ردُّ الجوابِ علَىَ مَنْ طَلَبَ منّي عَدمْ طبع الكِتَّاب
بسم الله الرحمن الرحيم
من أحمد بن يحيى النجمي إلى الأخ في الله المحب فيه العضو في دار الإفتاء:
الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين … المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته … وبعد:
فقد وصل إليَّ كتابكم الكريم المحرر في 11/4/1418هـ , ومعه هديتكم الثمينة وهي مؤلفاتكم القيمة فجزاكم الله خيراً وبارك فيكم وعليكم وألهمنا وإياكم رشدنا وأعاذنا وإياكم من شر أنفسنا , وإني إذ أشكركم على الهدية أشكركم أيضاً على النصيحة والمصارحة إن كانت في محلها , وإن الواجب على المسلم أن يقبل النصيحة إن كانت نصيحته مشتملةً على خطإ في الفهم , أو خَطَلٍ في القول ,وإني أستميحكم عذراً وأعتذر إليكم سلفاً إن حصل في المناقشة شيء من الصراحة التي ربما فسرت بأنها أو بأنها أو بأن فيها جرح للمشاعر فأقول :
قلتَ:
(( في رسالتك كتابكم الذي بعنوان ’’ المورد العذب الزلال فيم انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال ’’ ولقد راقني هذا العنوان الشيق … إلى أن قلتَ: ولمّا وصلتُ إلى الباب التاسع وقعت على مالم أكن أتوقع..)) إ هـ
أقول:
لقد أسفت حين قرأت رسالتكم أن يصدر مثل هذا من مثلكم في علمه ومكانته , وليتك واصلت القراءة لتعلم هل سطرت فيه حقاً أو باطلاً فإن كان حقاً أيدته امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم نبي الهدى ورسول الرحمة حيث يقول : (( أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً , قال : هذا أنصره إذا كان مظلوماً فكيف أنصره إذا كان ظالماً , قال : تردعه أو تمنعه عن ظلمه ))
وإن كان الذي سطرته باطلاً نصرتني ببيان الحق لي بدلائله وبراهينه , وأنا مستعد أن أقبل منك وأشكرك وأدعوا لك لأنك رحمتني من إثم وظلم كدت أن أقع فيه , بشرط أن يكون ذلك النقد مفصلاً بالبراهين الساطعة والأدلة القاطعة التي تبين خطئي , أما أن تصل إلى الباب التاسع وتترك القراءة وتحمل علي حملة شعواء بلا دليل فهذا لا أقبله منك ولا أوافقك عليه أبداً .
أما قولك :
بأن العنوان راقك فقررت قراءته كله وقلت : (( ولقد راقني العنوان الشيق إلى أن أقرأه كله ولكن وجدت في أوله موضوعات مفيدة في الدعوة إلى التوحيد ومناهج الدعوة , ولما وصلت إلى الباب التاسع وقعت على مالم أكن أتوقعه من مثل فضيلتكم من الوقيعة في شخصية الحسن البنا وصَبَبْتَ الغضب عليه جام الغضب )).
وأقول :
أولاً : يعلم الله عالم الغيب والشهادة أني لا أريد الوقيعة في عرض أحد لا حسن البنا ولا غيره لاسيما وأنا أعلم أن الحقوق تؤخذ يوم القيامة بالحسنات والسيئات .
ثانياً : أنتم تعلمون أن ذكر الشخص بما فيه من الخصال الذميمة جائز إذا كان ذلك لمصلحة وهي من الغيبة المباحة , والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عيه وسلم : (( لفاطمة بنت قيس حين جاءت تستشيره ممن تتزوج فقال : أما معاوية فصعلوك لا مال له , وأما أبوجهم فضراب للنساء , ولكن انكحي أسامة وأقر هنداً بنت عتبة على قولها إن أبا سفيان رجل شحيح لايعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ … الحديث )) , وقال في الذي استاذن عليه (( بئس أخو العشيرة )) .
ثالثاً: أنتم تعلمون أن أصحاب الحديث تكلموا في الرواة الذين فيهم ما يوجب رد روايتهم ـو ضعفها فقالوا : فلان كذاب , وفلان وضاع , يروي عن الثقات ماليس من حديثهم , وفلان سيء الحفظ , وفلان كثير الخطأ , وفلان فيه غفلة , فعلوا فعلوا ذلك نصيحة لله ولرسوله وللمسلمين وذباً عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل فيها ماليس منها حتى قيل لبعضهم كيف تصنع إذا جاء هؤلاء – يعني الذين تكلم فيهم وجرحهم – إذا جاؤا يوم القيامة كلهم خصومك فقال : (( لأن يأتي هؤلاء كلهم خصومي أحب إليَّ من أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة خصمي )) ومن أجل ذلك تكلم في الرواة المجروحين بدون تحرّج بل اعتبروا ذلك من خير أعمالهم التي يرجى ذخرها ويؤمل ثوابها .
رابعاً: قلت : في كتابك أخبار الآحاد في الحديث النبوي وفي الفصل الخامس جهود علماء السنة في حفظ الحديث ص 30. , وقلتَ : وأحسنت فيما قلت 2- تتبع أحوال الرواة والبحث عن مكانتهم في الحديث وأهليتهم على تحمله , وقد أقدموا على الكلام من باب النصيحة للأمة , حيث أنهم تولوا نقل شئ من أمر الدين له حكم .
وقد خصصوا هذا لانوع من عموم النهي عن الغيبة لما فيه من المصلحة العامة للأمة .أهـ
وهذا هو قولا أهل العلم من الفقهاء والمحدثين قاطبة فجزاهم الله خيراً , وسترى فيما يأتي إني إنما تكلمت في حسن البنا وأهل حزبه نصحاً للأمة , وليست أزكي نفسي والله تعالى مطّلع على ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض و لا في السماء .
