بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :-
ورد إليَّ خطابٌ من مندوب جريدة عكاظ بجازان بدون رقم بتأريخ 17 / 8 / 1419 هـ وهو المدعو : محمد بن عبد الرحمن الدُّريبي قال فيه : " مع إطلالة شهر رمضان المبارك تعتزم جريدة عكاظ من خلال صفحة الفكر إلقاء الضوء على شخصيِّاتٍ إسلامية بارزة ساهمت بجهودٍ وافرة في مجالات الدعوة والتعليم ؛ ومن هذه الشخصيِّات المميَّزة الشيخ عبد الله بن محمد القرعاوي رحمه الله لذلك نأمل من فضيلتكم التكرم بالإجابة على الأسئلة المرفقة وأيَّ إضافاتٍ ترونها تثري هذا الجانب الهام من حياة شيخنا القرعاوي رحمه الله والتكرم بإرسال الإجابة إلينا مشفوعةً بصورةٍ شخصية وفقكم الله مع كتابة الاسم والتوقيع وهذه الأسئلة على النحو التالي :
س1- نودُّ إعطاءنا نبذة عن بدايات هذا الداعية بالمنطقة ؟
س2- بحكم معرفتكم الشاملة بفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد القرعاوي نرجو أن تبيِّنوا لنا أين تلقَّى تعليمه وما هي البلدان التي زارها لتلقي العلم ؟
س3- اختيار منطقة جازان لتكون مقصد دعوته لازال محلَّ سؤالٍ كيف كان هذا الاختيار ؟
س4- للشيخ عبد الله القرعاوي رحمه الله صفاتٌ تؤهله لمهمَّة الدعوة فما هي هذه الصفات وكيف كان أسلوبه في المعاملة مع الناس ؟
س5- بصفتكم من أبرز تلاميذه منذ بداياتِ دعوته السلفية بصامطة نرجو أن تبيِّنوا لنا كيف انطلقت تلك البدايات المحدودة في مجال الدعوة والتعليم ؟
س6- كانت الحالة الإجتماعية والإقتصادية بالمنطقة في حالة ضعف شديد ونحن نسأل ونقول كيف تغلب الشيخ عبد الله على تلك المصاعب ومن ساعده في هذا السبيل في ذلك الوقت ؟
س7- أين كانت بدايات دور العلم التي أنشأها فضيلة الشيخ عبد الله القرعاوي رحمه الله في المنطقة وما هي وسائل دعمها ؟
س8- عُرِفت منطقة جازان بأنَّها بيئة علمية ذات عقيدة سلفية صحيحة ولأهلها فطرةٌ سليمة .. فهل ساعدت هذه العوامل على تسهيل مهمَّة الشيخ القرعاوي رحمه الله ؟
س9- ما هي العوامل التي أسهمت في نشاطات مدارس الشيخ عبد الله القرعاوي حتَّى شملت المنطقة وما جاورها من المناطق ؟
س10- ما مدى تقبل الناس وإقبالهم على دعوة الشيخ القرعاوي بالمنطقة وما جاورها ؟
- 1 -
س11- تعددت وسائل الدعم ومؤازرة الدولة وفقها الله في عهد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز والملك سعود رحمهما الله تعدد هذا الدعم بجهود الشيخ القرعاوي ومدارسه نود أن تحدثونا عن هذا الجانب ؟
س12- ما هي الثمار التي جنتها المنطقة وكانت محصِّلةً لجهود الشيخ القرعاوي وطلبته منذ تأسيس مدارسه ومعاهده العلمية ؟
س13- هل لكم يا فضيلة الشيخ من كلمةٍ أخيرةٍ تودُّ أن تقولها وفاءاً بحق هذه الشخصية المميَّزة في عطاءاتها وجهودها الموفقة ؟
الإجابة :
ج1- لمَّا كانت الترجمة المطلوبة لشيخي رحمه الله ، وكان حقُّه عليَّ أكبر من ذلك بكثير فقد لبَّيْتُ الطلب مستعيناً بالله عزَّ وجل فأقول :
عبد الله بن محمد القرعاوي داعيةٌ معروف ومعلِّمٌ قدير عرفته منطقة جازان منذ أن قدم إليها عام 1358 هـ .
