الألوكة
المصدر: كتاب: "الخصوبة"
الوقاية منَ العقم
من أجمل الأمثلة أو المأثورات وأكثَرِها قِيمَةً، وأعمَقِها معنًى، وأقصرِها كلامًا المَثَلُ أوِ الحكمة التي تقول: "الوقايةُ خير منَ العلاج"، وسوف تَظَلُّ هذه الحِكمة المَثَلَ الأوَّلَ في الطِّبِّ بجميع تخصُّصَاتِهِ؛ ولكن هل هناك وقايةٌ من أسباب عدم الإنجاب؟:
هناك كثير من العوامل التي يجب مراعاتها؛ حتى لا تحدث مشكلةٌ تَمْنَعُ الحَمْلَ:
1 – التطعيم ضد مرض الدَّرَن:
إن الإصابة بمرض الدَّرَن قد تمتدُّ إلى الجهاز التَّنَاسُلِيِّ مما ينتج عنه تَلَف، والتصاقاتٌ في قَنَاتَيْ فالوب والجدار الداخلي للرَّحِم وكذلك المِبْيَض، وعند الرجُل يتسبب في تَلَفِ وانسدادِ الحَبْل المَنَوِيِّ وتَلَفِ الخِصْيَة، وفي السبعينيات من القرن الماضي اعتقد البعض أن مرض الدَّرَنَ قدِ انتهى من العالم، ولكن للأسف بدأ المرض في الظهور مرة أخرى في مناطق مختلفة من العالم، وساعد على انتشاره سُوء الأحوال المعيشيَّة والتغذية الغير صِحيَّة في البلدان النامية، وللأسف ساعد أيضًا على انتشاره في مصرَ انتشارُ ظاهرة تدخين الشِّيشَة، ويجب الانتباه إلى ضرورة التطعيم ضد الدَّرَن.
2 – تجنب الإصابة بالتهابات الجهاز التناسلي:
من المعروف أنَّ التهاباتِ المِهْبَلِ وعُنُقِ الرَّحِمِ قد تؤدي إلى صعود الميكروبات المسبِّبة لها؛ لتُحدِثَ التهابات في قناة فالوب، ومن أهمِّ الالْتِهابات المعروفة التي تُحدِثُ التهابًا وتَلَفًا في قناة فالوب هي الإصابة بميكروب السَّيَلانِ (Gonorrhea )، والدَّرَن، والكلاميديا (Clamedia )، ومنَ الأعراض التي تحدث عند الإصابة بمرض السَّيَلان أن تنزل إفرازات (غير طبيعية) من حيث اللونُ من المِهْبل (مائل إلى الصفار)، ويمكن تشخيصها بعمل اختبار بكتريولوجي، ويجب تجنب الإصابة بالتهابات الجهاز التناسلي، واستعمال العازل الذكري، أو تجنب حدوث الجِماع في حالة إصابة أحد الزوجينِ بالتهابات حتى تعالَج؛ ويجب مراعاة أن تتم عمليات الإجهاض والولادة تحت إشراف طبي سليم؛ لتجنب حدوث مضاعفات والتهابات في الجهاز التناسلي، وإعطاء المضادات الحيوية الوقائية.
3 – تشخيص وعلاج التهابات الزائدة الدودية:
كثيرًا ما ينتج منَ الالتهابات المزمنة للزائدة الدودية التهاب والتصاقات في الغشاء البريتوني، ويليه التصاقات حول قناة فالوب المجاورة (اليمنى)، ويجب عدم الإهمال في علاج التهاب الزائدة الدودية، وإجراء الجراحة اللازمة دون تأجيل حتى لا يصبح التهابًا مزمنًا، وينتج عنه التصاقات.
4 – تجنب العمليَّات الجراحية الغير ضرورية:
يجب عدم الإقدام على إجراء عملية جراحية في منطقة الحوض إلا للضرورة، وبعد استشارة أكثر من طبيب؛ لتجنُّب تكوِّن الالتصاقات في الحوض، وعند الإقدام على أيِّ جراحةٍ فإنه يجب أن يَتَّبِعَ الطبيبُ الطُّرُقَ الجراحيةَ الميكروسكوبية الدقيقة؛ لمنع حدوث مضاعفات.
