المقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وكل من اتبعه وتمسك بسنته إلى يوم الدين ...
أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى أمرنا بذكره ، وأثنى على الذاكرين ، ووعدهم أجرًا عظيمًا ، فأمر بذكره مطلقًا، وبعد الفراغ من العبادات ... قال تعالى :
فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ .
وقال : فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا .
وأمر بذكره أثناء أداء مناسك الحج خاصة ، فقال تعالى : فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ .
وقال تعالى : وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
وقال تعالى : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ .
وشرع إقامة الصلاة لذكره فقال : وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله [ رواه مسلم ] ... وقال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا .
ولما كان أفضل الذكر : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خير الدعاء دعاء عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير [ رواه الترمذي ] ولما كانت هذه الكلمة العظيمة ( لا إله إلا الله ) لها هذه المنزلة العالية من بين أنواع الذكر ويتعلق بها أحكام ، ولها شروط ، ولها معنى ومقتضى، فليست كلمة تقال باللسان فقط ، لمّا كان الأمر كذلك آثرت أن تكون موضوع حديثي ، راجيًا من الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهلها المستمسكين بها ، والعارفين لمعناها، العاملين بمقتضاها ظاهرًا وباطنًا .
وسيكون حديثي عن هذه الكلمة في حدود النقاط التالية : -
مكانة لا إله إلا الله في الحياة، وفضلها، وإعرابها، وأركانها وشروطها ومعناها، ومقتضاها، ومتى ينفع الإنسان التلفظ بها، ومتى لا ينفعه ذلك ، وآثارها ، فأقول مستعينًا بالله تعالى : -