خامساً : فكّر ما الذي حملني على الكلام في رجل قد مات وأنا في سن الطفولة ولم يسفك لي دماً ولم ينتهك لي عرضاً ولم يأخذ عليَّ مالاً , فما الذي يحملني على الكلام فيه ولم يظلمني أنا شخصياً بشيء , إن كنت تكلمتُ فيه من غير سابق ظلم منه لي ولا مصلحة دينية تكلمت فيها من أجلها فأنا ظالم معتدي وسيأخذ الله له بحقه مني .
سادساً : بُلينا في زمننا هذا بمناهج دعوية وردت إلينا من خارج بلادنا تغض الطرف عند الشرك الأكبر وتتهاون شيوعاً وأكثرها فساداً وإفساداً منهج ( الإخوان المسلمين ) إنه يغسل أدمغة الشباب الذين يتربون فيه , ويحولهم إلى ثوريين وتكفيريين إرهابيين خوارج , والأدلة على ذلك كثيرة ومن أهمها اعترفات الذين فجروا في العليَّا في الرياض عبدالعزيز عثّام ورفاقه , فهذا ما جعلني أكتب عنه وعن أهل حزبه قبل أن تقع قصة التفجير .
سابعاً :قولك : إنك لما وصلت إلى الباب التاسع وقعت على مالم تكن تتوقعه مني من الوقيعة في شخصية حسن البنا فقد صببت عليه جام الغضب وحمّلت كلامه مالم يحتمل .. فجوابه :
أنك لو قرأت الكتاب كله بإنصاف لعلمت أني بيّنت مافي هذا المنهج ومؤسسه من المخالفات للشرع الإسلامي ولعقيدة السلف , فهو الذي يقول بإعتراف أخيه مفتخراً وهو منشور في كتب أهل حزبه :
الله قل وذر الوجود وماحوى إن كنت مرتاداً بلوغ كمال
فجميع مافي الكون إن حققته عدم على التفصيل والإجمال
فإن كنت ترى أن حمّلت كلامه مالم يحتمله ففسر لي كلامه هذا بما يحتمله شرعاً وعقلاً غير وحدة الوجود .
ثانياً : وهو الذي كان ينشد :
صلى الإله على النور الذي ظهـرا للعالمين ففاق الشمس والقمــرا
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا وسامح الكل فيما قد مضى وجرى
فسر هذه الأبيات بتفسير يحتمله هذا اللفظ غير الشرك الأكبر في قوله (( وسامح الكل فيما قد مضى وجرى )) وغير الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم في وقوله (( هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا )) وتصديق فرية الصوفية الذين يقولون أنه صلى الله عليه وسلم يحضر حفلهم البدعي ألا وهو الإحتفال بالمولد .
ثالثاً :فسّر لي ثناءه على المرغني المعروف بوحدة الوجود بتفسير مُرضٍ لله ورسوله ثم للمؤمنين غير الرضى بوحدة الوجود والثناء على أصحابها .
رابعاً : فسّر لي قوله للجنة المشتركة ’’ ليس بيننا وبين اليهود عداوة دينية ’’ بتفسير مُرضي الله ولرسوله ثم للمؤمنين غير المجاملة لليهود وللنصارى بالإفتراء على الله ورسوله والدين الإسلامي .
خامساً: فسّر لي محاضرته في مشهد السيدة زينب بمناسبة العام الهجري وعدم ذكره للشرك ولا نهيه عنه مع أنه يرى مَن يتطوّفون بالقبر ويسألون من صحابته مالا يُطلب إلا الله , فسِّر لي ذلك مُرضي الله وللرسوله ثم للمؤمنين غير الرضى بالشرك الأكبر والإباحة له عنده وفي منهجه .
سادساً: فسِّر لي مشيه إلى قبر الدسوقي وسَنجرْ عشرين كيلو ذهاباً وعشرين كيلو رجوعاً سيراً على الأقدام بتفسير مُرضٍ لله ولرسوله ثم للمؤمنين غير الزيارة الشركية أو البدعية .
سابعاً: فسِّر لي سعيه للتقريب بين السنة والرافضة بتفسير مرضٍ لله ولرسوله ثم للمؤمنين غير الجهل بما عليه الرافضة من بدع وضلالات أو تهاونها وضلالاتهم وتضحيته بالعقيدة الإسلامية من أجل إرضائهم .
ثامناً: فسِّر لي جمعه بين المتناقضات في وصفه لدعوته بأنها دعوة سلفية وطريقة سنيّة وحقيقة صوفية وهل يمكن الجمع بين هذه المتناقضات .. هل يمكن أن تجتمع الصوفية والسلفية والصوفية والسنة .. إن الجمع بينهما كالجمع الماء والنار .
تاسعاً: فسِّر لي أركان بيعته العشرة بتفسير مرضٍ لله ولرسوله ثم للمؤمنين غير إتيانه للدعوة بتشريع جديد .
عاشراً: فسِّر لي أخذه للبيعة من أقوام في أعناقهم بيعة غير العصيان لله ولرسوله وإدخال تشريعات جديدة على الإسلام لم يأذن الله بها ولا رسوله .
الحادي عشر: فسِّر لي جعله للطاعة الذي جعلها شرطاً في البيعة واجبة الإنفاذ توّاً أي فوراً بدون مراجعة , مع أن الطاعة في الشرع الإسلامي مقيدة بشيئين :
1- أن تكون في المعروف .
2- أن تكون مقيدة بالإستطاعة .
أليس هذا تشريع في الدين لم يأذن به الله ولا رسوله !
الحادي عشر: فسر لي حصره للإسلام في أصوله العشرين أو جعله لأصوله المذكور أهمية قصوى بتفسير يرضاه الله ورسوله ثم المؤمنون غير إدخال تشريع جديد على الإسلام .
الثالث عشر:فسر لي قوله بأن التفويض المعني بتفسير هو مذهب السلف جميعاً بدون استثناء أي تفويض المعنى بتفسير مرضٍ لله ولرسوله ثم للمؤمنين غير الجهل بمذهب السلف في الصفات أو الإفتراء عليهم بأن السلف يؤمنون بالمعنى ويفوضون الكيفية .