ويجب أن نذكر أنَّ هناك بعضَ العمليات الجراحية لا يجب أن تُجرى؛ حيث إنَّ ضَرَرَها أكثَرُ من فائدتها، ومثال ذلك:
أ – إزالة التكيُّسِ منَ المبيض:
هذه العملية قد وُصِفَتْ لأول مرة بواسطة الدكتورين Stein and Ieventhal في عام 1935، وقد قام هذان الطبيبان بإجراء العملية معتقدَيْنِ أنَّ إزالة جزء من قشرة المبيض التي بها التكيُّسات سوف يساعد على التبويضِ، وفعلاً فإنَّ اثنين من بين أوَّلِ سَبْعِ حالات أُجريت لهم العملية حدث انتظام في التبويض؛ لكن الدِّراسات الطبية الحديثة ودراسة الحالات التي أجريت لها العملية قد أثبتت أن الضرر الناتج من هذه العملية كبير؛ نتيجة حدوث التصاقات في الحوض حول الأنابيب؛ كما أنَّ المرضى يعودون إلى حالة عدم التبويض بعد فترة، ولهذا فإن الرأي الطبي الحديث لا ينصح بعملها.
ب – عمليات كَيْ المبيضين عن طريق المنظار:
انتشر حديثًا تكنيك طبي عبارة عن إدخال آلة عن طريق منظار البطن؛ لعمل كي في أكثر من مكان في المبيض لعلاج التكيسات، ويستخدم لهذا الحرارة الناتجة عن التسخين بالكهرباء أو الليزر، وللأسف الشديد فقد كثر إجراء هذه العملية قبل التأكد من الأثر الطبي ومدى الفائدة منها، ويترتَّب على هذا الكي نتائج خطيرة مثل: تدمير جزء من نسيج المبيض المحيط بمنطقة الكيّ، وأيضًا حدوث التصاقات قَدْ تُؤَثِّر على وظيفة الأناببب.
ج – كَيْ عنق الرحم:
قد ينتج عنه تدميرُ الخَلايا الَّتي تفرز الموادَّ الزُّلاليَّة من عُنُق الرحم، وقد ينتج عنه تَلَيُّفٌ وضِيق في عُنُق الرحم.
5 – عدم التعرُّض للإشعاع وبعض المواد الكيميائية: حيثُ إنَّها تؤثِّر على البويضات، والحيوانات المَنَوِيَّة.
6 – تجنب التعرض لبعض الظروف المِهنية: التي تتطلب الوقوف في درجة حرارة مرتفعة بالنسبة للرجال، وأيضًا بعض الأدوية (ص30).
الطرق المختلفة لعلاج العقم
إن علاج عدم الإنجاب يمكن أن يكون عن طريق استخدام الأدوية المختلفة، أو عن طريق الطرق الجراحية، أو باستخدام وسيلة من وسائل الإخصاب الطبي المساعد، وسوف نتناول أولاً علاج الأسباب المختلفة لعدم الإنجاب عن طريق الأدوية أو الجراحة، ثم يخصص الجزء الأخير للطرق المختلفة للعلاج عن طريق أطفال الأنابيب، والإخصاب المجهري، والإخصاب الطبي المساعد:
علاج ضعف التبويض:
إن مشكلة عدم التبويض أو ضعفه، أو عدم انتظامه من أهم المشكلات التي تتسبب في عدم الإنجاب، وكما ذكر سابقًا فإنَّ لها أسبابًا مختلفة، ويمكن أن تعالج حسب كل حالة كما يأتي:
1- تَكَيُّس المبيض:
