غزل إداري
عدد الرسائل : 84 السٌّمعَة : 2 نقاط : 221 تاريخ التسجيل : 04/07/2009
| موضوع: القــــــــــــبر موعدنا.. الإثنين يوليو 20, 2009 3:32 pm | |
| الحمد لله ذي الملكوت والسلطان، والصلاة والسلام على رسول ربنا الرحمن، محمد وعلى آله وصحبه البررة الكرام، أما عد : أخي المسلم : هل رأيت القبور؟ هل رأيت ظلمتها؟ هل رأيت وحشتها؟ هل رأيت شدتها؟ هل رأيت ضيقها؟ هل رأيت هوامها وديدانها؟
أما علمت أنها أعدت لك كما أعدت لغيرك؟
أما رأيت أصحابك وأحبابك وأرحامك نقلوا من القصور إلى القبور .. ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود .. ومن ملاعبة الأهل والولدان إلى مقاساة الهوام والديدان .. ومن التنعيم بالطعام والشراب إلى التمرغ في الثرى والتراب .. ومن أنس العشرة إلى وحشة الوحدة .. ومن المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل؟ فأخذهم الموت على غرة، وسكنوا القبور بعد حياة الترف واللذة ، وتساووا جميعاً بعد موتهم في تلك الحفرة، فالله نسأل أن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة .
أتيــت القبور فساءلتــــــها *** أين المعظم والمحتقر ؟! وأين المــــذل بسلــــــطانه *** وأين القوي على ما قدر؟! تفانوا جميعاً فما مــــــخبر *** وماتوا جميعاً ومات الخير!! فيا سائلي عن اناس مضوا *** أما لك فيما مضى معتبر؟! تروح وتغدو بنات الــــثرى *** فتمحو محاسن تلك الصور! هول القبور
* عن هانئ مولى عثمان قال: عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي من هذا؟ فقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «القبر أول منازل الآخرة، فإن ينج منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه» ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه» {أحمد والترمزي وحسنه الألباني} وفي حديث جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لا تمنوا الموت فإن هول المطلع شديد» {أحمد وحسنه الهيثمي} .
* أخي الكريم : تجهز إلى الأجداث ويحك والرمس *** جهازاً من التقوى لطول ما حبس فإنـــك ما تدري إذا كنت مصبحــاً *** بأحسن ما ترجو لعلك لا تمســي * شيع الحسن جنازة فجلس على شفير القبر فقال : «إن أمراً هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله ، وإن أمراً هذا أوله لحقيق أن يخاف آخره» .
* ووعظ عمر بن عبدالعزيز يوماً أصحابه فكان من كلامه أنه قال :«إذا مررت بهم فنادهم إن كنت منادياً ، وادعهم إن كنت داعياً، ومر بعسكرهم، وانظر إلى تقارب منازلهم .. سل غنيهم ما بقي من غناه؟ .. واسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون، وعن الأعين التي كانوا للذات بها ينظرون .. واسألهم عن الجلود الرقيقة ، والوجوه الحسنة، والأجساد الناعمة، ما صنع بها الديدان تحت الأكفان؟! .. أكلت الألسن، وغفرت الوجوه، ومحيت المحاسن، وكسرت الفقار، وبانت الأعضاء ، ومزقت الأشلاء فأين حجابهم وقبابهم؟ وأين خدمهم وعبيدهم؟ وجمعهم وكنوزهم؟ أليسوا في منازل الخلوات؟ أليس الليل والنهار عليهم سواء ؟ أليسوا في مدلهمة ظلماء؟ قد حيل بينهم وبين العمل، وفارقوا الأحبة والمال والأهل.
* فيا ساكن القبر غداً ! ما الذي غرك من الدنيا؟ أين دارك الفيحاء ونهرك المطرد؟ وأين ثمارك اليانعة؟ وأين رقاق ثيابك؟ وأين طيبك وبخورك؟ وأين كسوتك لصيفك وشتائك؟ .. ليت شعري بأي خديك بدأ البلى .. يا مجاور الهلكات صرت في محلة الموت .. ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا ..وما يأتيني به من رسالة ربي .. ثم انصرف رحمة الله فما عاش بعد ذلك إلا جمعة .
* إخوتي : تفكروا في الذين رحلوا .. أين نزلوا ؟ وتذكروا ا، القوم نوقشوا وسئلوا .. واعلموا أنكم كما تعذلون عذلوا .. ولقد ودوا بعد الفوات لو قبلوا .. ولكن هيهات هيهات وقد قبروا .
* عن وهب بن الورد قال : بلغنا أن رجلا فقيها دخل على عمر بن عبدالعزيز فقال : سبحان الله ! فقال له عمر : وتبينت ذلك فعلا؟ فقال له ك الأمر أعظم من ذلك ! فقال له عمر : يا فلان ! فكيف لو رأيتني بعد ثلاث ، وقد أدخلت قبري .. وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الخدين ، وتقلصت الشفتان عن الأسنان .. وانفتح الفم .. ونتأ البطن فعلا الصدر .. وخرج الصديد من الدبر !!
* وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه : «ويحك يا يزيد ! من ذا يصلي عنك بعد الموت ؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى عنك بعد الموت؟ ثم يقول : أيها الناس ! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم .. من الموت موعده .. والقبر بيته .. والثرى فراشه .. والدود أنيسه .. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر .. كيف يكون حاله ؟! ثم بكي رحمه الله .
| |
|
غزل إداري
عدد الرسائل : 84 السٌّمعَة : 2 نقاط : 221 تاريخ التسجيل : 04/07/2009
| موضوع: تكملة الموضوع القبر موعدنا الإثنين يوليو 20, 2009 3:37 pm | |
| زيارة القبور وفوائدها
أخي الحبيب : حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم على زيارة الموتى في قبورهم، والأعتبار بأحوالهم ، فقال عليه الصلاة والسلام: « زوروا القبور فإنها تذكر الموت» {مسلم} * وقال النبي صلى الله عليه وسلم «نهيتكم عن زيارة القبور فزروها» رواه مسلم * وعند أبي داود: «فإن في زيارتها تذكرة» * وعند الإمام أحمد : «فزوروها فإن في زيارتها عبرة وعظة» * وكان النبي صلى الله عليه إذا أتى المقابر قال : «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لا حقون، أنتم لنا فرط، ونحن لكم ، أسأل الله ولكم العافية» {مسلم}
* وفي زيارة القبور فوائد كثيرة منها أنها : 1- تذكر الموت والآخرة 2- تقصر الأمل 3- تزهد في الدنيا 4- ترقق القلوب 5- تدمع الأعين 6- تدفع الغفلة 7- تورقث الخشية 8- تورث الاجتهاد في العبادة . * قال محمد بن واسع لرجل : ما أعجب إلى منزلك ! فقال : وما بعجبك من منزلي وهو عند القبور ؟ قال : وما عليك ، يكفون الأذى ويذكرون الآخرة !!»
الأسباب الموجبة لعذاب القبر
* أخي المسلم الموفق : ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن أهل القبور يعذبون على جهلهم بالله ، وإضاعتهم لأمره، وارتكابهم لمعاصيه، فإن عذاب القبروعذاب الآخرة أثر غضب الله وسخطه على عبده ، فعذاب القبر يكون على معاصي القلب، والعين، والأذن، والفم، واللسان، والبطن، والفرج، واليد،، والرجل، والبدن كله، فمن أغضب الله واسخطه في هذه الدار ثم لم يتب، ومات على ذلك، كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه، فمستقل ومستكثر، ومصدق ومكذب .