أخيراً أقول:
إن فسرت هذه الأقوال التي سبق ذكرها بتفسيرات لا تنافي الشرع ولا تخرج عن ما يحتمله اللفظ ، فأنا مستحق لقولك بأني حملت لفظه ما لا يحتمله ، وإن عجزت عن ذلك تبين أنك افتريت عليّ وبهتني بهذا القول واعلم أني لا أطالبك بحقي وإن ظهر ظلمك لي إلا بين يدي الله يوم القيامة , إلا أني أجعل بيني وبينك سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس البحوث العلمية والإفتاء , ونائبه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان والشيخ عبدالله الغديان ، والشيخ صالح الأطرم ، على أن يقرأوا الباب التاسع من أوله إلى آخره فإن رأوني حملت كلام البنا ما لم يحتمله كلامه فليدينوني ، وإن رأوا أن الذي قال ذلك قد ظلمني وبهتني بهذا القول أدانوه.
وأما قولك :(( بأني صببت عليه جام الغضب ))
فالله يعلم أني ما كتبت الذي كتبت إلا بياناً للحق ونصيحة للخلق ، أرجوا ذلك وما أزكي نفسي
وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ
وإن كان هناك غضب فيعلم الله أنه لله ، لأنه لايتصور أن أغضب لنفسي على إنسان لم يظلمني بشيء مع تباعد البلدان والأزمان ،وإني أسأل الله جلّ شأنه وعزَّ سلطانه أن يجعل عملي خالصاً لوجهه مقصوداً به رضاه ، وأن لا يجعل فيه حظاً لأجد من خلقه إنه سميع مجيب.
وأما قولك : (( أنك وقعت على مالم تكن تتوقعه مني))
فهل ترى أني عصيت الله ورسوله ، وخالفت الشرع الإسلامي ببياني للحق الذي بينته ؟ أليس الله عزوجل قد أخذ الميثاق على أهل الكتاب أن يبينوه للناس ولا يكتمونه ؟ أليس الميثاق الذي أُخِذَ علينا؟ أليس النبي قد أخذ على أصحابه في البيعة كما في حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه قوله : (( وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف لومة لائم )) ؟ أليس الله عزوجل قد لعن في كتابه الكاتمين للحق فقال جل من قائل إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ؟
أليس الرد على من خالف مقتضيات الشرع وأحكامه واجب على أهل العلم فإن قصروا في الواجب المفروض ، وإن قام به البعض سقط عن الباقي ، ومن حقه على الآخرين الدعاء له بالتوفيق والشكر له بعد شكر الله على الإحسان والجميل ، لا توجيه التهم إليه وإساءة الظنون به.
أليس السلف قد امتثلوا هذا الأمر وأدوا هذا الواجب فألفوا مؤلفات لا ُتحصى في الرد على أهل البدع من عصر التابعين إلى يومنا هذا ولايزالون كذلك؟
ألست أنت ياشيخ قد ألفت كتابين في الرد على أهل البدع ، أحدها كتاب أخبار الآحاد الذي رددت به على المعتزلة ومن قال بقولهم ، والثاني كتابك الفائق في الرد على مبدل الحقائق ؟
وإني والله الذي لا إله إلا هو أحب الرجل يكون منافحاً عن الدين مدافعاً عنه ذائداً عن حياضه راداً على من أدخل فيه ما ليس منه .
ولكن لا أدري لم يحيد بعض المشائخ هداهم الله عن الحق ، وهم يعرفون فينكرون على من قام بشيء من هذا الواجب فيجعلونه متجنياً ومعتدياً وظالماً ، مع أن هذا المنكر لو مسه أحد بكلمة لأقام الدنيا وأقعدها ، ولكن إذا مسّ الدين واعتدى عليه وهضم حقه فالدنيا كلها سلام وعافية أفهذا يكون منّا إنصاف للدين وقيام بحقه ، أم هضم له وإهمال لحقه وتضييع لمعالمه لا سيما إذا كان الذي مُسَّ منه أسسه وقواعده وأصوله ومبانيه كالتوحيد إذا هدم بالشرك الأكبر والسنة ، إذا هدمت بالبدعة والحق ، إذا هدم بالباطل ، أفترونه حينئذٍ يسعنا السكوت ؟ لا والله ! إلا أن يقوم به بعضنا لأنه فرض كفاية ، ولمن قام به الأجر الكبير والثواب الكثير من عند الله العلي القدير كما أسلفت قريباً .
وأما قولك : (( أنك منذ أربعين سنة تتلقى أخباره من مشائخ أجلاء أمثال الشيخ عبدالرزاق عفيفي والشيخ عبدالرحمن الدوسري والشيخ عبدالله بن حميد والشيخ عبدالعزيز بن باز ممن عرفوه وأثنوا على دعوته وذكروا آثاره الحسنة وسبروا أخباره))
وأقول أولاً :
أما المشائخ الذين ذكرتهم فلعلك سألتهم قبل أن يعرفوا من حاله ما هو معروف الآن .
ثانياً:
لعله في ذاك الزمن بلغتهم أخبار عن المظهر العام لدعوته ، والمظهر العام لدعوته يغتر به كثير من الناس حتى الآن لأنهم لم يعرفوا هذا المنهج حق المعرفة لكونهم لم يقرأوا عنه آنذاك .
ثالثاً:
إذا كانوا لم يقولوا فيه شئياً فلأنهم لم يعرفوا فيه شيئاً من القوادح ولهم الحق إذا تورعوا والحالة هذه .
رابعاً:
أما الآن فقد ظهرت في منهجه قوادح كثيرة ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ هذه قاعدة معروفة عند المحدثين والعمل بها في مثل هذه القضية واجب.
