بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله :هذا رد من سماحة الشيخ الإمام العلامة المحدث أحمد النجمي ـرحمه الله ـ على المفتون المسمى أسامة القوصي في زعمه الباطل الذي دافع فيه عن هذا المبطل المسمى علي جمعة مفتي مصرـزعم ـ نقلتها من مقالة الشيخ النجمي الذي رد فيها على ضلالات المفتي المزعوم ، حمى الله المسلمين من شره و ضلاله ، والمقالة الأصلية موجودة في نفس المنتدى لمن أرادها والله الموفق .٠ قال الشيخ ـرحمه الله ـ؛ أمَّا دفاع أسامة القوصي عن علي جمعة ، وزعمه : " أنَّه لايجوز أن يطعن في الشيخ على جمعة مفتي الديار المصرية ؛ لكونه عنده شيءٌ من التصوف ، وعنده شيءٌ من التمشعر ؛ هذا خطـأ هذا منصبٌ لابد أن يحترم ؛ هذا منصبٌ لابدَّ أن يعظم ؛ هذا المنصب يعتبر ولاية شرعية لابدَّ من تعظيمها ، وتفخيمها ، ولايجوز الطعن فيمن تولَّى هذا المنصب " اهـ .
ومعنى ذلك أنَّ مفتي الدولة لايجوز الكلام فيه ؛ كما لايجوز الكلام في رئيس الدولة ، ونحن نطالبك أولاً بالدليل الذي يجعل لمفتي الدولة حكم رئيس الدولة في عدم ذكر أخطاءه علانيةً ، ومناقشته فيها .
ثانياً : من هو الذي سبقك إلى هذا من العلماء .
ثالثاً : إذا لم تأت بدليلٍٍ صحيحٍ صريحٍ على صحة مدَّعاك فأنت مجاملٌ للمفتي تريد أن تضيِّع الحق من أجل مجاملته ، فتبوء بمثل إثمه ، فأخشى أن ينطبق عليك قوله صلى الله عليه وسلم : (( من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه ؛ وأرضى عنه النـاس ، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه ؛ وأسخط عليه الناس )) رواه ابن حبان في صحيحه .
رابعاً : هل يجوز السكوت عمَّن يفتي بحلِّ الشرك الأكبر ، والتطوف بالأضرحة .
خامساً : وإذا كان الأمر كذلك ، فما معنى قوله صلى الله علي وسلم في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه : (( وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن ترو كفرا بواحاً عندكم من الله فيه برهان )) متفق عليه ؛ فهل المنازعة لرئيس الدولة أو لكل من اتخذ منصباً فيها ؟ .
سادساً : ونحن نوجدك دليلاً يدل على خلاف زعمك ؛ وهو أنَّ أهل الكوفة شكوا سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب - وسعد أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ؛ وهو الذي فتح العراق – فعزله ، واستعمل عليهم عمَّاراً ؛ فقالوا عن سعد : (( أنَّه لا يحسن يصلي ، فأرسل إليه ، فقـال يا أبا إسحاق : إنَّ هؤلاء يزعمون أنَّك لا تحسن تصلي ؟ قال أبو إسحاق : أمَّا أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرم عنها ؛ أصلي صلاة العشاء ، فأركد في الأوليين ، وأُخِف في الأُخريين . قال : ذاك الظن بك يا أبا إسحاق ، فأرسل معه رجلاً - أو رجالاً - إلى الكوفة ؛ فسأل عنه أهل الكوفة ، ولم يدع مسجداً إلا سأل عنه ، ويثنون معروفا ؛ حتى دخل مسجداً لبني عبس ، فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة ؛ يكنى أبا سعدة ؛ قال : أما إذ نشدتنا ؛ فإنَّ سعداً كان لا يسير بالسرية ، ولا يقسم بالسوية ، ولا يعدل في القضية . قال سعد : أما والله لأدعونَّ بثلاث : اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا ؛ قام رياءً وسمعةً ؛ فأطل عمره ، وأطل فقره ، وعرضه بالفتن ، وكان بَعْدُ إذا سئل يقول : شيخٌ كبيرٌ مفتونٌ ؛ أصابتني دعوة سعـد . قال عبد الملك : فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، وإنَّه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن )) رواه البخاري .
