بسم الله الرحمن الرحيم
قال تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي المقريزي المتوفى سنة ثمان مائة و خمس و أربعين في كتابه "المواعظ و الإعتبار بذكر الخطط و الآثار" الجزء الثاني ثلاث مائة و ستة و خمسين :
"ذكر الحال في عقائد أهل الإسلام منذ ابتداء الملة الإسلامية إلى أن انتشر مذهب الأشعرية "
إعلم أنّ الله تعالى لمّا بعث النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم إنّما رسولا إلى الناس جميعا، وصف لهم ربهم سبحانه و تعالى بما وصف به نفسه كما في كتابه العزيز الذي نزل به على قلبه صلى الله عليه و آله و سلم الروح الأمين و بما أوحى إليه ربه تعالى فلم يسأله صلى الله عليه و آله و سلم أحد من العرب بأسرهم قرويهم و بدويهم عن معنى شيء من ذلك كما كانوا يسألونه صلى الله عليه و سلم عن أمر الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و غير ذلك مما لله فيه سبحانه أمر و نهي و كما سألوه صلى الله عليه و سلم عن أحوال القيامة و الجنة و النار إذ لو سأله إنسان عن شيء من الصفات الإلهية لنقل كما نقلت الأحاديث الواردة عنه صلى الله عليه و آله و سلم في أحكام الحلال و الحرام و الترغيب و الترهيب و أحوال القيامة و الملاحم و الفتن و نحو ذلك مما تضمنته كتب الحديث معاجمها و مسانيدها و جوامعها و من أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي ووقف على الآثار السلفية علم أنّه لم يرد قط من طريق صحيح و لا سقيم عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم على اختلاف طبقاتهم و كثرة عددهم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن معنى شيء مما وصف الرب سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم و على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بل كلهم فهموا معنى ذلك و سكتوا عن الكلام في الصفات، نعم ولا أحد فرق بين كونها صفة ذات أو صفة فعل".
قال : كلهم فهموا ذلك، يعني فهموا معاني ما خطبوا به لأنهم خطبوا بكلام بلسانهم و قد فهموا المراد و فهموا المعاني و ما اشتغلوا بشيء وراء ذلك.
أعد كلام يعني كلام قريب ... (الطالب يعيد قراءة النص) : " و من أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي ووقف على الآثار السلفية علم أنّه لم يرد قط من طريق صحيح و لا سقيم عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم على اختلاف طبقاتهم و كثرة عددهم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن معنى شيء مما وصف الرب سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم و على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بل كلهم فهموا معنى ذلك".
(الشيخ يشرح): ما سألوا بل كلهم فهموا معنى ذلك، ما أحد قال إيش معنى السميع إيش معنى البصير، إيش معنى استوى؟ إيش معنى كذا إيش معنى كذا؟ ما أحد سأل عن هذا على اختلاف طبقاتهم يعني قرويهم و حضريهم ما أحد سأل لا عن معنى آية و لا عن معنى حديث لأنهم فهموا هذا، لأن هذه طريقتهم و هذا منهجهم ،
(ثمّ أكمل الطالب القراءة) " بل كلهم فهموا معنى ذلك و سكتوا عن الكلام في الصفات ".
يعني عن الكلام في الصفات يعني عن التكييف و عن الشيء الذي هو خارج عما تقتضيه اللّغة، يعني اللفيف على طريقة المتكلمين و على طريقة المتأولين سكتوا عن ذلك و إنّما أثبتوا المعاني على الوجه الذي يليق بجلاله و كماله و لم يفعلوا كما فعل غيرهم ..
(الطالب يستمر في القراءة من جديد): " (نعم) ولا أحد فرق بين كونها صفة ذات أو صفة فعل و إنما أثبتوا له تعالى صفات أزلية من العلم و القدرة و الحياة و الإرادة و السمع و البصر و الكلام و الجلال و الإكرام و الجود و الإنعام و العز و العظمة و ساقوا الكلام سوقا واحدا ".
يعني " ساقوا الكلام سوقا واحدا" معناه أن الصفات مساقها واحد و طريقتها واحدة و لهذا أشرت أنا إلى أن من القواعد التى يعني يعول عليها أهل السنة في باب أسماء الله و صفاته قاعدتان :
إحداهما: أنهم يقولون الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما أن له ذات لا تشبه الذوات فله صفات لا تشبه الصفات، فالكلام في الذات فرع عن الكلام في الصفات، يقال في الصفات ما قيل في الذات، و الذات تثبت على وجه يليق بكمال الله و بجلاله دون أن يكون مشابها له فيها أحد و كذلك الصفات تثبت على وجه يليق بكماله و جلاله دون أن يكون غيره مشابها له فيها أو هو مشابها لغيره، لا الخالق يشبه المخلوق ولا المخلوق يشبه الخالق بل كما قال الله عز وجل (ليس كمثله شيء و هو السميع البصير)
.... يتبع إن شاء الله تعالى