خامساً:
أما الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الذي هو باق منهم على قيد الحياة فقد عرف ما عندهم ولاشك ، فقال مجيباً على سؤال يتعلق بحركة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا فقال : السائل سماحة الشيخ حركة الإخوان المسلمين دخلت المملكة منذ فترة وأصبح لها نشاط بين طلبة العلم ما رأيكم في هذه الحركة وما مدى توافقها مع منهج أهل السنة والجماعة ؟
أجاب قائلاً: (( حركة الإخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى توحيد الله ، وإنكار الشرك ، وإنكار البدع ، ولهم أساليب خاصة ينقصها عدم النشاط في الدعوة إلى الله ، وعدم التوجيه في العقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة ، فينبغي للإخوان المسلمين أن تكون عندهم عناية بالدعوة السلفية إلى توحيد الله ، وإنكار عبادة القبور ، والتعلق بالأموات والإستغاثة بأهل القبور كالحسين أو البدوي أو ما أشبه ذلك هذا ما أردت نقله إ.هـ)) .
أسمعت يا أخا الإسلام ما قاله الشيخ عبدالعزيز بن باز أمتع الله بحياته فهلا قلت مثل ماقال حيال دعوة الإخوان المسلمين وما فيها من مخالفات لمنهج السلف الصالح فتكون بذلك قد تسببت في نصرة الحق وبراءة الذمة ونصح الأمة .
وأما قولك: (( واذكروا آثاره الحسنة ))
فإن المشائخ الذين ذكرتهم غير سماحة عبدالعزيز بن باز إن كان أحد منهم ذكر إن له آثاراً حسنةً فهو مغرور مثلك ولكن الذي يظهر من كلامك إنك أنت مقتنع بأن له آثاراً حسنةً وأنا أسألك أسئلة أحب أن تجيبني عليها بالحق والصراحة فأقول:
1- هل من آثاره الحسنة سكوته عن شرك العبادة الذي يفعله الناس عند المشاهد والأضرحة المقامة في مصر , وعدم إنكاره لذلك ، حتى كأنه نزل حلة من السماء في آيات تتلى ؟
2- هل من آثاره الحسنة الحزبية التي خلفها والتفريق الذي خلفه بين الأمة؟
3- هل من آثاره الحسنة الدعوة إلى خلافة وترك الدعوة إلى التوحيد الذي دعا إليه الرسل ؟
4- هل من آثاره الحسنة تبغيض الولاة والعلماء إلى النشء والإعداد للإطاحة بالدول الموجودة وإقامة خلافة زعموا على أنقاضها ؟
5- هل من آثاره الحسنة إختلاق عيوب ومثالب للولاة والعلماء الذي يفعله أتباعه ويزعمون بعد ذلك لايصلحون للولاية وأن العلماء مداهنون معهم ؟
6- هل من آثاره الحسنة التغير على النشء وإنزالهم ميدان الدعوة وهم جهّال ؟
7- هل من آثاره الحسنة جعل البيعة في الحضر وترك أصحاب البيعة الحقيقين أصحاب السلطان ؟
8- هل من آثاره الحسنة دعوته للتقريب بين الشيعة والسنة , ومعنى التقريب أن يتنازل كل فريق عن شيء من معتقداته حتى يقترب من الفريق الثاني؟
9- هل من آثاره الحسنة زعمه بأن السلف مفوّضون لمعانِ الصفات كلها ؟
10- هل من آثاره الحسنة قوله: "ليس بيننا وبين اليهود عداوة دينية" وهذا معناه أن اليهود إخواننا؟
11- هل من آثاره الحسنة قوله :"نتعاون فيما اتفقنا عليه, ويعذر يعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه" وهذا معناه إبطال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي وصف الله به المؤمنين ومدحهم في قوله تعالى:
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ
وغيرها؟
12- هل من آثاره الحسنة جمعه بين أقوام عقائدهم مختلفة وقناعاتهم متباينة ، فهذا سُّني ، وهذا شيعي ، وهذا صوفي ، وهذا جهمي ، وهذا أشعري ، وهذا معتزلي عقلاني , وهذا وهذا ... إلى آخره مايقال ، ويزعم أن كلهم إخوة لأنهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله !
13- هل من آثاره الحسنة إحياءه للبدع ومنها بدعة المولد ومحاضرته فيها؟
14- هل من آثاره الحسنة أن الرسول يحضر حفلهم ويباركه ويغفر ذنوب أهله ؟
15- هل من آثاره الحسنة إغراقه في الصوفية وولعه بها , وحدبه عليها ؟
16- هل من آثاره الحسنة حصره للإسلام في الأصول العشرين وجعل ذلك شرعاً لأتباعه ؟
17- هل من آثاره الحسنة جعله لشروط البيعة عشرة وفرضه شروطاً ليست في كتاب الله ولا في سنة رسوله ؟
18- هل من آثاره الحسنة جعله شرط الطاعة العمياء في البيعة حيث قال : ( أريد بالطاعة إمتثال الأمر وإنفاذه توّاً في العسر واليسر والمنشط والمكره ، وذلك إن مراحل هذه الدعوة ثلاث... إلى أن قال في المرحلة الثانية التي هي مرحلة التكوين ، ونظام الدعوة في هذه المرحلة صوفي بحت من الناحية الروحية وعسكري من الناحية العملية إ.هـ)
والسمع والطاعة واجبة لولي الأمر إلا أنها مقيدة بقيدين :
• القيد الأول : أن تكون في المعروف فلا طاعة في معصية الله .
• القيد الثاني : أن تكون فيما يستطيع العبد فلا تلزم العبد فيما لا يستطيع ، وقد كان النبي يلقن أصحابه فيم استطعتم.
19- هل من آثاره الحسنة محاضرته في مشهد السيدة زينب بمناسبة حفل الهجرة ولم يذكر عن الشرك حرفاً واحداً في محاضرته ، بل كان يوصي ويؤكد أن يطهر الحاضرون أنفسهم وقلوبهم من الحقد والضغينة؟
20- هل من آثاره الحسنة إدخال النصارى الأقباط في تنظيمه وجعلهم من أنصار دعوته ؟ وهل فعل ذلك أحد من الدعاة ؟
21- هل من آثاره الحسنة إقامته حفلاً لـ " محمد عثمان المرغني" المعروف عنه القول بوحدة الوجود , وثناؤه عليه، وقوله في هذا الحفل : إنّا معشر الإخوان مدينون للسادة الميرغنية بدين المودة الخالصة والحفاوة البالغة .
