قال: "عليكم بسنتي و سنة الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور" فرغّب و رهّب، فرغّب في اتباع السنن و رهّب من البدع، فرغب في اتباع السنن و رهب من البدع، فرغب في اتباع السنن و حذر من البدع، رغب في اتباع السنن بقوله "فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ" و حذر من البدع بقوله "و إياكم و محدثات الأمور" ، الأمور المحدثة التي لم تكن على طريقة السلف، و السلف هم أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام و من سار على منوالهم و من سار على منهاجهم، هذه طريقتهم و هذا منهجهم أنهم يثبتون لله عزوجل ما أثبته لنفسه و ما أثبته له رسوله عليه الصلاة و السلام على و جه يليق كمال الله و جلاله، و إذا فعمدتهم الوحي، و عمدتهم الكتاب و السنة، الوحي الذي جاء من عند الله عزوجل، بخلاف المتكلمين، فإنهم عقائدهم مبنية على العقل، و مبنية على علم الكلام، و لم تكن مبنية على النصوص، و من المعلوم أنّ العقيدة السليمة هي التي كان عليها الصحابة، رضي الله تعالى عنهم و أرضاهم، و لا يمكن بحال من الأحوال أن يقال إن العقيدة الصحيحة حجبت عن الصحابة و حيل بين الصحابة و بينها، و ادخرت لأناس يجيئون بعدهم، هذا لا يقال و لا يعقل، و الحق و الهدى هو ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ما جاء بعد ذلك، و ما جاء مخالفا لما كانوا عليه، فهو من محدثات الأمور التى حذر منها الصادق المصدوق صلوات الله و سلامه عليه، و لهذا فإنّ أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام لمّا تُليت عليهم آيات الصفات و أحاديث الصفات، علموا المراد من ذلك، و فهموا المراد من ذلك، لأنهم عرب و قد خُطبوا بلسانهم (بلسان عربي مبين)، ففهموا ذلك على حسب ما تقتضيه اللّغة و على حسب ما تقتضيه لغتهم، لأنّ القرآن نزل بلغتهم، فهم فهموا ذلك و لم يسألوا عن معاني الصفات و لا عن الكيفيات لأنّهم يفهمون المعاني وفقاً لما تقتضيه النصوص و لما تدل عليه، و أما الكيفيات لتلك الصفات فهم لا يشتغلون بها، لأن هذا من الغيب الذي اختص الله عزوجل به، فهم لا يكيفون و لكنهم يفهمون المعاني على وفق ما خطبوا به، ولهذا لمّا سُئل الإمام مالك رحمة الله عليه عن قول الله عزوجل (الرحمن على العرش استوى)، قال كيف استوى؟ قال:" الإستواء معلوم، و الكيف مجهول، و الإيمان به واجب، و السؤال عنه بدعة "، الإستواء معلوم، لأنهم خُطبوا بلسان عربي مبين، و هم يفهمون معاني ما خُطبوا به، و لكن الكيفية التي يكون بها الإستواء، و التي هي حقيقتها و كيفيتها، هذه لا يعلمها إلا الله عزوجل، فهم يفهمون المعاني و لكن يفوضون في الكيفيات، لا يفوضون في المعاني و يقولون الله أعلم بمراده في قوله ( الرحمن على العرش استوى) لأنّ المنحرفين عن الجادة و عن منهج السلف طريقتهم إما يؤولون و إما يفوّضون ، إمّا يقولون المراد ب"استوى" بمعنى "استولى" أو يقولون الله أعلم بمراده بقوله (الرحمن على العرش استوى)، المعنى غير معلوم، و يكون قوله (الرحمن على العرش استوى) عندهم مثل ألم و حم و طس و كفهيعنص، حروف مقطعة في أول السور، يعني لا يفهم معناها من تلك الحروف، لأنّ المعاني تُفهم من الكلام .... يتبع إن شاء الله تعالى