]نبذة يسيرة من حياة أحد أعلام الجزيرة
ترجمة الشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله-
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
فضيلة الشيخ / يحيى بن علي الحجوري
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد
فقد رفع الله سبحانه وتعالى شأن العلماء الناصحين العاملين بعلمهم فقال تعالى : {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } 1 وقال تعالى : {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائماً بالقسط }2 وجعلهم مئاباً للناس عند حلول المشكلات وحوالك المعضلات فقال تعالى: ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) 3.
وقال عزوجل : {فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}4 فبالعلماء العاملين ينقذ الله الأمم من ظلمات الجهالة ويبصرهم عن الوقوع في عماية الضلالة ويالله كم في فقدانهم من أضرار ومن تلاطم فتن وأخطار قد أبانها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله " إن الله لا ينزع العلم انتزاعاً من الصدور ولكن ينتزعه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ". هذا وإن الناظر إلى أي بلد حرم العلم والتعليم والدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليرى بعد ضلالهم وانحطاط أخلاقهم وأفكارهم.
ولقد ذاقت البلاد اليمنية حرسها الله من كل سوء صنوفاً من البلايا وأنواعاً من الرزايا بسبب سيطرة الجهل والدعوات المنحرفة عن جادة الطريق المستقيم.
فجاس التشيع والتصوف خلال البلاد وعاث فيها بالشركيات والبدع وشتى أنواع الفساد فقيض الله عزوجل عدداً من رجال الحديث بين الحين والآخر إلى كتاب الله وسنة رسوله يدعون وعن ضده ينهون وينأون ومن أبرز أولئك الأفذاذ شيخنا العلامة الغيور على دين الله الصادع بالحق الصادق اللهجة القوي الحجة فجند نفسه ووهب عمره لوجه الله عزوجل في نصره دينه والذب عن كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ولقد خرج شيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي تغمده الله برحمته وكثير من الناس يخبطون خبط عشواء وتجري عقولهم في اقتناص مصالحهم على غير السواء فجدد الله به في البلاد أمر دينها وحمى به جناب السنة وعرينها فشمر عن ساعد الجد بتشييد علوم كتاب الله وسنة رسوله وتبينها وتزييف تلك الضلالات وتوهينها فعلّم وصنف ودعا إلى الله عزوجل بكل ثبات ويقين وفضح الله به الزنادقة والملحدين والمبتدعة الضلال والمتهورين حتى كان محل ثقة المسلمين الرحال وقطعوا السهول والجبال فأحباه الله حياة طيبة مزدهرة بالعلم والتعلم والنصح والتوجيه والفتوى والبيان والزهد في الدنيا والأعراض عنها والجد في أمور الآخرة والسعي لها وختم له بخاتمة حسنة غبطة عليها الصلحاء الأخيار حيث وافته المنية بعد جهاد في الله ونصرة دينه وتحقيق توحيده عشرات السنين .
وصلى عليه في المسجد الحرام ألاف الأبرار الموحدين وقد اخرج مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه " .
هذا ولقد قام عدد من أفاضل طلاب شيخنا أبي عبد الرحمن الوادعي رحمه الله بتراجم له حافلة بين موسعه ومختصره 5 ذكروا فيها مناقبه وعلومه وكرمه وزهده وبذله وصبره ومحبة للسنة وبغض للمبدعه مما لا يتسع المجال لذكر بعضه هنا ومن بين من ترجم له أخونا الفاضل السني السلفي الداعي إلى الله الناصح الشهم العفيف الكاتب البصير ابو همام محمد بن علي البيضاني الصومعي حفظه الله برعايته وجعله في بالغ لطفه وعنايته ومن مميزات هذه الترجمة على بعض التراجم المذكورة وإن لم تكن بأوسع ولا أبلغ من بعضهن إلا أن أخانا أبا همام طرزها بردود متينة على بعض من طاشت أقلامهم وزلت أقدامهم وضلت أفهامهم بالطعن على شيخنا العلامة النحرير والمحدث الفقيه الكبير مقبل بن هادي رحمه الله فجرى الله أخانا أبا همام كل خير ودفع عنه كل سوء وضير .
