عشر قيمتها كل عام .

وأوجبها - جل وعلا - في النقدين الذهب والفضة إذا بلغ نصابًا : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ) ؛ فأوجبها في النقدين ، إذا بلغ نصابًا ، ونصاب الذهب 11 جنيه ونصف سعوديًا ، ونصاب الفضة العربية 56 ، وما يعادلها من الأوراق النقدية ؛ فإن الأوراق النقدية قائمة مقام الذهب والفضة ؛ فالزكاة فيها فرض ، ولا يجهل ذلك إلا مغالط للأمر .

وأوجبها - جل وعلا - في عروض التجارة ، التي هي السلع المعدة للبيع والشراء ، كما قال - جل وعلا - : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) ، ويقول - صلى الله عليه وسلم - في حديث سمرة ، يقول - صلى الله عليه وسلم - ؛ فيما ثبت عنه في وجوب الزكاة ، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : ( أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع ) ؛ فجميع ما أعد للبيع للسلع كلها على اختلافها ، سواء كان من الملبوسات ، أو من المطعوم ، أو من مركوب ، أو من أي شيء ينتفع به له قيمته ؛ فإن صاحبه يقوم جميع ما أعده للبيع على اختلاف أصنافه ، وأنواعه ؛ فيؤدي زكاته بأن يقومه ويخرج ربع عشر قيمته ، وأما النقدان الذهب والفضة ؛ فكما سبق أن الواجب فيهما ربع العشر أي خمس وعشرين في الألف .

أيها المسلم : هذه الأموال التي تجب فيها الزكاة ؛ فلا تجب في العقار ، الذي يؤجر ، إلا إذا مضى على أجرته حول ؛ فإنه يزكيها زكاة نقدين ، ولا بالأشياء ، التي يستهلكها من فرش أو سيارات أو نحو ذلك ، مما يستعملها أو يؤجرها ؛ فإن الزكاة تجب فيما يؤجر في الأجرة خاصة إذا مضى عليها الزمن حول ، وأما ما يركب ، ويستعمل في الاستعمال الخاص ؛ فلا زكاة عليه ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( ليس على المسلم في عبده ، ولا فرسه صدقة ، إلا صدقة الفطر عن الرقيق ) .

أيها المسلم : وهذه الزكاة ليس مصروفها لهواك ومشتهيات نفسك ، ولكنها لأصناف عينها الشارع يجب أن تصرف إليهم ؛ فالله يقول في كتابه العزيز : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ؛ فأخبر تعالى عن حصر الأصناف المستحق للزكاة ؛ فالفقراء والمساكين ، الذين لا يجدون كفايتهم ، أو يجدوها ، لكن ليست كاملة في أمورهم الحاجيات ؛ فإنهم يعطون ، إذا لم يكن لهم نقود بأيديهم حاضرة ، ولا صناعة قائمة ، ولا أجور كافية ، وليس لهم رواتب ، إنما أو لهم رواتب ، لكن دخلهم لا يقوم بكفايتهم ؛ فيعطون ما يعينهم على نفقة الحياة ، حتى ولو كان له مرتب ، إذا كان مرتبه لا يغطي مصارفه ، التي لا بد له منها بحسب الزمن ؛ فإنه يعطى ما يعينه على ذلك ، ويعطى العاملون ، الذين يبعثون من قبل المسؤولين لقطف الثمار والحبوب ، وأما من يوزع زكاته ؛ فإنه يوزعها بنفسه ، وإن كلف أحدًا أعطاه أجرة خارج الزكاة ، لكي يوزع زكاة ماله .

ويعطى المؤلفة قلوبهم مما يرجى أسلامهم ، أو كف شرهم عن المسلمين ، أو إسلام نظرائهم ، ويعطى الغارم ، الذي غرم لمصلحة المسلمين ، بأن سعى بالإصلاح والتوفيق ، وحقن الدماء ، وكف الأذى ؛ فيعطى ، ولو كان غنيًا ؛ لأن أمره عام ويعطى الغارم لنفسه ، إذا أخذ بمصلحة نفسه مالا يستعن بها على معصية ؛ فيعطى ما يعينه على قضاء دينه ، ويعطى ابن السبيل الذي انقطعت به النفقة خارج بلده ، ويعطى - أيضًا - في سبيل الله للمجاهدين لإعلاء دين الله ، هذه الأصناف هم المستحقون للزكاة ، قال العلماء : لا تبنى بالزكاة المساجد ، ولا تشرى بها المقابر ، ولا تطبع بها كتب العلم ، وإنما هي خاصة لإنقاذ فئة من المسلمين ؛ فهي تعطى للفقراء ما يكفيهم لعام كامل .