من أهم أسباب عدم انتظام التبويض وأكثرها شيوعًا ما يسمى بـ "بتكيس المبيض"، وفي إحدى الدّراسات وجد أنَّ حوالي أربع إلى سبع سيدات بين كل مائة سيدة في سن الإنجاب تعاني من تكيس المبيض، وهي حالة مركبة من عدة عوامل، وحتَّى الآن لا يعرف تمامًا السبب الرئيسي لها (انظر ص 39)، وغالبًا ما تعاني السيدة من أحد أو بعض هذه المشكلات؛ مثل تأخّر نُزول الدَّورة الشهريَّة لِمُدَّة تتراوح بين عدة أيام إلى عدة أشهر، ويصاحب ذلك في بعض الحالات ظهورُ الشَّعْرِ بِطَريقةٍ كثيفة في الجسم، أو نموه في الوجه والبطن، ويعاني حوالي 50 % من الحالات من زيادة في وزن الجسم، وعند عمل الموجات الفوق صوتية يلاحظ وجود أكياس عديدة في المبيض مِمَّا يُعْطِيهِ شكْلاً مُمَيَّزًا، وحديثًا فقد وُجِدَ أنَّ هذه الحالات أيضًا تعاني مِمَّا يُطْلَقُ عليه "عدم الحساسية لِهرمون الأنسولين" "insulin resistance "
ويجب الانتباه إلى وجود هذه الحالة ومحاولة علاجها حتى عند السيدات اللاتي لا يرغبن في حدوث الحمل، وذلك لأن مشكلة تكيّس المبيض - وما يصاحبها من مشكلات أخرى ذكرت سابقًا - تؤدي إلى زيادة القابلية للإصابة بمرض السكر مستقبلاً، وكذلك مثل هؤلاء السيدات لديهنَّ قابلية أكثر للإصابة بارتفاع في ضغط الدم، ارتفاع نسبة الكوليسترول، وتصلب الشرايين، والإصابة بالأزمات القلبية، ونتيجة لتعرض الغشاء المبطِّنِ للرَّحِمِ إلى هرمون الإستروجين لمدة طويلة في حالة عدم حدوث الدورة الشهرية، فإن ذلك يؤدي إلى الزيادة المضطَرِدة في حجم الغشاء ونمو خلاياه الزائد، وبالتالي الإصابة بسرطان غشاء الرحم مستقبلاً، ولذلك يُنْصَح بإعطاء هرمون البروجيستيرون لِمُدَّة أسبوعين كل شهر لمعادلة أثر هرمون الإستروجين على بطانة الرحم وإنزال الدورة الشهريَّة؛ حتَّى في الحالات الَّتِي لا ترغَبُ فِي حدوثِ الحَمْلِ، وبِصَرْفِ النظر عن أدوية التنشيط التي تُعْطَى لِلسَّيّدة في حالة تكيّس المبيضَيْنِ لِحُدوث التبويض والحمل، فإنَّ هؤلاء السيّدات مُعَرَّضات لحدوث الإجهاض بنسبة أكبر من الطبيعي.
ويُمْكِن علاج حالات تكيس المبيض كما يلي:
* إنقاص الوزن:
ويلاحَظ أنَّ حوالي 50 % من هذه الحالات تُعانِي من زيادةٍ في الوزن، وبِالرَّغْمِ من أنَّ زيادة الوزنِ ليستِ السببَ فِي هذه الحالةِ لكن من المعروف أنَّ عمل رجيم، وإنقاص الوزن يُحَسِّن النتائج، وَبَعْض السيّداتِ تحدث لهنَّ الدَّوْرة بانْتِظامٍ بِمُجَرَّد أن ينقص الوَزْنُ، وحتَّى في حالة عدم نزول الدَّورة بانتظام بعد إنقاص الوزن، فإنَّ الجسم يكون أكثرَ قابليةً للاستجابة لأدوية تنشيط التبويض.