22- هل من آثاره الحسنة سيره في حفل حاشد من ليلة 1/ربيع الأول إلى 12/ربيع الأول وتغنيه بغناء يتضمن الشرك الأكبر:
صلى الإله على النور الذي ظهـرا للعالمين ففاق الشمس والقمــرا
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا وسامح الكل فيما قد مضى وجرى
23- هل من آثاره الحسنة سيره هو ورفاقه ثلاث ساعات على الأقدام ذهاباً ، وثلاث ساعات وجوعاً ليزوروا قبور كهنة الطريقة الحصافية الشاذلية ، فإن قيل إن الزيارة التي أرادها زيارة سنية ، قلنا إذاً لايجوز شد الرحل إليها.
24- هل من آثاره الحسنة تغنيه بالبيتين الذين يدلان صراحة على وحدة الوجود:
الله قل وذر الوجود وماحوى إن كنت مرتاداً بلوغ كمال
فجميع مافي الكون إن حققته عدم على التفصيل والإجمال
25- هل من آثاره الحسنة زعمه أن التوسل الذي هو ذريعة إلى الشرك من أعظم الذرائع ، أنه من الأمور الفرعية التي لا يهتم فيها؟
وأخيراً أسألك بالله ياشيخ هل هذه الأمور التي سبرتها في هذه الأرقام موافقة للشرع أو مخالفة له ؟
وأسألك بالله مرة ثالثة هل من بيّن الحق للناس ودافع عن العقيدة يعدُّ مخطئاً ومجرماً ويستحق أن يبكّت ويؤنّب ويجرّم ويقال له لاتطبع كتابك .
وأما قولك: (( بأنهم عذروه في الأخطاء التي صدرت منه))
فأقول أولاً:
ماهي الأخطاء التي ينبغي أن يعذر فيها أليست الأخطاء الفرعية المبنية على الإجتهاد ، فهل أخطاء البنّا فرعية حتى يعذر فيها ؟ وهل البنا من أهل الإجتهاد الذين أحرزوا مقوماته؟ ومَنْ أشياخه الذين درس العلم الشرعي على أيديهم.
ثانياً:
الأخطاء في العقيدة لايعذر فيها باتفاق أهل العلم من أهل السنة والجماعة , وكتب الردود على المبتدعة التي ألفوها في كل زمان ومكان , والتي لاتعدّ ولاتحصى من زمن التابعين إلى وقتنا الحاضر شاهدة بذلك.
ثالثاً:
المشائخ الذين ذكرتهم هم من أهل السنة والجماعة ، ولو عرفوا من البنا مخالفة الشرع في الأصول والعقائد ما عذروه.
رابعاً:
وقولك بأنهم عذروه فهذا ادعاء منك فإن كان عندك ما يثبت هذا الإدعاء فأظهره ، وهذا إنما يتمشى لك في حق من قد وافاه أجله ، أما الشيخ عبدالعزيز فموجود وموقفه من هؤلاء معروف ، وهو إمامنا وقدوتنا ونحن نعرف عن الشيخ أنه يرد على كل خطإٍ سمعه أو علمه ولو كان صاحبه بعيداً ، ولو كان الخطأ في الأمور الفرعية فكم من أخطاء رد عليها إنها لا تحصر وإن حصرت فحصرها يطول ، وبالإمكان أن أكتب له بان فلاناً يزعم بأنك تعذر حسن البنا في الأخطاء العقدية التي صدرت منه فهل هذا صحيح .
خامساً:
ولو فرض أن أحداً من أهل العلم عذره فيما حصل منه من الأخطاء العقدية فهو يعتبر في إعذاره له شاذ مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة.
سادساً:
ومن عذره هل يقول لايرد عليه ، إن قال : لايرد عليه فقد أعان المتبدعين والمفسدين الذين يبغونها عوجاً .
وأما قولك: (( ووجدوا من كلامه مايعرف بأنه مخلص موحد ))
وأقول:
أما كونه مخلص فهذا لايعلمه إلا الله ، فالإخلاص أمر خفي لايعلمه إلا الله وفي الحديث الصحيح { إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ مانوى } وفي حديث أبي موسى { من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله } وفي حديث ابن مسعود الذي رواه أحمد { رُبَّ قتيل بين صفين الله أعلم بنيته } وفي حديث عبادة { من غزا وهو لاينوي إلا عقالاً فله ما نوى} أخرجه النسائي.
وفي قصة الرجل الذي كان لا يترك شاذة ولافاذة إلا تبعها فعجب منه الصحابة ، وقالوا : { ما أغنى منّا أحد اليوم مثل ما أغنى فلان فقال : النبي إنه من أهل النار فتبعه رجل وهو يقاتل حتى إذا كثرت فيه الجراحات وضع ذبابة سيفه في نحره ثم تحامل عليه فقتل ، فجاء الرجل إلى النبي فقال : أشهد أنك رسول الله ، قال : وما ذاك ؟ قال : ذاك الرجل الذي قلت فيه بالأمس ما قلت قتل نفسه ، فقال : النبي قم يا بلال فأذن في الناس أنه لايدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ، وأن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر } المهم أن الإخلاص أمرخفي لا يعلمه إلا الله.