وعلى المسلم أن يتحرى المستحقين لها ، ويدقق ويعتمي بذلك ؛ فما كل سائل يعطى ، وإنما يعطى من يعرف حاجته وضرورته ، أتى رجلان للنبي - صلى الله عليه وسلم - يسألانه ؛ فقلب فيهما النظر ؛ فرآهما جلدين ؛ فقال : ( إن شئتما أعطيتكما ، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ) ، ويخص الإنسان زكاته برحمه من أخوانه وأخواته ، وأعمامه وعماته ، وأخواله وخالاته ، وأقاربه فئة الرحم ، التي من جهة أبيه ، أو من جهة أمه ، إن رأى فيهم إعوازًا وفقرًا ؛ فإنهم أحق بزكاته دون غيرهم ، يقول - صلى الله عليه وسلم - : ( صدقتك على المسكين صدقة ، وعلى الرحم اثنتان : صدقة ، وصلة ) ، يعطى المتزوج ، الذي يريد الزواج ، والخاطب المتهيأ للزواج ؛ فيعطى ما يعينه على تكلفة زواجه ؛ فإن ذلك غض للبصر ، وإحصانًا للفرج ، ومصلحة له للحاضر والمستقبل .

أيها المسلم : ولا تجعل زكاتك باستخدام منافعك الخاصة بك ، وإنما أعطها لله سواء نفعك ذلك الآخذ أو لم تنتفع به .

أيها المسلم : ولا تسقط الديون في ذمة الناس عنك ؛ لأجل أن تجعلها زكاة ؛ فإذا كانت في ذمة الآخرين لك مال ؛ فلا تجعله عوضًا عن الزكاة ؛ لأن الزكاة أخذ وعطاء ، ولأن الدين مال غائب .

أيها المسلم : اتقي الله في زكاتك ؛ فأحص مالك ، ووزعه ، واتق الله فيه ، وأخرجه بأمانة وإخلاص ؛ فإن الله سائلك عنه .

أيها المسلم : تأكد من أهل الزكاة ، تأكد من طالبيها ؛ فلا تعطها إلا من غلب على ظنك أهليته لذلك ، واستحقاقه ، قد يكون في المسلمين أناس أهل عفة وصيانة ، كما قال الله : ( لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ) ، ( يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ ) ، هؤلاء هم أولى الزكاة أن تتحسن مشاكلهم ، وتبحث عنهم بأمانة ، ودقة ، وتوصلها إليهم بسرية تامة ؛ لأن البعض قد يتقزز من أن تقولها هذه زكاة ؛ فأعطها إياه بصفة خاصة ، ولا يهمنك جمال ثوبه ، ونظافة نفسه ، وعفتها ؛ فقد يكون ذا جمال في مظهره ، وحسن ملبسه ، ولكن ما وراء ذلك مالله به عليم ؛ فأعن على قضاء دين المدينين ، وتفريج هم المهمومين ، وتنفيس كرب المكروبين ، وإذا علمت بأهل الديون ، الذين ربما سجنوا لأجل ديونهم ؛ فساهم في إنقاذهم ، وإعطائهم ما يعينهم على قضاء ديونهم .