* وقد ورد الوعيد بالعذاب في القبر على كثير من المعاصي والذنوب منها : 1- النميمة والغيبة 2- عدم الاستبراء من البول 3- الصلاة بغير طهور 4- الكذب 5- تضييع الصلاة والتثاقل عنها . 6- ترك الزكاة 7- الزنا 8- الغلول من المغنم(السرقة) 9- الخيانة 10- السعي في الفتنة بين المسلمين 11- أكل الربا 12- ترك نصرة المظلوم 13- شرب الخمر 14- إسبال الثياب تكبراً 15- القتل 16- سب الصحابة 17- الموت على غير السنة(البدعة)
* وقال رحمه الله بعد أن ذكر أنواع كثيرة من المحرمات التي يعذب بها الموتى في قبورهم : « وما كان أكثر الناس كذلك، كان أكثر أهل القبور معذبين، والفائز منهم قليل، فظواهر القبور تراب ، وبواطنها حسرات وعذاب ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات، وفي باطنها الدواهي والبليات، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها، ويحق لها وقد حيل بينها وبين أمانيها. تالله لقدت وعظت لواعظ مقالا ، ونادت : يا عمار الدنيا لقد عمرتم دارا موشكة بكم زوالا ، وخربتم دارا انتم مسرعون إليها انتقالا هذه دار الاستيفاء، ومستودع الأعمال ، وبذر الزرع ، وهي محل للعبر، رياض من رياض الجنة ، أو حفر من حفر النيران» ما للمقابر لا تجيب *** إذا دعاهن الكئيب حفر مسقفة عليهن *** الجنادل والكثيب فيهن ولدان وأطفال *** وشبان وشيب كم من حبيب لم تكن *** نفسي بفرقته تطيب غادرته في بعضهن *** مجندلاً وهو الحبيب وسلوت عنه وإنما *** عهدي برؤيته قريب
فاعتبروا يا أولي الألباب
* إخواني : * كم من ظالم تعدى وجار، فما راعي الأهل ولا الجار، بينا هو عقد الإصرار، حل به الموت فحل من حلته الأزرار (فاعتبروا يا أولي الأبصر) * ما صحبه سوى الكفن ، إلى بيت البلى والعفن، ولو رأيته وقد حلت به المحن ، وشين ذلك الوجه الحسن، فلا تسأل كيف صار (فاعتبروا يا أولي الأبصر) * أين مجالسة العالية؟ أين عيشته الصافية؟ أين لذاته الخالية؟ كم كم تسفى على قبره سافية !! ذهبت العين وأخفيت الآثار (فاعتبروا يا أولي الأبصر) * تقطعت به جميع الأسباب، وهجره القرناء والأتراب، وصار فراشه الجندل والتراب، وربما فتح له في اللحد باب إلى النار (فاعتبروا يا أولي الأبصر) * نادم بلا شك ولا خفا ، باك على ما زل وهفا، يود أن صافي اللذات ما صفا ، وعلم انه كان يبني على شفا حرف هار (فاعتبروا يا أولي الأبصر)
الأسباب المنجية من عذاب القبر
* وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن أسباب النجاة من عذاب اقبر، هي أن يتجنب الإنسان تلك الأسباب التي تقتضي عذاب القبر، وهي جميع المعاصي والذنوب.
* وذكر رحمه الله أن من أنفع تلك الأسباب : أن يحاسب المرء نفسه كل يوم على ما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد التوبة ، النصوح بينه وبين الله، فينم على تلك التوبة، فإن مات من ليلته مات على توبة، وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل ، مسرورا بتأخير أجله، حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته، ولا ينام إلا على طهارة ، ذاكراً الله عز وجل ، مستعملاً الأذكار والسنن التي ورت عن الرسول صلى الله عليه وسلم عند النوم حتى يغلبه النوم ، فمن أراد الله به خيراً وفقه لذلك .
* ثم ذكر رحمه الله الطاعات التي ورد أنها مما ينجي من عذاب القبر وهي : 1- الرباط في سبيل الله 2- الشهادة في سبيل الله 3- قراءة سورة الملك 4- الموت بداء البطن 5- الموت يوم الجمعة
* فالواجب على كل مسلم أن يستعيذ بالله تعالى من عذاب القبر، وأن يستعد له بالأعمال الصالحة قبل أن يدخل فيه، فإنه قد سهل عليه الأمر ما دام في الدنيا.
فإذا دخل القبر فإنه يتمنى أن يؤذن له بحسنة واحدة أو يؤذن بأن يصلي ركعتين، أو يقول: لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ولو مرة واحدة، أو يؤذن له بتسبيحه واحدة، فلا يؤذن له، فيبقى في حسرة وندامة، ويتعجب من الأحياء كيف يضيعون أيامهم في الغفلة والبطالة ؟! قد كان عمرك ميلا *** فأصبح الميل شبرا وأصبح الشبر عقدا *** فاحفر لنفسك قبر
ا
نسأل الله أن يوفقنا للاستعداد ليوم الحاجة، ولا يجعلنا من النادمين، وأن يجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم | |
|