البدايات ثلاث 1- بداية حياته وهي مولده 2- بداية طلبه للعلم 3- بداية دعوته في المنطقة ؛ وكأنَّ المقصود بداية دعوته في المنطقة ولكن لابد من إلمامةٍ سريعة بنسبه وولادته وبداية طلبه للعلم ؛ فامَّا نسبه فهو عبد الله بن محمد بن حمد بن محمد بن عثمان بن علي بن محمد بن نُجيْد القرعاوي ولقِّبَ أحد أجداده بالقرعاوي لأنَّه سكن قريةً يقال لها القرعاء من ضواحي بريدة ؛ ولد رحمه الله في يوم 11 من ذي الحجة سنة 1315هـ ونشأ يتيماً في كنف والدته وإشراف عمِّه ذلك لأنَّ والده توفي وأمُّه حاملٌ به وكانت امرأةٌ صالحة كما ذكر لنا وقال :كانت بعد أن تصلي الفجر لاتباشر شيئاً من أعمالها حتَّى تقرأ شيئاً من القرآن فلمَّا بلغ سنَّ التمييز درس القرآن الكريم ثمَّ اشتغل بالتجارة مع عمَّه لأنَّه كان فقيراً حتَّى بلغ من العمر خمساً وثلاثين سنة ثمَّ بعد ذلك اتجه إلى دراسة العلم الشرعي فدرس على علماء بلده منهم عمر بن سليم وأخيه والشيخ محمد بن إبراهيم المفتي السابق والشيخ محمد بن مانع والشيخ عبد العزيز بن بشر وارتحل في طلب العلم مرَّتين إلى الهند مدينة دلهي ودرس في المدرسة الرحمانية بها وكانت رحلته الأخيرة في عام 1355هـ قرأ فيها الست الأمهات في الحديث وقرأ شيئاً من علوم الآلة وأخذ الإجازة في علم الحديث في 13 / 7 / 1357 هـ ثمَّ عاد إلى بلده السعودية والذي يظهر لي أنَّه لم يمر على أهله في عودته وإن كان مرَّ عليهم فإنَّه لم يجلس عندهم بل اتجه إلى مكة وجلس في مكتبة الحرم حوالي ستة أشهر حسب ما ذَكرَ لنا قرأ فيها كتباً كثيرة وقال لنا
- 2 -
أنَّه كان لحرصه على القراءة لايريد أن يشتغل بشيء قال فكنت إذا خرجتُ للصلاة أشتري خبزاً وأفتُّه بالماء وآكله فمكثت على هذا مدةً فأحسست برأسي وشوشة قال فذهبت فاشتريت تنكة سمنٍ فكنت إذا أحسست بالجوع آخذ شيئاً من الخبز وأفتُّه بين السمن وآكله فذهب عنِّي ما كنت أجد وفي هذه الأثناء فكَّر في الذهاب إلى الجنوب ولعلَّ الفكرة كانت تراوده من قبل ؛ حين كان يدرس عند الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله وسمع في تلك الأثناء أنَّ في جنوب المملكة جهلٌ كثير من شِرْكيَّاتٍ وبدعٍ وغيرها وفي هذه المدَّة عرضت عليه الوظائف فأباها واستشار شيخه في الذهاب إلى الجنوب وقوَّى من عزْمه أنَّه رأى النبي صلى الله عليه و سلم في النوم وقال له في الرؤيا اتجه إلى هذه الجهة وأشار له إلى الجنوب وفي يوم 20 صفر اتجه إلى جازان في سفينةٍ شراعية ولمَّا وصل جازان اشترى بضاعةً واستأجر عليها جمَّالِين يحملونها ورافقهم حتَّى وصل صامطة فاستأجر دكَّاناً وأنزلها فيه وقدم على قاضي صامطة في ذلك الحين إذ وجد عنده طلاَّباً يدرسون شيئاً من المبادئ عنده فكانت بداية تدريسه لهم إذ كان القاضي مشغولاً لايتفرغ لهم إلاَّ أحياناً في المساء وهذا مبدأ دعوته في الجنوب وقد أعطاه الشيخ ناصر خلوفة طيَّاش مباركي جزءاً من داره يبني فيه مدرسه فبنى فيها عريشاً ومكث يدرِّس وتسامع به الناس وجاء إليه الراغبون في طلب العلم وكان في البداية معه ستةٌ أو سبعة هم ناصر خلوفة وعثمان حملي وحسن حملي ومحمد ماطر ومحمد عثمان نجار ومحسن حملي ويحيى حسن مذكور وقد انضاف إليهم من الجرادية ثلاثة هم محمد جابر صغير ومنصور بهلول ومرعي بن أحمد القحطاني ومن النجامية حسن محمد شبير نجمي وأخيه حسين محمد شبير نجمي وفي شهر رمضان عام 1358هـ سافر الشيخ لزيارة أولاده وعاد في ذي الحجة سنة 1358هـ ومرَّ بمكة فأخذ شيئاً من الكتب وعاد إلى الجنوب وبنى عريشاً كبيراً مضافاً إلى العريش الأوَّل وبدأ التدريس في المدرسة في شهر ثلاثة عام 1359هـ ولكن كثر الطلبة في عام 1360هـ وكنت ممِّن انتظم في المدرسة باستمرار في أول عام 1360هـ ودخلت والشيخ حافظ ما زال يتداوى من الختان .
ج2- قد أشرت في بداية طلبه للعلم أنَّه درس في المملكة على بعض علماء القصيم وهم عمر بن سليم وأخوه وكان يدْرُس في الرياض أحياناً على الشيخ محمد بن إبراهيم المفتي السابق وأنَّه درس في قطر على الشيخ محمد بن مانع وعلى الشيخ عبد العزيز بن بشر في الأحساء وأنَّه سافر إلى الهند لطلب العلم مرتين وذكر لنا أنَّه تعلم الكتابة في مدرسة الحلواني في مكة وقد تجوَّل في كثير من البلدان منها مصر والشام وفلسطين والعراق ليجد عالماً سلفياً يدْرسُ عليه فلم يجد وأخيراً اتجه إلى المدرسة الرحمانية في الهند وهي مدرسةٌ يدرَّس فيها الحديث على مذهب أهل السنَّة والجماعة في العقيدة فدرس بها أوَّل مرة ورجع إلى بلده حين كتبت له أُمَّه فرجع ووجد أنَّها قد توفيت قبل وصوله بأيام قليلة وسافر للهند السفرة الأخيرة في سنة 1355هـ ومكث فيها سنتان أو أكثر قرأ فيها الأمهات وأخذ الإجازة في 13 / 7 / 1357هـ من شيخه أحمد الله بن أمير القرشي لربما قال قائلٌ فلمَ لم يطلب العلم في الأزهر وهو المنارة المعروفة بالعلم آنذاك وأقول إنَّ الشيخ رحمه الله نشأ في بلد توحيد وتعلمَّ التوحيد والعقيدة السلفية الصحيحة على مشائخ وعرف أنَّ الدراسة في الأزهر على العقيدة الأشعرية ورأى من الشركيات في الأضرحة والمشاهد مالاصبر له عليه وفي مصر من البدع المنتشرة ما قد جعلها الناس سنناً فرأى مالاطاقة له أن يتصدى لها وينكرها وإن سكت رأى أنَّ السكوت على مثل ذلك أمرٌ عظيمٌ ثمَّ سافر إلى بلاد فلسطين يسأل عن شيوخ العلم فدلَّ على شيخٍ فلمَّا دخل عليه وجده جالساً في وسط الحلقة فقال من أين جئت قال من الجزيرة العربية قال من أين منها قال من نجد قال أنت من الذين يأكلون الشعير قال نعم فقال له الشيخ أتأذن يا شيخ قال نعم قال أليس النبي صلى الله عليه و سلم أكل الشعير قال بلى قال أليس حين مات كان درعه مرهونة في ثلاثين صاعاً من شعير أخذها نفقةً لأهله قال بلى قال فلم تعيِّرنا بأكل الشعير ألا تعلم أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الجلوس وسط الحلقة فقال بلى فافحمه والمهم أنَّه قد سافر من حينه فمرَّ على بيت المقدس وعكَّا وديار بكرٍ وحلب ودمشق وغير ذلك لكن لم يجد المشائخ السلفيين الذين يرضى بالتلقي عنهم هذا فيما يظهر لي أنا وإلاَّ فإنَّه لم يشافهني بذلك ولكنَّها الحقيقة .
ج3- أوَّلاً وقبل كلِّ شيء تلك عناية الله ومشيئته أراد أن ينقذ بدعوته أقواماً من الشرك والبدع والجهل والظلم إلى التوحيد والسنَّة والعلم والعدل ففعل ؛ جاء إلى أقوامٍ متلهفين للعلم والمعرفة أشدَّ من عطش الأرض المجدبة التي تتلهف للماء فما هي إلاَّ أيَّامٌ قلائلٌ فإذا هي قد توشحت بالخَضِرِ والأزاهير وما هي إلاَّ أيامٌ قلائل وإذا بأُؤلئك الرجال قد انصبغت قلوبهم بصبغة الإيمان وتعطرت ألسنتهم وأفواههم بتلاوة القرآن وتضوعت جوارحهم بعبادة الرحمن وكانوا دعاةً إلى التوحيد حرباً على أهل السحر والشعوذة وعبادة القبور والأوثان ولقد حصل لهم في أول الأمر ولشيخهم من أنواع الأذى ماحصل ونالوا من ذلك ما قد ضرب الله به في كتابه المثل ولقد حصل لهم بوجود الدولة التي ما زالت تؤيدهم وتعضدهم خيرٌ كثير وصرف الله عنهم بذلك شرَّاً مستطيراً وأخيراً وتوطدت دعائم دعوته وانتشرت في جميع المنطقة بل وخارجها بانتشار المدارس التي انتشر بها التوحيد والحمد لله على ذلك ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ومع ذلك فقد جعل الله لكلِّ شيءٍ سبباً وكان السبب في اختيار هذه المنطقة بالذات بعد قضاء الله وقدره أنَّ الشيخ عبد الله رحمه الله كان يجلس عند الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فيسمع من أخبار المنطقة الجنوبية وأنَّه يسود ويفشو فيها الشرك والبدع والظلم وتنتشر فيها الملاهي والألعاب ويختلط فيها الرجال بالنساء وتقع بسبب ذلك منـاكر عظيمة وتمُنعُ المرأة من إرث أبيها إلى غير ذلك فألقى الله عزَّ وجل في قلب شيخنا ما جعله يفكر في ذلك كثيراً حتَّى رأى تلك الرؤيا وهو مجاورٌ في الحرم ويقرأ في مكتبة الحرم الليل والنهار فزاد ذلك من رغبته واستشار شيخه المفتي السابق الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فأشار عليه ودعا له بخيرٍ فقوِيَ العزم وتوطدت النية وكان الإيمان عميق والمحبة في الجهاد كبيرة وحبُّ التضحية كثير فأحيا الله به قلوباً ونوَّر الله بعلمه أفئدةً حتَّى أنَّه فيما أظن قلَّ ما أمسى رجلٌ ولا امرأة في منطقة جازان إلاَّ وله في عنقه مِنَّة لأنَّه إمَّا أن يقرأ فيستفيد وإمَّا أن يسمع فيستفيد بالسماع .
ج4- إنَّ الله سبحانه وتعالى وفقه رحمه الله إلى صفات الداعية المأمور بها شرعاً وإن كان بعضها يتنافى مع جبلته التي خلق عليها أصلاً فتخلق رحمه الله بضدها فمثلاً كان الشيخ رحمه الله في الأصل في خلقه حِدَّه ولكنه تخلق بالصبر والحلم تأسياً بالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كما في قوله جلَّ من قائل ] فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل [ وكما في قوله تعالى : ] ولقد كذبت رسلٌ من قبلك فصبروا على ما كذِّبوا وأوذوا حتَّى أتاهم نصرنا ولامبدِّل لكلمات الله [ فنقول : أوَّلاً : إنَّ من أبرز صفات الشيخ التى نال بها ما نال الصبر فقد كان يخبرنا أنَّ فلاناً رفع فيه وافترى عليه بأشياء فيأتي إليه ذلك الشخص فيقوم إليه ويرحب به ويعانقه وكأنَّ شيئاً لم يحدث .
ثانياً : ومن تلك الصفات الحلم فقد كان رحمه الله حليماً يحلم عمَّن أساء إليه .
ثالثاً : قوة التحمل فقد كان رحمه الله قويَّ التحمل ومقابلة الإساءة بالإحسان .
رابعاً : عمق الإيمان الذي يجعله يتحمل الأمور العظيمة من غير تضجُّرٍ رجاءً للثواب وعظيم الأجر من الله عملاً بقوله تعالى : ] ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنَّه وليٌّ حميم × وما يلقَّاها إلاَّ الذين صبروا وما يلقَّاها إلاَّ ذو حظٍّ عظيم [ .
خامساً : الأنائة في الأمور وعدم التسرع فيها فقد كان يأتيه أحد طلاَّبه منفعلاً فيهدئه ويصبره رحمه الله ثمَّ يتبَّيِّن للطالب فيما بعد أنَّ الصواب كان معه رحمه الله .
سادساً : الكرم وقد كان رحمه الله يكرم رؤساء القبائل إذا بدا من رئيس القبيلة معارضةً لأمرٍ من أمور الدعوة وقد أرسل أحد طلاَّبه إلى قريته ليفتح مدرسة فلمَّا علم شيخ القرية قال لجماعته وكانوا أصحاب ماشية " خلَّوا - أي اتركوا - أولادكم يسرِّحون ماشيتكم ما ها تنفعكم إلاَّ دوابكم لاتطاوعوا جماعة القرعاوي فجاء الطالب يشكو مالقيه من شيخ القرية وأهلها فلقيَ الشيخ بعد ذلك رئيس القرية الذي قال ما قال فاستقبله واحتضنه ورحب به ثمَّ أعطاه حبَّة جنيه ذهب وقال له خذ هذه ولايراها أحد ولاتخبر بها أحداً ولم يقل شيئاً بخصوص المدرسة فلمَّا رجع أرسل لأعيان قبيلته فحضروا فقال لهم أرسلوا أولادكم إلى المدرسة والدواب اجعلوا فيها أجراء فالعلم هو الذي سينفع أولادكم هذا الشيخ القرعاوي درَّةٌ ونعمةٌ ساقها الله إليكم " نحو هذا بلغني من ثقة من طلاَّب الشيخ وممَّن هم قريبون من هذه القبيلة وهذا يدل على ما كان يتمتع به شيخنا رحمه الله من حكمةٍ وحسن تصرف وهذا كان في أوَّل الأمر ولمَّا أعطي مدارس في عهد الملك سعود رحمه الله كان يجعل رئيس القبيلة مراقباً وبعض الأعيان فرَّاشاً وهذا يقاوله على إحضار الماء فوظَّف رؤساء القبائل وأعيانهم فصاروا كلَّهم خدماً للدعوة .
ج5- كانت دعوة الشيخ رحمه الله تعتمد على التعليم أكثر منها على الكلمات الوعظية فكان يركز على تعليم مجموعةٍ من الشباب ويختار منهم من يرى أنَّه قد فهم شيئاً من أصول الدِّين فيرسله معلِّماً وداعياً إلى إحدى القرى فيفتح له مدرسة وكان في مساء يوم الخميس من بعض الأسابيع يذهب مع بعض تلاميذه الكبار إلى إحدى القرى فيلقي عليهم المواعظ بخصوص التوحيد والصلاة وصفتها وغير ذلك وربما يعطي بعض تلاميذه إشارةً بالخروج يوم الجمعة وإذا سمعوا بمشعوذٍ طاردوه فإمَّا أن يلقوا عليه القبض ويذهبوا به إلى الأمير أو القاضي فيسجنه أو يفرَّ إذا كان من غير أهل البلد فلا يعود .
ج6- كان الأمر كما قلتَ ولكن كانت عناية الله عزَّ وجل بذلك الداعية ودعوته عظيمة لأنَّه على حق ويدعو إلى حقْ فألهمه الله جلَّ وعلا أنَّه إذا كان خصبٌ وزراعةٌ في ناحية من النواحي القريبة من صامطة نقل المدرسة إلى القرية المخصبة واجتمع بكبار أهل القرية وأغنيائهم ورغبهم فيما عند الله وحثَّهم على مساعدة طلاَّب العلم وكلُّ واحدٍ منهم يأخذ من الطلاَّب الذي يستطيع عليه واحداً أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر ولمَّا عمَّ القحط في الجهات في عام 1362هـ فتح مدرسة في البيِّض وجعل بعض طلبته مدرساً فيها ثمَّ افتتح مدرسةً في ضمد وهكذا …. وفي رجعته الأخيرة كان له مالٌ قليل وكان يعطي بعض أصحاب البيع والشراء في صامطة مضاربة وكان يجمع ما حصل له ويشتري ذرة في أيام الحصاد عند رخص الذرة ويشتري قوطة كثيرة _ أي طماطم - ويعامل بائعات الحقنة - أي لبن البقر - ويؤجر على الطحين _ أي الذرة المطحونة - ولعلهم يخلطون معه شيئاً من البر ويجمع الطلبة لمدة ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر وفي الضحى يعطي كلَّ واحد نصف قرص من الذرة ويجعل من طلبته مدرسين لهؤلاء وتكون الدراسة جِدِّيَّة فإذا انتهى ما عنده من الطعام أو قرب ينتهي فرَّقهم في القرى مدرسين وكلُّ واحدٍ منهم يكتب له الشيخ إلى رئيس القرية ليكون مدرساً فيها ويتحملون نفقته ولو بالتداول كلَّ أسبوع عند واحد أو كلّ شهر عند واحد وهكذا أمضى ما بين الستين إلى ما يقارب عام 1374هـ أو 1375هـ ولمَّا وجد من طلاَّبه موظفون كان يوزع بعض الطلبة المرابطين في المدرسة السلفية على بعض طلاَّب العلم الموسرين والطريقة الأولى كانت معمولاً بها من دخول سنة 1367هـ في مـوضعين في بيش على يد الشيـخ حافظ وفي صامطة على يد الشيـخ ناصر خلوفة وبعد فتح المعهد عادت كلَّها إلى صامطة حين انتقل الشيخ حافظ إلى صامطة مرَّة أخرى وبقي الشيخ ناصر على هذه الطريقة زمناً بعد توقف عامَّة المدارس رحم الله الجميع .
ج7- كانت المدرسة السلفية بصامطة هي الأم وضلَّت هي الأم وقد افتتح مدرسةً في ضمد وكان المدرس فيها هادي بن علي مطيع وكذلك كان مديراً للمدرسة قبل أن يعيَّن قاضياً وافتتح مدرسةً في فيفا وكان المدرس فيها الشيخ محمد بن يحيى القرني قبل أن يعيِّنَ قاضياً وفتح مدرسةً في الدرب وكان المدرس فيها يحيى بهلول زمناً وقد افتتح مدرسةً في بيش كان المدرس فيها عمر جردي ثمَّ حسين عبد الله ثمَّ بعد ذلك انتقل الشيخ حافظ إلى بيش فكانت المدرسة في أمِّ الخشب من عام 1367-1373هـ وقصده الطلاَّب من كلِّ ناحية وكذلك أيضاً فتح مدرسة في صبيا وكان فيها الشيخ عمر جردي إماماً ومدرساً وفتح مدرسةً في البيطارية وكان فيها الشيخ أحمد جابر وفتح مدرسةً في المضايا وكان فيها محمد عثمان نجار وفتح مدرسةً في البرك وكان فيها حسن زيد قبل أن يعيَّن قاضياً والمهم أنَّ المدارس التي بقيت واستمرت هي مدرسة صامطة ومدرسة ضمد ومدرسة بيش وهناك مدارس لم أذكرها وهي مدرسة الطوال وكان فيها الشيخ حسين بن محمد النجمي حتَّى عُيِّن قاضياً في عام 1372هـ ومدرسة المباركة وهي قريةٌ عنطوطة وكان المدرس فيها الشيخ حسن بن محمد النجمي وبقيَ إلى أن عيِّن قاضياً في عام 1372هـ ومدرسة النجامية كان فيها كاتب هذه الأسطر وبقيت فيها إلى أن عُيِّنت في المعهد العلمي عند افتتاحه ومدرسة في اللقية وكان فيها الشيخ منصور بهلول حتَّى عيِّن قاضياً ومدرسة الجرادية وكان فيها محمد جابر مدخلي إلى غير ذلك من المدارس ثمَّ فتحت مدارس كثيرة بعد مجيء الملك سعود رحمه الله إلى المنطقة في عام 1374هـ حتَّى خرجت عن منطقة جازان إلى أبها ونجران وبيشة والقنفذة والباحة . وأمَّا وسائل دعمها فكان قبل عام 1373هـ الذي تحدثت عنه سابقاً وبعده كان هناك وظائف ورواتب واستمرت إلى أن وُقِّفَتْ في عام 1379هـ
ج8- القول بأنَّ منطقة جازان عُرفت بأنَّها منطقة علمية ذات عقيدة سلفية صحيحة هذا فيه نظر من وجهين الأول : أنَّ منطقة جازان ليست كلَّها ذات بيئة علمية بل معظمها يسيطر على أهلها الجهل والجفاء ولم تُعرَف البيئة العلمية قبل مجيء الدولة السعودية إلاَّ في ضمد فقد عرف منهم علماء فطاحل منهم الشيخ محمد بن ناصر الحازمي ومنهم الشيخ الحسن بن خالد الحازمي ومنهم الشيخ الحسن بن أحمد العاكشي وما عدا أهل ضمد فالعلم قليل بل يكاد يكون معدوماً .
الوجه الثاني : قولكم ذات عقيدة سلفيةٌ صحيحة هذا فيه نظرٌ أيضاً فإنَّ المنطقة كانت قبل مجيء الشيخ وحين مجيئه تسيطر عليها الخرافات والسحر والشعوذة وشرك القبور والبدع وتسيطر على أهلها عاداتٌ مخالفةٌ للإسلام ؛ نعم كانت المنطقة سليمة من عقائد التشيع والرفض وخاليةً من عقائد الصوفية والتجهم والاعتزال لكنَّها لم تسلم من شرك القبور والسادة والكهانة والسحر وغير ذلك فأين تكون العقيدة السلفية الصحيحة من هذه المعتقدات والأعمال المخالفة للشرع علماً بأنَّ أهل العلم في المنطقة وإن وجِدُوا فإنَّهم لم توجد منهم دعوة إلى ترك الشرك والعقائد المنحرفة والبدع وإن وجد منهم شيءٌ في المجال النظري لم يوجد في المجال العملي . والمهم أنَّ إطلاق القول بأنَّ أهل المنطقة هنا على العقيدة السلفية الصحيحة غير واردٍ إلاَّ من باب إطلاق المؤرِّخين الذين يقولون أهل بلادِ كذا سُنِّيون ويقصدون أنَّهم غير شيعة ولا خوارج ولا معتزلة قدرية ولاصوفية ؛ ولاشكَّ أنَّ خلو المنطقة من هذه العقائد المنحرفة ساعد الشيخ على نشر المذهب السنِّي السلفي والعودة بأهل المنطقة إلى العقيدة السلفية الصحيحة وإزالة ما علِقَ بها من شركيِّاتٍ وبدعٍ وخرافات ولاننسى أنَّ لدولة الملك عبد العزيز النصيب الأكبر والحظ الأوفر في القضاء على كلِّ المظاهر المنافية للشرع الإسلامي فما إن يستقر ملكه على بلدٍ إلاَّ ويزيل منها مظاهر الشرك فيأمر بالقضاء على الأضرحة وهدم الأبنية التي تقام على القبور ويمنع البدع الظاهرة المنتشرة في البلاد التي يستولي عليها وأذكر وأنا صغير أنَّه عندما استقرت سلطة ابن سعود رحمه الله على منطقة جازان منع ما يسمَّى بالوحشة وهي تفرقة التمر والطعام عند الدفن للميت ومنع الموالد التي كانت تعمل في اليوم الثالث أو السابع بعد الموت ومنع الختان الجاهلي وهو السلخ إلى السرَّة أو كامل القصبة الذي كان سائداً في المنطقة ولمَّا تجاوز بعض الناس وختنوا على العادة الجاهلية قطعت أيدي سبعةٍ من الختَّانين في المنطقة وكان في ذلك العلاج الحاسم لتلك العادة المنكرة وقضى رحمه الله على الختان العلني بحيث أن لايختن الولد إلاَّ بعد أن يظهر شاربه ويجلسون شهراً يلعبون وفي يوم الختان يجعلون المدرَّمة وهم الشباب الذين يريدون الختان على مكانٍ مرتفع ويكشفون عن ذكر الشاب أمام الرجال والنساء ويسلخه الختَّان بعد أن ينتدب ويبحجر بعينيه - أي يبالغ في فتح عينيه - فإن رفَّ طرفه أي تحرَّك جفنه أو تحركت منه بشرةً قالوا ترغَّل - أي جبُنْ - وسبُّوه جميعاً الرجال والنساء وإن سلَّمه الله شكروه وقبَّلوا رأسه فقضت الدولة على هذه المظاهر فرحم الله الملك عبد العزيز رحمة الأبرار الأخيار لقد كان من المجددين للإسلام الذين يحيي الله بهم ما اندثر من الدين ولكون ذلك الملك كان صاحب سنَّة وكان حوله علماء أبرار وأئمةٌ أخيار من