أيها المسلم : الأموال يزكيها المال بيدك ، والأموال في دمم الناس لك من الأموال ، التي أنت على ثقة بالحصول عليها ، قد أخذت عليها ، قد أخذت عليها أسنادًا ، وأخذت عليها ضمناء ؛ فإن الواجب أن تزكي الدين ، الذي فيهما من الناس لك ، مما يغلب على ظنك أنه سيصل إليك ، الأموال المجهولة ، التي قد يتعذر وصولها ، ولا تعلم حالها ككثير من المساهمات ، التي تلاعب رؤسائها بها ؛ فمتى استلمتها ؛ فزكيها لعام واحد ، الأسهم التي لك ، وإن خفضت قيمتها ؛ فزكها على قدر قيمتها الحاضرة ، ولو كان منذ سنة لها قيمة أعلى ، لكن زكها أنت بقيمتها الحاضرة ، الأسهم التي أنت تعرضها كل يوم ، طالبًا للزيادة تزكيها ، الأسهم الثابتة التي تريد فقط غلتها ، ولا تريد ذات السهم ؛ فإنك تزكي الغلة ، لو مضى عليها سنة ، كحال أجرة العقار ، لا تزكي ذات العقار ، ولكن الأجرة لو مضى عليها عام ، تزكيها ، وإن أهلكتها كلها فلا زكاة عليها .

فلنتق الله في أنفسنا ، ولنتق الله في أموالنا ، ولنتق الله في إيصالها إلى مستحقيها ، ولنتق الله في إيصالها إلى مستحقيها ، وإذا تعذر على الإنسان الوصول إلى الفقراء ، أو كان المال الذي عنده كثير ، ربما يعجزه أن يسلمها لأربابها ؛ فهناك الضمان الاجتماعي بما أعطوا من إمكانيات ، وعلمهم بكثير من الأحوال ، هم جدير بأن يوصلوها إلى مستحقيها بتوفيق من الله .

فلنتق الله في أنفسنا ، وفي أموالنا ، ولنعلم أنها أمانة بيننا وبين الله ، لا يدري الناس عن أرصدتنا كم هي قليلة أم كثيرة ، لكن يعلمها ويحيط علمًا بها من يعلم السر ، وأخفى ، من لا تخفى عليه خافية في الأرض ، ولا في السماء .

يقول الله : ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ، الشيطان يثقل الزكاة عليك ، الشيطان يوحي إليك بوساوسه ، مالك جمعته ، وسعيت ، وكدحت في جمعه ، أنت اليوم تسلمه لأفراد الناس ، لماذا ما اغتنى هؤلاء !؟ وأخشى أن يقول ، كما قال المشركون ، لما قال الله عنهم : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ ) ، هكذا الشيطان يحّسن للإنسان الباطل ، ويثقل الزكاة عليه ؛ فأرغم أنت عدو الله ، وأدها كاملة طيبة بها نفسك .

أيها المسلم : إن سؤال الناس مع الغنى ذل ، وهوان ومعصية ، يقول - صلى الله عليه وسلم - : ( من سأل الناس أموالهم تكّثرًا ؛ فإنما يسأل جمرًا ؛ فليستقل أو ليستكثر ) ، ويقول - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم ) ، ويقول - أيضًا - : ( وما فتح عبدًا باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر ) ، ويقول حكيم بن حزام : إن هذا المال حلو خضر ؛ فمن أخذه بسخاء نفس بورك له فيه ، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه ، وكان كمن يأكل ، ولا يشبع ؛ فإذا كنت غنيًا فلا تقبلها ، ولا تسأل الناس ، واكتفي بما أعطاك الله ، وارض بقسم الله ، وإن كنت فقيرًا ؛ فأعطيت ؛ فخذ ما يكفيك ، واستعن به على طاعة الله ، ولنتق الله في أنفسنا وفي فقرائنا .

أسأل الله ، أن يغنينا بفضله ، وأن يكفينا بحلاله عن حرامه ، وبطاعته عن معصيته ، وبفضله عما سواه .




ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فريضة الزكاة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كيف يصوم الناس إذا اختلفت المطالع؟ الشيخ عبد العزيز بن عبد الله إبن باز
» نبذة عن حياة سماحة الشيخ عبد العزيز آل باز - رحمه الله -
» من صفات أهل العلم لسماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله
» أخلاق طلاب العلم مع علمائهم لسماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله
» بيان اهمية السنة وخطرالبدعة لفضيلة الشيخ عبد العزيز البرعي حفضه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف :: منتدى المحاضرات،الدروس والخطب الدعوية-
انتقل الى: