اَلْفَتْحُ اَلرَّبَّانِيُّ فِي الدِّفَاعِ عّنْ الشَّيْخِ
محمد ناصر الدين الألباني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
وبعد:
فقد عرض عليَّ أخٌ لي في الله ما كتبه الدكتور موسى الدويش في رده على كاتب المجلة السلفية([29]) في كتابته بعنوان "من التكفير إلى التفجير"، وأن موسى الدويش قد تحامل على الألباني -رحمه الله- وظلمه بافتراءاتٍ هو منها بريء، وقد رأيتُ أن من الواجب عليَّ أن أدافع عن الألباني -رحمه الله- بالحق فأقول: لقد طعن ذلك الشاب المغرور في الشيخ الألباني -رحمه الله- بمطاعن:
1- منها أنه تكفيري.
2- ومنها أنه له مطمع سياسي.
3- وأنه قلد سيد قطب وشبهه تارة بحسن الترابي، وأنه جعل نفسه مع زيني دحلان، والنبهاني وغيرهم من الخرافيين … إلى غير ذلك من الاتِّهامات.
فأما الدعوى بأن الألباني -رحمه الله- تكفيري يذهب مذهب سيد قطب في التكفير، فأقول هذا القول غير صحيح بل إن الألباني -رحمه الله- يقول: "من عمل عملاً يقتضي الكفر فإنه لا يجوز أن نحكم عليه بالكفر حتى نعلم أنه يستحله" ويأخذ الألباني -رحمه الله- بأثر ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله عز وجل : ﴿وَمَنْ لَم يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة:44]، قال: "من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به، ولَم يحكم به فهو ظالِم فاسق" ذكر ذلك ابن كثير -رحمه الله- من طريق علي بن أبي طلحة، وعزاه إلى ابن جرير، وقال: " ثُمَّ اختار ابن جرير أن المراد بالآية أهل الكتاب أو من جحد حكم الله الْمُنَزل في الكتاب" يعني من هذه الأمة وقد سمعت ذلك من الألباني -رحمه الله- بنفسي يقول: "لا يجوز أن نطلق حكم الكفر المخرج من الملة على من عمل عملاً يقتضي الكفر كالحكم بغير ما أنزل الله حتَّى نعلم أنه يستحله، فإذا استحله بقلبه كفر، أما الاستحلال العملي فهو فسقٌ، وليس بكفر مخرج من الملة ".
وللألباني -رحمه الله- تعليق على شرح الطحاوية فقرة: "ولا نكفر أحدًا بذنب عمله ما لَم يستحله". قال الشيخ الألباني -رحمه الله- على هذه الفقرة: "قلت: يعنِي: استحلالاً قلبيًّا اعتقاديًّ، وإلا فكل مذنب مستحل لذنبه عمليًّا أي مرتكب له، ولذلك لا بدَّ من التفريق بين المستحل عملاً لا اعتقادًا فهو مذنب يستحق العذاب اللائق به، إلاّ أن يغفر الله له، ثُمَّ ينجيه بإيْمانه خلافًا للخوارج والمعتزلة الذين يحكمون عليه بالخلود في النار، وإن اختلفوا في تسميته كافرًا أو منافقً، وقد نبتت نابتةٌ جديدة اتبعوا هؤلاء في تكفيرهم جماهير المسلمين رءوسًا ومرءوسين اجتمعت بطوائف منهم في سوريا، ومكة، وغيرها …" إلخ، ويقول: "ولهم شبهات الخوارج مثل النصوص الَّتِي فيها من فعل كذا فقد كفر.." إلخ، ثُمَّ ذكر قوله: "وهنا أمرٌ يجب أن يتفطن له، وهو أنَّ الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفرًا ينقل عن الملة وقد يكون معصية: كبيرة أو صغيرة…" إلى آخر ما قال، وهذا ما كتبه قبل حوالي 30 عامًا، وهو عليه إلى الآن. انظر رسالة "التحذير من الوقوع في التكفير" للعريني (ص24)، وبذلك يتبين كذب هذا المدعي وبُهته -هداه الله-.
وأما قوله بأن الألباني -رحمه الله- قلد سيد قطب حين نقل عنه في مقدمته مختصر العلّو للذهبي (ص61): "نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية الَّتِي عاصرها الإسلام أو أظلم، كل ما حولنا جاهلية تصورات الناس، وعقائدهم، وعاداتِهم، وتقاليدهم، وموارد ثقافتهم، وفنونِهم، وآدابِهم وشرائعهم حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية".
وأقول: إن القول بأن الألباني -رحمه الله- تابع سيد قطب قول باطل، وبُهت وكذب، وأن الكاتب -هداه الله- أخذ هذه الجمل مقطوعة وحكم بمقتضاها على الألباني أنه تابع سيد قطب حين نقلها، ولَم يردَّ عليها، ولست أدري ما هي الدوافع إلى تلويث عرض رجل ملأت مؤلفاته الَّتِي خدم بِها السنة النبوية المكاتب، فميز بين صحيحها وسقيمها، وحبس نفسه على ذلك ما يزيد على خمسين سنة، وظهر ذلك في مجلدات كثيرة، أيمكن أن هذا الرجل الذي خدم السنة خدمة لَم يسبق لها مثيل، والذي نعتقد أنه من أفضل العلماء الذين جاهدوا في نشر الدين دين الحق، ولا نزكيه على الله، ولا نعتقد العصمة له، ولا لأحد غيره من أهل العلم مهما علا كعبه، وعظم قدره بين المؤمنين، فالنقص البشري ملازم لكل مخلوق مهما بلغ في العلم.
ثانيًا: أن الألباني -رحمه الله- حين نقل هذا النقل كان يريد أن يردَّ به على وضع خاص، واعتقاد ساد في بعض المجتمعات، ومن قرأ المقدمة الَّتِي كتبها الألباني -رحمه الله- لكتاب مختصر العلوُّ للذهبي عرف ذلك، ومما يدل على ذلك قوله في (ص 53، 54) في الرد على من أنكر العلو لله تعالى، وبين أنَّهم قسمان:
قسم قالوا: إنه في كل مكان.
وقسم آخر: قالوا لا فوق، ولا تحت، ولا يمين، ولا يسار، ولا أمام، ولا خلف، ولا داخل العالم، ولا خارجه. قال: "ويزيد بعضهم ولا متصلاً بالعالَم، ولا منفصلاً عنه.…" إلى أن قال: "ومما يؤسف له شديد الأسف أن المذهب الأول منهما هو السائد اليوم على ألسنة الناس في هذه البلاد عامتهم([30]) وخاصتهم، فما تكاد تجلس في مجلس يذكر الله فيه إلاَّ بادرك بعض الجالسين بقوله: الله موجود في كل مكان، وقد يقول آخر: الله موجود في كل الوجود، فإذا سارعت إلى بيان بطلان هذا الكلام لما فيه من نسبة ما لا يجوز إلى الله من كونه مظروفًا لخلقه، وما فيه من المخالفة لصفة علوه على عرشه، سارع بعض المتعالمين إلى تأويل ذلك القول بضم جملة بعلمه إليه كأنما هو آية من كتاب الله، أو حديث عن رسول الله ج لا بد من تأويله".