وكتب يحيى بن علي الحجوري في تسعة عشر شهر رجب عام اثنين وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة النبوية على صاحبها صلوات الله وسلامه19/7/1422هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمــة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "
وإن موت العلماء يعتبر نكبة على الأمة الإسلامية لأن في بقائهم الخير لهذه الأمة أما: عند ذهابهم فإن الشرور تكثر وأهل الباطل بجميع أصنافهم يجدون سبيلاً لترويج باطلهم لأنهم عند وجود العلماء يكونون خامدين مدحورين وعند وفاة أولي العلم يكثر الخلاف والفرقة لأن الجهال يتصدرون ويريدون أن يكونوا هم العلماء هم أهل الفتوى هم المرجعية والله المستعان .
وان الأمة الإسلامية قد فقدت عالماً من هؤلاء العلماء فقدت عالماً مجاهداً مجدداً إنه العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله الذي وافانا خبر وفاته في ليلة الأحد الأول من شهر جمادى الأولى سنة اثنين وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة 6 فرحم الله أبا عبد الرحمن واسكنه الفردوس الأعلى.
مكث في اليمن أكثر من عشرين عاماً في التدريس والدعوة والتأليف دحض الله به البدع وأقام به السنة قمع به التشيع والتصوف والتحزب لقد كان شجاً في حلوق أهل الباطل جميعاً.
وفد هذا العلامة اليمن سيما بلده صعدة والناس تحت وطأة الرفض و التشيع فبين لهم السنة من البدعة وبين لهم المنهج السلفي ودعاهم إليه وحذرهم من مناهج أهل البدع فصاروا له مناصرين إلا من استحب العمى على الهدى وقليل ما هم.
وجدهم يطوفون بالقبور ويستغيثون بأهلها ويذبحون لهم فبين لهم أن هذا العمل شرك لا يغفره الله وأن من مات مصراً على ذلك مات كافراً إلا أن يتوب.
أسس دار الحديث السلفية وعلم وصبر على تعليم الناس فتخرج على يديه الجم الغفير من العلماء والدعاة وحفظة القرآن والسنة يدعون إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم ومع هذا النفع العظيم الذي كان أبو عبد الرحمن سبباً في وجوده مع هذا كله كان أبو عبد الرحمن يقول: كل هذا لا بحول منا ولا قوة ولا بسبب كثرة علمنا ولا شجاعتنا ولا فصاحتنا في الخطابة ولكن أمر أراده الله أن يكون فكان ولله الحمد والمنة الذي وفقنا لذلك.
فرحم الله أبا عبد الرحمن لقد افتقده أهل اليمن خاصة والعالم الإسلامي عامة وقد تذكرت أبياتاً كان رحمه الله يتمثل بها فإنه كان يحب مناقشة طلابه في دروسه فسأل مرة عن بعض طلابه فلم يكونوا موجودين فطفق يقول:
سيذكرني قومي إذا جد جد هموا
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
فرحمك الله وجزاك خيراً ما جزا عالماً عن طلابه ومع هذا فقد كان أبو عبد الرحمن يعلم طلبته على أن يعلقوا الدعوة بالله وأن لا يعلقوها بشخص فقد سمعته يقول في 18/3/1420هـ في أحد دروسه { لا تعلقوا الدعوة بشخص وأنه لو مات ماتت الدعوة علقوها بالله }
وعلى كل فإن الله سبحانه وتعالى : قد حكم على جميع خلقه بالفناء حتى أنبياءه صلوات الله وسلامه عليهم قال تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه } 7 وقال تعالى: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} 8 .
