فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان :
في الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم ) . هذا الحديث أمرنا فيه - صلى الله عليه وسلم - بثلاثة أشياء : بوحدة العقيدة : في قوله : ( أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا ) . وبوحدة المرجع والمصدر الذي نرجع إليه في حل مشاكلنا : في قوله : ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ﴾ . وبوحدة القيادة : في قوله : ( وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم ) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة ) ، قلنا : لمن يا رسول الله !؟ قال : ( لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم ) . [ رواه مسلم ، وأبو داوود ، والنسائي ، والإمام أحمد ، عن تميم الداري - رضي الله عنه - ] . فمناصحة ولاة الأمور ، والنصيحة لهم ، وطاعتهم في المعروف ، كما قال - تعالى - : ﴿ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ . هذا مما يحصل به الاجتماع والائتلاف والقوة للمسلمين .
فهذه الأمور الثلاثة : وحدة العقيدة ، ووحدة المصدر ، ووحدة القيادة إذا تجمعت للمسلمين فإنه قد اجتمع لهم الخير كله . وهذه الثلاثة - والحمد لله - مجتمعة لنا الآن ، عقيدتنا عقيدة التوحيد : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله . وهي عقيدة التوحيد الخالص ، فليس عندنا - والحمد لله - شيء من مظاهر الشرك التي توجد في البلاد الأخرى ، بلادنا بلاد التوحيد ، وبلاد العقيدة ، وبلاد الدعوة ، كما كانت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تزال - إن شاء الله - .
وكذلك عندنا وحدة المصدر ، وهو كتاب الله وسنة رسولنا - صلى الله عليه وسلم - ، فنحن - والحمد لله - نحكم بكتاب الله وبسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على الصغيرة والكبيرة ، نطبق الحدود ، ونقيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتنفذ الحدود ، وهذه نعمة عظيمة من الله - سبحانه وتعالى - .
قيادتنا - والحمد لله - مسلمة ، قامت على الكتاب والسنة ، وعلى الدعوة إلى الله - عز وجل - لا أقول بأننا قد كملنا من كل الوجوه . بل عندنا نقص وعندنا خلل ، ولكن هذا يمكن إصلاحه بالتعاون على البر والتقوى ، والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والتّناصح ، والعمل بقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( الدين النصيحة ) ، قلنا : لمن يا رسول الله !؟ قال : ( لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامّتهم ) .
ومعنى ذلك : أن نتمسك بهذه النعمة ، وأن نشكر الله عليها ، وأن نعمل على بقائها وتنميتها ، وأن نصلح ما يحصل فيها من الخلل بالطرق الصحيحة السليمة ، بطرق العلاج السليمة الصحيحة التي أرشد إليها نبينا - صلى الله عليه وسلم - هذه النعمة نعمة عظيمة فلنحافظ عليها ، وإن لم نتمسك بها وإن لم نحرص عليها فإنها سوف تضيع من بين أيدينا .