قلت: إنَّما وقع الناس فيما وقعوا فيه بسبب التأويلات الباطلة للكتاب والسنة، والإعراض عن فهم السلف، ثُمَّ قال: " ولَم يدر هؤلاء المساكين أنَّها كلمة الجهمية والمعتزلة وعقيدتُهم، فإذا سمعت تأويلهم إياه بقولهم بعلمه ظننت خيرًا، ولكن سرعان ما يخيب ظنك حينما توجه السؤال الموروث عن النَّبِي ج المعصوم، الكاشف عن إيْمان المرء أو مبلغ معرفته بالله تعالى أو العكس ألا وهو قوله للجارية: (أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله قال: اعتقها فإنَّها مؤمنة)([31]) قال فأنت إذا وجهت مثل هذا السؤال إلى العامة والخاصة، وجدتَهم يحملقون بأعينهم مستنكرين إياه جاهلين أو متجاهلين أن النَّبِي ج هو الذي سنه لنا".
ثُمَّ استمر جزاه الله خيرًا في كلام طويل … إلى أن قال: "ألا ترى إلى ذلك الدكتور الذي قال في مقدمة رسالته "باطن الإثم " وهو يرسم للمسلمين المتفرقين المتدابرين الدواء بزعمه: وما أظن إلا أننا جميعًا مؤمنون بالله إلَهًا واحدًا لا شريك له بيده الخير والملك، وهو على كل شيء قدير".
قال الألباني -رحمه الله-: "نعم؛ نحن مؤمنون بالله، ولكن إيْمان المؤمنين يختلف أشد الاختلاف، وما نحن فيه من صفة العلو أوضح مثال".
ثُمَّ استمر في كلام طويل من ضمنه كلام سيد قطب، وقصد به الرد على ذلك الدكتور الذي زعم أن الناس لا يحتاجون إلى بيان العقيدة؛ لأنَّهم كلهم مؤمنون بالله، وإنما مشكلتهم في الفساد الخلقي إلى (ص 66) ثُمَّ قال -رحمه الله-: "وباختصار، فسواءً كنت معنا أو ضدنا في هذه العقيدة فكلٌّ من الطائفتين يمثل ملايين المسلمين منذ مئات السنين حتى اليوم، وفي الطائفة الَّتِي تؤمن بالسؤال والجواب الوارد في الحديث المشار إليه آنفًا شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه المحقق ابن قيم الجوزية، وجميع إخواننا الحنابلة اليوم الذين هم من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، وكل من الطائفتين هم بلا شك يشملهم ظنك الواسع الذي عبرت عنه بقولك في الرسالة السابقة (ص 9): "وما أظن إلاّ أننا جميعًا مؤمنون بالله إلَهًا واحدًا لا شريك له بيده الخير، وهو على كل شيء قدير" وقال -أي الألباني-: "وأما أنا فأقول: إن كلاًّ من الطرفين إذا تمسك بالآداب الإسلامية سيقول بلسان حاله أو مقاله للطائفة المخالفة: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: من الآية24]، والدكتور يعلم فيما أعتقد أن إحدى الطائفتين أيًّا كانت فهي على ضلالة، وليس هي بلا شك من حيث الخُلق، وإنَّما من جهة الفكرة والعقيدة، وكلٌّ من الطائفتين يمثل ملايين المسلمين اليوم في هذه المسألة وغيرها من مسائل الاعتقاد؛ أفليس هؤلاء المختلفون بحاجة إلى الدراسات الفكرية؟" ا’. هذا ما أردت نقله، والمقصود بالفكرية أي العقائدية.
وقد تبين من هذه الدراسة أن المجتمعات الجاهلية هي الَّتِي أشار إليها بل بينها في (ص54) بقوله: "ومِمَّا يؤسف له أشد الأسف …" إلخ.
ثالثًا: أن نقل الألباني -رحمه الله- لكلام سيد قطب يقصد به الاحتجاج على من يقول من الدكاترة أن الناس ليسوا بحاجة إلى العقيدة، وإنما هم بحاجة إلى الأخلاق، حيث قال في أول (ص64)([32]): "ليس بالمسلمين حاجة بعد اليوم إلى مزيد من هذه الدراسات الفكرية، فالمسلمون على اختلاف ثقافاتِهم أصبحوا يملكون من الوعي في هذه النواحي ما يتيح لهم الحصانة الكافية، وإنما هم بحاجة بعد اليوم إلى القوة الهائلة الَّتِي تدفع إلى التنفيذ، وهيهات أن يكون بيد الفكر أو العقل وحده، والقوة الهائلة الَّتِي يحتاجونَها إنَّما هي قوة الأخلاق".
قلت([33]): وهذه الطريقة طريقة جماعة من الحزبيين معروفين وهم الإخوان المسلمون يركزون على علاج الفساد الخلقي، ويهملون العقيدة بل ويكونون خصمًا لمن بيّنها أو أراد الإنكار عليهم أو على غيرهم فيها.
رابعًا: أنَّ وصف المجتمع أو المجتمعات بأنَّها جاهلية لا يخرجهم من الإسلام، ولا يعد تكفيرًا لتلك المجتمعات الَّتِي وصفت بِهذا الوصف؛ لأن النَّبِي ج قال لأبي ذر حين قال لبلال: يا ابن السوداء قال له: (إنك امرؤ فيك جاهلية)([34]) ولَم يكن ذلك تكفيرًا له، أما سيد قطب فلعله قصد بِها التكفير لأن ذلك معروف عنه([35]).
خامسًا: أن الألباني -رحمه الله- قد عدَّ ابن تيمية، وابن القيم، والحنابلة جميعًا أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب عدّهم جميعًا من الطائفة الَّتِي تؤمن بعلوِّ الله رضي الله عنه على خلقه، وتؤمن بالسؤال الذي سأله النَّبِي ج تلك الجارية فقال لها: (أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: اعتقها فإنَّها مؤمنة)([36]) فأخرجهم من المجتمعات الجاهلية، وبيَّن أنَّهم من أهل الحق.
سادسًا: يجب على كل من ينقل عن شخص نقلاً ليبيِّن ما عنده من فكر وعقيدة أن يستوعب النقل، وألاّ يبتره؛ فإن البتر طريقة أهل البدع، والذين لهم مقاصد سيئة.