هذا وإني قد كنت شرعت في كتابة هذه الترجمة بمكة المكرمة قبل وفاته عندما كان نزيلاً بها فترة علاجه ثم رجعت إلى دماج فلما جاءنا خبر وفاته اجتهدت في إكمالها 9وهذا من حقه علينا فإن 10] للعلماء علينا من الحقوق ما تركه يتم العقوق ومن رعايتهم ضبط أحوالهم الشريفة وتدوين مناقبهم المنيفة وتقليد محاسنهم في بطون الأوراق والمحافظة على حفظ نتائج أفكارهم التي هي من أنفس الأعلاق ومن ذلك تعظيمهم باللسان والجنان والأركان وعدم التعرض لما يئذيهم بالدخول في أعراضهم والاستهانة بمناقبهم الجزيلة الجليلة والتقعد لهم بمراصد الاستخفاف والتنصب لهم بمنصة الخلاف 11.
وقد ورد في الآيات الفرقانية والأحاديث النبوية والآثار المصطفوية ما يقتضي النهي عن ذلك وتغطي بمن عمل به أيمن المسالك ".
وقد اشتملت هذه الترجمة على أمور وهي: (اسم الشيخ) (نسبه) (بداية طلبه للعلم) (رحلته) (عودته إلى اليمن) (رجوعه إلى أرض الحرمين ونجد) (دراسته بالجامعة) (سجنه) (ترحيله) (وصوله إلى اليمن) (بداية الدعوة) (آثاره العلمية) (شيوخه) . (طلبته ) (شجاعته) (حرصه على طلاب العلم) (عزة نفسه وعفته) (صبره وزهده) و(كرمه ) (تواضعه) و( ورعه ) (حرصه على الدعوة حرصه على العلم ) ومراجعته ( أعداؤه) (زوجاته) (حياته العائلية) (فوائد من مجالسه) .
وما لا يدرك جله لا يترك كله وأسأل الله العلي القدير أن يرحم شيخنا وأن يتجاوز عنه وأن يسكنه فسيح جناته إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه أبو همام
محمد بن علي بن أحمد فرج
الصومعي البيضاني
مكة المكرمة
نسبه
هو الشيخ العلامة المحدث / مقبل بن هادي بن قايدة12 الهمداني الوادعي الخلالي من قبيلة آل راشد
بداية طلبه العلم
بدأ شيخنا رحمه الله تعالى طلب العلم في المكتب فتعلم فترة ثم انقطع عن مواصلة العلم والسبب في ذلك أنه لم يجد معيناً يعينه على مواصلة طلب العلم.
قال 13رحمه الله درست في المكتب14 ثم ضاع من العمر ما شاء الله في غير طلب لأنه ما كان هنالك من يرغب أو يساعد على الطلب .
سفره إلى أرض الحرمين ونجد
ثم سافر شيخنا إلى أرض الحرمين ونجد وسكن بنجد قدر شهر ونصف فتغير عليه الجو بالرياض فعزم على السفر إلى مكة فاستنصح بعض الواعظين عن الكتب المفيدة حتى يقوم بشرائها فأرشده إلى (صحيح البخاري) – و(بلوغ المرام) – و(رياض الصالحين) و( فتح المجيد) – وكان يعمل آنذاك حارساً على عمارة في الحجون15 فعكف على هذه الكتب يقرءها وكانت تعلق في ذهنه لأن العمل في بلده كان على خلاف ما فيها سيما كتاب فتح المجيد كما ذكر ذلك هو نفسه.