* أدوية تنشيط التبويض:
أ – كلوميفين سترات (كلوميد – Clomid )
وهذه الأقراص تعتبر من أكثر الأدوية شيوعًا لتنشيط التبويض، وهي تستخدم منذ أكثر من أربعين عامًا، وهي تشبه التركيب الكيميائي لهرمون الإستروجين مما يجعلها تحتل أماكن مستقبلات هرمون الإستروجين في المُخّ والغدة النخامية، وهذا يجعل المخ غير قادر على معرفة نسبة الإستروجين في الجسم، ويترجم ذلك على أنَّ نسبته منخفضة، ومِنْ ثَمَّ يُرْسِلُ المُخُّ إشاراتٍ إلى الغُدَّة النُّخامِيَّة لإفْراز هرمون LH. FSH ، والنتيجة النهائية هي نُمُو عِدَّة بويضات في المبيض, وتعطى أقراص الكلوميد 50 مليجم في اليوم لمدَّة خَمسة أيام ابتداء من اليوم الثالث للدَّوْرَة، ويَجِبُ مُتابعة التَّبويض بواسطة الموجات الفوق صوتية، وأيضًا يمكن قياس هرمون LH في البول، ومِنَ المُتوقَّع أن يحدُث التَّبويضُ بعد 24 ساعة من ظهور هرمون LH في البول، وبناءً على هذا يمكن التوقيت المُناسب لحدوث الجماع، أو عمل التلقيح الصناعي من الزوج، وإذا لم تأتِ الدورة الشهرية بعد 35 يوما يمكن عمل اختِبار حمل، وإذا لم يحدث التبويض يمكن زيادة الجرعة إلى 100 ثُمَّ 150 ملجم في اليوم بدلاً من 50 ملجم، ويُنْصَح بعدم تكرار تناول الكلوميد لمُدّة أكثر من 6 دورات، ومن الأفضل ألا يكونوا متَّصلين.
ودواء الكلوميد ينجح في إحداث التبويض في حوالي 80 % من السيدات المصابات بتكيُّس المبيض، ويحدث الحمل في حوالَي 35 % من هؤُلاء السَّيّدات، وينتج الحمل في التَّوائِم في 5 % من الحالات، ويجب مُراقبة استجابة التَّبويض وحالة السيّدة بعد حُدوث الحمل؛ حيثُ إِنَّهن معرَّضاتٌ لحدوث زيادة في نشاط المبيض وتضخّمه مع تجمّع سوائل في تجويف البطن، ومن الآثار الغير مرغوب فيها لدواء الكلوميد التأثير السلبي على جدار الرحم وإفرازات عنق الرحم.
وقد يحدث في بعض الحالات زغللة في العين والشعور بالحَرّ (موجات من الصهد)، والميل إلى القيء مع تعب في منطقة الحوض والبطن والثَّدْيِ، وليس معنَى هذا إيقافَ العلاج إلا في حالة حدوث زغللة العين فيجب أن يوقف في الحال؛ ولا يجب إعطاء الكلوميد في حالات أمراض الكبد وسرطان جدار الرحم، ووجود نزيف رَحِمِيٍّ.
ب – تاموكسفن (Tamoxifen )
وهو مثل الكلوميد ويعطى في جرعات من 20 – 40 مليجم لمدة خمسة أيام.
ج – الهرمونات التي تفرز من الغدة النخامية: لتحث المبيضين على النشاط مثل FSH ، وLH وهذه الهرمونات تستخلص من بول السيدات في سن اليأس، وتمر بمراحل تقنية عالية وتسمى Hmg ، وهي متوفرة في الصيدليات على شكل حُقَن عضل مثل Menogone ، Merional ، Humegon ، Pergonal ، وحديثًا أمكن إنتاج هرمون FSH (المستحدث لنشاط المبيض) عن طريق الهندسة الوراثية ويسمى "recombinant FSH" ، ويوجد في السوق تحت اسم Puregon وGonal f .
وحتى الآن لم تثبت كل الدراسات التي أجريت للمقارنة بين هرمونات FSH ، LH المنتجة بالهندسة الوراثية وبين أمثالها المنتجة عن طريق الاستخلاص من البول أيَّ ميزة إضافية من حيث الفاعلية في تنشيط المبيض وإحداث الحمل، وقد حاولت الشركة المنتجة لـ FSH بالهندسة الوراثية أن تثير بعض النقاط للتقليل من قيمة HMG ومثالاً لذلك أنها منتجات مستخلصة من البول، وقد يكون هناك احتمال نقل بعض الأمراض.
والحقيقة أن هذه الأدوية أثبتت كفاءة عالية في الاستخدام الإكلينيكي لمدة طويلة جدًّا قاربت من الأربعين عامًا، ولم يحدث أيُّ مشكلات من هذا النوع.