سابعًا: أذكِّر الدكتور([37]) بِما ورد في الحديث الذي رواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريق ابن عمر، قال الهيثمي في مجمع الزوائد رجالهما رجال الصحيح إلاّ محمد بن منصور الطوسي، وهو ثقة بلفظ: (ومن بَهت مؤمنًا أو مؤمنة حبسه الله في ردغة الخبال يوم القيامة حتَّى يخرج مِمَّا قال وليس بخارج) مجمع الزوائد (ج10/91) وفي القرطبي (ج16/338): (ومن بَهت مؤمنًا أو مؤمنة بِما ليس فيه حبسه الله في طينة الخبال)([38]) ولَم يعزُه.
ثامنًا: وأما القول بأن الألباني له اتجاه سياسي، ما أرى إلاَّ أنَّ هذه فرية ليست بأقل من سابقته، فالذي قضى عمره الطويل في المكتبات الشرعية، وبين رفوف الكتب الحديثية، والعقيدة باحثًا ومدونًا، ومؤلفًا للأجيال، ومنقيًا للسنة مما علق بِها أو بالأحرى ما أدخل فيها من أحاديث موضوعة وضعاف؛ ضحّى براحته، ونومه، ولذته، ووقته، وبذل نفسه ونفيسه حتى أخرج لأمة محمد ج كتبًا عظيمة النفع، وأصبح عمره على مشارف التسعين أو يزيد عليها يأتي مغرضٌ فيقول: أن له مطمعًا سياسيًّا من أجل كلمة أو كلمات قالها لها احتمالات من أوجه الخير هذا والله الظلم والبهت؛ اللهم إني أبرأ إليك من هذا الظلم والبهت؛ وأنا وإن كنت لا أدعي للشيخ الألباني العصمة من الخطأ في اجتهاده سواءً كان ذلك في فقهه أو في حكمه على الأحاديث، وهو في ذلك كأي مجتهد غيره إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، وقد تحصل منه اجتهادات يشذ بِها، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله ج.
وأما قوله([39]): "ليأخذ المسلمون طريقة البدء بإقامة الدولة الإسلامية في أرض من أراضي الله الواسعة" قال من شريط عندي (ص11) من التعقيب، وأقول إن صحَّ فهو يعني في أرض من أراضي الله الواسعة الَّتِي لا يقام فيها دين الله، ولا يحكم فيها بتشريعه، ولا يظهر فيها دينه، وكم من أراضٍ وبلدان لله لا يذكر فيها اسمه، ولا يظهر فيها دينه، ولا يحكم فيها بشرعه إلاّ أني أقول:إنَّ الدعوة أول ما تكون إلى التوحيد كما أمر الله كل رسول في قوله -جل من قائل-: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: من الآية36]، فكل رسول يرسله الله إلى أهل الأرض يؤمر أن يبدأ بالدعوة إلى التوحيد، وكذلك ينبغي لكل داع أن يدعو إلى التوحيد قبل كل شيء، وتحكيم شرع الله، فإذا اجتمع معه جماعة يمكنهم أن يكوِّنوا دولة، ولَم يكونوا في دولة مسلمة اتجه عليهم أن يكوِّنوا دولة إن أمكن. أما إن لَم يمكن، فإنه يجب عليهم أن يستمروا في الدعوة، ويصبروا حتى يحكم الله بينهم وبين عدوهم، وإن كانوا في دولة مسلمة تعين على الدعوة إلى الله فليحمدوا الله، ويستمروا في إصلاحها، والتعاون مع القائمين عليها.
وإن كانوا في دولة مسلمة إلاّ أنَّها لا تتعاون مع الدعاة، ولا تنصر الدعوة فعليهم أن يستمروا في الدعوة، ويصبروا على ما يحصل لهم حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.
والمهم أنَّ هذا التصريح قد يفهم منه مفهوم غير صحيح؛ وهو أن يكون البدء بالدعوة إلى إقامة دولة، وهذه طريقة الحزبيين الذين لا يفهمون دعوة الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم-، والذي نعتقده أن الشيخ -رحمه الله- لا يقصد ذلك أو أنه قد حذف من الشريط ما يدل على هذا المعنى.
وأخيرًا أقول: إن هذه الجملة ليس فيها إدانة للشيخ الألباني أنه يبيت للدولة شرًّا، ولو كان الألباني له رغبة في السياسة، واتجاه إليها لكان قد ظهرت منه بوادر في بلاده الَّتِي يسكنها.
وأما تبرير هذا الاتِّهام أي أن له مطمع سياسي بأن حركة المهدي المزعوم الَّتِي اقتحمت المسجد الحرام في مطلع هذا القرن، وقتلت الركع السجود بين جنبات الكعبة المشرفة فرعٌ عن دعوة الألباني كما في (ص21) من التعقيب.
وأقول: لاشك أنَّ حركة من سمي بالمهدي، والَّتِي اقتحمت الحرم المكي في مطلع القرن الخامس عشر ظالمة جائرة أتى أصحابُها منكرًا عظيمًا، فسفكوا الدماء المعصومة، وأزهقوا الأرواح البريئة وخرجوا على السلطان المسلم في حرم الله الآمن؛ فاستحقوا بذلك الوعيدات المترتبة على ذلك كله وقد نصر الله عليهم، ولقوا جزاءهم في الدنيا، وأمرهم في الآخرة بين يدي الله أصعب فيما نظن؛ ولكن تحميل الشيخ الألباني بشيء من تبعة ذلك الإثم بدون دليل واضح يُدان به المتهم أمرٌ صعبٌ أيضًا، وسيكون إثمه عند الله أصعب.
فإن قيل: قد كان بعضهم من طلابه.
فأقول: ليس من تتلمذ على شيخ، ثُمَّ أحدث حدثًا يكون شيخه مسئولاً عن ذلك الحدث، وقد خرج من حلقة الحسن البصري واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد اللذان أسسا عقيدة الاعتزال، ولَم يعتب أحد من السلف الأحياء في ذلك الزمن على الحسن البصري، ويزعم أنه شريكهم علمًا بأن أعراض المسلمين حمىً إلاّ بحق واضح وبالأخص العلماء الذين قدَّموا للإسلام والمسلمين خدمات جُلَّى، وبالله التوفيق.
