بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .
وبعد :
فقد طلب مني طلاب الدورة بواسطة اثنين من المشائخ المدرسين أن أقول ما أعتقد أنه الحق في الخلاف الدائر بين الشيخ ربيع والشيخ فالح الحربي وفق الله الجميع ، وحيث أن الواجب علينا أن نقول الحق الذي نعلمه امتثالاً لقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين ) الآية.
وامتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت {وأن نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم} ، ويعلم الله عالم الغيب والشهادة أني لا أريد إلا نصرة الحق من غير تحيز إلى أحد ولا محاباة لأحد كائناً من كان .
فأقول : لقد عرفنا الشيخ ربيع منذ عشرات السنين متجرداً لنصرة السنة ذاباً عنها مدافعاً عن حياضها فقد ألف المؤلفات وحبّر المقالات ورد المخالفات نحسبه فعل ذلك نصرة للدين وكبحاً لجماح المخالفين فتلك ردوده ومؤلفاته شاهدة بذلك ولعل الكثير من طلاب العلم لا يعرفون ما عرفنا, فهو الذي رد على سيد قطب وبين أخطاءه, وهو الذي رد على عبد الرحمن عبد الخالق, وهو الذي رد على محمود الحداد وبين غلوه وشطحاته, وهو الذي رد على عدنان عرعور وعلى العودة وعلى الحوالي وعلى المأربي وعلى حسن المالكي وغيرهم, والآن يأتي مغرض فيقول: إن الشيخ ربيع مميع, ومعنى مميع فيما نعلم أنه لا يصارح أهل البدع ببدعهم و لا يحكم عليهم بها.
و هذا بهت له و اعتداء عليه و هضم لجهوده, ولو قال أحد إنه لا يوجد أحد في زمننا هذا نابذ أهل البدع و حاربهم و ناقش أخطاءهم مثل ما فعل الشيخ ربيع – وفقه الله – لكان صادقاً, و الذي نعتقده أنه فعل ذلك مخلصاً لله عز و جل مؤدياً لحقه الذي فرضه الله على أهل العلم, و فعل ذلك يحتاج إلى جهد وإلى تفريغ وقت, و إخلاص لله عز و جل, يجعله يبذل ما يبذل و هو مرتاح البال متجرد الضمير موقن بثواب الله موطن نفسه على الصبر على ما سيناله في سبيل ذلك من الأذى و العداوات و المكائد هذا ما نعتقده في حقه و نرجو أنه الحق.
هلاّ استحيى الذي يقول هذا و يرميه بالتميع! لو قال له قائل: هل فعلت نصف ما فعل الشيخ ربيع أو ربعه أو ثمنه كيف سيرد عليه؟!
و أقول: إن الشيخ ربيعاً له رغبة عظيمة فيما يرى أنه مصلحة للمنهج السلفي, و الذي نعتقده أن عنده من رجاحة العقل و إيثار المصلحة ما يرى أحياناً أن من مصلحة الدعوة عدم الصدع ببعض الأشياء و معالجتها معالجة خاصة فيظن بعض الناس أنه ما فعل ذلك إلا مجاملة لأقوام وغمطاً لآخرين, وإن من يقدر الأمور قدرها ينبغي له ألاّ يتسرع بمثل هذا الظن وليذهب إلى الشيخ وليناقشه مناقشة سرية فهو لا يمتنع عما فيه المصلحة إن شاء الله هذا ما تبين لي من حاله حفظه الله والله من وراء القصد .
وانطلاقاً من هذا البيان أقول: إن الشيخ ربيعا هو المحق فيما أعتقد والشيخ فالح مخطئ فحين سئل الشيخ فالح هل يشترط بيان أسباب الجرح ؟ فأجاب الشيخ فالح: ما يشترط. هذا بالنسبة لأسباب الجرح والتعديل في الرواية وليس في كلام المخالفين في مناهجهم وسلوكياتهم .
قال الشيح ربيع:
أولاً: هذا نص صريح في نفي اشتراط بيان أسباب الجرح في الكلام على
المخالفين من أهل البدع .
ثانياً: أنكر الناس هذا التفريق الذي لا يعرفه العلماء .
وأقول : الصواب مع الشيخ ربيع إذ أنه لو طعن شخص في شخص آخر بأنه مبتدع أو قال مطعون في عدالته ما قـُبل من الطاعن طعنه إلا أن يفسر ذلك الطعن ما هو ؟ هل هو بدعة أو فسق ؟ فإن كان الطعن فيه ببدعه قيل له ما هذه البدعة التي تطعن بها فيه فسّرها, وإن كان الطعن بفسق قيل له ما نوع الفسق الذي أنت تطعن به فيه؟ فإن لم يُفسّر ذلك الطعن لم يُقبل منه .
ثالثاً : يظهر من كلام هؤلاء أنهم جعلوا الطعن في أهل البدع لا يقبل إلا من العلماء حسب زعمهم .