وأما قولك : (( إنــه مـــوحــد ))
فهذه شهادة منك له وتزكية الله يسألك عنها وكان يجب عليك أن تفكر قبل أن ترسلها هل وضعت هذه التزكية في محلها أم لا ؟
ولست أدري هل هذا منك جهل بما وقع فيه البنا من الشرك وتغاضيه عن المشركين ، وأعمالهم الشركية ، وقبوله لهم أعضاء في منهجه فهو الذي كان يقول في بدعة المولد:
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا وسامح الكل فيما قد مضى وجرى
يعني أن رسول الله يحضر حفلهم ويباركه ويسامحهم ويغفر ذنوبهم ، فهل هذا شرك يا فضيلة الشيخ أم لا ؟ وهل من يقوله ويتغنى به موحد ؟ هل من يأخذ البيعة على الطريقة الحصافية الشاذلية موحد ؟ وهل علمت أن الصوفية موحدون ويدعون إلى التوحيد ، أم أنهم مشركون ويدعون إلى الشرك والبدع ؟ وهل تعلم أن الصوفية مبنية على الشرك ومنسوجة لحمتها وسداها من الشرك والبدع ؟ وهل تعلم أن حسن البنا كان يمشي على قدميه عشرين كيلوا ذهاباً ومثلها رجوعاً في كل جمعة ليزور قبور كهنة الصوفية ، كالدسوقي وسنجر وأمثالها هل الذي يفعل ذلك موحد؟
يا شيخ اتق الله واعلم أنك قد خدشت توحيدك ، وقدحت فيه بشهادتك للمشركين والمتبدعين بأنهم موحدون ، فتب إلى الله وارجع إليه قبل أن يفوت الأوان .
إن الداعية الموحد هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ومن سار على نهجه واتبع طريقته من العلماء والأمراء من زمنه وزمن الأمير محمد بن سعود إلى يومنا هذا رحم الله من قد وافا أجله منهم وحفظ الله من بقي .
وإن الداعية الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي ناشر التوحيد في الجنوب رحمه الله بمساعدة الملك الراحل المسمى بصقر الجزيرة والذي ضمَّ معظم أطراف الجزيرة تحت ولايته ووحدها تحت سلطانه ، ومحا منها مظاهر الشرك والبدع ، وتبعه على ذلك أبناءه الكرام رحم الله من وافا أجله منهم وحفظ الله من بقي .
أسألك بالله ياشيخ إذا سألك سائل ما تقول في شخص في موكب من 1/ ربيع الأول إلى 12/ربيع الأول ويتغنى مغتبطاً بالأبيات التي سبق أن ذكرتها ومنها:
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا وسامح الكل فيما قد مضى وجرى
هل تحكم عليه بالشرك ، أو تحكم له بالتوحيد ؟ ما هو سيكون جوابك ؟
ولو سألك سائل عن رجل يتحمل مشقة السفر على الأقدام في كل اسبوع مسافة عشرين كيلوا
إلى قبور الصوفية ، ثم رجوعاً مثل ذلك : لك بم تحكم عليه هل هو سّنّي أم مبتدع ،وهل هو موحد أو مشرك؟
فاتق الله يارجل وعُد إلى صوابك ، وتب إلى الله فإنه يقبل التوبة ، لا تضل الناس وبالأخص طلاب العلم بدفاعك عن المتبدعين ، إن هذه الرحلة التي يقوم بها حسن البنا هو ورفاقه لاتخلوا من احتمالات ثلاثة : إما أنهم يقصدون دعوة هؤلاء المقبورين وهذا شرك أكبر مخرج من الملة ، وإما أن يقصدوا الدعاء لله عند هذه القبور وهذا بدعة ، وإما أن يقصدوا الزيارة السُّنُية ولكنها لا تحصل إلا بشد رحل وشد الرحل للزيارة السُّنُية بدعة ، وعلى هذا ففاعل ذلك إما مشرك وإما مبتدع.
وأما قولك : (( نفع الله بدعوته وهدى به خلقاً كثيراً ))
فأيُّ نفع حصل لهم ، هل التغاضي عن الشرك الأكبر والسكوت عن فاعليه الخرافيين والمبتدعين نفع؟ هل السكوت عن المنكر وعدم إنكارها استناداً إلى القاعدة التي قعدها حسن البنّا ( نتعاون فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ) هل هذا نفع ؟
هل الدعوة إلى خلافة ، وترك الدعوة الدعوة إلى التوحيد الذي هو طريق الرسل نفع ؟
هل نية الإطاحة بالدول القائمة ، والخروج عليها وإن كان أصحاب السلطة فيها مسلمين وإن كانوا يحكمون شرع الله ويقيمون حدوده نفع؟
إن دعوة الإخوان خربت الشباب ولم تنفعهم ، وأفسدتهم ولم تصلحهم.
وأما قولك : (( أنك لم تزل تسمع الثناء عليه في المجالس ، والقراءة في كتبه إلى نحو سبع سنين ، حيث انقلب عليه أكثر الإخوان وبخسوه حقه ))
وأقول :
فهل هذا حجة إن أثنى على منهجه أو أثنى عليه من لا يعلم ما في منهجه من الكوارث وما عنده من الأخطاء الفادحة ، فهذه ليست حجة ولاميزاناً لصحة منهجه.
وأنت في قرارة نفسك تعلم أن هذا ليس بحجة ، وأنهم أثنوا عليه حين ما كانوا منخدعين بالمظهر العام لمنهجه ، فلما عرفوا ما فيه أنكروا ذلك وتنكروا له وهم محقون فيما فعلوا.
اللهم إنك تعلم أنا لانقصد تجريح أحد ولا الكلام في أحد ، وإنما نقصد بيان الحق وتحذير الشباب طلاب العلم من المناهج التي تشتمل على بدع وضلالات وإنما ننبههم على ما فيها من الأخطاء حتى لا ينخدعوا بها ويدخلوا فيها فيخطئوا طريق الحق فيضلوا هم ويضلوا من وراءهم.