وأما تصريحات الشيخ مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله-، ونيله من أهل الحلِّ والعقد في المملكة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه-، فهذا منكرٌ نستنكره، وننكره عليه أشد الإنكار، ونرى أنه يخدش في سلفيته، وإن كان هو يشكر على نشره للسنة بين أوكار الرفض والتشيع إلاَّ أنَّ تصريحاته في ذلك الكتاب الذي سمّاه "المخرج من الفتنة"، ولَم نره، ولا نريد أن نراه، والذي ثارت فيه ثائرة حقده على الدولة السعودية دولة التوحيد، والَّتِي يُحكّم فيها شرع الله ويحكم به في محاكمها، ويدرس التوحيد في مدارسها ومعاهدها، وجامعاتِها، وليس فيها مشاهد تزار، ولا أضرحة تُعبد، الأمر الذي اختصت به دون غيرها من الدول الَّتِي تنتمي إلى الإسلام ولسنا ندعي لها العصمة، وكان الشيخ مقبل قد فعل في ذلك ما فعل غيره ممن استغلوا أحقادهم في النيل من هذه الدولة المسلمة الموحدة كالمسعري، ومحمد سرور، وأمثالهم، ولقد كان الأولى به -وهو صاحب حديث وهو ممن ينتهجون المنهج السلفي، ويعتقدون عقيدة أهل السنة والجماعة- ألا تذهب به الأحقاد كل مذهب، وتخرجه من السلفية إلى العصبية المنتنة وتنأى به عن عقيدة أهل السنة والجماعة، ولعلنا نرى له كتابًا يناقض ذلك الكتاب ويعتذر فيه عما صدر منه في الأول -غفر الله لنا وله-، وردَّه إلى الحق ردًّا جميل، وقد أراد الله جلَّ شأنه أن يبتلي هذا الرجل، وهو الشيخ مقبل -رحمه الله- أراد الله أن يبتلى بمرضٍ فسعى بعض العلماء من أهل الخير عند الدولة في استقدامه إليها وعلاجه فيها، فقدم إلى المملكة وهو مريض ومعه جميع أسرته، فاستقبلته الدولة استقبال الكرماء، فأكرمته إكرامًا مقطوع النظير: أسكنوه في سكنٍ يليق بأمثاله، وأغدقوا عليه الأرزاق، وأحالوه إلى المستشفيات العليا المتخصصة على حساب الدولة، ولمَّا قرر الأطباء فيما يظن أنَّه بحاجةٍ إلى العلاج خارج المملكة؛ أرسلوه إلى أمريكا، ثُمَّ إلى ألمانيا على حسابِهم، وعولج هناك، ولكنَّه قد اختار الرجوع والإقامة بالمملكة فرجع، وبقي منومًا في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، على حساب الدولة وبقي فيه إلى أن توفي([40])، وقد قابلته أنا وبعض المشائخ في أيام الحج عدة مرات، واتصلت به بعد ذلك عدة مرات للاطمئنان على صحته وقد سجل شريطًا في آخر حياته اعترف فيه بفضل الدولة -حفظها الله تعالى-، وأثنى عليها خيرً، وقرر بأنَّه لا يسمح بإعادة طبع ما قاله في بعض رجال الدولة، وأنَّه متأسفٌ على ذلك([41])، وقد وافته المنية بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، وصلي عليه في الحرم المكي، ودفن في مقبرة العدل، فنسأل الله أن يتغمدنا وإياه برحمته، وأن يعفو عنَّا وعنه فيما حصل منَّا من الأخطاء الَّتِي لا يسلم منها أحد، وبالله التوفيق.
وأما ثناء كاتب المجلة السلفية على الألباني -رحمه الله-، فلا أرى أنه بذلك قد انتقص من قدر غيره؛ لأن الأدلة الشرعية تدل على أن النَّبِي ج قد أثنى على كثير من أصحابه، ولَم يكن في ذلك هضم لحق غير من أثنى عليه، فقد قال -صلوات الله وسلامه عليه- في حق أبي بكر رضي الله عنه : (لو كنت متخذًا من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليل)([42]) وقال في عمر رضي الله عنه : (والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكًا فجًّا إلاَّ سلك الشيطان فجًّا غير فجك)([43]). وقال عن عثمان رضي الله عنه : (ألا أستحيي من رجلٍ تستحيي منه الملائكة)([44])، وقال عن علي رضي الله عنه : (أنت مني بِمنْزلة هارون من موسى إلاَّ أنه لا نبي بعدي)([45]). وقال عن الزبير رضي الله عنه : (لكل نبي حواري وحواريَّ الزبير)([46]). وقال عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : (هذا خالي فليرني امرؤ
خاله)([47])، وقال عن أبي عبيدة بن الجراح: (لكل أمةٍ أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح)([48])، وقال ج: (وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل)([49]) إلى غير ذلك، ولَم يكن ثناؤه على بعضهم تنقص لغيره بل قال في عمومهم ج: (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهبًا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه)([50]).
تاسعًا: أنَّ الألباني -رحمه الله- عالِم سوريا ووحيدها، وصاحب الجهاد فيها، فالثناء عليه بجهاده للتكفيريين، والمبتدعين في بلده لا يكون انتقاصًا لعلماء السعودية، فهم لهم جهادهم في بلدهم يحرز لهم ما يستحقون من الفضل والثناء، والله تعالى يقول: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ [الأنعام: 132].
عاشرًا: أن تشبيه الكاتب للألباني بحسن الترابي كما في (ص5) الذي يرى وحدة الأديان، ويرى أن النَّبِي ج غير معصوم فيما يخبر به من أخبار الدني، ويرى أن لرؤساء الدول أو للدول حق التشريع، ويرى أن أحكام الشرع يطرأ عليها التقادم، وأنه ينبغي تجديدها، إلى غير ذلك من آرائه الشاذة الَّتِي توجب الكفر فما دونه.
والمهم أن تشبيه الألباني -رحمه الله- بالترابي بُهت عظيم، وجريمة شنعاء لا يجوز إقراره عليها، ولا السكوت عليه فيها.
وأما قوله([51]) في (ص11): "لا يجوز أن يتولى إقامة الحدود غير الحاكم المسلم، وحينما يظهر الأسى والأسف أن ليس هناك من يقيم الحدود الشرعية، فهذا لا ينبغي أن يفتح بابًا غير شرعي، ولكن ينبغي أن يذكرنا بتبصير المسلمين جميعًا في عدم وجود دولة مسلمة تقيم الحدود الشرعية بل تنفذ أحكام الشريعة الإسلامية بحذافيرها، حينما نتذكر هذا يجب أن لا يدفعنا إلى أن نعمل لإقامة هذه الدولة المسلمة، وذلك كما تعلمون منّا مرارًا وتكرارًا لا يكون ذلك بالهتاف والحماس والصياح، ولكن بالجهاد ".
وأقول أولاً: قوله: "لا يجوز أن يتولى إقامة الحدود غير الحاكم المسلم".
قلت: هذا باتفاق في الأحرار، والخلاف في الأرقاء من العبيد والإماء لقوله ج: (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولايثرب عليها، ثُمَّ إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب، ثُمَّ إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر)([52]).
ثانيًا: في قوله: "وحينما يظهر الأسى والأسف أن ليس هناك من يقيم الحدود الشرعية …" إلى أن قال: "في عدم وجود دولة مسلمة تقيم الحدود الشرعية".