وفي نفس الوقت يجب أن نتذكر أن rFSH المُصَنَّعَ بالهندسة الوراثية ينتج من خلايا المبيض لحيوان هامستر Hamester "، ويستخدم أيضًا معه بروتين من (Calf serum )، ولذا يجب أن نترك هذه النقاط جانبًا، حيث إنه في الحالتين hMG وrFSH تجري عمليات تقنية عالية الكفاءة.
ولذلك لا يوجد مبرِّر كافٍ للفرق الكبير في السعر بين هذه الأدوية، والأمل أن تقتنع الشركات المنتجة بهذه الحقيقة فتجعل الأسعار متقاربة والأغلب أنه ستضطر لذلك وعند استخدام هذه الحقن في تنشيط التبويض يجب أن تكون السيدة تحت الرعاية الطبية لمتابعة التبويض بالموجات فوق صوتية، وأيضًا قياس هرمون الإستروجين.
ومن أخطر المضاعفات التي يمكن أن تحدث هو زيادة نشاط المبيضين وتضخمهما وتجميع السوائل في تجويف البطن في حالات تكيس المبيض، وتحدث بدرجة شديدة في حوالي 1 – 2 % من الحالات:
ويمكن تلافي حدوث هذه المضاعفات بالمتابعة الدقيقة وتقليل الجرعة المستخدمة، وعدم إعطاء هرمون تفجير البويضة hCG " وهذه الحقن (hMG وFSH ) تنجح في إحداث التبويض في حوالي 75 % من السيدات اللاتي لم تنجح معهن أقراص الكلوميد.
ويحدث الحمل في حوالي 60 - 70 % بعد ستة أشهر من العلاج ليس بالضرورة أن يكونوا متصلين. وترتفع نسبة حدوث التوائم إلى حوالي 20 %.
* كي المبيضين "ovarian drilling" :
ومن المعروف تاريخيًّا أنَّ أوَّل طُرُقِ علاج تكيُّس المبيضَيْنِ كان جِراحيًّا عن طريق عملية أطلق عليها تقشير المبيضين "wedge resection" ، وهي عبارة عنِ استِئْصال جزءٍ من المبيض، وقد تلا هذه العمليَّةَ حدوثُ تبويضٍ تِلْقائي وحالات حَمْل في بعض الأحيان، ولم يكن معروفًَا تمامًا التفسير العلمي لكيفية تأثيرها؛ إلا أنَّه حديثًا وبعد ظهور الأدوية المُنَشِّطة لِلتَّبْوِيض لم يَعُدْ هُناك أيُّ داعٍ طبِّيٍّ لإجْراء هذه العمليَّة خُصُوصًا بعدما أَثْبَتَتِ الدّراسات أنَّها مصاحَبَة بِمُضاعفات مثل: حدوث التصاقات في الحوض مِمَّا يُعَقِّد المشكلة أكثر للسيدات في حدوث الحمل.
وحديثًا جدًّا عاد الاهتمام بالعلاج الجراحي لتكيسات المبيضين؛ ولكن عن طريق المنظار الجراحي؛ حيث يتم إجراء عدة ثقوب في كل مبيض عن طريق الكي بالليزر (Lazer )، أو التسخين (diathermy )، وهي تجرى للحالات التي لم تستجب للعلاج لتنشيط التبويض عن طريق أقراص الكلوميد.
وقد نشرت بعض الأبحاث التي تسجل حدوث تبويض بعد هذه العملية في حوالي 70 % من الحالات؛ ولكن يجب أن نتذكَّر أنَّ هذه العمليات أيضًا ينتج عنها التصاقات مِمَّا يُعَقِّد مشكلة عدم الإنجاب أكثر.
وكذلك في بعض الأحيان ينتج عنها تدمير جزء كبير من المبيض نتيجة تليف الأجزاء المحيطة بمنطقة الكي، مما يتسبَّبُ في فقدان نشاط المبيض؛ ولذلك لا ينصح بإجراء هذه العملية وخصوصًا بعد توافُر وسائلَ أُخرَى للعلاج عن طريق تنشيط التبويض بأدوية أحدث من الكلوميد، وكذلك توافر وسائل الإخصاب المساعدة المختلفة.