وأما كونهم بخسوه حقه فهذا ليس بصحيح ، ولكن قالوا : فيه مانقل لهم بأقوال موثقة من مصادرها، بأسماء الكتب وأرقام الصفحات ، فهل بخسوه حقه حينما ينقلون تلك النقول ليقنعوا الشباب أن ذلك المنهج خاطئ لأنه يشتمل عل ىحق وباطل ، وصواب وخطأ ، كمشرب كثير الأقذاء والأخلاط ، وإلى جانبه مشرب صافٍ سليمٍ من الأقذاء فأيّها أحب إليك أن تشرب منه ؟ فهل هم بهذا بخسوه أو هضموه قدره ؟
وأقول :
لا , ثم لا , بل ماقامت السماوات والأرض وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب إلا بإحقاق الحق وقمع الباطل ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا خلا الكون أو بالأحرى خلت الأرض من قائم لله بحق وآمر بمعروف وناهٍ عن منكر وجب الأرض الغضب نزلت العقوبة وحمل على ذلك قوله تعالى وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ قال ابن عمر وأبوسعيد الخدري رضي الله عنهما: إذا لم يامروا بالمعروف ويهنوا عن المنكر وجب السخط عليهم .
وقال : عبدالله بن مسعود وقع القول : يكون بموت العلماء وذهاب العلم ، ورفع القرآن . قلت : وقد تبين من هذا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المكر أمنة من نزول العذاب ووجوب السخط من الله تعالى على عباده .
ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رد الأخطاء العقدية على قائليها من كانوا ، وحيث كانوا، أفتريد من أهل الحق أن يسكتوا عن بيانه ، وينكوا عن تصفيته مما يخلط مما به ويدخل فيه من غيره؟
كلا . إن هذا لايكون إن شاء الله مادام للحديث رجال ، وللقول مجال ، وللحق وأهله صولة ونزال ، يرجون من وراء ذلك رضوان الكبير المتعال .
وأما قولك : (( وتسلطوا عليه بدون موجب للتخصيص ، فهناك كتب مشهورة شر من كتبه ، وهناك قادة أحياء وأموات أشد انحرافاً منه )) !
وأقول:
الحمد لله الذي أنطقك بالحق من حيث لا تشعر فاعترفت أن في كتبه شراً ، وفي منهجه وسيرته انحرافاً ، وما أشبه قولك : ياشيخ بقول أهل البدع في التناقض فتأمل !!
ثانياً:
أن الواجب على أهل العلم أن يبينوا للناس بقدر استطاعتهم ما خفي عليهم ، ويميزوا الحق من الدخيل .
ثالثاً:
بلينا بهذا المنهج في عقر دارنا فأفسد عقول أبنائنا ، فتنكروا للوالد الحاني والحميم المشفق ، والأستاذ المربي ، ولم يصدقوا نصح ناصح ، ولا نقد ناقد إلا يكون من أهل حزبهم فأشبهوا من قال الله تعالى فيهم وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ وهم قالوا : لا تؤمنوا إلا لأهل حزبكم فكان ذلك هو موحب للكلام في هذا المنهج ومؤسسه وفروعه كالسرورية والقطبية وكان هذا هو موجب التخصيص لأنه شاع عندنا وانتشر في جميع البلاد والأصقاع ،وأفسد عقول الشباب فحولهم إلى ثوريين تكفريين إرهابيين .
فلا غرابة إن أنكر طلاب العلم السلفيون هذا المنهج ونشروا القوادح فيه إحقاقاً للحق ونصحاً للخلق وتقرباً إلى الله وجهاداً في سبيله إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا
وأما قولك : (( خصوه وخصوا كتبه من بين كتب مشهورة هي شرٌ من كتبه ، ودعاة أحياء وأموات أشد انحرافاًُ منه ))
وأقول:
قد بينت لك السبب في ذلك مع أن السلفيين لم يسكتوا والحمدلله على باطل ، فقد ردّوا على كل فئات الباطل سابقاً ولا حقاً قديماً وحديثاً ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
وأخصُّ في هذا الزمان سماحة شيخنا الجليل وجهبذنا الفذ وعالمنا الناصح الفاضل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز حفظه الله ووفقه وأعانه ، ثم هيئة كبار العلماء من بعده وفقهم الله جميعاً وأعانهم على كل خير ، وأعانهم من كل شر ، فمن تصفح فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز البالغ عددها سبعة مجلدات يعرف أنه قد كتب ردوداً كثيرة جداً على أهل الباطل بكل عناصره ، وكل فئاتهم،وكذلك
ماكتب في مجلة البحوث الإسلامية من فتاوى وردود ومن هيئة كبار العلماء جزاهم الله خيراً وبارك في أوقاتهم ، والمقصود أن قولك : ( أن أكثر الإخوان تسلطوا عليه بدون موجب للتخصيص ، فهناك كتب مشهورة شر من كتبه ، وهناك دعاة أحياء وأمواتاً أشد انحرافاً منه ) يعني أنهم لم يردوا عليهم هو قول في غير محله عافانا الله وإياكم وأصلح حالنا وحالكم ، وما هكذا ياشيخ حجج العلماء بل إن حججهم في إثبات ما يثبتون ونفي ما ينفون نصوص الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة .
فإذا كنت ياأخا الإسلام ترى أن الرد على حسن البنا وأهل حزبه ممن تمرغوا في الصوفية والوثنية ، وأدخلوا في الدين بدعاً وشرعوا فيه مالم يشرعه الله ولا رسوله، إذا كنت تعتبر الرد على هؤلاء وبيان ما احتوى عليه منهجهم من الباطل والضلال ، تعتبر ذلك اعتداءاً على أصحاب هذا المنهج وعلى مؤسسة، فنحن لا نملك الهداية ، ولكن علينا أن ندعوا أن يخرجك الله عزوجل من هذا الفكر الغريب ، والفهم المريب ، الذي اعتراك وخلّط عليك الأمور ، وفي نفس الوقت نخاف عليك أن يدخلك هذا الفكر في عدد من قال الله فيهم وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا
وأعلم أن تولي أهل الباطل والدفاع عنهم ليس من سبيل المؤمنين سواء كانوا مشركين أو مبتدعين بدعاً مكّفرة أو مفسقة ، فأنا أنصحك وأسأل الله لك يا أخا الإسلام بالعودة إلى الحق ونصرته ونسأل الله أن يبصرك به ويزيل عن بصيرتك الغشاوة.