فأقول: كان الواجب على الشيخ أن يستثني، فإن الدولة السعودية هي الدولة الوحيدة الَّتِي تقيم الحدود ولكي يقطع الطريق على الذين يصطادون في الماء العكر كما يقال.
ثالثًا: وينبغي أن نحمله على أنه يريد في بلده؛ لأن المسلم ينبغي أن يحمل على أحسن المحامل ما وجدت.
رابعًا: في قوله: "فهذا لا يجوز أن يفتح بابًا غير شرعي."
وأقول: معناه لا يحملنا ذلك على القيام بأعمال غير شرعية كالثورات، والإضرابات، والتظاهرات، والاغتيالات، والتفجيرات إتلافًا للأموال أو الأنفس أو الجسور، إضرارًا بالأفراد، والجماعات، فهذا لا يصدر من مسلم يخاف الله رضي الله عنه ، وإنَّما تصدر هذه الأفعال من أهل الهوى المبني على الجهل، والبدع، والضلال من الحزبيين الثوريين التكفيريين.
خامسًا: قوله: "ولكن ينبغي أن يذكرنا بتبصير المسلمين جميعًا …" إلى أن قال: "هذا يجب أن يدفعنا لإقامة الدولة المسلمة، وذلك كما تعلمون منا مرارًا لا يكون ذلك بالهتاف والحماس، والصياح، ولكن بالجهاد".
أ- وأقول: قطعًا أنه يقصد بتبصير المسلمين تعليمهم بما يجب لله عليهم، وذلك مساهمة في إصلاح الأفراد الذين يكونون لبنات المجتمع الذي تقوم على رأسه الدولة، وهذا التفكير تفكيرٌ إسلامي صحيح.
ب- ويجب أن نحمل كلام الشيخ -رحمه الله- على أنه يقصد التفكير في إنشاء دولة تقيم شرع الله على أرض من أراضي الله الواسعة الَّتِي لا يقام عليها شرع الله.
ج- ونقطع بأنه لا يقصد إنشاء دولة في قلب دولة كما يفعل الحزبيون، ولا على أنقاض دولة مسلمة تقيم شرع الله، فهذا إفساد وليس بإصلاح.
د- ويجب أن نعلم أن سلوك الرجل منضبط بعقيدته، وما قرره في كتبه الكثيرة الوفيرة، فلا يجوز أن نَهدم ذلك كله بكلمة أو جملة قالها في حالةٍ ما الله أعلم بدوافعها، ومؤثراتِها.
’- وهذا التأويل هو المتعين في حق الشيخ رحمه الله، وقد دلَّ عليه من كلامه هذا قوله: "فهذا لا ينبغي أن يفتح بابًا غير شرعي، والشيخ معروف باتباعه للسنن، وسيره عليها، وإن كان قد ينفرد باجتهاد يشذ به لكنَّ هذا في غير العقيدة.
و- ودولتنا -حفظها الله، ونصرها، ووفق القائمين عليها لكل خير- قد اتسع صدرها لأناس ليسوا بأولئك في مواطنتهم، فكيف بعالِم من علماء المسلمين صاحب عقيدة سلفية، ومتابعة للسنة قدَّم خدمات عظيمة للإسلام، فإن المظنون بدولتنا وهي من هي في التأني والتثبت، وعدم الاستعجال في مثل هذه الأمور أن لا تطيع فيه المغرضين، ومن لهم هوىً الله أعلم بدوافعه.
ح- وقد تبين من هذا أن الشيخ -رحمه الله- لا يريد بكلمة الجهاد الواردة هنا الجهاد المسلح، ولكن يريد التبصير والتعليم بالكلمة، ودعوة الناس إلى الكتاب والسنة، وفهمهما على منهج السلف الصالح، وقد أمضى عمره الطويل المبارك على ذلك في تأليفاته وتوجيهاته ومناظراته ومن سرَّح نظره في مؤلفاته وسيرته اتضح له ذلك وضوحًا لا يعتريه شك، ولا ريب أنَّ ما لفقه ضده المريبون ما هو إلاَّ بُهت، وافتراء الله أعلم بدوافعه.
ط- وأما قوله: "بأن الأصل، والأفضل أن يكون المسلمون تحت إمام واحد، وراية واحدة فإن لَم يتحقق ذلك فإن للضرورة قدرها في تجويز تعدد الحكام والسلاطين وعقد بيعات جزئية لهم ينتظم بِها سلك رعاياهم ضمن قواعد الشرع وأصوله" فهذا القول لَم يخرج به عن السلفية لأن الخلاف في ذلك جارٍ بين العلماء، والخلاف في ذلك نظري، أما الواقع فلم يقل أحد ببطلان أحكام سلطان انفرد بالسلطة في بلدٍ ما إلاّ على رأي شاذ لَم يبرز في وقت إلى حيز المعارضة وقد قال شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى (ج 34 ص175) بالحدود: "والسنة أن يكون للمسلمين إمام واحد، والباقون نوابه، فإذا فرض أنَّ الأمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضه، وعجز من الباقين أو غير ذلك فكان لها عدة أئمة لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود ويستوفي الحقوق" يعني فيما تحت يده.
فتبين أنَّ قول الألباني كقول شيخ الإسلام بن تيمية، والحق في نظري جواز ذلك؛ لأن الضرورة في هذه الأزمان أصبحت ملازمة، وذلك لأمور:
الأول: لقوله ج في الحديث الذي رواه مسلم في كتاب الإمارة باب: (10) وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول رواه مسلم بسنده إلى أبي حازم قال: (قاعدت أبا هريرة رضي الله عنه خمس سنين فسمعته يحدث عن النَّبِي ج قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبِي، وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم، فإنَّ الله سائلهم عما استرعاهم) فهذا الحديث مشعر بجواز التعدد إذا كان كل منهما مستقلٌّ ببلد.
أما إذا كانوا في بلد واحد فلا، وعليه قوله: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخِر منهم)([53]) رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
وقوله ج: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه)([54]) رواه مسلم عن عرفجة، وقد أشار إلى ذلك في هذا الحديث بقوله ج: (فوا ببيعة الأول فالأول).
الأمر الثاني: أنَّ علي بن أبي طالب ومعاوية -رضي الله عنهما- قد تولاَّ كلٌ منهما بلدًا فأقاما فيها حدود الله، ونفذا أحكامه، والصحابة متوافرون، فلم يقل أحدٌ منهم لواحدٍ من الخليفتين أحكامك فيما تحت يدك باطلة. وكذلك استقلال الداخل بالأندلس في آخر عهد التابعين.
الأمر الثالث: أن اتساع رقعة الإسلام، وتباعد أقطاره جعلت التعدد ضرورة؛ لأنه لا يتمكن رجل واحدٌ من السيطرة على جميع هذه الأقطار بحيث يكون الأمير فيها شبه مستقل لبعد المسافة بينهما، فدل ذلك على جواز التعدد.