آل الشيخ وغيرهم وكانت سلطته تعد امتداداً لسلطة أجداده محمد بن سعود وأنجاله رحمهم الله والعلماء حوله على المنهج السلفي لأنَّهم على منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأنجاله وتلاميذه رحمهم الله رحمة الله الأبرار وقد جاء الشيخ عبد الله بن محمدٍ القرعاوي على هذا الوضع فأصلح ما بقي وعلَّم الناس وعرَّفهم على السنَّة والتوحيد وقضى على ما بقي من مظاهر الشرك والبدع التي كانت من مخلَّفَات الجاهلية فاجتمع الإصلاح العلمي إلى الإصلاح السياسي فتواءما وتعاونا إذ سار أولاد الملك عبد العزيز على نهج والدهم رحم الله من وافى أجله منهم وحفظ الله من بقي إلاَّ أنَّه في الوقت الحاضر ينبغي التنبه للحزبيات الوافدة التي تغلغلت بطريقةٍ خفية فحوَّلت بعض شبابنا عن المنهج السلفي الحق وأدخلت فيهم ما أدخلت من العقائد الغريبة على الإسلام نسأل الله أن يثبتنا على دينه حتَّى نلقاه على ذلك وأن يثبت دولتنا على الحق ويبصرها بالخلل ويعينها على إصلاحه .
ج9- أوَّلاً : ذلك بعد عناية الله وتسديده وعونه .
ثانياً : ومن ذلك معاضدة الدولة له سياسياً ومادياً جزى الله الدولة خير الجزاء على ما قدمته وتقدمه من مناصرةٍ للعقيدة السلفية وأهلها من مملكتنا الحبيبة .
ثالثاً : قد تقدم أن تحدثت عن هذا الموضوع وكيف كان الشيخ يحاول ويدبر ويستعين بما يأتيه من الدولة من مساعدة .
ج10- كان إقبال الناس على دعوة الشيخ ومدارسه عظيماً وبالأخص بعد أن لمسوا فائدتها وعرفوا جدواها لقد عارض بعض الآباء حين رحَّل الشيخ أوَّل دفعةٍ من المعهد بعد وفاة الشيخ حافظ رحمه الله وكان قد رحَّلهم الشيخ رحمه الله على حسابه فلمَّا نجحوا وعادوا مدرسين وبعضهم قضاة عرف الناس جدوى الدراسة ولمسوا فائدتها فجزى الله ذلك الشيخ خير الجزاء ورفع درجته في الفردوس الأعلى فجعلوا يتبارون بعد أن عرفوا الفائدة من وراء الدراسة والحمد لله على ذلك .
ج11- أنَّ الشيخ كان حين بدأ دعوته وفتح مدرسته السلفية ليس له بيتٌ ولا مأوى إلاَّ المسجد وبيت القاضي الشيخ إبراهيم العمودي رحمهما الله جميعاً وكان لابدَّ لكلِّ مصلحٍ من معارضين يحاولون طمس الحق وقلب الحقائق فرفع قومٌ من الأشرار فيه وفي طلبته فأرسل الملك عبد العزيز رحمه الله هيئةً تستطلع الخبر برئاسة الشيخ فيصل المبارك والشيخ محمد علي البَيْز فنقل الشيخ المدرسة في المسجد وأنزل الضيف في المدرسة وواصلوا البحث والنقاش معه ومع طلبته وخرجوا بصورةٍ مشرِّفة واقترحوا فيما بلغنا أن يعطي الشيخ مرتَّباً قدره ستين ريالاً شهرياً وكانت الستون ريالاً في ذلك الزمن شيءٌ كثير وأن يعطى طلبته الثابتين على عشرة ريالات وكانت نواة خير ثمَّ بعد ذلك تواصل الخير وتواصل الدعم ففي عام 1365هـ رفع أعداء الدعوة على عادتهم في طمس الحق وقلب الحقائق فأرسل الملك عبد العزيز لجنةً من آل الشيخ ومروا على المدارس وأخذوا الحقائق فأفادوا بأنَّ الشيخ وطلبته على العقيدة السلفية وأوصوا بفتح ستٍ وعشرين مدرسة في كلِّ مدرسةٍ معلِّمٌ ومساعد وفي عام 1366هـ حجَّ الشيخ وجلس في مكة يراجع في إنجاز تلك المدارس حتَّى نجحت وقرَّروا لكلِّ مدرسٍ ثمانين ريالاً ولكلِّ مساعد ستين ريالاً ولم يزل الدعم يتواصل للشيخ وطلبته فعُيِّنَ منهم قضاة وكتَّابُ عدلٍ ومدراء مدارس ومدرسين ورؤساء هيئةٍ وأعضاء هيئة وفي عام 1373هـ عُيِّن الشيخ معتمداً للمعارف في منطقة جازان وكانت مدارس المعارف تابعة له وفي نهاية هذا العام اعتذر واستقال من المعارف وكان الشيخ قد راجع في فتح معهدٍ علميٍّ بصامطة ففتح في عام 1374هـ وزاره الملك سعود رحمه الله حين زار المنطقة وأخيراً وافق للشيخ القرعاوي على ميزانيةٍ خاصة لمدارسه ففتح مدارس كثيرة تعدت المنطقة إلى اليمن وإلى أبها وبيشة والباحة والطائف ونجران والقنفذة والمهم أنَّ الدولة دعمت الشيخ القرعاوي دعماً عظيماً فجزى الله دولتنا خير الجزاء على ما قدمت للدعوة السلفية من دعمٍ عظيم .
