منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصوردخولالتسجيل
صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس) -7- G5g5-7f7110b59c صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس) -7- G5g5-4d203bdcc7 صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس) -7- G5g5-7f7110b59c صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس) -7- G5g5-4d203bdcc7

 

 صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس) -7-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الفارس
إداري
إداري
الفارس


ذكر عدد الرسائل : 1160
السٌّمعَة : 13
نقاط : 2574
تاريخ التسجيل : 08/02/2009

صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس) -7- Empty
مُساهمةموضوع: صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس) -7-   صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس) -7- Emptyالجمعة فبراير 05, 2010 12:38 pm

9 - صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس)
ولقد كان لصلة ابن حزم بالنساء منذ الطفولة حتى الصبا، عن طريق المعاشرة والثقافة، أثر كبير في ذوقه وشخصيته، ويبدو أنه لم ينعم بمعرفة الأم وتربيتها وحنانها، فاستعاض عن ذلك بالدلال الذي لقيه من الجواري، وأصبح يلاحقهن وينصت لأحاديثهن ويشره إلى معرفة أخبارهن وأسرارهن وحيلهن، وكن - فيما أقدر - لا يتحرجن لصغره من البوح بأشياء كثيرة جعلته يسيء الظن بتصرفات النساء، كما أكسبته تلك العشرة محبة الانفراد بالعطف، فنشأ شديد الغيرة، واكتسب من البيئة التي ساعد عليها ذوق والده (في محبة الشقراوات) ميلاً إلى الشقرة، ورسخ تلك الحقيقة أن حبه الأول اتجه إلى فتاة شقراء؛ وقد أرهفت تلك البيئة البيتية إحساسه بجمال الأنثى، وعلمته التجارب الأولى في تنقل
__________
(1) الباب السابق: 271 - 272.
(2) باب السلو (رقم: 27: 250).
(3) باب الوفاء (رقم: 22: 207).

(1/73)


--------------------------------------------------------------------------------

الميل مع كل حسن لائح، ان المحبة لابد من أن تكون " خلقة " مجبولة في فطرة الانسان. لقد مارس كل ذلك على نحو عملي قبل أن يتعلم أحكام النظر ومخالطة المرأة الأجنبية في مجالس الفقه، ولذلك لم يستطع - بعد أن تعلم ذلك - التخلص مما نشأ عليه، إذ ما دامت العفة عن الحرام قد حالت بينه وبين الوقوع في الكبيرة، فما ثمة ضير كبير في محقرات الذنوب عند رب غفور؛ ولهذا قال فيه ابن القيم انه " انماع في باب العشق والنظر " أي لم يستطع أن يواجههما بتشدده الذي أظهره من بعد في الشؤون الأخرى.
ولعله صوناً لذلك التعفف - تزوج " نعما " في سن مبكرة، " وكانت أمنية المتمني وغاية الحسن خلقا وخلقا " وكان هو أبا عذرها (وتلك أيضاً حقيقة هامة) فكان فقدها فاجعاً لأنه ابرز إلى العيان ما انطوت عليه نفسه من " حدة رومنطيقية كامنة " كان يداريها من قبل بالاستحسان والألفة والتودد، فلم تعد هذه كافية لصد تيار الحزن الجارف المتدفق من نفسه، فقد أقام بعدها سبعة أشهر دون أن يغتسل، وهو آخذ في بكاء متواصل، رغم أنه معروف بجمود الدمع بسبب إدمانه أكل الكندر - على ما يقول - لمداواة خفقان القلب، ولم يطب له عيش بعدها ولا أنس بسواها ولا نسي ذكرها؛ شيء واحد لم يستطع ذلك الفقد أن يزلزله وهو إيمانه بالتعفف، ومما زاده رسوخاً في ذلك اتخاذه استاذه أبا علي الحسين بن علي الفاسي نموذجه الأعلى، وكان رجلاً صالحاً ناسكاً، ولعله كان حصوراً لم يتزوج، قال ابن حزم " فنفعني الله به كثيراً وعلمت موقع الإساءة وقبح المعاصي " نعم ظل قلبه يخفق كلما شاه جمالاً، وكان يقترب حتى يكاد يصبو " ويثوب إليه مرفوض الهوى ويعاوده منسي الغزل " ولكنه كان يغلب الإرادة فيفر مبتعداً.
كانت نعم جزءاً من الماضي، ولكن ذلك الماضي كله انهار دفعة واحدة حين ذهبت الدور والمقصور وانطفأ العز والجاه والغنى وتفرقت الكواعب في أنحاء الأرض، وتشتت الشمل، وتهاوى البلد الحبيب تحت

(1/74)