والذي اعتقده أنَّ سلفية الألباني هي سلفية علماء المملكة مثل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وابن عثيمين، وابن فوزان، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وغيرهم فهو يعتقد ما يعتقدون في أسماء الله رضي الله عنه وصفاته، وفي باب القدر، وأن القرآن كلام الله منَزل غير مخلوق إلى غير ذلك، وإن كان هناك اختلاف طفيف فهو في الأمور الاجتهادية. أما العقيدة فليس بينه وبينهم خلاف.
وأما هل للألباني أتباع في المملكة؟
فأقول: لا أعرف أن له أتباعًا في المملكة لأنه ليس له عقيدة مستقلة، ولا سلفية مستقلة حتَّى يكون له أتباع معروفون.
وأما كونه يرى للمملكة بيعة لازمة، فأقول: نعم، وهو يسمي المملكة دولة التوحيد، وأنا أعرف ذلك من خلال قراءتي لكتبه منذ زمن طويل، وهو كغيره من أهل السنة والجماعة أصحاب المنهج السلفي لا يرون الخروج على البيعة المنعقدة لإمام مسلم، وفي تعليقه على شرح الطحاوية لأبي العز الحنفي على وجوب لزوم الجماعة، وطاعة الإمام، وعدم جواز الخروج عليه ما يشير إلى ذلك.
وأما القول بأن بعض القائلين بجواز الخروج قد طعنوا في روايات حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه الذي في صحيح مسلم، وهي رواية أبي سلاّم عن حذيفة بلفظ: (تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك فاسمع وأطع)([55]) وهم الجهيمانية.
قلت([56]): الطعن في رواية أبي سلاّم ممطور الحبشي عن حذيفة رضي الله عنه ذلك لأنَّ المزني لما ذكر من روى عنهم أبو سلاّم ذكر منهم حذيفة رضي الله عنه وقال: مسلم. ويقال: مرسل. تَهذيب الكمال (ج 28/484) وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (ج4/355): "حدَّث عن حذيفة، وثوبان وعلي، وأبي ذر، وعمرو بن عبسة، وكثير من ذلك مراسيل كعادة الشاميين يرسلون عن الكبار، وفي التعليقات على تَهذيب الكمال لَم يسمع يعني أبا سلاّم من حذيفة رضي الله عنه ولا من نظرائه الذين نزلوا العراق، ولأن حذيفة مات بعد مقتل عثمان بليال ".
قلت: إن ضعفت هذه الرواية، فإن النهي من النَّبِي ج عن الخروج على الولاة، وعدم المنازعة لهم في سلطانِهم، وأنَّ من خرج على سلطان مسلم فمات مات ميتة جاهلية، ولقي الله لا حجة له، وأنه يجب قتال الخارج وقتله ما دام السلطان مسلمًا يقيم الصلاة، ولَم يكن يأتي من المعصية كفرًا بواحًا مع الخارج فيه من الله برهان، صح ذلك عن عبادة ابن الصامت، وابن عباس وابن عُمر، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وعرفجة الكلابي، وأم سلمة، وعوف بن مالك، وعبد الله بن عمرو، وكلها عند مسلم في الإمارة بأسانيد صحيحة، إذن ما أفادته تلك الزيادة المضعفة قد أفادته تلك الأحاديث عن تسعة من الصحابة، فإن ضعفت فإنه لا يقال بأنَّ تضعيفها يبيح الخروج على السلطان المسلم إلاّ جاهل.
وقد ذكر الألباني -رحمه الله- تلك الأحاديث في كتبه، وصححها، ولا إخاله إلا يقول بِها بل نقطع قطعًا بذلك فهو من عرفناه آخذًا بالسنة قائلاً بِها وإن كان ليس بمعصوم شأنه شأن غيره من العلماء.
وأما هل دعوته الَّتِي يقول عنها: أنَّها انتشرت في العالم كله مخالفة لدعوة هذه البلاد أو متفقةً معها.
وأقول: بل متفقة معها فهو يصرح في غير مناسبة أنه يدعو إلى فهم الكتاب والسنة على فهم السلف، والمحققون من علماء المملكة يدعون إلى فهم الكتاب والسنة على فهم السلف، وهم يدعون إلى تقديْم الدليل الصحيح على قول إمام المذهب؛ لأن الله رضي الله عنه كلفنا باتباع رسول الله ج ولَم يكلفنا باتباع أحدٍ سواه فقال -جل من قائل-: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ -30، قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 30-31] إلى غير ذلك من الآيات.
وكذلك المحققون من علماء المذهب يأخذون بِهذا ويدعون إليه، وهو يحارب الجمود المذهبي على أي مذهب كان، وكذلك المحققون من علماء هذا البلد يحاربون الجمود المذهبي على أي مذهب كان وترك الدليل؛ بل إنّ كل أئمة المذاهب يدعون إلى الأخذ بالدليل، وترك أقوالهم إن
وجدت مخالفة له، فمالك يقول: "ليس أحدٌ بعد النَّبِي إلاَّ يؤخذ من قوله ويترك إلاَّ النَّبِي ج"([57])، والشافعي يقول: "إذا صحَّ الحديث فاضربوا بمذهبي عرض الحائط"([58]).
وأحمد بن حنبل يقول: "لا تقلدني، ولا تقلد مالكًا، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا"([59]).
ويقول أبو حنيفة: "ويحك يا يعقوب -هو أبو يوسف- لا تكتب كل ما تسمع منِّي فإنِّي قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدًا، وأرى الرأي غدًا وأتركه بعد غدٍ"([60]).
والمهم أن ما فهم من كلامه([61])، وكلام تلاميذه من محاربة المذهبية، فإنَّما المراد منه محاربة المذهبية المتطرفة الَّتِي تقدم قول المذهب، وإن خالف الدليل، وهذا المسلك حاربه جميع أئمة الحديث ومنهم البخاري، وأحمد بن حنبل، وغيرهم، وقد عقد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- بابًا في كتاب التوحيد لذِمّ ذلك، فقال: باب: من أطاع العلماء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحلَّ الله فقد اتخذهم أربابًا، ثُمَّ استدل بالآية: ﴿اتخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 31] إلاّ أنه قد تحصل منهم مبالغة لا يوافقون عليها كقول عيد عباسي في كتابه: "بدعة التعصب المذهبي" وهم يعدون العالِم فيهم من فهمها، وحفظه، يعني: كتب الفقه في المذهب ويجيزون له تولي القضاء، والإفتاء؛ بل إنَّهم ليستبيحون بما في هذه الكتب الدماء والفروج، والأموال.