2 – ارتفاع نسبة هرمون اللبن "Hyperprolactinaemia"
هناك أسباب كثيرة لارتفاع نسبة هرمون Prolactin في الدم (انظر ص 42)، ويجب أولاً البحث عن السبب حتَّى يمكن علاجه، وفي غياب وجود سبب مباشر يمكن علاج هذه الحالة عن طريق الأدوية، أو عن طريق الجراحة.
* العلاج بالأدوية:
استِخْدام الأدْوِية هُو الاختيار الأوَّل لِعلاج ارتفاع نسبة هرمون اللبن، والدواء الأول هو "Bromocriptine "، وقد أثبتت فاعليته ويستخدم منذ حوالي (20 عامًا)، وقد يتطلب مدة حوالي من 6 – 10 أسابيع حتى تظهر فاعليته الكاملة في الحالات التي لا تعاني من ورم في الغدة النخامية، فبعد هذه المدة تنخفض نسبة الهرمون في الدم، ويتوقف إفراز الثدي للبن، وتبدأ الدورة الشهرية في الانتظام ويحدُثُ التَّبويض، وعندما تتحقَّق كلُّ هذه العلامات الإكلينيكية يمكن تقليل جرعة الدواء.
أمَّا السيدات اللاتي يعانين من ورم صغير في الغدة النخامية "Pituitary microadenoma " فقد يتطلب الأمر من 10 – 16 أسبوعا قبل أن تظهر فاعلية الدواء.
وجدير بالذكر أن فاعلية هذا الدواء مؤثرة حتى في حالات ورم الغدة النخامية، وقد يؤدي إلى ضمور الورم في حوالي 90 % من الحالات. أما إذا لم يضمر الورم فمعنى ذلك أن الورم لا يفرز هرمون اللبن، ولكن الورم الموجود يضغط على أجزاء معينة في المخ تؤدي إلى اضطراب نشاط الغدة النخامية وإفراز الهرمون.
ويمكن أن يمتد استخدام هذا الدواء إلى مدة عام أو عامين، وقد يؤدي إلى الشفاء التَّامِّ في حوالي 10 – 20 % من الحالات التي تعاني من ورم (microadenoma )، وحديثًا ظهر دواء جديد (cabergolin ) له نفس التأثير، ولكن يمكن أن يستخدم مرة واحدة في الأسبوع.
* العلاج الجراحي
يجب أن تُعالج الحالة بكل الطرق باستخدام الأدوية قبل التفكير في اللجوء إلى الجراحة.
وقد نلجأ إلى استئصال الورم جراحيًّا في حالات "microadenoma " التي لا تستجيب إلى الأدوية، أو في حالات الأورام التي لا تفرز هي هرمون اللبن؛ ولكن وجودها وضغطها على الغدة النخامية يتسبب في ذلك، والاستئصال الجراحي للورم ينتج عنه شفاء تام في حوالي 65 – 80 % من الحالات، وأيضًا يحدث عودة للمرض بعد فترة في حوالي 20 – 80 % من الحالات.
هذا بِجانِبِ حُدُوث المُضاعفات المتوقَّعة من العملية مثل الإصابة بنوع معين من السكر "diabetes insipidus " في حوالي 10 – 40 % من الحالات، والأخطر هو حدوث فِقْدَانٍ تامّ لوظيفة الغُدَّة النخامية في حوالي 2 % من الحالات.
* العلاج بالإشعاع
قد يُلْجَأ إلى العلاج بالإشعاع في بعض الحالات التي لم تنجح الجراحة في إزالة الورم من النوع الذي لا يستجيب للأدوية، ويتم الإشعاع من الخارج أو عن طريق زرع موادَّ مُشِعَّةٍ في المكان المطلوب، وللعلاج بالإشعاع أضرار وعادة ما ينتج عنه تدمير كامل للغدة النخامية، والتأثير على العَصَبِ البَصَرِيِّ ولا ينصح به.