عودته إلى بلده
ثم عاد شيخنا إلى بلده وبدأ بإنكار المنكر الذي وجد قومه عليه من الذبح لغير الله وبناء القباب على القبور ونداء الأموات والاستغاثة بهم فبلغ ذلك الشيعة فأغاضهم ذلك فقائل منهم يقول "من بدل دينه فاقتلوه"16 ومنهم من يرسل إلى أقربائه ويقول: إن لم تمنعوه فسنسجنه وبعد المضايقات وبعد التهديد والوعيد الشديد من قبل الشيعة الذين يرون أن أبا عبد الرحمن قد بدل دينه وأنه إن لم يرجع عن عقيدة التوحيد فسوف يقتل لأن من دعا إلى التوحيد عند الشيعة وأضرابهم فقد بدل دينه يستتاب فإن تاب وإلا قتل وبعد هذا وذاك قرروا قراراً لم يستطع أبو عبد الرحمن الفرار منه قرروا أن يدخلوه جامع الهادي17 ليتعلم هنالك حتى يزيحوا الشبه التي قد علقت في ذهنه بزعمهم وهذا ابتلاء لأبي عبد الرحمن رحمه الله بعد ما عرف العقيدة الصحيحة والمنهج الصحيح يزج به في وكرٍ من أوكار التشيع ولكنَّ أبا عبد الرحمن بفضل الله عز وجل ثم بسبب عقيدته السليمة عندما رأى أن الكتب التي تدرس عندهم شيعية معتزلية أقبل على النحو يتعلمه وإن كان أهل البدع بجميع أصنافهم يدسون العقيدة الفاسدة في اللغة العربية إلا أن الله سبحانه وتعالى حفظ أبا عبد الرحمن من هذه المكيدة فدرس " قطر الندى " لابن هشام مراراً حتى استوعبه استيعاباً عجيباً لكثرة ما درسه وراجعه
عودته إلى أرض الحرمين
ثم عاد أبو عبد الرحمن رحمه الله إلى أرض الحرمين إلا أنه قبل ذلك نزل نجران وسكن فيها قدر سنتين ولازم فيها مجد الدين المؤيد18 ثم انطلق إلى مكة فكان يعمل نهاراً ويدرس ليلاً.
دخوله معهد الحرم
ثم فتح معهد الحرم فتقدم شيخنا رحمه الله مع مجموعة من طلبة العلم للاختبار فنجح بفضل الله تعالى.
انتقاله إلى المدينة النبوية
وعندما انتهى شيخنا رحمه الله من المتوسط والثانوية انتقل إلى المدينة النبوية ودخل الجامعة الإسلامية وأختار كلية الدعوة وأصول الدين وعندما جاءت العطلة خشي من ضياع الوقت فانتسب في كلية الشريعة وانتهى من الكليتين وأخذ شهادتين والمعتبر عنده هو العلم لا الشهادة كما كان يردد ذلك في كثير من دروسه.
حصوله على الماجستير
ثم فتحت آنذاك في الجامعة الإسلامية دراسة الماجستير فتقدم لاختبار المقابلة فنجح بفضل الله وكانت الدراسة التي أعدها لنيل شهادة الماجستير هي تحقيق كتاب الالزامات والتتبع للإمام الدارقطني رحمه الله وهذه المناقشة سجلت على أشرطة ثم فرغت وطبعت ضمن كتابه غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة.
سجنــه
سجن أبو عبد الرحمن مرتين المرة الأولى لمدة شهر ونصف.
والثانية: لمدة ثلاثة أشهر ثم رُحل بعد ذلك قال رحمه الله كما في ترجمته: وكانت تحدث السقطات من بعض الإخوة المبتدئين لأن الغالب على المبتدئ الحماسة الزائدة وكنت آنذاك أحضر رسالة الماجستير فما شهدنا ذات ليلة إلا بالقبض علينا فقبضوا على نحو مائة وخمسين وهرب من هرب وأرتجت الدنيا بين منكر ومؤيد فبقينا في السجن نحو شهر أو شهر ونصف وبعدها خرجنا بحمد الله أبرياء.
ثم بعد هذا خرجت بعض رسائل جهيمان19 فقُبض على مجموعة منا وعند التحقيق قالوا لي أنت الذي كتبتها جهيمان لا يستطيع أن يكتب فنفيت ذلك والله يعلم أني لم أكتبها ولم أشارك فيها وبعد سجن ثلاثة أشهر أمر بالترحيل.