أ- وأقول: إن كتب الفقه حوت علمًا، والفقيه حقًّا من عرف كل قول بدليله من الكتاب والسنة، ولهذا قالوا في تعريف الفقه في الأصول " معرفة الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية ".
أما من يعرف الحكم في مذهب ما، ولا يعرف دليله، فمعرفته ناقصة.
ب- ولا شك أن كتب الفقه قد اعتمدت في بعض الأحكام على أحاديث ضعيفة.
ج- أما ما تستباح به الدماء، والفروج، والأموال، فلا تعتمد فيها كتب المذهب إلا على أدلة صحيحة من كتاب الله، وسنة رسوله ج ذلك لأن إمام المذهب محدَّثٌ كبير.
د- إلاّ أنه قد يحصل الخلاف فيما دلَّ عليه الدليل لوجود احتمال فيه، فيختلف فيه الفقهاء.
’- والخطأ في الاجتهاد قد يحصل في هذا المذهب أو ذاك.
و- علمًا بأنَّ هذا الكاتب لا يستطيع أن يأتي بحكم واحد حكم فيه المذهب بقتل نفس أو إقامة حدٍّ أو أخذ مال اعتمد فيه على حديث ضعيف ضعفًا يجب به اطراحه، ولقد كان الأولى به ترك هذه المبالغة الَّتِي تجعله موضع انتقاد.
ز- وأخيرًا حصول مثل هذا لا يدل أن لهم نية سوء نحو المملكة، أو أنَّهم يريدون الإطاحة بِه، ويضمرون سوءًا لها، وإنما هذا وأمثاله يعتبر نقدًا علميًّا لا يشكل خطرًا سياسيًّا.
وأما قوله([62]) في (ص19): "بل إن الدكتور ربيع بن هادي المدخلي ذهب إلى ما هو أبعد، حيث فضل الكثير من أتباع المذهب الزيدي وعوامهم، والمذهب الإباضي عامتهم على أتباع المذاهب الأربعة، فقال في كتاب أهل الحديث هم الطائفة المنصورة (ط.2): "وهناك أتباع المذهب الزيدي وعوامهم وأتباع المذهب الإباضي وعوامهم، فإنَّ كثيرًا منهم أقرب إلى الفطرة والتوحيد من كثيرٍ من أتباع المذاهب الأربعة، وأبعد عن الشرك، والخرافات والقبورية والصوفية من عامة أصحاب المذاهب الأربعة " ا’.
وأقول: إن تفضيل الشيخ ربيع لأتباع المذهب الزيدي، والمذهب الإباضي وعوامهم؛ لكونِهم أقرب إلى التوحيد من كثير من أتباع المذاهب الأربعة وعوامهم، وأبعد عن الشرك، والخرافة والقبورية، والصوفية رغم ما عندهم من عقائد منحرفة، فهذا تفضيل من ناحية واحدة إلا أن هذه الناحية هي الأساس والأصل، لهذا يعني توحيد العبادة.
وثانيًا: من المعلوم عند جميع أهل العلم أن التفضيل الجزئي لا يلزم منه تفضيل كلي، فلو قيل مثلاً زيدٌ أعلم من عمرو في اللغة لَم يلزم من ذلك تفضيل زيد على عمرو في جميع العلوم.
وثالثًا: أنَّ المجتمع السعودي ودولته لَم يكن معنيًّا بِهذا الكلام؛ لأنه ليس فيه شرك، ولا وثنية ظاهرة كسائر المجتمعات الإسلامية من أتباع المذاهب الأربعة، فإن الشرك فيها ظاهر، والوثنية فيها ظاهرة بما فيها من المشاهد، والأضرحة، والقبور المأمومة للناس بالدعاء، والذبح، والنذور وسؤال الحاجات الَّتِي لا تطلب إلاّ من الله، فتبين من هذا بطلان ما يدعيه هذا الرجل على السلفيين، واتِّهامهم بما ليس فيهم.
أما اتِّهام الألباني بأنه حزبي أو يتفق مع الحزبيين، ويقر الحزبية، فهو أيضًا افتراء عليه، وهو يقول([63]) في شريط جلسة في (22 رجب 141’) يقول: "حسن البنا ليس سلفي العقيدة، ولا سلفي المنهج" وقد نقده في هذا الشريط في عدة نواحي بعد أن قال: "إن حسن البنا يشكر في كونه أخرج الشباب الضائع من المقاهي، والملاهي والسينم، أو أنه أخرجهم من بعض الظلمات إلى بعض النور".
قلت([64]): وإذا كان قد أقرهم على الشرك الأكبر فما هو النور الذي أوجده لهم؟!! ولعل الشيخ لَم يكن على علم بما وقع منه من الشرك الأكبر، ووحدة الوجود.
والمهم أنه يحارب الحزبية حربًا شعواء، ويقول: " إن أخذ البيعات في هذه المناهج يشد من أزر الفرقة، فمن بايع على منهج لا بد أن يكون معاديًا لغيره، وأنا سأرسل لكم الشريط برمته لأني لو فرغت جميع ما فيه سيطول الكلام مع أني أحاول الاختصار والبيان بقدر الإمكان " ا’.
وأما القول بأن الألباني قد طعن في الوهابية فقال: "وأما الوهابية فما لي ولَه، أنا أنقدها ربَّما أكثر من غيري، وإخواننا الحاضرون يعلمون ذلك التعقيب (ص5) من شريط بعنوان رحلة العقبة" ثُمَّ قال([65]): "هذه كلمة خطيرة لو وضعناها في الإطار الشرعي فإنَّها تعني البراءة من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب خاصة، وأنه قد وضع نفسه مع أعداء هذه الدعوة كزيني دحلان والنبهاني، وبقية الخرافيين".
وأقول اللهم إني أبرأ إليك من هذا الزعم الباطل، وأشهدك على لوم من قاله أو اعتقده لأمور:
الأمر الأول: إن الواجب علينا، وعلى كل باحث، ومقيِّم لشخص من العلماء أن نحكم على العالم بما شاع عنه، وذاع، واشتهر من أمره في مؤلفاته، ومحاضراته، ومناظراته، فإن جاءت كلمة أو جملة تخالف ما اشتهر عنه رددناها إلى ما اشتهر عنه؛ لأن تلك الكلمة لا تخلو من أحد أمرين، إما أن يكون ناقلها كاذب في نقله، وإما أن يكون للقائل فيها معنى لا ندريه.
الأمر الثاني: أنَّ الألباني قد اشتهر عنه تعظيمه للشيخ محمد بن عبد الوهاب وسيره على نَهجه -رحمه الله- من الدعوة إلى التوحيد، ومحاربة الشرك، ودعوته إلى السنة، ومحاربة البدع، ودعوته إلى فهم الكتاب والسنة على فهم السلف ونبذ ما يخالف ذلك، وعلى ذلك قد سار في مؤلفاته وتخريجاته، ومناظراته، وردوده.
