- الفروسية ج1/ص169:
المغالبات في الشرع تنقسم ثلاثة أقسام أحدها ما فيه مفسدة راجحة على منفعته كالنرد والشطرنج فهذا يحرمه الشارع لا يبيحه إذ مفسدته راجحة على مصلحته وهي من جنس مفسدة السكر ولهذا قرن الله سبحانه وتعالى بين الخمر والقمار في الحكم وجعلهما فريني الأنصاب والأزلام وأخبر أنها كلها رجس وأنها من عمل الشيطان وأمر باجتنابها وعلق الفلاح باجتنابها وأخبر أنها تصد عن ذكره وعن الصلاة وتهدد من لم ينته عنها ومعلوم أن شارب الخمر إذا سكر كان ذلك مما يصده عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء بسببه
وكذلك المغالبات التي تلهي بلا منفعة كالنرد والشطرنج وأمثالهما مما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة لشدة التهاء النفس بها واشتغال القلب فيها أبدا بالفكر
القسم الثاني عكس هذا وهو ما فيه مصلحة راجحة وهو متضمن لما يحبه الله ورسوله معين عليه ومفض إليه فهذا شرعه الله تعالى لعباده وشرع لهم الأسباب التي تعين عليه وترشد إيه وهو كالمسابقة على الخيل والإبل والنضال التي تتضمن الاشتغال بأسباب الجهاد وتعلم الفروسية والاستعداد للقاء أعدائه وإعلاء كلمته ونصر دينه وكتابه ورسوله فهذه المغالبة تطلب من جهة العمل ومن جهة أكل المال بهذا العمل الذي يحبه الله تعالى ورسوله ومن الجهتين معا
وأما القسم الثالث وهو ما ليس فيه مضرة راجحة ولا هو أيضا متضمن لمصلحة راجحة يأمر الله تعالى بها ورسوله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يحرم ولا يؤمر به كالصراع العدو والسباحة وشيل الأثقال ونحوها
فهذا القسم رخص فيه الشارع بلا عوض إذ ليس فيه مفسدة راجحة وللنفوس فيه استراحة وإجمام وقد يكون مع القصد الحسن عملا صالحا كسائر المباحات التي تصير بالنية طاعات فاقتضت حكمة الشرع الترخيص فيه لما يحصل فيه من إجمام النفس وراحتها واقتضت تحريم العوض فيه إذ لو أباحته بعوض لاتخذته النفوس صناعة ومكسبا فالتهت به عن كثير من مصالح دينها ودنياها
فأما إذا كان لعبا محضا ولا مكسب فيه فإن النفس لا تؤثره على مصالح دنياها ودينها ولا تؤثره عليها الا النفوس التي خلقت للبطالة