وصوله إلى اليمن
وعندمنا وصل هذا العالم الجليل والمجاهد النبيل إلى بلده أخذ يدرس في قريته الأولاد القرآن الكريم وتكالبت عليه الدنيا كأنه خرج لخراب البلاد كيف لا وأهل الرفض يحيطون به من كل جانب ويرون أنه ممن بدل دينه وأنه إما أن يرجع عن عقيدته وإما أن يقتل وكان في ذلك الوقت وحيداً بمفرده لا يعرف أحداً لا يعرف شيخ قبيلة ولا يعرف مسؤولاً وإنما كانت كلمته التي يرددها حسبي الله ونعم الوكيل.
وبعد أيام أخرج بعض فاعلي الخير مكتبته من المدينة ولم يستلمها إلا بعد غرامة مالية وتعب تعباً شديداً فعندما وصلت ذهب الشيعة إلى المسؤولين وقالوا إنها كتب وهابية حتى إن الخبر وصل إلى الرئيس وأحال الرئيس القضية إلى أحد المسؤولين ثم سلمت له20.
إشراقة أمل
ثم بدأت الدعوة السلفية دعوة التوحيد دعوة الحق تشع بنورها رغم أنوف الحاسدين والحاقدين من شيعية وصوفية وعلمانية بجميع أصنافها بدأت تنطلق من قرية صغيرة تحيطها الجبال ولكن شعاع هذه الدعوة المباركة بدء ينتشر ويكتسح الباطل بدء هذا الحق يرتفع ويحطمُ البدعَ والخرافات ويضيء للناس الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه أنه لا ذبح إلا لله لا عبادة إلا لله – لا نذر إلا لله – لا حكم إلا لله لا ولاء إلا لله – ولا براء – إلا من أجل الله – لا دعوة إلا إلى الله – وإلى كتابه – وإلى سنة رسوله جاء أبو عبد الرحمن والناس في اليمن تحت وطئة الرفض والتشيع لا يستطيعون أن يحرروا أنفسهم من هذه الوطئة وهذا الاستعباد ولقد سمعت رجلاً من أهل دماج وأنا راكب في سيارة أثناء ذهابي إلى صعدة يقول لأحد الشيعة (لقد حررنا الشيخ مقبلٌ) .
جاء أبو عبد الرحمن وأهل دماج كانوا يذبحون لغير الله في مكان يقال له الملاطة فنهاهم وحذرهم وتركوا وكانوا يذهبون إلى قبر الهادي بصعدة ويدعونه من دون الله فبين لهم الحق وأن هذا لا يجوز وأنه شرك لا يغفره الله فانتهوا ثم بدء الناسُ يسمعون عن دعوة تدعو إلى التوحيد وأنه لا إله إلا الله لا معبود بحقٍ إلا الله .
سمعوا بهذا العلامة الإمام فشمروا عن ساعد الجد ورحلوا إليه ليأخذوا عنه العلم جاءوا من مصر – والكويت وأرض الحرمين ونجد وليبيا والجزائر والمغرب وتركيا وبريطانيا وأمريكا والصومال وبلجيكا ومن جميع البلاد اليمنية وكان المسجد صغيراً بناه أقرباء الشيخ له لكي يصلوا فيه درءاً للفتنة ثم بنيت عدة مساجد بعده كلما ضاق مسجد بنوا أخر ثم جعلت المساجد القديمة لصالح الدعوة منها ما هو سكن وآخر يدرس فيه النساء وآخر مكتبه وآخر مطبخ وآخر لإقامة الدروس وآخر لاستقبال الضيوف وآخر لحاجيات الطلاب وهكذا.
حتى صار عدد الطلاب أكثر من ألفي طالب ومع هذا فأبو عبد الرحمن دائماً يكرر ويقول: كل هذا لا بحول منا ولا قوة ولا بسبب كثرة علمنا ولا شجاعتنا ولا فصاحتنا في الخطابة ولكن هذا أمر أراد الله أن يكون فكان ولله الحمد والمنه الذي وفقنا لذلك.