الأمر الثالث: أن من أراد أن يقضي على تلك المؤلفات، والتخريجات، والردود، والمناظرات بكلمة لها احتمال على وجهٍ سليم، فإن ذلك يدل على أنه مبطل، وله هوى.
الأمر الرابع: إن كلمة الوهابية عند أهل البدع لها مفهوم سيئ، وذلك أنَّهم يقولون: إن الوهابيين يحرِّمون زيارة قبر النَّبِي ج ولا يصلون عليه، بل ويقتلون من صلى عليه أو يضربونه.. الخ ما زعموا، فلعله إن كان قال تلك الجملة، فهو يقصد بِها الوهابية على هذا المفهوم الباطل على حد ما جاء في الأثر عن عمران بن حصين رضي الله عنه : "وإنَّ لكم في المعاريض مندوحة عن الكذب"([66]) وعلى هذا فإني أقطع جازمًا بأن الألباني -رحمه الله- لا يقصد بِهذه الكلمة الطعن في منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وإنَّما قصد الطعن والتبري من ذلك المفهوم السيئ عند المبتدعين للوهابية.
وأختم كتابتي هذه بنقل كلام كبار مشايخنا المعتبرين في الألباني وثنائهم عليه:
فمن ذلك قول سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-: من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ محمد إبراهيم الشيباني -وفقه الله للخير- آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد:
يا محب؛ كتابكم الكريم وصل -وصلكم الله بِهداه- وفهمت ما تضمنه من عزمكم على كتابة ترجمة موسعة لصاحب الفضيلة الشيخ العلامة محمد بن ناصر الدين الألباني، ورغبتكم في كتابة رأينا في فضيلته، ونفيدكم أن الشيخ المذكور معروف لدينا بحسن العقيدة والسيرة، ومواصلة الدعوة إلى الله عز وجل مع ما يبذله من الجهود المشكورة في العناية بالحديث الشريف وبيان الحديث الصحيح من الضعيف من الموضوع، وما كتبه في ذلك من الكتابات الواسعة كله عمل مشكور ونافع للمسلمين، نسأل الله أن يضاعف مثوبته، ويعينه على مواصلة السير في هذا السبيل، وأن يكلل جهوده بالنجاح والتوفيق ..." إلخ ما قال.
فهذه شهادة وتزكية من مفتي عام المملكة -رحمه الله- للشيخ الألباني -رحمه الله- بأنه حسن العقيدة وحسن السيرة([67]).
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: "فالذي عرفته عن محدث الشام فضيلة الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنه حريص جدًّا على العمل بالسنة ومحاربة البدعة، وسواء كانت في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك وأنه على علم جمٍّ في الحديث رواية ودراية، وأن الله تعالى قد نفع بِما كتبه كثيرًا من الناس من حيث العلم، ومن حيث المنهاج، والاتجاه إلى علم الحديث، وهذه ثمرة كبيرة للمسلمين، ولله الحمد" انتهى بتصرف.
وهذا ما تيسر تدوينه في هذه العجالة، وأسأل الله أن يتقبله منِّي، ويكتبه في ديوان حسناتي وأن يجعله خالصًا لوجهه؛ مبرأً من شوائب الإحباط؛ إنه جواد كريم؛ غفور رحيم.
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أحمد بن يحيى النجمي
فـي 30/9/ 1418
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([29]) والَّتِي أسسها الأخ السلفي الشيخ/ موسى بن عبد الله آل عبد العزيز في عام (1415’) وهي مجلة فصلية تنشر البحوث العلمية والدراسات المعاصرة، والتراجم وهي تصدر من السعودية الرياض (ص. ب 15527رمز 11454) والبحث الذي هو بعنوان: "من التكفير إلى التفجير" موجودٌ في العدد الثاني من هذه المجلة وقد صدر في عام (1417 ’).
([30]) قطعًا يقصد بلاده سوريا. النَّجمي.
([31]) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه .
([32]) أي: الدكتور صاحب كتاب: "باطن الإثم".
([33]) أي: شيخنا النَّجمي.
([34]) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب الإيْمان، باب: المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابِها إلا بالشرك؛ لقول النَّبِي ج: (إنك امرؤ فيك جاهلية)، وقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَّشَاءُ﴾. وفي كتاب الأدب، باب: ما ينهى من السباب واللعن، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيْمان، باب: إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه من حديث المعرور بن سويد رضي الله عنه .
([35]) وذلك كقول سيد قطب في تفسيره في ظلال القرآن الكريم في (ج2/ 1057): "ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلاَّ الله وإن ظلَّ فريقٌ منها يردد في المآذن لا إله إلاَّ الله". ويقول أيضًا في الظلال (ج3 / 1634): "إنَّ المسلمين اليوم لا يجاهدون ذلك أنَّ المسلمين اليوم لا يوجدون إنَّ قضية وجود الإسلام ووجود المسلمين هي الَّتِي تحتاج إلى علاج" ا’.
([36]) سبق تخريجه.
([37]) أي: موسى الدويش.
([38]) وأخرج نحوه الإمام أبو داود في سننه في كتاب الأقضية، باب: فيمن يعين على خصومةٍ من غير أن يعلم أمرها بلفظ: "ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال" وبنحوه ورد في مسند الإمام أحمد برقم الحديث (5362) في مسند المكثرين من الصحابة، بترقيم إحياء التراث من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
([39]) أي الإمام الألباني -رحمه الله-.
([40]) وقد مات -رحمه الله- في مستهل شهر ربيع الثاني من عام اثنين وعشرون وأربعمائةٍ وألف من الهجرة النبوية.
([41]) إن أردت أن تسمع ثناء الشيخ مقبل الوادعي لولاة هذه البلاد المباركة فاسمع إلى شريط بعنوان: "مشاهداتي في المملكة" وستجد هذا الشريط -إن شاء الله- في تسجيلات الأصالة بجدة.
([42]) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب الصلاة، باب: الخوخة والممر في المسجد وفي كتاب المناقب، باب: قول النَّبِي ج: (سدوا الأبواب إلاَّ باب أبي بكر). وفي باب: فضل أبي بكر بعد النَّبِي ج، وفي باب: هجرة النَّبِي ج وأصحابه إلَى المدينة، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور وفي كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل أبي بكر الصديق من حديث أبي سعيد، وابن عباس -رضي الله عنهم جميعا-.
([43]) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده، وفي كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله عنه ، وفي كتاب الأدب، باب: التبسم والضحك، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عمر من حديث سعد بن أبي وقص رضي الله عنه .
([44]) أخرجه الإمام مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
([45]) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن y، وقال النَّبِي ج لعلي: (أنت مني وأنا منك) وقال عمر: (توفي رسول الله ج وهو عنه راض) وفي كتاب المغازي، باب: غز