ج12- إنَّ الحصيلة هي نشر العلم بدلاً من الجهل والسنَّة بدلاً من البدعة والتوحيد بدلاً من الشرك والعدل بدلاً من الجور والحق بدلاً من الباطل والحمد لله على ذلك لقد كان قبل مجيء الشيخ يبحث الواحد عمَّن يحُلُّ له قضيةً فرضية فلايجد وقد يسافر إلى مكان بعيد ولمَّا انتشرت مدارس الشيخ القرعاوي وجد الكثير من طلاَّب العلم يحلُّون المسائل الفرضية أوبعضها وإنَّك لتجد الفرق بين منطقة جازان وما يجاورها في الوعي الدِّيني تجد الفرق كبيراً والبون شاسعاً فالعلم نورٌ والجهل ظلامٌ دامس فانظر رعاك الله الفرق بين حال المنطقة الآن وحالها قبل مجيئه .
ج13- ماذا أقول وأنا أعتقد أنِّي مهما قلت فلن أوفِّي شيخي حقَّه لأنَّه كان لنا ولجميع طلاَّب العلم الأب الحنون بل أشد وكان يبذل في نشر العلم كلَّ غالٍ ونفيس وكان رحمه الله ينفق كلَّ ما يملكه على طلاَّب العلم وأخيراً إنَّ لشيخنا نحن طلبته في أعناقنا مِنَنَاً لأنَّه علَّمنا وربَّانا ووظفنا فلم نقدِّم في وظيفة ولم نراجع فيها بل أنَّه لا يشعر الواحد منَّا إلاَّ حين يقول له أنت عيِّنت في كذا أو يعطيه القرار فهذا قاضٍ وهذا مدرس وهذا مدير مدرسة وهذا رئيس هيئة وهذا عضو هيئة وهذا إمامٌ وخطيب وهذا مقدِّر شجاج وهذا مأذون عقود وهذا كاتب ضبط وهذا كاتب عدلٍ إلى غير ذلك فيا إخواني طلاَّب العلم القدامى وأنتم يا من درستم في المعهد العلمي الذي أسَّسه شيخنا في هذه المنطقة اعرفوا للشيخ حقَّه وأكثروا من الدعاء والاستغفار له فلعلَّكم إن فعلتم ذلك تؤدون بعض حقِّه عليكم وأنا أقول أنَّه لم يطلب من أحدٍ جزاءً إلاَّ من الله ولكن من باب مكافئة المعروف فهذا نعتبره حقَّاً واجباً علينا نأثم بتركه ؛ اللهمَّ أجز شيخنا عنَّا خير ما جزيت شيخاً عن تلامذته ومحسناً عمَّن أحسن إليه وفي الختام من أراد الاستزادة عن ترجمة الشيخ فعليه أن يرجع إلى كتاب النهضة الإصلاحية في جنوب المملكة العربية السعودية لصاحبها فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد القرعاوي بقلم تلميذه الشيخ عمر ابن أحمد جردي المدخلي وإلى كتاب الطيف العـابر لعلي بن قاسم فيـفي وترجمة الشيخ القرعاوي لتلميذه الشيخ موسى بن حاسر سهلي وأخيراً أشكر الله عزَّ وجل على ما هيَّأ من هذه المناسبة ثمَّ أشكر القائمين بجريدة عكاظ على اختيار هذه الشخصية الدعوية الفذَّة للتنويه بها وإظهار فضلها الذي قد يكون أنَّه يخفى على كثيرٍ من الناس فجزاهم الله خيراً ووفقهم لما يحبه الله ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كتب هذا : أحمد بن يحيى النجمي