3 – التوقف المبكر لنشاط المبيض:
قد يَفقِد المبيض نشاطه قبل سن الأربعين لأسباب مختلفة، وللأسف لا يوجد علاج لمثل هذه الحالات ويجب أن تعرف السيدة تلك الحقيقة، كما يجب أن يعطى الاهتمام لمعالجة الحالات العامَّة التي قد تكون سببًا في ذلك؛ مثل أمراض المَنَاعة الذاتيَّة، ومن المهمِّ أيضًا أن تعطى السيدة أدوية تعويضية عن نشاط المبيض المفقود، وتتمثَّل في هرمونَي الإستروجين والبروجيستيرون حتَّى تُقَلّل من حدَّة الأعراض الناتجة عن نقصيهما وخصوصًا في هذه السن الصغيرة.
أمَّا إمكانية حدوث الحمل في هذه الحالات فتعتبر نادرة جدًّا، وغالبًا ما ينصح باللجوء إلى البويضات عن طريق التبرُّع من سيِّدة أخرى، وهو ما يُتَّبع في دول أوروبا وأمريكا، ولا يتمُّ عملُهُ في مصر لأنه مرفوض من الناحية الدينية والأخلاقية.
علاج انسداد الأنابيب:
إنَّ مُشكلة وجود التِصاقات حول قناتي فالوب أو انسدادهما يمكن أن يتغلب عليها عن طريق أطفال الأنابيب، وبعض الحالات يمكن أن تُعالج عن طريق الجراحة، والاختيار بين طريقتي العلاج يعتمد على عدة عوامل يجب أن تؤخذ في الاعتبار الاختيار الجراحيّ يكون مناسبًا عندما يكون سن الزوجة صغيرًا (أقل من 30 عامًا) وعندما تكون الالتصاقات حول الأنابيب بسيطة، وحالة الأنابيب من الداخل سليمة، وأن يكون تحليل السائل المنوي للزوجي طبيعيًّا.
وإذا لم تتوفر هذه الشروط، فالعلاج المناسب يكون عن طريق أطفال الأنابيب سواء بالطريقة التقليدية، أو عن طريق الحقن المجهري السيتوبلازمي، وسوف نشرح هذه الطرق بالتفصيل لاحقًا.
وتجرى الجراحة لإزالة التصاقات الأنابيب عن طريق فتح البطن، أو عن طريق المنظار الجراحي حسب كل حالة.
علاج الإندوميتريوزس "endometriosis"
ويعتمد علاج الإندوميتريوزس على رغبة السيدة في الحمل:
في السيدات اللاتي ليس لديهن الرغبة في إنجاب أطفال أخرى، فالعلاج يهدف إلى إيقاف الألم والأعراض المصاحبة عن طريق علاج هرموني يؤدّي إلى وقْفِ التَّبويض, نظرًا لأنَّ أنسجة الإندوميتريوزس تعتمد على الهرمونات فيمكن إيقاف نشاطها بواسطة هرمون البروجيستيرون المصنع، حيثُ إنَّ له بعض خصائص الهرمون الذَّكري (أندروجين) "androgen "، ويؤدِّي إلى ضمور هذه الأنسجة، والعلاج الجراحي غالبًا ما يشمل استِئْصال المبيضين والأنابيب والرحم؛ لإزالة تكيسات الإندوميتريوزس.
أمَّا في حالة الرغبة في الحمل فالعلاج يكون مختلفًا، ويجب الأخذ في الاعتبار سِنّ الزوجة في المقام الأول؛ ففي السّنِّ الصغيرة (أقل من 30 عامًا) مع مرور فترة قصيرة على الزواج، وفي حالة تشخيص الإندوميتريوزس من الدرجة المتوسِّطة (مع عدم وجود ضعف في تحليل السائل المَنَوِي للزوج)، فيمكن أن تجرى عملية المنظار الجراحي لاستئصال الأكياس الشكولاتية، وإزالة بعض الالتصاقات المصاحبة له.
أما في السن الأكبر للزوجة وفي حالة الدرجات الشديدة للمرض فيجب أن تُعْطَى للسيدة فرصة لِحدوث الحمل عن طريق أطفال الأنابيب، وفي هذه الحالات أيضًا يسبق عمليةَ أطفال الأنابيب العلاجُ لفترة شهرين أو ثلاثة أشهر بواسطة دواء يتحكم في نشاط الغُدَّة النخامية فيوقف إفراز الهرمون المستحث على التبويض (GnRHa ).