--------------------------------------------------------------------------------

مطارق الدمار؛ وكانت " الحدة الرومنطيقية " تتعلق بالحب فأصبحت وجوداً في الماضي، وإنكاراً للحاضر (إلا من علاقات عملية عابرة) وأصبحت ألفة كل شيء تقدم هي التي تسيطر على الفكر والمشاعر: " وان حنيني إلى كل عهد تقدم لي ليغصني بالطعام ويشرقني بالماء وما انتفعت بعيش ولا فارقني الإطراق والانغلاق مذ ذقت طعم فراق الأحبة، وانه لشجى يعتادني وولوع هم ما ينفك يطرقني، ولقد نغص تذكري ما مضى كل شيء استأنفه، وإني لقتيل الهموم في عداد الأحياء، ودفين الأسى بين أهل الدنيا " (1) . ولقد أورثته هذه النكبات إحساناً مرهفاً بمعنى الفقد والفراق حتى أصبح يرى الموت أسهل من الفراق، وجعلته يستعيذ بالله من التنكر لما درس، أي لما أصبح جزاءاً من الماضي؛ وكم جلب تغير الحال من تنكر الاخوان والأصدقاء، مما زاد حساسيته تجاه الحفاظ على العهود الماضية، فأخذ في علاقاته يتكئ على التأني والتربص والمسالمة وخفض الجناح - رغم توقد حدته - كلما أحس أنه قد يفقده التعجل والغضب صديقاً من أصدقائه؛ ولهذا استشعر انه بالمقايسة إلى المتقلبين في صداقاتهم يتحلى بالوفاء، لا لمن يمثلون العهود الماضية وحسب، بل انبسط وفاؤه حتى شمل كل من مت إليه بلقية واحدة أو حادثه ساعة، وتورع عن إلحاق الأذى بمن كان بينه وبينه أقل ذمام ولو عظمت ذنوبه وإساءاته إليه. وقد كان هذا النوع من الوفاء مرمضاً لأنه يكلفه الحمل على نفسه، ومما يزيد في الألم الناشئ عنه اقترانه بعزة النفس، فالوفاء يتطلب تحمل الضيم من الصديق، وعزة النفس لا تقر على الضيم، ومن صراعهما يتولد قهر الذات وحملها على التصبر وتحمل الألم الممض، وكل هذا يحمل على اكتنان مقت شديد للغدر والكذب والتلون، وذلك أيضاً مبعث ألم آخر، وقد يسامح ابن حزم في كل عيب يجده في من حوله من معارفه وأصدقائه إلا في الكذب، فحينئذ يكون هو
__________
(1) باب من لا يحب إلا مع المطاولة (رقم: 6: 125).

(1/75)


--------------------------------------------------------------------------------

البادئ إلى القطيعة والمتاركة، وكأنه يقول: أن وفائي يضيق عن الكذب مهما انبسط نطاقه واتسع.
وقد بقيت تلك " الحدة الرومنطيقية " في معايشة الماضي محور شخصية ابن حزم حتى بعد سنوات من كتابة الطوق، وأحسبها لم تتغير شخصية ابن حزم حتى بعد سنوات من كتابة الطوق، وأحسبها لم تتغير إلى النهاية، وإنما كانت تتلبس أشكالاً مختلفة؛ وقد غرست في نفسه شعوراً بالظمأ الدائم، لان ريه إنما يتم بالعودة إلى الماضي وذلك أمر مستحيل؛ ولهذا كان واقع الحياة يزيد في حرارة ذلك الظمأ، وفي مجال الحب عبر عن ذلك الشعور بقوله: " وعني أخبرك أني ما رويت قط من ماء الوصل ولا زادني الا ظمأ " (1) ، وإذا كان الصوفية يرون غايتهم في الفناء، فان ظمأ ابن حزم لم يكن يشفيه إلا أحد شيئين إما الاتحاد النهائي بالمحبوب أو العودة إلى رحم الماضي، وقد خلصته السن من الظمأ الأول وأبقت له الثاني.
قلت إن " الحدة " لدى ابن حزم أخذت تتلبس من بعد أشكالاً مختلفة، فقد أخذت تتمثل بعد عهد الطوق بالإفراط في الغضب والتعبير عن ذلك بالكلام والفعل والتخبط، وكان يقابل ذلك أيضاً الإفراط في طلب الرضى، ولكنه ظل يعالج هذين الأمرين فاستطاع التغلب على الغضب جملة، وأعجزه ذلك في شأن الرضى، وتشكلت الحدة أحياناً لديه بصورة " حقد مفرط " فقاومه بالطي والقهر، حتى لم يبد للناس، ولكنه ظل عاجزاً عن مصادقة من عاداه عداوة صحصحة - وهذا مطلب يعجز عنه أيضاً من لم يكن لديه حقد مفرط، وكذلك تشكلت في صورة حب الشهرة والغلبة، وقد ظلت هذه الصفة تلازمه إلا فيما لا يحل في الديانة، فأما العجب الذاتي اللاحق بها فقد استطاع خنقه إلى الأبد.
وأما الغيرة وسوء الظن المأتيان من تجاره مع الجواري، فقد ظلا
__________
(1) باب الوصل (رقم: 20: 184).

