اللهم اجعلنا ممن يعبدون الله ولا يعبدون رمضان ولا تفتنا بعد إذ هديتنا يا رحمان يا رحيم ....
السلام عليكم أيها الناس ورحمة الله وبركاته …
أعود إليكم شهرا كاملا بعد غيابي .
أنا ضيفكم الراحل وزائركم المؤقت وناصحكم الأمين أنا ركن من أركان
الإسلام وقبس من نور الإيمان .
اسمي رمضان ابن الزمان وحفيد الأيام و أخو شعبان .
عمري يقرب من ألف وأربعمائة وثمانية وعشرون عام 1428.
أتيت من عند الرحمن الذي خلق الإنسان وعلمه البيان .
اسكن في قلوب المؤمنين وفي ديار المتقين وبجوار المحسنين .
مررت بكل بيت وحللت في كل منزل ودفعت أغلى الأثمان فكان أن طردني
البخلاء الأشقياء وتجاهلني الأغنياء الأذلاء وعبس في وجهي التعساء الجهلاء
ولكني لم أيئس فقد بحثت عمن يحبونني من المؤمنين المحسنين والأتقياء
الصالحين فوجدتهم ينتظرون لقائي ويستعدون لاستقبالي .
اقيم عندكم أيام معدودات … تسع وعشرون أو ثلاثون .
مهنتي هي الزراعة والصناعة والطب والتعليم …
أما الزراعة : فإنني أغرس الإيمان في القلوب وأزرع المحبة في النفوس وابذر
الأخلاق في الطباع واسقيها بماء الطهر والإخلاص وأغذيها بشهد الفضيلة
والإحسان فتنبت كل معاني الخير والاطمئنان ونجني ثمار الفلاح والنجاح كما
أنني أنزع شوك الحقد والغل والبغض من الصدور وأقلع جذور الفساد والغش والحسد
من النفوس فتنتج المحبة والمودة والإخاء .
واما الصناعة إنني أصنع الأجسام القوية والنفوس الأبية والأرواح الزكية وأصل ما تقطع
بين الناس من أوصال وأجمع ما تفرق من أشتات وأصهر الجميع في بوتقة العدل
والمساواة فأنتج الأبطال الأقوياء والرجال الأشداء على الأعداء الرحماء فيما
بينهم .
تجارتي لن تبور فمن تعامل معي .. ربح
الجنة وفاز بالحياة ومن تنكر لي وغش .. خسر البركة والخيرات .. وحبطت أعماله
وكان من أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا
مهتدين.
وانني أداوي الأجسام السقيمة والنفوس المريضة والعقول التائهة .. فأبعد عنها
كل ضعف وشح وشرك .. وأطهرها من أدران المادة ومن جراثيم الفساد والضلال .
أدويتي هي الصيام والقيام وذكر الديان والعمل على طاعة الرحمن .
واعلم الناس أن يسلكوا طريق الرشاد وأعودهم الجود والإحسان والرحمة والتسامح
والأمانة والوفاء والصدق والصبر والتعاون والإخلاص .
أنا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن أنا شهر التوبة والغفران
أنا في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر .. من حرمها فقد حرم الخير كله
ولا يحرم خيرها إلا محروم … أناالذي رافقت آباءكم المسلمين في معارك بدر
واليرموك وحطين .. فأعطيتهم القوةوالعزيمة وعلمتهم الصبر والثبات فكان
النصر حليفهم والخذلان حليف عدوهم }.
إنني أقول لمن صام رمضان إيمانا واحتسابا بارك الله صيامكم وغفر ما تقدم
من ذنوبكم .. ورزقكم من الطيبات لتزدادوا خيرا على خير وبركة على بركة أما
أنتم أيها البخلاء الطامعون والأغنياء اللاهون والتجار المحتكرون
والمفطرون العابثون فقد مررت بدياركم فوجدت أبوابكم مؤصدة وبيوتكم مقفلة
وقلوبكم خاوية إلا من الطمع وحب المال والفساد والضلال فلا خير فيما تجمعون
.. ولابركة فيما تكدسون .