سابعاً : ونقول لك من الأولى بأن يحترم سعد بن أبي وقَّاص - الذي قال عنه عمر رضي الله عنه في صحيح البخاري وغيره : " فمن أصاب الخلافة منكم ( يقصد عثمان وعلي رضي الله عنهما ) فليستعن بسعد ، فإنِّي لم أعزله عن عجز ، ولاخيانة " - أو علي جمعة ؛ الذي يفتي بجواز بناء الأضرحة على القبور ؛ مراغمةً للأحاديث الصحيحة الصريحة ؛ التي تنهى عن البناء عليها ، ويتهم من يفتي بتحريم ذلك تبعاً للأدلة ، وأنَّه ذريعةٌ من ذرائع الشرك الأكبر يتهمه بالهوس ؛ وهو الجنون .
ثامناً : جاء في الصحيحين ، واللفظ لمسلم : (( عن عروة عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال : (( استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأُسد يقال له ابن اللُّتبية ( قال عمرو ، وابن أبي عمر : على الصدقة ) فلما قدم قال : هذا لكم ، وهذا لي أهدي لي ؛ قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وقال : ما بال عاملٍ أبعثه فيقول : هذا لكم ، وهذا أهدي لي ! أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده ! لاينال أحدٌ منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء ؛ أو بقرة لها خوارٌ ؛ أو شاة تيعر ، ثم رفع يديه حتى رأينا عُفْرتي إبطيه ، ثم قال : اللهم هل بلغت مرتين )) وجه الدلالة من هذا الحديث : أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنكر على هذا العامل إنكاراً علنياً ؛ وهو يدل على خلاف ما زعمه أسامة القوصي من أنَّه لايجوز الكلام في علي جمعة ، ولانشر أخطاءه احتراماً لمنصبه ، وكونه مفتي دولة .
تاسعاً : الحقُّ يقال ، والمنكر ينكَّر ؛ حمايةً لديننا ، ونصرةً لعقيدتنا ، وطاعةً لربنا ، واتباعاً لسنة نبينا ؛ ونصحاً لأمَّتنا ، وإن كره ذلك من كره ، وعارض من عارض ، والله تعالى يقول : ) فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيةٍ ينهون عن الفساد في الأرض إلاَّ قليلا ممن أنجينا منهم واتَّبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين ( [ هود : 116 ] .
فأخبر الله أنَّ الذين كتب لهم النجاة هم الذين ينهون عن الفساد في الأرض أي يظهرون الإنكار للفساد والإفساد يعني للفساد وأهله ، وليس ببعيدٍ عن أذهاننا قصة أصحاب القرية ؛ الذين اعتدوا في السبت ، وأنَّهم انقسموا إلى ثلاثة أقسام :
قسمٌ قارفوا المعصية ، وقسمٌ أنكروا ، وقسمٌ سكتوا ، فأهلك الله المعتدين ، والساكتين ، وأنجى المنكرين .
عاشراً : أترى يا أسامة القوصي أنَّه يجوز لك أن تدافع عمَّن يبيح رفع الأضرحة ؛ مراغمةً للأحاديث ؛ التي تمنع ذلك ، وتحرم التطوف بالقبور ، ودعاء أصحابها ، وسفك الدماء على أعتاباها ، ويرى من يفتي بتحريم ذلك أنَّ به هوس يعني جنون ، وكأنَّه لم يقرأ الآيات الواردة في الشرك وتحريمه ؛ فهل يجوز لك يا أسامة القوصي أن تدافع عن هذا ، وتقرر عدم الرد عليه ؛ فيما يبيحه من المحرمات من شركٍ ، فما دونه ؛ إنَّك إذا لم تتب إلى الله عزَّ وجل من هذا الذي فعلته ، فستقف بين يديه موقفاً صعباً ؛ فلقد توعَّد الله نبيه إن هو أشرك ليحبطنَّ عمله ، وليكوننَّ من الخاسرين حيث يقول تعالى : ) ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين * بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ( [ الزمر : 65 – 66 ] أفتأمن يا أسامة من أن يحبط الله عملك بدفاعك عن المشركين ، والله تعالى يقول : ) ومن يدع مع الله إلهاً آخر لابرهان له به فإنَّما حسابه عند ربه إنَّه لايفلح الكافرون ( [ المؤمنون : 117 ] ونحن لم نقل أنَّك دعوت غير الله ، ولكنَّك أقررت إباحة الدعاء بتبريرك لمن أفتى بذلك ؛ فتب إلى الله ، وانزع عمَّا أنت فيه ؛ هذه نصيحتي لك ولأمثالك ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه .
كتبه
أحمد بن يحيى بن محمد النَّجمي
23 / 9 / 1427 هـ