(1/76)


--------------------------------------------------------------------------------

يلازمانه. أما الغيرة أو الأنفة الشديدة فقد حملته على بضعه لانكاح الحرم جملة، وأما سوء الظن فإنه امتد حتى شمل الرجال، وقد ظل يراه حزماً ما لم يخرج عن حدود الدين. كذلك استمر لديه التحمل للأذى والصبر على الألم من الخصوم والإخوان على السواء، حتى اتهمه بعضهم بتبلد الإحساس في هذه الناحية، وهو يرد على ذلك بان الإحساس بالألم في مثل ذلك أمر طبيعي ولكن كل ما هنالك أنه راض نفسه على عدم الثورة والهياج والتخبط، ولكنه يستطيع ان يرد بكلام مؤلم دون إفحاش متحرياً الصدق فيما يقول.
كذلك اتهم بأنه مذل بأسرار إخوانه، ولعل في هذا إشارة إلى كتاب الطوق نفسه إذ كشف فيه أسرار كثيرين ممن عرفهم، وكان الناس في أيامه يعرفونهم حتى وان لم يذكر أسماءهم؛ كما اتهموه بأنه يسمع الذم في اخوانه ولا يمتعض لهم، ويرد على هذه التهمة بأنه يمتعض امتعاضاً رقيقاً، يحمل الذام على الندم والاعتذار والخجل، دون مهارشة له أو استثارة لغضبه، لان ذلك قد يحمله على التمادي في ذم أحد إخوانه، ويتعدى الذم إلى سب الأبوين وإلى السفه والبذاءة.
وأخذ عليه أنه متلف لماله، ولابد أن تكون هذه التهمة بعد إذ أصبح يستطيع الحصول على مال يمكن التوفير فيه، وهذه الحال غير مستنكرة في من عانى شظف العيش بعد استقرار ورفاهية، واني لأظنها مأخذاً صحيحاً، ولكن ابن حزم يعتذر عنها بأنه لا يتلف من ماله إلا ما فيه حفظ دينه من النقص وعرضه من الأخلاق ونفسه من التعب، وكأني به يقر بتلك الخصلة على نحو غير مباشر.
ويطالعنا ابن حزم بخصلة كانت فيه ليس من السهل أن يستشف من مؤلفاته، وهي دعابة غالية، وتلك صفة حاول فيها الاعتدال بتجنب ما يغضب الممازح، وظل يحتفظ منها بالقسط الذي لا يؤذي الآخرين. وقد نحمل عليها ثلاثة مواقف في الطوق أولها: أن ابن حزم توقف في

(1/77)


--------------------------------------------------------------------------------

موطن جاد ليقول لنا إن أحد المنتسبين إلى العلم فسر القبقب بأنه البطيخ، وليس من شك في أنها نادرة كانت تضحك ابن حزم. والثاني: تلك الروح " الفضولية " التي دفعته وهو في مجلس رأى فيه غمزاً وخلوات أن ينبه صاحب المنزل بإنشاد هذين البيتين وتكرارهما كثيراً وهما:
إن إخوانه المقيمين بالامس ... أتوا للزناء لا للغناء
قطعوا أمرهم وأنت حمار ... موقر من بلادة وغباء حتى قال له صاحب المجلس " وقد أمللتنا من سماعهما فتفضل بتركهما أو إنشاد غيرهما " ، فالأمر كان يبدو لابن حزم نوعاً من التندر، حتى وجد أن تندره لا يؤثر في ذلك البلد. والموقف الثالث: حين دعا أحدهم محباً كان متأنساً فرحاً بجلوسه مع محبوبه ليحضر إلى منزله، فلم يفعل فلما قابله الداعي بعد مدة لامه بشدة، فقال له ابن حزم: أنا أكشف عذره صحيحاً من كتاب الله عز وجل إذ يقول " ما اخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم " وهي دعابة عميقة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صورة ابن حزم في الطوق (ورسالة مداواة النفوس) -7-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شعرونثر ابن حزم في الطوق -8-
» صدررسالة الطوق وأبوابها والكلام في ماهية الحب -9-
» م نهج الشيخ تقي الدين الهلالي: ثمرة التوحيد والعبادات تهذيب النفوس وتزكية الروح
» الكيكة الباردة بالفيمتو واكيد مع صورة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــدى أبنـــاء السلــــــــف :: منتدى الادباء،الشعر والخواطر-
انتقل الى: