مع محدّث المدينة الشّيخ العلاّمة حمّاد بن محمّد الأنصاريّ رحمه الله تعالى
الشيخ د. جمال عزون
كان من فضل الله عليّ أوّل قدومي المدينة النّبويّة عام 1408هـ أن تعرّفتُ إلى شيخنا الجليل العلاّمة المحدّث النّبيل أبي عبد الباري حمّاد بن محمّد الأنصاريّ رحمه الله تعالى، حيث قصدتُّه في مكتبته العامرة بحيّ الفيصليّة مع فضيلة الدّكتور عاصم بن عبد الله القريوتيّ، فكان لقاء ميموناً، ومجلساً مباركاً، عامراً بالفوائد المستَمْلَحة.
إنّ شيخنا الأنصاريّ شخصيّةٌ علميّةٌ فذّةٌ، قدم إلى الحجاز من بلده "تاد مكّة"، من بلاد مالي، متضلِّعاً من علوم الآلة، خاصّة علم الحديث والعقيدة، حيث صار عَلَماً فيهما، ومرجعاً هامّاً لذوي الاختصاص، ولا غرابة حينئذ أن تسمع منه شوارد من عدّة فنون؛ من نحو، ولغة، وفقه، وأصول، وحديث، وعقيدة، وغير ذلك.
أمّا خِبرةُ شيخنا بالكتب؛ فهو فارس الميدان في ذلك! يخبر سائلَه عن الكتاب، مفقوداً أو مخطوطاً أو مطبوعاً، مبيّناً عدد نسخ المخطوط المتوفِّرة وما تيسّرت له رؤيته منها، ويلفت الانتباه إلى النّسخة الجيّدة، وأنّها بخطّ فلان وفلان من مشاهير أهل العلم، وهكذا دَيدنه مع المطبوع؛ يشير إلى طبعاته، ومتى امتلك النّسخة شراء، ويطرِبك في ذلك كلّه بقصص طريفة لا تخلو من فائدة، فكان مجلسُه مجلساً مباركاً يقصده كلّ يوم عددٌ من أهل العلم.
وطلاّبه ينهلون من علم الشّيخ ما قُدّر لهم، فلا يخلو دكتور أو أستاذ أو طالب إلاّ وللشّيخ عليه منّة علميّة، ومن تصفّح كثيراً من رسائل الماجستير والدّكتوراه التي نوقشت في الجامعة الإسلامية؛ وجد خير شاهد على ما أقول، من ثنائهم على شيخنا، وإسناد الفضل -بعد الله تعالى- إليه، في الاشتغال والتّوجّه إلى ذلك المخطوط، أو الكتابة في ذاك الموضوع.
إن شيخنا روضة معارف لا تُمَلُّ مجالستُه، كريم الضّيافة، يدخل الرّجلُ مكتبته، فيحظى بعلم وقِِرى، يسمع منه الفوائد ،وينال حظّه من القهوة والشّاي والرُّطَب، وتأبى سجيّتُه الكريمة إلاّ أن يختم ذلك كلّه بطيبٍ عاطر يعطِّر به زائرَه، وقد يعاتِبُه بعض الكبار في مبالغته في استعمال العود لزوّاره فيعتذر الشّيخ بأنّ الكتب لها هي الأخرى حظٌّ من بخاره! فانظر إلى كرمه، وجميل سجيّته، رحمة الله عليه.
لقد كان مجلسُ شيخنا بعد عصر كلّ يوم مجلساً حافلاً بالفوائد، ولو جرّد كلُّ طالب ما سمعه منه؛ لجاء سِفْراً كبيراً، مليئاً بأخبار الكتب -مخطوطِها ومطبوعِها- ولطائف الشّعر، وغرائب الأحداث والمشاهدات التي وقعت له في رحلاته، وأنباء من أدرك من مشايخ العلم وشيوخ الإجازات، إلى غير ذلك ممّا جادت به قريحته، رحمة الله عليه.
وممّا سمعتُه منه - رحمه الله - ممّا وجدتُّه في بعض التّعاليق بخطّي ما يلي:
1- قوله: إنّ المراجع ما ذهبت إلاّ بعد السُّيوطيّ.
2- ذكر الخطيب البغدادي -في ترجمة ابن حبّان- أنّ ابن حبّان ترك من التّراث ما لم يتركه غيرُه في زمنه، واستغربنا أين ذهبت! حيث لم نطلع إلاّ على قطعة من تلك الكتب، وأفاد أنّ ذلك بسبب الفتن، أو جهل من ورثها.
3- لمّا دخلتُ -والكلام للشّيخ- جامع القرويين، بِفاس، بالمغرب؛ وجدتُّ رفوفاً مليئة بالمخطوطات، لكنّك لا تستطيع أن تُنزِل منها مخطوطاً سليماً! بل بمجرّد لمسه يتناثر قطعاً قطعاً!! وكان المسؤول -لمّا وصلنا فاس- توفّي، وجاء أحدهم مؤقّتاً، فسألته: ما هذا الإهمال؟ قال: هكذا الكتب!
وأعاد الشّيخ سبب خراب مخطوطات القرويين لأمرين:
لأوّل: الإهمال.
الثّاني: كثرة الصّراصير والغبار على نحو لا يتصوّر! وهكذا الشّأن مع مكتبة ابن أبي زيد القيرواني في تونس؛ حيث تَلِفَت الكتب على نحو لا يتصوّر(1).
4- النّوم ثلاث لامات:
أ - عيلولة: وهو النّوم بعد العصر، وفيه حديث: «مَنْ نَامَ بَعْدَ العَصْرِ فَاخْتُلِسَ عَقْلُهُ؛ فَلا يَلُومَنَّ إِلاّ نَفْسَهُ». وهو حديث ضعيف.
ب- حيلولة: وهو النّوم بعد الفجر، يحول بين المرء وعمله، وفيه حديث: «اللَّهُمَّ، بَارِكْ لأمَّتِي فِي بُكُورِهَ». وهو حديث صحيح.
ج- قيلولة: وهو النّوم بعد الظُّهر، وهو مفيد، وفي الحديث: «قِيلُوا؛ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لا تَقِيلُ». حديث حسن.
5- قيل لأحدهم: (لا خيرَ في السَّرَفِ)!
فقال: (لا سرفَ في الخير)!
6- قال مالك:
(لا يقلْ أحدكم للمسكين: يرزقك الله!).
7- قال الشّاعر:
وَلِلْبَخِيلِ عَلى أَمْوَالِهِ عِلَلٌ (زُرْقُ الْعُيُونِ عَلَيْهَا أَوْجُهٌ سُودُ)
8- قال الشّاعر:
يَمُرُّونَ بالدَّهْنا خِفافاً عِيَابُهُمْ وَيَرْجِعْنَ مِن دارِينَ بُجْرَ الحَقَائِبِ
9- وقال الشّاعر:
وَيُقْضَى الأَمْرُ حِينَ تَغِيبُ تَيْمٌ (وَلا يُسْتَأْذَنُونَ وَهُمُ شُهُودُ)
10 - ازدحام العلم في السّمع مَزلَّةٌ لعدم الفهم.
11- رواة الموطَّأ كثير، منهم: يحيى بن يحيى اللَّيثيُّ، ويحيى بن بُكَيْرٍ، وأبو مُصعَب الزُّهْرِيُّ، وهو أشملُها، وأبو مُصعَب الزُّبيريُّ، والقَعْنَبيُّ، وابن زياد، وسُويدُ بن سعيد الحَدَثَانيُّ، وابن وهب، ومحمّد بن الحسن الشَّيبانيُّ، وابن القاسم، وهو أحسنُها، ومعن، وهو عكّازة مالك.
وقد مشى ابن بُكَير على طريقة يحيى بن يحيى اللَّيثي؛ لأنّه هو الموطّأ الذي تناولته الدّراسات واشتهر بين النّاس، أمّا الموطَّآت الأخرى -وتبلغ قريباً من 20 موطّأ، وكلّها روايات عن مالك، حيث إنّ كلّ طالب يكتب ما سمع- فتجد عند هذا ما ليس عند الآخر، فبهذا الاعتبار تعدّدت، وصار كلّ موطّأ فيه ما ليس في الآخر، وأكبرها موطّأ أبي مصعب الزُّبيري. وقد نبّه ابن عبد البَرِّ على اختلاف هذه الموطّآت في كتابه "التّمهيد".
سمعت هذه الفائدة حول الموطّآت عن شيخنا في مساء الأربعاء، 15 ذو القعدة، 1411هـ.
12- قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ...﴾ (النساء:59).
* فقوله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ﴾ يعني: القرآن.
* ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾: السّنّة.
* ﴿وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ﴾: الإجماع.
* وقوله: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ...﴾: يدلّ على القياس، وهو لا يُلجَأ إليه إلا للضّرورة، فهو كالميتة الخبيثة، أي: فإذا لم يكن كتاب، ولا سنة، ولا إجماع؛ فليُلجَأ للقياس.
والأقيسة ثلاثة:
1- المنطقي: وهو قياس فرد على كلّ، يستعمله المناطقة والفلاسفة والمتكلِّمون.
2- التّمثيليّ: وهو قياس جزء على جزء، يستعمله الفقهاء.
والقياس التّمثيليّ ثلاثة أقسام:
أ - قياس دلالة.
ب- قياس تشبيه.
ج- قياس علّة.
3- الاستقرائيّ: قياس كلّ على جزء، يستعمله اللُّغويُّون والنَّحْوِيُّون والمؤرِّخون.
ولا يوجد في الدّنيا قياس يخرج عن هذا.
13- العلم علم السّلف.
قال ابن مالك:
وَقَدْ تُزَادُ "كَانَ" في حَشْوٍ، كَ-: "مَا كَانَ أَصَحَّ علمَ مَنْ تقدَّما"
وكان شيخنا كثيراً ما ينشد هذا البيت في مجالسه؛ لمناسبة عَجُزِهِ في الدَّلالة على تفضيل علم السّلف.
14- اللِّنْجي(2) من سُنِّيَّة إيران، من أهل القرن الثّالث، له قصيدة مشهورة، ذيّل عليها الشّيخ تقيّ الدّين الهلاليّ بما يساويها.
وتقيّ الدّين الهلاليّ عالم يمتاز بالذّكاء العجيب، وقلّ علمٌ إلاّ وله منه نصيبٌ، من حديث، وتفسير، وعقيدة، ولغة، وأدب، وفقه، بحيث أخذ من كلّ علم طرفاً، ثمّ وسّعه بذكائه، ولم ألتقِ مع عالم مثله على هذا النحو، وقد لاحظتُ عليه شدَّته في دعوة النّاس، فقال الهلاليّ: "ما رأيتُ خيراً إلاّ في الشّدّة!"(3).
15- كتاب "الرَّدُّ على الجهميّة" (لابن أبي حاتم): نَقَلَ منه الحافظ في فتح الباري في شرح كتاب الإيمان، وكتاب التّوحيد في الأخير، وكتاب الاعتصام.
16- "السّنن" (للأثرم): توجد منه قطعة صغيرة في مجاميع الظّاهريّة لم تنشر بعد(4).
17- أوّل من سمّى علم الكلام توحيداً الماتُرِيديُّ.
18- وأملى عليّ شيخنا -رحمه الله تعالى- بعد مغرب السّبت 27 شوّال 1411هـ:
عُلُومُ الأَرْضِ لَمْ تَصِلُوا إِلَيْهَا فَكَيْفَ بِكُمْ إِلَى عِلْمِ السَّمَاءِ؟!
19- التّوحيد أربعة أقسام: الألوهيَّة، والرُّبوبيَّة، والأسماء والصِّفات، والمتابَعة.
20- قال الهَرَوِيُّ:
مَا وَحَّدَ الوَاحِدَ مِنْ وَاحِدٍ إِذْ كُلُّ مَنْ وَحَّدَهُ جَاحِدُ؟!
قال ابن القيم: «الله واحدٌ قبل أن يوحّده أحدٌ، فمن زعم أنّه ما صار موحّداً حتّى وحّده النّاسُ؛ فقد كفر».
21- كان شيخنا -رحمه الله تعالى- إذا ذَكَرَ ما عانوه من فرنسا ينشدنا ما يلي:
نَعُوذُ مِنْ رَبِّنَا مِنْ شَرِّ كُمْبِلْ فِرَاراً مِنْ عَوَاقِبِ فَنِّ لُكُّلْ
وَنَدْرَءُ بِاسْمِهِ دَعْوَى كُلَنْقِل وَشِيْعَتِه مِنْ يُتْنَا إلى كُفَرْنِلْ
قلتُ:
لُكُّلْ: هو "المدرسة" كتابة حرفيّة للكلمة الفرنسيّة: L'ecole.
كُفَرْنِلْ: هو "الحاكم"، وبالفرنسيّة: Gouverneur.
يُتْنَا: هو نحو "الرّقيب"، و"العقيد"، وبالفرنسيّة: Lieutnant.
كُمْبِلْ: اسم عَلَم فرنسي، ولعلِّه بالفرنسيّة: Combil.
كُلَنْقِلْ: اسم علم أيضاً، ولعلِّه: Colingil.
22- كلُّ من ليس له دار؛ فله في كلّ يوم جار!
23- كتاب "الحجّة على تارك المحجّة" (لأبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسيّ): فُقِدَ أصلُه وَوُجِدَ مختصرُه، وكان النّوويّ يمتلك نسخة من الأصل.
24- "الأجوبة المستوعبة عن المسائل المستغربة" (لابن عبد البَرِّ): أصلُه أسئلة رفعها بعض الطَّلبة عن صحيح البخاري، على غرار كتاب ابن مالك(5)، وقد جاءني الكتاب من تركيا.
25- "مستخرج قاسم بن أصبغ": توجد منه نسخة متأثّرة في جامع القرويين بفاس(6).
26- عبد الرّحمن-صقر قريش- هرب من العبّاسيّين، وكوَّنَ دولة أُمَوِيَّة في إفريقيا، ثمّ بلغه أنّ مالكاً كان يثني على الأمويّة؛ فأمر أن ينقل مذهب مالك من المدينة إلى قرطبة، ومن هناك؛ تمذهب بمذهبه الأفارقة إلا إفريقيا الشرقيّة؛ ففيها مذهبان: الشّافعيّة والإباضيّة. أمّا إفريقيا الغربيّة؛ ففيها المذهب الحنفي، وهو فيها كالعدم؛ فقد كان سائداً في تونس بسبب الأتراك، وفيها المذهب المالكي، وهو السّائد ويمثّل 95% بالمئة، بينما الحنفي لا يمثّل سوى 5% بالمئة.
27- إباضية الجزائر تلاميذ إباضية عُمان، والإباضيون -عقيدةً- معتزلة، وأهمّ مرجع لهم هو مسند الرّبيع بن حبيب، وهو مسند لا سند له! وهكذا الرّافضة والزّيدية والإباضية، مذهبهم لا سند له، وعلمٌ بغير سند كجمل بغير زمام. وهذه الأمم بفروعها لا يوجد سند لعلومهم إلاّ الكذب؛ لذا جعلوا بدل العلم الفلسفة.
28- "المحرّر" (لابن حجر): اختصره من "اللّسان"، وجمع فيه الرّواة الذين لا خلاف فيهم ممّن ليس من رجال الستّة، وهو مخطوط صغير عندي.
29- الحافظ المستغفري أفرد خطب النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في كتاب، وهو ضائع(7).
30- المجلس على حسب ما يطرح.
31- وقال عمر: تعلّموا قبل أن تَسُودوا، أي: قبل أن تتزوّجوا.
32- قال الشّاعر:
وَالمَجْدُ لَيْسَ بِقَرْقَرٍ، بَلْ في ذُرَا نِيقٍ يَفُوتُ مَدَى الصُّقُورِ الصُّيَّدِ
لم يَصِمْهُ سَهْمٌ، وَلَمْ يَبْتَزَّهُ بَازٌ وَلَمْ يُصْرَعْ بِرَمْيَةِ مِقْلَدِ
لَكِنْ بِأَشْرَاكِ الحُلُومِ وَهِمَّةٍ نَفَّاذَةِ الأَغْرَاضِ فَلْيَتَصَيَّدِ
33- وقال آخر :
لا تَحْسَبِ المَجْدَ تَمْراً أَنْتَ آكِلُهُ لَنْ تَبْلُغَ المَجْدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبِْرَ
34- ثلاث لامات: لام التّعطيل، ولام التّأويل، ولام التّمثيل. وزاد بعضهم: لام التّجهيل، ولام التّبديل.
35- ثلاث جيمات: جيم الإرجاء في الإيمان، وجيم الجبر في الأفعال، وجيم الجهميّة في الصّفات.
36- عقيدة ابن حزم جهميَّةٌ، تُعرَف من كتابين: "مقدَّمة المحلَّى"، و"الفِصَل".
37- "المرشدتان: الصّغرى والكبرى" (لابن تومرت): مخطوطتان في الجامعة، صوَّرهما شيخنا من تونس.
38- البدعة بريد الكفر، وهي أخطر؛ لأنّ الكافر قد يتوب، والتّائبون من البدعة قليل، والتّائبون من الكفر كثير؛ لأنّ البدعة صدق عليها قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ (فاطر:8).
39- قال صَريع الدِّلاء:
مَنْ فَاتَهُ العِلْمُ وَأَخْطَاهُ الغِنَى فَذَاكَ وَالكَلْبُ عَلَى حَدٍّ سَوَا
40- الاشتقاق نوعان:
1- الأكبر: كجَذَبَ وجَبَذَ، ألّف فيه الخليلُ بن أحمد "كتابَ العين"، وابنُ دُرَيد "الجمهرةَ"، والأزهريُّ "التّهذيبَ"، وابن سِيده "العُبَاب"، وابن فارس "المقاييس"، والصّاغاني "العباب الفاخر".
2- الصّغير: كضَارِب، من "ضَرَبَ"، ففيه دلالة على الضَّرْبِ.
وسمّي الأوّل كبيراً؛ لأنّ المعنى يتغيّر، بخلاف الصّغير؛ فلا يتغيّر فيه المعنى.
41- وقعة الحرّة فيها أخبارٌ واهيةٌ، ولابن كثير كلام جيّد في هذا.
42- الإمكانيات: تعبير خطأ يقع فيه النّاس، والصّواب: الإمكانات.
43- وبخطّ شيخنا على نسخته المطبوعة من المسند 3/297:
(قال عبد الله: قال يحيى بن معين: قال لي عبد الرَّزَّاق: اكتب عنّي ولو حديثاً واحداً من غير كتاب! فقلت: لا! ولا حرفاً.
حدّثنا عبد الله قال: وسمعت أبي يقول: وما كان في قرية عبد الرزاق بئرٌ؛ فكنّا نذهب نبكِّر على ميلين نتوضّأ، ونحمل معنا الماء).
وهكذا كان شيخنا -رحمه الله- يعلِّق على أغلفة الكتب -من الجهة الدّاخليّة- فوائدَ كثيرةً، لو جرّدت وجمعت ورتّبت؛ لكان حسناً.
44- وأنشد، رحمة الله عليه:
لَيلِي ولَيْلَى نَفَى نَومِي اخْتِلافُهُمَا فِي الطُّولِ والطَّوْلِ، يَا غَوْثَاهُ لَو حَصَلا!
يَزِيدُ في الطُّولِ لَيْلِي حِينَمَا بَخِلَتْ بِالطَّولِ لَيْلَى، وَإِنْ جَادَتْ بِهِ بَخِلا!
45- ما جاز على المِثْلِ جاز على المماثِل.
46- "كتاب الكشف على مجاوزة هذه الأمّة الألف" (للسّيوطيّ): انصبّت على القرن الخامس عشر، حتّى بالغ وقال: تقع السّاعة فيه! وأورد حديثا عن ابن عبّاس.
47- "شرح التّرغيب والتّرغيب" (للفيّومي)(8): يقع في عشر مجلّدات، وهو مخطوط.
48- "التّذنيب في التّعليق على التّرغيب والتّرهيب" (للنّاجي)(9): وقد سمّي بذلك؛ لأنّه انتقل من مذهب الحنابلة إلى الشّافعيّة، والحنابلة -كما يزعم خصومُهم- مجسّمة!
49- أنشدنا شيخنا قولَ الشّاعر:
وَصَاحِبُ الخَطِّ تَحْتَ التُّرْبِ مَدْفُونُ
50- وأنشدنا قول الآخر:
عَجِبْتُ! وَمَا لِيَ لا أَعْجَبُ لأمْرٍ أَتَاني بِهِ جَلْبَبُ
فَظِيعٌ شَنِيعٌ كَمَا يَنْبَغِي يَلِيقُ بِه الأَخْسَرُ الأَخْيَبُ
فَتًى مِنْ بَنِي كَارِدَنَّ بَغَى فَبِئْسَ البَنِيُّ! وَبِئْسَ الأَبُ!
وَذَلِكَ شَنْشَنَةٌ عُرِفَتْ لِهَذَا الفَتَى وَلِمَنْ يَصْحَبُ
لأَرْتَحِلَنْ إِلَى مَادُو أَوِ الْ قِبْلَةِ أَو تَازَا أو جَغْبَبُ
51- وأنشدنا :
وَقَالَ الإمامُ أحمدُ: لا تكتُبُوا ما قلتُه لكم، بلْ أَصْلَ ذلكَ اطْلُبُوا
52- عادى المالكيّةُ ابنَ عبد البَرِّ لما يلي:
1- لأنّه -في زعمهم- مجسِّم!
2- ما يفتي به في "التّمهيد" و"الاستذكار" و"الكافي" يخالف المذهب.
3- يدّعي الإجماع كثيراً.
53- "كتاب مذاهب في التّفسير الإسلاميِّ" (لغولد تسيهر): من أخبث ما كتب ضدّ الإسلام، وقد أحرقته؛ لقول الشّيخ، رحمه الله تعالى.
54- قال ابن الجوزيِّ: (مسند أحمد فيه تسعة أحاديث موضوعة).
قال ابن حجر: (جمعها شيخُنا العراقي، وما استطعتُ أن أواجهه بها، فلمّا توفّي كتب القول المسدّد). وليس في المسند سوى حديث واحد موضوع وهو: ((أنّ عثمان بن عفّان يدخل الجنّة حَبْواً))، وقد ضُرِبَ عليه أحمد.
55- كلُّ من طعن في السِّنِّ فهو عُرضة للنِّسيان.
56- الأخذُ سُرَيْط، والقضاء ضُرَيْط!
57- ولشيخنا مؤلّفات كثيرة، ما زال الكثير منها مسوَّدات بخطّه، وقد أذن لي -رحمه الله- في جمع أسمائها، وكنت عرضتُ عليه المسوَّدات، فيملي هو العنوان إذا لم يكن ثمّة، وهذا ما تيسّر منها، كما هو بخطي:
- إتحاف الحميم في تقسيم العلوم.
- إتحاف ذوي الرُّسُوخ بمن رُمِيَ بالتدليس من الشيوخ. (ط = مطبوع).
- إتحاف القاري بثبت الأنصاري.
- إتحاف النُّجَبَاء بحكم الصلاة في قُباء.
- أجوبة على الأحاديث الثلاثة التي أرسلها الشَّيخ ابن باز.
- الأجوبة السَّنِيَّة على الأسئلة السِّنانية.
- الأجوبة الوفيَّة على أسئلة الألفيَّة. وصل فيه إلى باب "لا" التي لنفي الجنس، والباقي ضاع.
- الأحاديث الواردة في فضلات النبي -صلى الله عليه وسلم- من الدم وغيره.
- أحاديث الصَّفِّ في الصَّلاة. جزء.
- إخبار أهل الرُّسُوخ في الفقه والتّحديث بمقدار المنسوخ من الحديث. لابن الجوزي. (ط).
- إزاحة الغطاء عن أدلَّة رفع اليدين في الدُّعاء.
- إسعاف الخِلان بما ورد في ليلة النِّصف من شعبان. (ط).
- الإسلام ليس رأسمالياً ولا اشتراكياً، (ط).
- إعلام الزُّمْرة بأحكام الهِجرة، (ط).
- الإعلان بأنّ "لَعَمْرِي" ليست من الأيمان. أو: السلسبيل المَعين في أنّ "لَعَمْرِي" ليست بيمين. (ط).
- الإفصاح بما ورد في النكاح. أوّله: الحمد لله الذي أحلَّ النكاح، وحرم السفاح، والصلاة والسلام على نبينا محمد، أفضل من اتصف بإفصاح، وعلى آله وأصحابه الذين بلَّغُوا عنه أرشد طريق لاح.
- أين القمر. أوَّلُها: الحمد لله وكفى، وصلّى الله على المصطفى، وبعد، فعلى إثر الحادثة التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية، وبلغت أخبارها أنحاء العالم، وهي ما أشيع عن وصول الإنسان إلى سطح القمر؛ تساءل كثير من النّاس عن القمر... (ط).
- بُطلان الخبر الذي تضمن عرض السنة على القرآن. في 18 ورقة.
- بُلغة القاصي والدَّاني في معرفة شيوخ الطَّبَراني. (ط)، اعتنى به ولدُه الفاضل عبد الأوَّل الأنصاري، وفّقه الله تعالى.
- تاريخ مالي قديماً وحديثاً، مجلد.
- تُحفة السَّائل عن صوم المُرضع والحامل. (ط).
- تحفة القاري في الرد على الغِمَاري. (ط).
- تحقيق القول في الحديث الوارد فيمن مضت عليه خمسة أو أربعة أعوام، وهو غني، ولم يحجَّ ولم يعتمر. 6 ورقات.
- تخريج حديث أبي مدنية الدارمي، وكانت له صحبة، قال: «كَانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيِْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا الْتَقَيَا؛ لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الإْنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾)).
- تخريج حديث أسامة بن شريك، قال: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَاجّاً، فَكَانَ النَّاسُ يَأْتُونَهُ، فَمِنْ قَائِلٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، سَعَيْتُ قَبْلَ أَنْ أَطُوفَ..»، شرحه الشيخ، وذكر موقف العلماء منه، في 4 ورقات، بخطِّه.
- تخريج حديث ابن عباس في القدر، في 4 ورقات.
- تخريج حديث الجائزة، ((جَائِزَةِ رَمَضَانَ))، في 9 ورقات.
- تخريج حديث: ((لَوْ دَلَّيْتُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الأَرْضِ السَّابِعَةِ...)).
- تخريج حديث: ((أَطْعِمُوا نِسَاءَكُم)).
- تعريف أهل الطاعة بما ورد في التوقيت بالساعة.
- تعليق الأنواط في التذييل على صاحب الاغتباط، فيمن روي عنه من الثقات قبل الاختلاط.
- تفنيد الأنصاري لرأي المَليبارِي. نشرت في مجلة الرائد بالرياض.
- حديث الصورة، طبع في المجلة السلفية.
- حديث موضوع أذاعته صوت العرب في ربيع الثّاني عام 1390هـ، وهو: حديث أبي بكر الصّدّيق في دعاء حفظ القرآن: «اللَّهمَّ إنِّي أسألك بمحمّد نبيّك وإبراهيم خليلك...»، في ورقتين من القطع الكبير.
- الحقوق.
- ديوان الضعفاء للذهبي- تحقيق. (ط).
- ذيل ديوان الضعفاء للذهبي- تحقيق. (ط).
- الرجال المُتَكَلَّمُ في أحاديثهم وأنها موضوعة. نشر في مجلة صوت الجامعة، صفر 1392هـ.
- رجال جَهِلَهُم ابن حزم وهم معروفون.
- الرحلة المصرية. جزءان.
- الرحلة الهندية عام 1399 هـ. جزءان.
- رسالة في الرد على أحمد عبد الغفور عطّار على رسالته: «بناء الكعبة على قواعد إبراهيم فريضة إسلامية وواجب ديني».
- رسالة في وقت الجُمُعة.
- رفع الأسى عن المضطر إلى رمي الجمار بالمسا. (ط).
- رفع الاشتباه عن حديث: «مَن صَلَّى في مسجدي هذا أربعينَ صلاةً». (ط).
- عدد ساعات الليل والنهار.
- فتح الوهاب فيمن اشتهر من المحدثين بالألقاب. (ط).
- فتوى في زكاة ضَوَالِّ الأنعام.
- القول السليم في حكم اقتداء المسافر في الصلاة بالمقيم.
- الكذابون المعروفون بوضع الحديث. نشرت في مجلة صوت الجامعة، صفر 1392هـ.
- كشف السِّتر عما ورد في السَّفَر إلى القبر. (ط).
- كشف اللِّثام عما ورد في دخول مكة المكرمة بلا إحرام. طبع في مجلة صوت الجامعة. جمادى الأولى 1391هـ.
- كلمة في تفسير: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾.
- الكُنى لابن شاهين- تحقيق.
- المختلف فيهم لابن شاهين- تحقيق، اعتنى به ولده الشيخ الدكتور عبد الباري، وفقه الله. (ط).
- المستفاد من مبهمات المتن والإسناد- تحقيق. (ط).
- مقال عن حديث: «لا مهديَّ إلا عيسى بن مريم». نشر في مجلة "المنهل".
- المقالة المحبوكة فيما ورد في الباروكة. أو: المقال المختار فيما ورد في الشعر المستعار.
- المقامة الأنصارية في ابتداء طلبه لعلم الحديث.
- نظم تنبيهات الأُشْموني مطلعها:
كيف أحوال لدى الإعراب يعرفها من كان ذا الألباب؟
- نظم أبواب القياس من كتاب جمع الجوامع.
- نكاح المتعة لأبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي- تحقيق. (ط).
- يانع الأثر في مصطلح أهل الأثر. (ط).
- يلملم - رسالة في الكلام على هذا الميقات.
لقد كان شيخنا -رحمه الله- معتنياً بنوادر المخطوطات، ونفائس الكتب، كريماً بإعارتها، يرشد الباحثين إلى فرائدها، ويوجِّههم إلى تسجيلها في رسائلهم العلمية، الماجستير والدكتوراه، وكان يَجُود بالمخطوط الذي تجشَّم عناء قراءته وتبييضه، ومن ذلك الكتاب الضخم "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"، للاَّلِكائي؛ فقد تعب الشيخ في نسخه، ومن رأى النسخة التي بخط يده؛ علم ذلك جلياً.
ومن منتسخات شيخنا -رحمة الله عليه- وهي كثيرة- ما يلي:
1- الاغتباط بمعرفة من رُمي بالاختلاط، لبرهان الدين الحلبي.
2- تذكرة الطالب المعلَّم بمن يقال إنه مخضرم، له.
3- التبيين لأسماء المُدَلِّسين، له.
4- الكُنى للذهبي اختصار الكُنى لأبي أحمد الحاكم.
5- الوقوف على الموقوف، لأبي حفص الموصلي.
6- جزء فيه فوائد حديث أبي عمير، لابن القاص.
7- الكنى والأسماء، لابن شاهين.
8- المختلف فيهم، لابن شاهين.
وغير ذلك كثير.
وللشيخ فضائل جمة على الجامعة الإسلامية، ويكفي ما بذله من جهد فيما انتقاه من نوادر المخطوطات، وقد شهد له بفضله هذا الشيخ العلامة محمّد ناصر الدين الألباني، رحمة الله على الجميع.
فهذا ما تيسّرت كتابته عن شيخنا الجليل أبي عبد الباري، حمّاد بن محمد الأنصاري، الذي مُتِّعْتُ بعلمه ما يقارب عشر سنوات، كتبته على عجل، وليس كما في النَّفس، سائلاً المولى أن يتغمَّد شيخنا بواسع رحمته، ويبارك في ذرِّيَّته، ويجعلهم خير خلف لخير سلف، ويوفِّقهم إلى المضيِّ قدماً في سيرة والدنا الأولى، في رعاية المكتبة، وإتاحة مقتنياتها النّفيسة للزّائرين، وإفادة القادمين والرّائحين، وقد فعلوا ولا يزالون، وهم بذلك مغتبِطون محتسِبون، والله الموفّق والهادي إلى سواء السّبيل.
نموذج من خطّ شيخنا حمّاد بن محمّد الأنصاري
ضمن كتاب "اعتقاد أهل السّنّة"، للحافظ أبي بكر الإسماعيلي، تحقيق كاتبه، وتقريظ الشّيخ، رحمة الله عليه.
(1) انتبه مسؤولو المكتبتين إلى خطورة الحال، واتّخذوا اللازم؛ لحفظ تلك الآثار النّفيسة.
(2) نسبة إلى بندر لِنْجَه، مدينة في الأهواز. (الموقع)
(3) لا شكّ أنّ الشّدّة في موضعها أمر حسن، وفي غير موضعها تجرّ الويلات، وتنفّر النّاس عن قَبول الحقّ، والله قد أخبر نبيّه الكريم -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه لو كان فظّاً غليظ القلب لانفضّ النّاس من حوله، وخير الهدي هدي محمّد، صلّى الله عليه وسلّم.
(4) والآن قد نُشرت بتحقيق د. عامر حسن صبري، عن دار البشائر بلبنان، فلله الحمد والمنّة.
(5) لعلّ الشّيخ -رحمه الله- يقصد كتاب النّحْوي ابن مالك على صحيح البخاري، المسمّى: التّوضيح في إعراب الجامع الصّحيح.
(6) درس بعضهم هذه النّسخة، وخلص إلى أنّ المخطوطة ليست هي مستخرَج قاسم بن أصبغ، بل تلخيص لأحاديث الموطّأ.
(7) كتب الزّميل الفاضل د. أحمد السلّوم -وفّقه الله تعالى- دراسة ممتعة عن الحافظ المستغفري في تحقيقه لكتابه فضائل القرآن.
(8) اسم الكتاب: "فتح القريب المجيب على التّرغيب والتّرهيب"، ذكر له في الفهرس الشّامل 1167 خمس نسخ. ومؤلّف الكتاب هو: أبو محمّد حسن بن علي بن سليمان البدر الفيّومي القاهري (804 - 870هـ)، ترجم له الحافظ السَّخاوي في الضّوء اللاّمع 3/111- 112.
(9) ويسمّى: "عُجَالة الإملاء"، وهو مطبوع متداول.