رابعاً : أما الطعن في رواة الحديث فهو يكون من رواة الحديث نفسهم .
خامساً : إذا قيل لهم سموا لنا علماءكم الذين لا يقبل في المبتدعة إلاّ جرحهم عجزوا أن يأتوا بعلماء غير علماء الحديث .
سادساً: مع أنهم بتفريقهم هذا كأنهم استخفوا بعلماء الحديث كما أشار إلى ذلك الشيخ ربيع في نقاشه لفاروق الغيثي .
سابعاً: وينبني على هذا أن من قال وأشاع أن فلاناً مبتدع ثم طولب ببيان هذه البدعة فلم يفعل فإنه مخطئ في هذه الإشاعة, وقد ثبت عندنا من طريق الثقة أو الثقات أن الشيخ فالحاً رمى أناساً من المعدودين من أصحاب المنهج السلفي وطولب بذكر البدعة التي لوحظت عليه ولم يفعل .
ثامناً: ومن كان معدوداً من السلفيين ثم لوحظ عليه وقوع في بدعة أو مظاهرة لأهل البدع ومدافعة عنهم فإنه ينصح للمرة الأولى والثانية والثالثة فإن أبى فإنه يُعمل معه ما تقتضيه المصلحة من الهجر له أو الإعراض عنه حسب ما يراه أهل العلم.
تاسعاً: أنا أنكر على من يتذرع بمسألة الظل التي ذكرت في شرح رياض الصالحين لحديث السبعة ولفظه : "...سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " حيث ذكر الشيح ابن عثيمين أن الله يخلق ظلاً فتذرع بذلك الشيخ فالح إلى الكلام في الشيخ ابن عثيمين وقال: ما يدري ما يقول وهل يعلم ما يخرج من رأسه؟ فلو أن طالب علم يتتبع كتب ابن عثيمين ليخرج ما فيها من أخطاء . أ هـ
علماً بأن مسألة الظل و إضافتها إلى الله لا يقتضي بأنها صفة من صفاته فقد جاءت في النصوص الشرعية الإضافة تارة إلى بعض صفاته كقوله تعالى (بل يداه مبسوطتان) و تارة إلى شيء من مخلوقاته كقوله (ناقة الله و سقياها) و ما أشبه ذلك.
فالمهم أن هذه الإضافة لا تقتضي أن الظل صفة لله حتى يعاب على الشيخ –رحمه الله- قوله " ظل يخلقه الله. و لا نعلم أن الظل ذكر صفة لله.
فتبين بهذا أن الإنتقاد في هذا الموضع ليس له محل.
بل فيه ازدراء للعلماء وإغراء للسفهاء بهم وهذا ثابت عندي بشهادة شهود من طلاب العلم وليس معنى ذلك أني أثبت له أو لغيره العصمة فكلنا خطّاء وخير الخطائين التوابون. وإني أنصح الشيخ فالحاً والغيثي من هذه الطريقة السيئة ، وللشيخ فالح كلام في كثير من العلماء السلفيين بل لو قلت كلهم ما أبعدت عن الحقيقة وهذا كله مدون عندي بشهادة شهود من طلاب العلم .
المؤاخذات على فاروق الغيثي :
بما بلغني عنه من طرق يؤكد بعضها بعضاً :
1ـ تفضيله للدراسة في الجامع الأزهر على الجامعة الإسلامية مع أن الأزهر تدرس فيه العقيدة الأشعرية ويتغاضى أهله عن الصوفية والخرافيين الذين يعبدون القبور بل ربما أعانوهم و أنكروا على من ينكر عليهم .
2ـ محاولته إسقاط مشائخ السلفية بكلامه فيهم كالشيخ ربيع والشيخ محمد بن هادي والشيخ ابن عثيمين والشيخ صالح الفوزان والشيخ العباد وغيرهم .
3ـ التعالم بنفخ نفسه وتحقيره لغيره .
4ـ زعمه أنه سجل على الشيخ ابن عثيمين مائة وخمسين ملاحظة وهذا وإن كان ينكره إلا أن بعض جلسائه قد أكد ذلك وقال: إنه قاله .
5ـ استهتاره بترجيحات العلماء واحتقاره لذلك حسب ما أثبته بعض من كتبوا عنه .
6ـ تجويزه للعمليات الإنتحارية وهذا كله ثابت عندي بإثبات بعض جلسائه .
و أقول: يعلم الله أني تحاشيت من الكلام علناً في هؤلاء حتى لا نزيد الفتنة اشتعالا, و لكن إذا كان الأمر يُطلب ليكون الإنتهاء إلى معرفة الحقيقة, فهذه هي الحقيقة التي توصلنا إليها بدون محاباة ولا تحيُُز و ميول إلى أحد. و يعلم الله أنّا لا نقصد إلا الصلاح و الإصلاح.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه.
كتبه
أحمد بن يحيى النجمي