هذه نصيحتي لك ، وهي نصيحة كل سلفي يحب لك الخير ، ويخاف عليك من عواقب هذا الفكر الغريب ، والفهم المريب ، وبالله التوفيق عليه توكلت وإليه أنيب.
وأما قولك : (( فأنا أنصحك أيّها الشيخ أن تصون لسانك وقلمك عن الوقيعة في هذا الداعية الذي نفع الله به ))
وأقول:
ما أحسن النصيحة إذا كانت في محلها ، إنها هديّة ثمينة لمن أراد أن يصون بها دينه ولكنك نصحتني أن لا أنصح .. وهل هذه نصيحة , إنها في الحقيقة تثبيط عن الخير وصدّ عن سبيل الله ، فاتق الله ياشيخ عبدالله وعُد إلى الصواب ، والله الذي لا إله إلا هو ما في قلبي شك بنسبة 1% في حل ما فعلته ، بل أرى أنه من الواجب عليَّ وقد علمت عن هذا الرجل وعن منهجه ما يؤهلني أن أنصح غيري وأن أبيّن ما على هذا المنهج من المآخذ نصيحة لطلاب العلم المغرر بهم وأداء لحق الله عليَّ في الدفاع عن الدين الإسلامي وذوداً عن التوحيد ، وحِمى لجنابه بما حماه نبي الهدى صلوات ربي وسلامه عليه كلّما هبت النسائم ، وناحت على الأيك الحمائم وكلّما صلى مصلي وصائم لله صائم وسلّم تسليماً كثيراً .
وأما قولك : (( أنك تنصحني أن لا أقع في عرض هذا الداعية ))
أقول:
ما هو الأولى في نظرك بالحماية والدفاع عنه , التوحيد والعقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة ، وأعراض حسن البنا، ليس الله عزوجل أمر بقتال المشركين والكفار من أجل العقيدة )وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ ( الآية, وفُسرت الفتنة بالشرك ، أليس الله أباح إزهاق أرواح الكفار والمشركين وسبي نسائهم وأولادهم وجعل أموالهم غنيمة للمسلمين من أجل العقيدة أفلا يُباح من فعل الشرك الأكبر وأقرَّ فاعليه عليه وإدخال في الدين بدعاًَ ، وإدخال فيه شرعاً لم يكن مشروعاً ؟
أفلا يباح عرضه من أجل بيان الحق للمغرورين بهذا الرجل ومنهجه ؟
بل والله الذي لا إله إلا هو إن الواجب عليَّ وعليك وعلى جميع طلاب العلم أن يكون نصر الدين وبيان الحق مقدم على كل شيء في هذا الدنيا طاعة لله ، وقياماً بحقه ونصرة لدينه ، وحماية لعقائد المسلمين من اللبس ، وبالله التوفيق.
وأما قولك: (( بأنك تنصحني ألا أطبع كتابي ))
فأولاً:
أعتبر هذا منك صدّاً عن سبيل الله ، لأن هذا الكتاب أعتبره من أفضل حسناتي ، لأنني نصرت به الحق وحميت به جناب التوحيد ، ودافعت به عن العقيدة الصحيحة ، أرجوا إني فعلت ذلك مخلصاً لله ، وقائماً بحقه وذائداً عن حمى دينه وما أبرئ نفسي من التقصير والخطأ , وأسأل الله أن يغفر لي ، فإن العبد مهما عمل فهو محل للقصور والتقصير.
وثانياً:
أعتبر هذا منك خذلاناً للحق ، وتظاهراً مع أهل الباطل ، وإعانة لهم ، وكفى بذلك إٍساءة إلى الشرع ثم إلى حملته الذين قال الله حقهم وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
ثالثاً :
سمعت أن بعض الحزبيين يشترون الكتب التي تقدح في حزبهم بكميات كبيرة ثم يحرقونها ، فما الفرق بين من يحرق الكتاب بعد أن يطبع ، وبين من يقول لا تطبع.
رابعاً:
وإني أعدُّ هذا من التدخل في شؤون الغير لصرفه عن نشر الخير , وفي الحديث { من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه }.
خامساً:
إن طبعته وتداوله الناس فأنا أطبع كتاباً يقرر التوحيد وينكر الشرك ، ويقرر السنة وينكر البدعة ، ويقرر الحق وينكر الباطل ، وكان من الواجب عليك أن تطلب التعجيل بطبعه نصرة للتوحيد والحق والسنة، ولكنك عكست القضية وطلبت عدم طبعه ، وكنت بذلك ظهيراً لأهل البع والتحزب بالباطل على أهل التوحيد والسنة وأتباع نهج السلف فاستغِفرِ اللهَ وتُب إليه قبل أن يفوت وينقضي العمر ، فوالله لا ينفعك عند الله فلان ولا علان ، وإنما ينفعك قيامك بالحق ونصرك له ولأهله ، والله هو المسؤول وحده أن يهدينا وإيّاك إلى الحق ونصرته ونصرة أهله ، ويعيذنا من الهوى والضلال.
وأما تحذيرك إيّايَّ من أن أطبعه خوفاً عليَّ من أن (( تشوه سمعتي ))
فأنا أقول لك :
إعلم أن تشويه السمعة إنما يكون بنصرة الباطل أو قوله أو فعله ، وأنا من فضل ربي لم أعمل باطلاً ولم أنصر أهل الباطل ، فتشوه سمعتي عند المؤمنين الذي هم شهداء الله في أرضه ، ولكني عملت حقاً ونصرت حقاً أرجوا به الثواب عند الله ولسان صدقٍ في الآخرين.
أما أهل الباطل فأنا لا أحرص على سمعتي عندهم ، وأسأل الله العظيم ربَّ العرش الكريم أن يكفيني شرّهم ، وأن يحميني من كيدهم ، وأنا ماضٍ في طبع الكتاب ونشره إن شاء الله، ومتوكل على الله الذي بيده نواصي العباد جميعاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,