(( تحسين حديث أبي ضمضم في وهبه عرضه لمن شتمه أو ظلمه : بطرق وشواهد جديدة ))
كنت قد تبعت شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في تضعيفه لحديث أبي ضمضم الذي خرجه
في ( الإرواء ) 8/23-34 برقم ( 2366 ) ، وحكم عليه بالضعف كذلك في ( ضعيف الجامع )
برقم ( 2185 ) .
ولذا أوردت الحديث في مقالي ( سأكون مثل أبي ضمضم ) وذهبت فيه إلى تضعيفه ؛ ولكن بينت أنه
مما يستأنس به ؛ وبخاصة أن هناك من الآيات القرآنية ما يشهد له .
ثم وقفت بحمد الله تعالى على بعض طرق الحديث التي لم يذكرها شيخنا في ( الإرواء ) ، ومنها ما
رواه الخطيب في ( غوامض الأسماء المبهمة ) 1/ 463 بإسناد ليس فيه كذاب أو متروك من طريق :
سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة :
( أن رجلا من المسلمين قال اللهم :
إنه ليس لي مال أتصدق به ؛ فأيما رجل من المسلمين أصاب من عرضي شيئا فهو له صدقة فأوحى
الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له قال سفيان لا أدري أنبينا محمد صلى الله عليه وسلم
أو غيره .
وهذا مما يزيد الحديث قوة ؛ وبخاصة أنه روي من مرسل الحسن البصري كما هو عند الخطيب في
( غوامض الأسماء المبهمة ) ج1/ص463 :
فقد قال بعد روايته للحديث الأول من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي صالح عن
أبي هريرة مرفوعاً :
( هذا الرجل المتصدق بعرضه هو أبو ضمضم :
والحجة في ذلك ما قرأت على أبي الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد قال ثنا عبد الملك بن زيادة الله
قال ثنا إبراهيم بن محمد عن أبي عمر أحمد ابن عبد العزيز عن أبي علي إسماعيل بن القاسم قال ثنا
أبو جعفر أحمد بن عبدا لله بن مسلم قال ثنا أبي قال ثنا الزيادي عن حماد بن زيد عن هشام عن
الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من منزله قال اللهم إني قد تصدقت بعرضي على
عبادك ) .
قلت : وهذا مرسل ليس في رجاله كذاب أو متروك ؛ فالحديث حسن بمجموع طرقه وشواهده وهي :
( حديث أبي هريرة ومرسل الحسن ومرسل عبد الرحمن بن عجلان ، ورواية أنس المرفوعة من
طريق شعيب بن بيان حدثنا عمران بن القطان عن قتادة عن أنس به ) .
ومع كون حديث قتادة مرفوعاً خطأ ؛ والصحيح أنه موقوف على قتادة ؛ إلا أنه إن لم يزد الحديث
قوة فلا يؤثر فيه ضعفاً .
والخلاصة :
لقد تبين لي بحمد الله تعالى أن حديث أبي ضمضم حديث حسن ؛ فالحمد لله على توفيقه
وأسأله المزيد من فضله .
وإنه لمما يثلج الصدر ويطمئن البال على حكمي بتحسين الحديث أن الضياء المقدسي رواه
في ( الأحاديث المختارة ) ج5/ص150 ، وهو قد التزم أن لا يروي فيه إلا الصحيح ؛ كما قال
السخاوي والسيوطي ومن قبلهما الذهبي وشيخه ابن تيمية - شيخ الإسلام - والزركشي وابن كثير
وابن عبد الهادي .
انظر ( فتح المغيث ) 1/37 ، و ( تدريب الراوي ) 1/144 ، و( البداية والنهاية ) 13/181 ،
و( الرسالة المستطرفة ) للكتاني ( ص19 -20 ) .
وكتب / علي رضا بن عبد الله بن علي رضا
